المرشد هو من يملك السلطة! رغبة بزشكيان لبسط نفوذه كرئيس للجمهورية الإيرانية مرتبطة بخامنئي

مسعود بزشكيان

تتمتع إيران ببنية دولة فريدة منذ ثورة عام 1979 التي أطاحت بإدارة الشاه، إذ يعتمد هيكل الحكم في البلاد على مبدأ الفصل بين السلطات. تتمتع الهيئات التشريعية، والتنفيذية، والقضائية بسلطات منفصلة ومستقلة في أداء وظائف الدولة، إلا أن السلطة القيادية، المجهزة بصلاحيات واسعة على هذه الهيئات، تقع في قلب الإدارة.

ورغم أن مبدأ الفصل بين السلطات في إيران ينص على استقلال الهيئات التشريعية والتنفيذية والقضائية، إلا أن السلطات الواسعة التي يتمتع بها القائد لها تأثير حاسم على هذه الهيئات. وفي المادة 57 من الدستور الإيراني، تحدد الأجهزة الأساسية للدولة، وهي السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية، التي تمارس نشاطها تحت سيطرة “المرشد” الذي يعتبر أعلى سلطة في البلاد وفق تقرير نشرته “الأناضول” يوم الخميس 11 يوليو/ تموز 2024.

ويحكم مرشد البلاد آية الله علي خامنئي البلاد بلقب “المرشد” ممثلاً لمؤسسة “ولاية الفقيه” التي تعتبر أعلى سلطة في إيران. وولاية الفقيه، والتي تعني حكم علماء الفقه، تشكل أساس دستور جمهورية إيران الإسلامية.

وولي الفقيه، وهو رئيس ولاية الفقيه، يعني “رجل الدين الشيعي الذي هو ممثل المهدي في الأرض”. ويُنظر إلى ولي الفقيه أيضًا على أنه حاكم الأمة الإسلامية حتى عودة ظهور “المهدي”. ويعتقد المسلمون الشيعة أن “المهدي”، الحفيد الثاني عشر للنبي محمد، سيعود يوماً ما إلى العالم وسيحقق العدالة الحقيقية على الأرض.

تشريعي: مجلس الشورى الإسلامي

ويتكون البرلمان، الذي تُسمى هيئته التشريعية “مجلس الشورى الإسلامي”، من 290 نائباً يصلون إلى السلطة عن طريق الانتخابات كل 4 سنوات. ويتولى البرلمان مهمة إعداد القوانين، وإقرارها، وتعديلها، كما يشرف على أعمال الحكومة.

ويتمتع البرلمان، الذي يستجوب الوزراء عند الضرورة، بسلطة إقالة الوزراء عن طريق التصويت بحجب الثقة في بعض الحالات. ومع ذلك، لا يمكن لمشاريع القوانين التي يقبلها البرلمان أن تصبح قانوناً دون موافقة مجلس صيانة الدستور.

وتقوم القيادة مباشرةً بتعيين 6 من أصل 12 عضواً في مجلس صيانة الدستور، وهو أحد أهم المؤسسات في البلاد.

ويتمتع مجلس صيانة الدستور أيضًا بسلطة استبعاد المرشحين في الانتخابات الرئاسية. لدرجة أن طلب الترشح الرئاسي لعام 2021 الذي قدمه مسعود بيزشكيان، الذي انتخب رئيساً في الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية التي أُجريت في 5 يوليو، رُفض من قبل المجلس.

تنفيذي: حكومي

تتكون السلطة التنفيذية في إيران من الرئيس ومجلس الوزراء. يتم انتخاب الرئيس من قبل الشعب لمدة 4 سنوات، ويمكن أن يتولى الرئاسة لفترتين متتاليتين بشرط ألا يبلغ من العمر 75 عاماً.

يتمتع الرئيس، المسؤول عن الإدارة اليومية للدولة، بسلطات تنفيذية في قضايا مثل الاقتصاد، والسياسة الداخلية، والعلاقات الخارجية. ووفقاً للدستور، يشكل الرئيس الحكومة ويعين الوزراء ويشرف على سير العمل اليومي للدولة.

