«الوعد الصادق 3» يؤكد الثقة الإيرانية بصاروخ سجيل كرسالة استراتيجية إلى تل أبيب وواشنطن

نشرت وكالة أنباء مهر الأصولية، الاثنين 23 يونيو/حزيران 2025، تقريرا أفادت فيه يأن صاروخ سجيل الباليستي يُعد أحد أكثر الإنجازات تطورا في الصناعة الدفاعية لإيران، ويُعرف كرمز لقدرة إيران الصاروخية في المنطقة والعالم. وهذا الصاروخ، بخصائصه الفريدة مثل الوقود الصلب، والمدى البعيد، والسرعة العالية، يحتل مكانة خاصة في العقيدة الدفاعية الإيرانية.

وأضافت أن لجوء إيران مؤخرا إلى استخدام هذا الصاروخ في عملية “الوعد الصادق 3” ضد النظام الإسرائيلي، لفت أنظار العالم مرة أخرى إلى إمكاناتها الصاروخية.

المواصفات الفنية والقدرات الصاروخية لصاروخ سجيل

أفادت الوكالة بأن صاروخ سجيل هو صاروخ باليستي أرض-أرض متوسط المدى، بدأ تطويره في أواخر عقد التسعينيات الميلادية، وتم اختباره لأول مرة عام 2008 م. ويتميّز هذا الصاروخ باستخدامه للوقود الصلب وتصميمه ثنائي المراحل، مما يمنحه العديد من المزايا مقارنة بالصواريخ التي تعمل بالوقود السائل.

وفي ما يلي أبرز مواصفاته وقدراته الرئيسية:

المدى العملياتي: يمتلك صاروخ سجيل مدى يتراوح بين 2000 و2500 كيلومتر، ما يتيح له استهداف مواقع بعيدة، بما في ذلك الأراضي المحتلة والقواعد العسكرية الأمريكية في المنطقة. وتحوّله المسافة البالغة 1300 كيلومتر بين إيران وتل أبيب إلى خيار مثالي للرد السريع على تهديدات النظام الإسرائيلي.

الوقود الصلب: يمنح استخدام الوقود الصلب هذا الصاروخ قدرة على الاستعداد للإطلاق خلال دقائق قليلة، ويتيح تخزينه لفترات طويلة دون الحاجة لإعادة التزود بالوقود. وتجعله هذه الميزة سلاحا عالي الجاهزية وصعب التتبع من قبل أنظمة الدفاع المعادية.

السرعة والقدرة على المناورة: تصل سرعة الغوص لصاروخ سجيل عند دخوله الغلاف الجوي إلى نحو 13 ضعف سرعة الصوت (نحو 16.000 كيلومتر في الساعة)، ما يجعل اعتراضه من قِبل أنظمة الدفاع الجوي مثل السهم 3 التابعة للنظام  الإسرائيلي والقبة الحديدية أمرا في غاية الصعوبة. كما أن الصاروخ يمتلك قدرة على المناورة داخل الغلاف الجوي وخارجه، ما يزيد من احتمالات إفلاته من أنظمة التتبع والاعتراض.

الرأس الحربي: يستطيع سجيل حمل رأس حربي يتراوح وزنه بين 650 و1000 كيلوغرام. وتشير بعض المصادر إلى أن وزن الرأس الحربي يصل إلى 700 كيلوغرام، فيما تشير أخرى إلى أنه قد يبلغ طنا كاملا. ويتمتع هذا الرأس بقدرة تدميرية عالية ضد أهداف استراتيجية، رغم عدم امتلاكه نظام توجيه بعد الانفصال، ما يجعله أقل دقة من الصواريخ الموجهة بدقة عالية.

الأبعاد ومنصة الإطلاق: يبلغ طول الصاروخ نحو 17.5 إلى 18 مترا، وقطره نحو 1.25 متر. ويُطلق صاروخ سجيل من منصات إطلاق متحركة على الطرق أو من منصات ثابتة، بإمكانها تنفيذ الإطلاق بشكل عمودي أو مائل، مما يمنحه مرونة كبيرة في العمليات.

الدقة والتدمير: بفضل تسارعه الذي يبلغ 4300 متر في الثانية وتصميم رأسه الحربي المشابه للصواريخ المضادة للطائرات، يتمتع سجيل بقدرة تدميرية مقبولة. ويرى بعض الخبراء أنه يمثل نسخة مطورة من صاروخ شهاب-3، ولكن بقدرات أعلى بكثير. وبفضل سرعته العالية، وقصر زمن الاستعداد للإطلاق، وقدرته على تجاوز أنظمة الدفاع الجوي، يُعد سجيل من أكثر الصواريخ الباليستية الإيرانية إثارة للرعب.

