بعد شهر من إقالة همتي.. تفاقم الازمة الاقتصادية في ايران 

ترجمة: يارا حلمي

نشرت وكالة الأنباء الإيرانية “مهر“، الثلاثاء 8 أبريل/ نيسان 2025، تقريرا تناولت فيه افتقار وزارة الاقتصاد لوزير يدير شؤونها منذ أكثر من شهر، في ظل تدهور الوضع الاقتصادي للبلاد ، وكذلك تصريحات المتحدثة باسم الحكومة حول مسألة تعيين وزير الاقتصاد.

غياب وزير الاقتصاد

ذكرت الوكالة بأن الصدمة التي يعيشها السوق الاقتصادي نتيجة الارتفاع الجنوني وغير المنضبط في أسعار العملات الأجنبية والذهب، باتت من أكثر الأخبار المتكررة التي تتصدر المشهد الإعلامي هذه الأيام، على نحو غير مسبوق من حيث الحضور والانتشار.

وتابعت أن الاقتصاد الإيراني لم يسبق له في أي فترة من فترات تاريخه أن شهد هذا القدر من الإهمال وغياب الإدارة، كما يشهده حاليا في ظل هذه الظروف العصيبة.

وأضافت أن الارتفاع المتواصل في الأسعار الناتج عن التضخم وزيادة أسعار العملات الأجنبية والذهب، قد دفع الاقتصاد الإيراني إلى حالة من اللا مبالاة الكاملة تجاه الأحداث الأخيرة، حيث لم تعد التطورات السياسية أو الاقتصادية قادرة على التأثير في مسار هذا السوق المنفلت.

وأشارت الوكالة إلى أن هذه الوقائع الأخيرة تؤكد من جانب آخر أن وزارة الشؤون الاقتصادية والمالية الإيرانية، التي تخلو حاليا من وزير يدير شؤونها، لا تمتلك لا تأثيرا ولا قدرة يمكن الدفاع عنها في مواجهة الهجمات الاقتصادية المباغتة التي ضربت البلاد خلال الأشهر الماضية.

واوضحت أنه لا يظهر أن الحكومة الإيرانية لديها أي جدية أو مساع حقيقية للإسراع في تعيين وزير جديد لهذه الوزارة المهمة، تاركة بذلك الشؤون الاقتصادية في حالة من الفوضى والإهمال، حيث نشأت حالة من التعايش السلمي بين الأزمات الاقتصادية وبين المسؤولين المعنيين بإدارة الاقتصاد في البلاد.

إقالة وزير الاقتصاد السابق

قالت الوكالة إن أكثر من شهر قد مرّ على إقالة وزير الاقتصاد الإيراني السابق، وذلك في وقت يتكرر فيه لعدة أعوام متتالية اختيار شعار السنة من قبل المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية الإيرانية، علي خامنئي، حول القضايا والهموم الاقتصادية، وكان العام الجديد قد بدأ بشعار “الاستثمار من أجل الإنتاج”، وهو الشعار الذي أعلنه خامنئي مع بداية العام الجديد 2025.

وأوضحت أن وزارة الشؤون الاقتصادية والمالية، باعتبارها واحدة من أهم وزارات الحكومة الإيرانية، ما زالت تُدار من قبل مسؤول مكلّف مؤقت، حيث لم تظهر الحكومة أي إرادة واضحة لحسم مصير هذه الوزارة أو تعيين وزير جديد لها.

 مع الإشارة إلى أن الوزير السابق عبد الناصر همتي، تمت إقالته آنذاك بسبب فشله في السيطرة على الأسعار والوضع المضطرب الذي كان يعيشه السوق خلال تلك الفترة، ليتم في نهاية المطاف سحب الثقة منه وإقالته، وتسليم مسؤولياته إلى سيد رحمت الله أكرمي، الذي يتولى حاليا إدارة الوزارة بصفة مؤقتة كقائم بالأعمال.

وتابعت أنّه رغم ضرورة الإسراع في اختيار وتعيين الوزير المقترح من قبل الحكومة لعرضه على البرلمان، إلا أنّه يتعيّن على الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان أن تكون لديه هواجس تتجاوز الهواجس المعتادة في اختيار هذا الشخص، نظرا لأنّ الاقتصاد المقلق للبلاد يقف على حافة هاوية، وإذا لم يكن الوزير المقبل لديه خطة واضحة ومحددة للخروج من الظروف الراهنة، فإنّ العواقب ستكون غير قابلة للتعويض.

وأضافت أنّه يبدو أنّ وزير الاقتصاد المستقبلي يجب أن يعمل على تيسير الأوضاع الاقتصادية في البلاد بحيث يتم تعزيز بيئة الأعمال، ويتمكن القطاع الخاص من دخول مجال الإنتاج بكل اطمئنان.

حيث أنّه إذا كان الشخص الذي سيتولى هذه الوزارة لديه مثل هذه الخطة، فإنّه سيكون قادرا على تقليل اعتماد البلاد على العملة الأجنبية، وإيجاد الاستقرار الاقتصادي، وفي نهاية المطاف المساهمة من خلال تنفيذ السياسات المناسبة في خفض التضخم وزيادة فرص العمل.