ومن ناحية أخرى، تقتصر صلاحيات الرئيس على التوجهات الإستراتيجية للمرشد.

مؤسسات مثل الوزارات، والمجلس الأعلى للأمن القومي، والبنك المركزي، وهيئة الموازنة والتخطيط، ووزارة المخابرات مسؤولة أمام الرئيس.

السلطة القضائية

تتكون السلطة القضائية، المسؤولة عن تطبيق القانون وضمان العدالة في البلاد، من هيئات مختلفة مثل المحكمة العليا، ورئيس المدعي العام (المحكمة العليا)، والمحاكم الثورية والعامة.

أعلى سلطة في البلاد: المرشد

ويتمتع مكتب الإرشاد، الذي يمثله خامنئي، بصفته أعلى سلطة سياسية ودينية في إيران، بصلاحيات واسعة على جميع أجهزة الدولة.

كما يلعب المرشد، الذي يتمتع بسلطة على جميع أجهزة الدولة، بما في ذلك الرئيس، دوراً حاسماً في قضايا الأمن الداخلي والسياسة الخارجية باعتباره القائد الأعلى للقوات المسلحة، وخاصة الجيش الإيراني وجيش الحرس الثوري.

كما يتم تحديد مستوى القيادة العليا وكبار المسؤولين الأمنيين، مثل الأمين العام للمجلس الأعلى للأمن القومي، بشكل مباشر.

ويتمتع المرشد بسلطة اتخاذ قرارات إستراتيجية من خلال تحديد التوجه السياسي العام للبلاد، وبالتالي يكون مؤثراً في مجموعة واسعة من القضايا مثل السياسة الداخلية، والخارجية، والاقتصاد، والأمن.

ويحدد المرشد، الذي يعين مسؤولين رفيعو المستوى في النظام القضائي، مديري مؤسسة الإذاعة والتلفزيون الحكومية. ولهذا الوضع أيضًا أهمية حاسمة فيما يتعلق بتوجيه الرأي العام والحفاظ على تدفق المعلومات تحت السيطرة.

ويعين المرشد بشكل مباشر رؤساء المجلس الأعلى للثورة الثقافية، الذي يتخذ القرارات بشأن ممارسات الحجاب الإلزامي، والمجلس الأعلى للفضاء الإلكتروني، الذي يحدد الإشراف على الإنترنت وحواجز الوصول.

وفي حالة وفاة زعيم البلاد، يحدد مجلس الخبراء خليفته. ووفقًا للدستور، فإن سلطة مجلس الخبراء هي انتخاب المرشد والإشراف عليه وعزله إذا لزم الأمر.

يتكون مجلس الخبراء من 88 من رجال الدين يتم انتخابهم بشكل مباشر من قبل الشعب كل 8 سنوات. ويخضع الأشخاص الذين يرغبون في المشاركة في انتخابات مجلس الخبراء أيضًا لموافقة مجلس صيانة الدستور.

وتعتمد قدرة بيزشكيان على اتخاذ الخطوات التي يريدها على دعم خامنئي

وفي الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية التي أجريت في إيران في 5 يوليو/تموز، تم انتخاب المرشح الإصلاحي مسعود بيزشكيان ليصبح الرئيس التاسع للبلاد، حيث حصل على 53.7% من الأصوات.

ورغم أن انتخاب بيزشكيان، الذي أدلى بتصريحات تهدف إلى إحداث تغييرات كبيرة في سياسات البلاد الداخلية والخارجية في الحملات الانتخابية والمناظرات، يُنظر إليه على أنه نذير بتغييرات مهمة في البلاد، إلا أن صلاحيات الرئيس في البنية السياسية الإيرانية محدودة من خلال السلطة الواسعة للمرشد، وهو أعلى منصب في الدولة.

ومن هذا المنظور، فإن قدرة بيزشكيان على اتخاذ الخطوات التي يريدها كرئيس تعتمد على دعم خامنئي.