انفجارات طهران تطيح بآمال الحل الدبلوماسي بين طهران وواشنطن

نشرت صحيفة اعتماد الإصلاحية، السبت 14 يونيو/حزيران 2025، تقريرا ذكرت فيه أن العاصمة الإيرانية طهران، شهدت فجر يوم الجمعة 13 يونيو/حزيران 2025، سلسلة انفجارات متفرقة، سُمع دويّها في مناطق مختلفة من المدينة، لا سيما في شمالها وغربها ووسطها، وكذلك في عدد من المدن الإيرانية الأخرى.

وأضافت الصحيفة أن الصور والمقاطع المصوّرة المنتشرة على وسائل التواصل أظهرت مشاهد للانفجارات، في وقت أعلن فيه وزير حرب النظام الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، أن إسرائيل تنفذ عمليات استباقية ضد طهران.

وتابعت أنه بعد دقائق من التصريحات، أفادت وكالات أنباء محلية ودولية بوقوع انفجارات في عدد من المحافظات، منها كرمانشاه ولورستان، كما وردت أنباء عن هجمات استهدفت منشأة نطنز النووية ومحيط مفاعلها، فضلا عن منشأة بارشين، وعدد من القواعد العسكرية في طهران، إضافة إلى مفاعل آراك للمياه الثقيلة.

وأردفت أن العدوان قد أسفر عن استشهاد عدد من كبار القادة العسكريين الإيرانيين، بينهم قائد القيادة المركزية لقوات خاتم الأنبياء محمد باقري، واللواء غلام علي راشد، ونجله، وكذلك الأدميرال علي شمخاني، والأمين الأعلى لمجلس الأمن القومي، واللواء أمير علي حاجي زاده، وقائد القوة الجوفضائية التابعة للحرس الثوري الإيراني.

وذكرت أنه في وقت لاحق من بعد ظهر الجمعة، صرَّحت وكالات الأنباء الرسمية الإيرانية بسماع دوي انفجارات في أطراف مدينتي تبريز وشيراز، إضافة إلى تجدد الهجمات في محيط منشأة نطنز النووية.

وأفادت بأنه، بالتزامن، وجّه وزير الخارجية الإيراني، عباس عراقجي، دعوة إلى مجلس الأمن الدولي لعقد جلسة طارئة لبحث ما وصفه بانتهاك فاضح لسيادة إيران وسلامة أراضيها.

وأوضحت أنه في بيان رسمي، حذّرت وزارة الخارجية الإيرانية إسرائيل من عواقب وخيمة ومكلفة لعدوانها، معتبرة أن الولايات المتحدة تتحمّل المسؤولية عمّا جرى بصفتها الداعم الرئيسي لإسرائيل.

النافذة التي أغلقت 

قالت الصحيفة إن عشية انعقاد الجولة السادسة من المفاوضات النووية بين الوفدين الإيراني والأمريكي في مسقط، استهدف النظام الإسرائيلي، بشكل عدواني، أراضي إيران، في وقت كان من المقرر أن يسلّم فيه المسؤولون الإيرانيون ردّ بلادهم الرسمي على الحزمة المقترحة من الولايات المتحدة، ضمن إطار الحلول الدبلوماسية، إلى المندوبين الأمريكيين.

وبيَّنت أنه كما يدّعي عدد من المراقبين، فقد تم التمهيد لعقد الجولة السادسة في ظروف متغيرة؛ فمن جهة، أدّت تحركات الولايات المتحدة والترويكا الأوروبية داخل مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية، والتي أفضت في النهاية إلى صدور قرار ضد إيران، إلى تأجيج الأجواء.

 وأوردت أنه من جهة أخرى، أسهمت مزاعم النظام الإسرائيلي حول استعداده لشن هجوم على طهران في تصاعد التوترات مجددا، مما دفع العديد من المحللين إلى التحذير من الآثار السلبية لهذه التطورات على المحادثات المرتقبة، ولا سيما في ظل تصاعد الخطاب الإعلامي الغربي والإسرائيلي حول احتمال تفعيل آلية الزناد كأداة ضغط جديدة على طهران.