تصريحات فاطمة مهاجراني

ذكرت الوكالة أنّ المتحدثة باسم حكومة بزشكيان فاطمة مهاجراني، وخلال مشاركتها في البرنامج الحواري الإخباري الخاص مساء يوم 6 أبريل/ نيسان 2025، وردّا على سؤال مقدم البرنامج حول موعد تقديم وزير الاقتصاد، وحول ما إذا كانت تؤيد الأسماء المطروحة في الفضاء الافتراضي، وما إذا كانت الحكومة قد توصلت إلى خيارها النهائي.

أجابت قائلة: “سيتم الإعلان عن الأمر في الوقت المناسب، عمل الفضاء الافتراضي هو إثارة التكهنات، هل لديكم توقع غير ذلك؟ هناك أسماء مطروحة بالفعل، والحقيقة أنّ رحمت الله أكرمي القائم بأعمال الوزارة يقوم بعمله بشكل جيد للغاية، والحكومة تفضل أن تقوم بهذا الإجراء دون تسرع، وبصبر، وفي الوقت القانوني المحدد لها”.

وأشارت إلى أنّ نتيجة الفوضى الاقتصادية الحالية هي أنّ أسعار الذهب والعملات الأجنبية شهدت ارتفاعا كبيرا خلال الأسابيع والأشهر الماضية، وفي بعض الأيام شهدت انخفاضا طفيفا وسط تقلبات حادة.

تأثير غياب الوزير

ذكرت الوكالة إنّ أربعة أسواق رئيسية تأثرت بفقدان وزير الاقتصاد، مشيرة إلى أنّ السوق الأول الذي خضع للتقييم كان سوق الذهب والعملات الذهبية، ووفقا لآخر الإحصائيات الصادرة يوم الاثنين 7 أبريل/ نيسان 2025، فقد بلغ سعر غرام الذهب من عيار 18 دون تغيير يذكر مقارنة باليوم السابق، حيث تم تداوله بسعر 79 مليون و 860 ألف ريال أي ما يعادل 76 دولار أمريكي، بينما بلغ سعر العملة الذهبية من فئة الإمام 986 مليون و 550 ألف ريال أي ما يعادل 939 دولار أمريكي.

وأضافت أنّ السوق الثاني الذي خضع للمراجعة كان سوق الدولار الأمريكي، مشيرة إلى أنّ سعر الدولار يوم الاثنين 7 أبريل/ نيسان 2025، شهد زيادة قاربت 10 آلاف ريال أي ما يعادل 0.0122 دولار أمريكي، حيث افتتح عند المستويات النهائية من قناة الـ مليون و 40 ألف ريال أي ما يعادل 24.65 دولار أمريكي، ثم ارتفع تدريجيا ليصل إلى قناة الـ المليون و50 ألف ريال أي ما يعادل 24.91 دولار أمريكي. 

وأرجع المتعاملون هذا الارتفاع إلى زيادة التوقعات التضخمية، وحالة عدم اليقين السياسي، وارتفاع سعر التيتر (وهي عملة رقمية مشفرة مستقرة تعادل الدولار الأمريكي)، وسعر الدرهم الإماراتي.

وتابعت بأنّ سوق البورصة كان السوق الثالث الذي تأثر بشدة، بحيث ظل في حالة تدهور وسط هذه الفوضى الاقتصادية، موضحة أنّ مؤشر بورصة طهران الرئيسي أنهى تعاملاته يوم 7 أبريل/ نيسان 2025، بانخفاض قدره 269.610 ألف ريال أي ما يعادل 0.257 دولار أمريكي ، ليغلق عند مستوى 27 مليون و 468 ألف و 590 ريال أي ما يعادل 26 دولار أمريكي.

وأوضحت أنه يمثل ثالث شمعة هبوطية وسلبية لهذا المؤشر في سابع أيام العمل الرسمية من العام الجديد، ولم يتمكن حتى الآن من العودة إلى مسار الارتفاع. كما انخفض مؤشر الوزن المتساوي في بورصة طهران أيضا بالتوازي مع انخفاض المؤشر الرئيسي بمقدار54 ألف و 740 ريال أي ما يعادل 1.30 دولار أمريكي، ليصل إلى مستوى 8 مليون و49 ألف و 150 ريال أي ما يعادل 190.58 دولار.

وأشارت إلى أنّ المواد الغذائية كانت السوق الرابع الذي يتأثر دائما بسعر الدولار، موضحة أنّه خلال هذه الفترة شهدت أسعار المواد الغذائية الأساسية تقلبات كبيرة، بحيث كشفت المراجعات عن ارتفاع ملحوظ في أسعار السلع الاستهلاكية والمواد الأساسية.

وختمت الوكالة تقريرها بالتأكيد على أنّ متابعة الوضع الاقتصادي الراهن يفرض أكثر من أي وقت مضى ضرورة الإسراع في اختيار وتعيين وزير للاقتصاد، حتى يتم اتخاذ حل عاجل لإنقاذ اقتصاد البلاد، وإدارة الأزمة الحالية في أسرع وقت ممكن، رغم أنّ الحكومة من الناحية القانونية تملك وقتا طويلا لتقديم الوزير.