- زاد إيران - المحرر
- 42 Views
ترجمة: دنيا ياسر نورالدين
نشرت وكالة أنباء “خبر أونلاين” الإيرانية المحافظة، الأحد 6 أبريل/ نيسان 2025 تقريرا ناقشت فيه قرار مسعود بزشكيان إقالة شهرام دبيري من منصب نائب الشؤون البرلمانية لرئيس الجمهورية الإيرانية، بسبب سفره إلى القطب الجنوبي خلال أزمة اقتصادية خانقة تمر بها إيران.
ذكرت الوكالة أنه في تطور لافت على الساحة السياسية الإيرانية، أطاح الرئيس مسعود بزشكيان، بالمعاون البرلماني للحكومة، شهرام دبيري، وذلك عقب الجدل الكبير الذي أثير حول سفره إلى القطب الجنوبي خلال عطلة نوروز، في وقت تشهد فيه البلاد أزمة اقتصادية خانقة.
في سياق تعليق ذي دلالة، صرح السياسي الإصلاحي محمد محمد عطريانفر بأن “بزشكيان، من خلال اتخاذه قرار إقالة دبيري، قد أظهر جليا أنه لم يذعن للقصور، بل قام بتشخيصه ومعالجته بشكل فوري”، مشددا على جوهرية هذا الموقف في ضوء التحديات الراهنة التي تواجهها الحكومة.
وبالمثل، رأى المحلل السياسي عباس سليمي نمين، المقرب من التيار الأصولي، أن البلاد تخوض حربا اقتصادية، وأن سلوكيات المسؤولين يجب أن تجسد هذه الحقيقة. وأكد أن الرحلات المكلفة، حتى وإن كانت بتمويل شخصي، تثير استياء المواطنين وتتعارض مع مبدأ العدالة الاجتماعية.
رد فعل دبيري
كان دبيري قد دافع عن نفسه قبل صدور قرار الإقالة قائلا: “سفري كان شخصيا وعلى نفقتي الخاصة، ولم أخرق أي قانون. التنسيق تم مسبقا، ولا أعتقد أن وجودي في القطب الجنوبي يضر بالمجتمع”. لكن هذه التصريحات، التي جاءت بنبرة متحدية، زادت من حدة الانتقادات الموجهة له، واعتبرت ابتعادا عن حس المسؤولية في وقت حساس.
ذكرت الوكالة أن تكلفة السفر، التي تُقدر بما يتراوح بين 32 و36 ألف دولار، وفي ظل تصاعد سعر الدولار باستمرار أمام العملة الايرانية، قد أثارت موجة من الغضب الشعبي. وأضافت الوكالة أن شخصيات إعلامية وسياسية مقربة من الحكومة قد طالبت بإقالة دبيري، معتبرين أن صمته وإنكاره، ثم دفاعه غير المقنع، يضعف من مصداقية الحكومة.
تم اتخاذ قرار الإقالة صباح يوم السبت، وذلك بعبارات حاسمة: “لقد ثبت لدينا قيامكم برحلة ترفيهية خلال عطلة النوروز، وهو ما يتعارض مع مبادئ الحكومة التي تقتدي بسيرة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب. ففي ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التي يمر بها المواطنون، لا يمكن تبرير مثل هذه الرحلات، حتى وإن كانت بتمويل خاص. وإن علاقات الصداقة والتعاون لا تعني التهاون في تحمُّل المسؤولية أمام الشعب. وبناءً عليه، تقرر إعفاؤكم من مهامكم”.

