- زاد إيران - المحرر
- 40 Views
ترجمة: علي زين العابدين برهام
نشرت وكالة أنباء الطلبة الإيرانية “إيسنا“، السبت 29 مارس/آذار 2025، تقريرا حول اتجاه جديد في الهجرة يتمثل في الانتقال من المدن إلى القرى، وهو ما يُعرف بـ”الهجرة العكسية”.
وذكرت أنه يمكن لهذه الظاهرة أن تترك بصمة مهمة على الاقتصاد وتنمية المناطق الريفية. وهنا يبرز التساؤل: ما الدوافع التي تجعل الأفراد، بعد سنوات من العيش في المدن، يقررون العودة إلى القرى؟ وما الآثار المترتبة على هذا التحول؟
وأضافت أن الهجرة إلى المدن قد شهدت تزايدا ملحوظا خلال العقود الماضية، مما أدى إلى تراجع أعداد السكان في المناطق الريفية، وتفاقم التحديات الحضرية، وإحداث تغييرات جوهرية في البنية الاجتماعية.
وأشارت إلى أنه ومع ذلك، برز خلال العقدين الأخيرين اتجاه مختلف في بعض مناطق البلاد، حيث اختار بعض المهاجرين العودة إلى مسقط رأسهم. يُعرف هذا التحول بـ”الهجرة العكسية”، وهو ظاهرة قد تحمل آثارا إيجابية على تنمية القرى.

وأشارت إلى أن منطقة نطنز تعتبر إحدى المناطق التي شهدت هذا الاتجاه، حيث باتت وجهة جاذبة للراغبين في الابتعاد عن صخب الحياة الحضرية، بفضل موقعها الجغرافي المميز، وقربها من أصفهان، وتوافر المقومات الطبيعية والبنية التحتية المناسبة.
وأوضحت أن عودة الأفراد إلى القرى تسهم في دفع عجلة التنمية الاقتصادية، إذ غالبا ما يحمل المهاجرون العائدون معهم رأس المال، والخبرات، والمعرفة التي يمكن أن تساهم في ازدهار الأنشطة الاقتصادية الريفية. من هنا، تبرز أهمية دراسة هذا الاتجاه وفهم العوامل المؤثرة فيه، نظرا إلى دوره المحتمل في تحقيق تنمية مستدامة في المناطق الريفية.

دراسة حول دور الهجرة العكسية في تنمية القرى بـ نطنز
ذكرت الوكالة أن محمد حسين زارعي أبيانة، الباحث بقسم الجغرافيا البشرية بجامعة طهران، أجرى، بالتعاون مع أربعة زملاء آخرين، دراسة حول تأثير الهجرة العكسية على التنمية الاقتصادية في قرى منطقة نطنز.
وأضافت أنه سعى هذا البحث إلى تحديد العوامل التي تدفع الأفراد للعودة إلى قراهم، ومدى تأثير هذه الظاهرة على الاقتصاد المحلي.
وتابعت أنه قد جمع الباحثون بياناتهم من 381 مشاركا ينتمون إلى 24 قرية في نطنز، وذلك عبر استبيانات ميدانية. ومن خلال تحليل المعطيات، حددوا ستة عوامل رئيسية تؤثر على الهجرة العكسية، وقاموا بتقييم مدى تأثير كل منها على التنمية الاقتصادية في المنطقة.
وأوضحت أن نتائج الدراسة أظهرت أن العوامل الأكثر تأثيرا على الهجرة العكسية تشمل:
- الاستثمار – العامل الأكثر أهمية، حيث أظهر أن العديد ممن عادوا إلى القرى يخططون للاستثمار في أنشطة اقتصادية مختلفة.
- الدخل – كان الأقل تأثيرا، لأن غالبية المهاجرين العائدين هم متقاعدون أو عادوا لأسباب شخصية، مما يجعلهم أقل اعتمادا على الفرص الوظيفية الجديدة.
- البنية التحتية والخدمات – كعامل مهم في تحسين جودة الحياة في القرى.
- فرص العمل – حيث يؤثر توفر الوظائف على قرار العودة.
- مستوى المعيشة – الذي يعكس الظروف الحياتية العامة في القرى.
- الخدمات الترفيهية والاجتماعية – التي تعزز من جاذبية الريف للعائدين.
وأفادت بأن النتائج تشير إلى أن الهجرة العكسية قد تمثل فرصة ذهبية لتنمية القرى، خاصة إذا تم دعم العائدين من خلال سياسات حكومية فعالة، مثل:
- تقديم حوافز استثمارية لجذب رواد الأعمال.
- تعزيز البنية التحتية والخدمات العامة.
- دعم الزراعة والسياحة الريفية كقطاعات رئيسية للتنمية.

وأوضحت أنه من خلال التخطيط السليم، يمكن للهجرة العكسية أن تصبح أداة فعالة لمواجهة تحديات القرى، وتعزيز التنمية المستدامة فيها.
وتابعت الوكالة مضيفةً أن الدراسة تشير أيضا إلى أن تحسّن الخدمات والبنية التحتية وزيادة مستوى الأمان في المناطق الريفية كانا من العوامل الأساسية التي دفعت العديد من المهاجرين العائدين إلى اتخاذ قرار العودة. فقد ساهم تعبيد الطرق، وتوفير قروض لترميم المنازل، وإيجاد فرص عمل مستدامة في تسريع هذا الاتجاه.
وأضافت أن الروابط العاطفية مع مسقط الرأس والرغبة في تبنّي نمط حياة أكثر هدوءا دورا مهما في قرار العودة إلى القرى، حيث يسعى العديد من المهاجرين العكسيين إلى الهروب من ضغوط الحياة الحضرية والاستمتاع ببيئة أكثر استقرارا.
وذكرت أنه تم نشر نتائج هذا البحث بمجلة “بحوث الجغرافيا البشرية” الصادرة عن جامعة طهران، والتي تُعدّ واحدة من أبرز المجلات العلمية المتخصصة في الجغرافيا والتنمية البشرية والاقتصاد الجغرافي في إيران.
واختتمت التقرير، بأن نشر هذا البحث في مجلة علمية مرموقة الأهمية المتزايدة لموضوع الهجرة العكسية وتأثيرها على التنمية الاقتصادية، مما يعزز الحاجة إلى تبني سياسات فعالة لدعم هذه الظاهرة والاستفادة من إمكاناتها في تطوير المناطق الريفية.