دور صاروخ سجيل في عملية الوعد الصادق 3

أبلغت الوكالة أنه في يوم الثلاثاء 17 يونيو/حزيران 2025، أعلن الحرس الثوري الإيراني في بيان رسمي، أنه استخدم، ولأول مرة، صواريخ سجيل الباليستية خلال الموجة الثانية عشرة من عملية الوعد الصادق 3 ضد أهداف عسكرية تابعة للنظام  الإسرائيلي. جاءت هذه العملية ردا على الهجمات المتكررة التي شنها النظام على الأراضي الإيرانية، بما في ذلك الغارات الجوية على المنشآت النووية واغتيال قادة عسكريين.

الأهداف العملية
أوضحت الوكالة، وفقا للتقارير، أن صواريخ سجيل استهدفت قواعد استخباراتية وجوية عميقة داخل الأراضي المحتلة، ونجحت في اختراق أنظمة الدفاع الجوي الطبقية للنظام، مثل السهم 3 والقبة الحديدية، ملحقة أضرارا كبيرة بالأهداف المحددة.

الرسالة الاستراتيجية
أكَّدت الوكالة أن استخدام صاروخ سجيل في هذه العملية شكّل رسالة حازمة إلى النظام الإسرائيلي وحلفائه الغربيين، وعلى رأسهم الولايات المتحدة، مفادها أن إيران تمتلك القدرة على الرد السريع والفعّال على أي عدوان. 

وتابعت أن موقع Missile Threat (التهديد الصاروخي) التابع لمركز الدراسات الاستراتيجية والدولية (CSIS)، والمختص بتحليل الصواريخ وأنظمة الدفاع ضدها، أكَّد في تحليله، أن فشل أنظمة الدفاع الجوي الإسرائيلية في التصدي لصاروخ سجيل يُظهر ضعف هذا النظام في مواجهة الصواريخ الإيرانية المتطورة.

وأردفت أن عملية الوعد الصادق 3 واستخدام صاروخ سجيل لم يضعا النظام الإسرائيلي في موقف دفاعي فحسب، بل غيّرت أيضا المعادلات العسكرية في المنطقة لصالح محور المقاومة. ويرى محللون إقليميون أن هذه العملية تبرهن على جاهزية إيران لتنفيذ ردود أكثر حدة في حال استمرار الاعتداءات.

تحليل القدرات في مواجهة تهديدات النظام الإسرائيلي:
بيَّنت الوكالة أن النظام الإسرائيلي سعى دائما، مستندا إلى أنظمة دفاعية متقدمة والدعم العسكري الأمريكي، للحفاظ على تفوّقه العسكري في المنطقة. ومع ذلك، يُعد صاروخ سجيل تهديدا جديا لهذا النظام، وذلك بسبب الميزات التالية:

السرعة وزمن الاستجابة: تقطع المسافة بين إيران وتل أبيب (نحو 1300 كيلومتر) بصاروخ سجيل خلال 7 إلى 10 دقائق فقط. وهذا الزمن القصير يحرم أنظمة الدفاع الجوي التابعة للنظام  الإسرائيلي من فرصة الاستجابة الفعالة.

قوة الاختراق: أقرّ خبراء عسكريون في النظام الإسرائيلي، ومنهم طال عنبر، بأن السرعة العالية لصاروخ سجيل واعتماده على الوقود الصلب يجعلان من الصعب جدا على أنظمة الدفاع الصاروخي مثل السهم 3 اعتراضه.

المرونة العملياتية: إن إمكانية الإطلاق من منصات متحركة تقلل من خطر تدمير الصاروخ قبل إطلاقه، ما يجعل سجيل سلاحا غير متوقَّع بالنسبة للعدو ويُعزز عنصر المفاجأة.

وأشارت إلى أن استخدام سجيل في عملية الوعد الصادق 3 أدى إلى تصاعد الذعر العام داخل الأراضي المحتلة، حيث أفادت وسائل إعلام إسرائيلية باندفاع المواطنين نحو المتاجر والملاجئ، في مشهد يعكس حجم التأثير النفسي للعملية على الجبهة الداخلية للنظام .

وذكرت أن النجاح في استخدام صاروخ سجيل خلال عملية الوعد الصادق 3 أظهر مدى الثقة العالية التي يوليها القادة العسكريون الإيرانيون لهذا الصاروخ. فهذه العملية لم تستعرض القدرات الفنية والتكتيكية لسجيل فحسب، بل وجّهت أيضا رسالة واضحة إلى أعداء إيران، مفادها أن أي عدوان سيُواجَه بردّ حاسم وساحق.

الخلاصة
ذكرت الوكالة أن صاروخ سجيل الباليستي، بفضل خصائصه مثل المدى البعيد، والسرعة العالية، والاعتماد على الوقود الصلب، يشكل أحد الركائز الأساسية لقوة الردع والدفاع الإيرانية. وقد أعاد استخدامه في عملية الوعد الصادق 3 ضد النظام الإسرائيلي التأكيد على قوة إيران الصاروخية، وكشف فشل أنظمة الدفاع الجوي الإسرائيلية في التصدي له. 

وفي الختام أكَّدت أن سجيل لا يُعد مجرد أداة للردع، بل هو سلاح قادر على تغيير موازين القوى العسكرية في المنطقة لصالح إيران ومحور المقاومة.