انتهاء علاقة طويلة بين الشخصين
أوضح محمد عطريانفر أن هذا القرار يمثل إعلانا من بزشكيان بانتهاء فترة مصاحبة طويلة جمعته بدبيري، موجها بذلك رسالة جلية، مفادها أن التساهل في أوقات الأزمات أمر غير مقبول، حتى بين الأصدقاء المقربين. وأردف قائلا إن رئيس الجمهورية بحاجة إلى شخصيات ذات كفاءات عالية ومؤهلة تأهيلا رفيعا… ولا ينبغي أن يكون “زي الدولة” واسعا على من يتقلده.
يرى عطريانفر، أنه “من الأهمية بمكانٍ التنويه إلى حقيقة جوهرية، وهي أن هذا المنحى غير الصائب يرتبط ارتباطا وثيقا بكل من التيارين الأصولي والإصلاحي على حد سواء. وبعبارة أخرى، فإنه لَداءٌ قد ابتُليَ به كلا الفريقين السياسيين في بعض الأوقات. إننا إزاء خلل جسيم، وهذه المعضلة قائمة في بعض الأحيان في كل من المنظومة الفكرية والعملية لكل من الأصوليين والإصلاحيين”.
وأشار إلى أنه “من البديهي أن يكون الساسة والقائمون على المناصب الإدارية العليا على إلمام تام بهذا الداء ومتيقظين تجاهه. والنقطة المحورية هنا هي أنه ما أن يتبوأ المرء منصبا رفيعا، فإنه لا محالة يميل في قراراته إلى تعيين أشخاص ذوي قربى وولاء له في المناصب التابعة له” .
وتابع قائلا: “إن آلية اختيار الكوادر من قبل بعض الزملاء تشكو من قصور. إن اختيار أفراد من بين المقربين ليس أمرا معيبا في ذاته، بيد أن هذا النهج يمثل جانبا واحدا من الصورة فحسب. إذ إنه يدل على وجود معرفة مسبقة أو ثقة مباشرة بين الطرفين، غير أن ما ينبغي أن يسبق منح أي منصب هو تيقن المسؤول الأعلى من الكفاءة الفنية والخبرة العملية للشخص المرشح لهذا المنصب”.
وأوضح عطريانفر على سبيل المثال، أن “رئيس الجمهورية، بوصفه المسؤول الأرفع في الدولة، ينبغي له تحديد أعضاء فريقه الرئاسي، الذين يمثلون الأدوات التنفيذية الأساسية لمهامه. يجب أن يكون هؤلاء الأفراد من المقربين إليه أو إلى أعضاء حكومته، وأن يتمتعوا بكفاءات متميزة وتأهيل عال، نظرا للمسؤوليات الجسيمة التي ستُناط بهم”.
وتابع: “لقد لاحظنا مرارا وتكرارا أن بعض الزملاء، سواء كانوا من المحافظين أو الإصلاحيين، عند توليهم لمناصب ذات أهمية، يميلون إلى تعيين أشخاص مقربين إليهم. وفي بعض الأحيان، قد تتناسب هذه المناصب مع القدرات الفعلية للشخص المعين، وهو أمر جدير بالثناء والترحيب. ولكن في حالات أخرى، قد يفوق المنصب إمكانيات الشخص المختار، ويقال حينها إن (مقامه لا يرتقي) لهذا المنصب. لذا، نؤكد أنه يجب أن يكون اختيار الشخص المناسب للمنصب الحكومي متوافقا تماما مع قدراته وكفاءته”.

إشكاليات حول القرار
وفي هذا السياق، قال الناشط السياسي الأصولي، عباس سليمي نمين، تعليقا على إقالة شهرام دبيري من منصب نائب الرئيس للشؤون البرلمانية: “نحن أمام مسألتين في هذا الشأن. أولا، استشعار بعض كبار المسؤولين بأن الأوضاع اعتيادية لا يتماشى مطلقا مع الواقع الراهن.
ويتطلع الشعب إلى أن يكرس كبار المسؤولين جل وقتهم لمعالجة المشكلات، وأن الرحلات المكلفة التي لا تتناسب مع الظروف المعيشية العامة للمواطنين، أمر غير مقبول لدى الرأي العام”.
وأشار إلى نفي الادعاء المتعلق بسفر دبيري إلى القطب الجنوبي، وأضاف أن الأهم من جوهر المسألة هو قضية تقديم معلومات غير دقيقة أو مغايرة للواقع. وأكد على حاجة الجمهور الماسة إلى الثقة في كبار المسؤولين، مشددا على أن تزييف الحقائق يضعف هذه الثقة. وأوضح “أننا اليوم بأمس الحاجة إلى هذه الثقة، باعتبارها مصدرا بالغ الأهمية لرأس المال الاجتماعي”.

وأكد سليمي نمين أنه لا يمكن القبول بأي شكل من الأشكال أن يقوم كبار المسؤولين بتضليل القيادة العليا أو الشعب. وأضاف قائلا: “إن ما قام به رئيس الجمهورية هو الحد الأدنى المتوقع في مثل هذا الظرف، ويعد رد فعله موضع تقدير بالغ. وإذا ما تمكنا من بث روح الاجتهاد والنشاط في نفوس المسؤولين، فسيكون المجتمع أكثر استعدادا لتحمل الصعاب، وسيرى أن المسؤولين يبذلون قصارى جهودهم”.
وختم حديثه قائلا: “إذا ما أحسّ الشعب بأن المسؤولين يعيشون في واقع مغاير، فإن تقبّل الأزمات سيكون أشدّ صعوبة. وإذا كنا نعترف بأننا نخوض حربا اقتصادية ضروسا، فإنه يتعين على أوضاع المسؤولين أن تتماشى مع هذه الحرب. أرى أن ما قام به الدكتور بزشكيان يُعدّ خطوة ذات أهمية بالغة ومستحقة للثناء. لقد بادر إلى اتخاذ إجراء ملائم قبل أن تتفاقم مطالب المجتمع وتشتدّ”.