وأوضحت أنه رغم أن الهجوم الإسرائيلي الأخير قد غيّر المعادلات القائمة على ما يبدو، ولم يصدر حتى الآن أي موقف رسمي من المسؤولين الإيرانيين بشأن إمكانية عقد الجولة السادسة أو إلغائها، إلا أن عددا من المحللين، في تصريحات لصحيفة اعتماد، أكدوا أن استئناف المحادثات الدبلوماسية بين إيران والولايات المتحدة على المدى القريب يبدو مستبعدا، خاصة وأن ثقة إيران بنهج الولايات المتحدة  بلغت أدنى مستوياتها.

وأكدت أن هذا النهج هو ذاته الذي سبق أن وصفه المسؤولون الإيرانيون بأنه لعبة مزدوجة تمارسها واشنطن.

الرد الإيراني سيكون أشد

أبرزت الصحيفة أنه تزامنا مع تصاعد التوتر بين إيران والنظام الإسرائيلي، أجرت مجلة فورين أفيرز مقابلة خاصة مع السفير الأمريكي الأسبق لدى إسرائيل دانيال شابيرو، وسعت من خلالها إلى استعراض أبعاد العدوان الأخير الذي شنّته تل أبيب على السيادة الإيرانية، مع التطرق إلى الرد الإيراني المحتمل، وإمكانية استهداف إيران للقواعد الأمريكية في المنطقة.

وأبلغت أن شابيرو، الذي كان مكلفا في وقت سابق بدراسة سيناريوهات التوتر الإيراني-الإسرائيلي واقتراح خيارات واشنطن لإدارة الأزمة بين الطرفين، اعتبر في تصريحاته، أن هجمات إسرائيل في 13 يونيو/حزيران 2025 على المنشآت النووية والمواقع الصاروخية الإيرانية، واغتيال عدد من كبار القادة العسكريين والسياسيين، قد غيّرت قواعد اللعبة. وأضاف أن إسرائيل تدّعي نجاحها، بينما تتوعّد إيران بانتقام قاس.

وذكرت أن شابيرو لفت إلى غموض حدود الهجمات الإسرائيلية، مؤكدا أن العملية الأخيرة تختلف جذريا عن التحركات الإسرائيلية السابقة التي جرت في أكتوبر/تشرين الأول 2024، ما يشير إلى احتمال رد إيراني واسع النطاق قد يهدد أمن المنطقة بأكملها، خصوصا الدول الخليجية.

ترامب في مأزق

استعرضت الصحيفة تصريح شابيرو، الذي قال إن ترامب ربما كان يأمل التوصّل إلى اتفاق جزئي مع طهران عبر الوسائل الدبلوماسية، غير أن النهج المغامر الذي اتبعه النظام الإسرائيلي مؤخرا بدّد آمال ترامب في نجاح أي حل دبلوماسي مع إيران، وهو الحل الذي سعى من خلاله إلى تقليص أو وقف تخصيب اليورانيوم داخل الأراضي الإيرانية.

وأبلغت أن شابيرو زعم أن إيران من المرجح أن تُسرّع الآن وتيرة برنامجها النووي، وقد تتجه إلى تغيير عقيدتها النووية، وهو ما سيقوّض التوازن القائم بالنسبة لواشنطن، ويدفعها إلى وضع بالغ التوتر.

وأوضحت أن شابيرو استند أيضا إلى التصريحات الأخيرة لوزير الخارجية الأمريكي، مارك روبيو، التي زعم فيها أن الهجوم الإسرائيلي على الأراضي الإيرانية نُفّذ من دون تنسيق مع الولايات المتحدة، مؤكّدا أن واشنطن تسعى من خلال مثل هذه المواقف إلى النأي بنفسها عن ردّ إيران القاسي المحتمل، غير أن طهران تدرك جيدا حجم الدعم الأمريكي لإسرائيل، ولن تُعير مثل هذه التصريحات أي اهتمام.

