- دنيا ياسر
- 84 Views
ترجمة: دنيا ياسر نور الدين
أجرت صحيفة “اعتماد” الإيرانية الإصلاحية، الأحد 25 مايو/أيار 2025، حوارا مع جواد إمام، المتحدث باسم جبهة الإصلاحات، حول الجولة الخامسة من المفاوضات بين إيران والولايات المتحدة. تناول الحوار تقييمه لمسار المفاوضات وآفاق الجولة السادسة وإمكانية الوصول إلى اتفاق.
ذكرت الصحيفة أن وسائل الإعلام الأجنبية رسمت صورة قاتمة للجولة الخامسة من المفاوضات، شدّد عباس عراقجي، كبير المفاوضين الإيرانيين ووزير الخارجية الإيراني، على ضرورة
التمييز بين التفاصيل الجانبية وجوهر الحوار. وأوضح أن المفاوضات كانت شاقة ومعقدة، لكنه أكد أنها تسير في مسار تصاعدي وبنّاء.
وفي هذا السياق أضاف جواد إمام، المتحدث باسم جبهة الإصلاحات، أن الفاصل بين الجولتين الخامسة والسادسة يمثل المرحلة الأكثر حساسية في الحوار الثنائي بين طهران وواشنطن. وأردف أن دخول الطرفين في الجولة السادسة قد يقرّب التوصل إلى اتفاق، خاصة بعد طرح القضايا الأكثر تعقيدا من كلا الجانبين.
ودعا عراقجي إلى التحلّي بالشفافية مع الرأي العام، مشددا على أهمية الدعم الشعبي في دفع عجلة المحادثات. واعتبر أن تمهيد الطريق أمام الاستثمارات الأميركية في إيران يعزز ضمانات أي اتفاق مستقبلي، كما أنه قد يساعد إدارة ترامب في مواجهة ضغوط اللوبيات الصهيونية.
وأشار إلى أن المفاوضات ليست شأنا حزبيا، بل خيار استراتيجي تتبناه بنية الحكم بأكملها، ويجب أن تحظى بإجماع وطني واسع.
وتابع من الواضح أن النظام اتخذ قرارا مدروسا بالمشاركة في الحوار لضمان مصالحه الوطنية، مؤكدا أن دعم الشعب ضروري لحماية كرامة البلاد في مواجهة الضغوط الأميركية.

وفي ما يلي نص الحوار:
كيف ترون الأفق بعد الجولة الخامسة؟ وكيف سيتصرف الطرف الآخر؟ وبأي منهجية يجب أن تواصل إيران الحوار؟
أعتقد أن المسار العام للمفاوضات حتى الآن إيجابي. إيران لا ينبغي أن تنسحب من طاولة المفاوضات. الذين ينسحبون هم أولئك الذين لا يجيدون لغة الدبلوماسية. طالما أننا نحاول تأمين مصالحنا الوطنية عبر الدبلوماسية، فعلينا أن نواصل الحوار. إذا استمرت المفاوضات بعد الجولة الخامسة، فهذا يعني أن الأميركيين أيضا يسعون إلى اتفاق وتفاهم.
من الواضح أن الأميركيين يدركون أنه لا ينبغي لهم المساس بكرامة الإيرانيين، لأن الوصول إلى هذه المرحلة سيجعل إيران الطرف الأقوى، لا الأضعف. وللوصول إلى اتفاق، يجب أن نتحلى بالمرونة اللازمة. ما نتمسك به ويثير قلق الولايات المتحدة والدول الغربية هو العقيدة الدفاعية لإيران التي تقوم على رفض امتلاك السلاح النووي.
والتخصيب بالنسبة لإيران هو علم وحق قانوني. أما فيما يتعلق بنسبة التخصيب، فيمكن التفاوض عليها بما يخدم المصالح الوطنية. لكن أن تظن الولايات المتحدة أن إيران ستتنازل عن هذا الحق من أجل اتفاق، فهذا خطأ كبير.