خيارات إيران

أبرزت الصحيفة أن شابيرو زعم، في معرض تعليقه على ردّ محتمل من طهران تجاه العدوان الإسرائيلي، أن إيران على الأرجح ستردّ بردّ قاس، وربما تستهدف إسرائيل بصواريخها الباليستية. ومع ذلك، صرَّح شابيرو، بأن تل أبيب تسعى لاعتراض هذه الصواريخ من خلال منظومات الدفاع الجوي ثاد التي نشرتها الولايات المتحدة في المنطقة.

وأفادت بأنه مع أن الظروف قد تختلف عن عام 2024، حيث خرجت إيران وإسرائيل من دائرة المواجهات الرمادية ودخلتا في مواجهة بينغ بونغ مباشرة، يرى شابيرو أن احتمال استمرار الهجمات من قبل تل أبيب ليس مستبعدا. كما أشار إلى أن إسرائيل لم تعد راغبة في أن تُقيَّد مغامراتها بالتنسيق مع واشنطن كما في السابق. 

وأضاف أن إيران لن تترك هذه المغامرات بلا ردّ، وأن على تل أبيب والمنطقة أن تستعد لهجمات إلكترونية وسيناريوهات أكثر تصعيدا من جانب طهران. كما رجّح أن تقلل إيران من تعاونها مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وتسعى إلى إعادة تعريف بنيتها التحتية النووية ونقلها إلى مواقع تحت الأرض.

وذكرت أن شابيرو لم يستبعد احتمال نشوب مواجهة مباشرة بين إيران والولايات المتحدة، رغم اعتباره أن ذلك يبقى احتمالا ضعيفا، لكنه أكد أنه في حال أقدمت واشنطن على شنّ هجوم مزعوم على إيران، فإن طهران لن تلتزم الصمت، وسترد، وتابع أن القواعد الأمريكية في المنطقة والقوات العسكرية المنتشرة فيها لن تكون بمنأى عن الرد الإيراني.

وأردفت أنه أشار، في معرض حديثه، إلى قدرات محور المقاومة، معتبرا أن على الولايات المتحدة ألا تستهين بقوة حلفاء إيران في المنطقة، محذرا من الانخراط في مواجهة غير متكافئة وذات تكلفة باهظة مع طهران.

وأكَّدت أنه زعم أن إيران تمتلك أدوات قادرة على تهديد استقرار المنطقة، مثل استهداف مواقع في دول الخليج، وإغلاق مضيق هرمز الحيوي لنقل النفط والغاز، فضلا عن إمكانية فرض حصار بحري واستخدام الألغام البحرية والمغناطيسية، إلى جانب الزوارق السريعة وشنّ عمليات مركبة، ما قد يفرض أثمانا باهظة على الاقتصاد العالمي.

ورأى أن الهجوم الإسرائيلي الأخير قد يؤدي إلى تعطيل مؤقت في الصناعة النووية الإيرانية، لكنه لا يعني نهاية سياسة الردع الإيرانية، بل قد يدفع طهران إلى إعادة النظر في عقيدتها النووية.

وفي الختام أكّدت الصحيفة أن شابيرو حذّر من أن مثل هذا التحول قد يضع ترامب أمام خيارين صعبين: إما قبول إيران نووية، أو الانخراط في مواجهة مكلفة. وكلا الخيارين، من شأنه أن يعمّق الانقسامات داخل معسكر ترامب السياسي، ويؤدي إلى نفور بعض داعميه، خاصةً أولئك الذين أيّدوه على أمل إنهاء التدخلات العسكرية الأمريكية في الشرق الأوسط.