بعض المحللين يوصون بتهيئة الظروف لمشاركة الولايات المتحدة في المشاريع الاقتصادية الإيرانية، لأن هذه المشاركة قد تساعد ترامب في مواجهة الانتقادات الداخلية، وتزيد من ضمان تنفيذ الاتفاق المحتمل. هل توافقون على هذا الرأي؟
في الأساس، أحد العيوب ونقاط الضعف في الاتفاق النووي (برجام) كان غياب هذا العنصر. عندما وقّعت إيران الاتفاق، وُضعت عراقيل أمام مشاركة الأميركيين في المشاريع الاقتصادية الإيرانية. وبعد مجيء ترامب إلى البيت الأبيض، شكك في الاتفاق وأعلن أنه لا يعترف باتفاق لا يخدم المصالح الأميركية، ولهذا انسحب منه.
من البديهي أن أحد الأهداف الأساسية لإيران من التفاوض هو رفع العقوبات وتحقيق انفراج اقتصادي. إيران اليوم بحاجة إلى استثمارات وانفتاح اقتصادي، وبحاجة إلى تبادل تجاري وتكنولوجي مع الدول الأخرى. ما تتحمله إيران اليوم من ضغوط سببه العقوبات الجائرة.
لو تضمن الاتفاق النووي بنودا اقتصادية خاصة تتيح مشاركة الولايات المتحدة في مشاريع إيرانية، لما تمكن ترامب من الانسحاب بهذه السهولة. واليوم، يجب أن تسعى إيران لتهيئة الأرضية بحيث تعود الفوائد الاقتصادية على جميع الأطراف، ما يعزز التزامهم بالاتفاق. الفرص الاقتصادية التي تُخلق للطرفين تشكل ضمانة فعلية لنجاح واستمرار الاتفاق.
حكومة بزشكيان التي وصلت إلى الحكم بخطاب إصلاحي، مستندة إلى مفاهيم مثل خفض التوتر، والتنمية، والانفتاح، والتعامل، إلى أي مدى تعتبرون المفاوضات الحالية ثمرة لهذا الخطاب، وإلى أي مدى تراها نتيجة لإرادة النظام ككل؟
المفاوضات في الظروف الراهنة اكتسبت طابعا وطنيا وعاما. أغلب المخلصين لهذا الوطن يشددون على ضرورة مواصلة الحوار لحل الأزمات. المواطنون المخلصون يدركون أن العقوبات أثقلت كاهل الشعب، ولذلك يعتبرون المفاوضات والاتفاق وسيلة للتخفيف من معاناتهم.
في مقابل هؤلاء، هناك قلة تعتبر العقوبات نعمة، في حين أنها لم تجلب للشعب سوى الفقر والضيق. المتشددون وتجار العقوبات هم من يرون فيها مكسبا، لأنها ملأت جيوبهم. أما للشعب، فلم تكن العقوبات سوى مرادف للفقر والتضخم والفساد والتمييز.
لقد وثّقت السنوات الماضية نماذج صارخة من الفساد ونهب الثروات، وقد ألقى هذا الوضع بعبء ثقيل على القطاع الخاص والمواطنين بحجة “الاختلال في التوازنات”.
الإصلاحيون لم يسعوا إلا لتحقيق المصلحة الوطنية وتلبية مطالب الشعب. مجرد أن النظام اختار طريق العقلانية والمفاوضات، فهذا موضع ترحيب ودعم من قبل الإصلاحيين. نحن لا نسعى للحرب، ولا للانقلاب.
الأفكار والتيارات التي تعتبر العقوبات نعمة قد عمّقت الهوة بين الشعب والحكومة، ووجود هذه العقلية في مؤسسات اتخاذ القرار يهدد البلاد بمشاكل كبيرة.
جبهة الإصلاحات تؤيد قرار النظام باستمرار المفاوضات وتأمل أن تفضي هذه المحادثات إلى اتفاق مستقر، وتُفتح آفاق اقتصادية جديدة، ويعيش الناس حياة أكثر راحة ورفاهية.