تاريخ علاقة البرلمان بالرئیس منذ فجر الجمهورية الإيرانية

كتبت رضوى أحمد

رصدت جريدة “هم ميهن” الإيرانية التابعة للتيار الأصولي، في تقرير لها أمس، تاريخ العلاقة بين الرئيس والبرلمان على مدار فترة حكم ثمانية رؤساء، وجاء فيه:

 الرئاسة الأولى: أبرد العلاقات

أبو الحسن بني صدر – تولى 1980

لم تكن علاقة أي رئيس جمهورية مع مجلسه ببرودة العلاقات بينه وبين المجلس الأول.
عكس العلاقة بين الحكومة والمجلس، حيث لم يكن رئيس الجمهورية قبل مراجعة الدستورهو رئيس الحكومة، وفرض المجلس رئيس الوزراء الذي يريده (محمد علي رجائي) على بني صدر، كما أن الوزراء غالباً لم يكونوا على هوى رئيس الجمهورية، مما جعل سلطته محدودة، ووصل الأمر إلى تصويت أعضاء المجلس بعدم كفاءته السياسية، وتم عزله عام 1981.

 الرئاسة الثانية.. حكومة مستعجلة

محمد علي رجائي – تولى 1981

كانت فترة رئاسته قصيرة لدرجة أن الأمر لم يصل إلى التفاعل مع المجلس، رغم أن محمد جواد باهنر، رئيس الوزراء حينها، كان صديقاً له لمدة 20 عاماً، مما يسمح بخلق فترة تعاون بين رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء والمجلس، إلا أن انفجار 8 سبتمبر/أيلول 1981 ضيَّع هذه الفرصة.

الرئاسة الثالثة.. رفض رئيس الوزراء المقترح

علي خامنئي – تولى 1981

خامنئي كان أيضاً الأمين العام لحزب الجمهورية الإسلامية، كجواد باهنر، وكان المتوقع أن نواب البرلمان -الذي كانت أغلبيته من أعضاء الحزب- سيمحنون الثقة لرئيس الوزراء المقترح (علي أكبر ولايتي)،  لكن هذا لم يحدث، لأن محمد خاتمي -نائب أردكان وممثل الإمام في كيهان- كان صديقاً لأحمد خميني، فعارض ولايته وقدَّم خامنئي الخيار المفضل لجناح اليسار في الحزب والبرلمان (مير حسين موسوي)، وكانت حكومته الأولى تضم وزراء من اليمين واليسار.

 وفي الحكومة الثانية، قل عدد الوزراء اليمينيين، وزادت الخلافات بين رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء أكثر من البرلمان، في أمور مثل تقديم استقالات الوزراء هل ستكون إلى رئيس الجمهورية أم إلى رئيس الوزراء! وفي النهاية استقال موسوي في سبتمبر/أيلول 1988، لكنه عاد بأمر الإمام.

الرئاسة الرابعة وإلغاء منصب رئيس الوزراء

علي أكبر هاشمي رفسنجاني- تولى 1989

في تلك الحكومة، مع إعادة النظر في الدستور، تم إلغاء منصب رئيس الوزراء وجلس الرئيس مكانه، ولم تواجه الحكومة الأولى لهاشمي رفسنجاني مشكلة في الحصول على ثقة البرلمان؛ فكانت علاقته مع القيادة وتأثيره في المجلس يسهلان عليه الأمور، والمطلب الوحيد للمجلس الثالث من الرئيس كان الإبقاء على محتشمي بور وزيراً للداخلية.

لكنه كان أكثر يسارية من أن يكون له مكان في حكومة البناء، خاصةً أنه كان من المعارضين لرفسنجاني في جمعية رجال الدين. فقدم لهم عبد الله نوري بدلاً منه، ومن المدهش أنه مع مرور الوقت أصبح محتشمي بور أكثر تحفظاً ونوري أكثر راديكالية.

كانت مشكلة رفسنجاني مع المجلس الرابع، هي أنه اعتقد أنه مع إلغاء الجناح اليساري سيتعاونون معه، ولكن العكس، تم تعطيل سياسة التعديل ومُنع محسن نور بخش من دعم الحكومة، فردَّ الرئيس بتعيينه وزيراً للاقتصاد، وهو منصب لم يكن موجوداً من قبل.

دفعت هذه التناقضات أصدقاء رفسنجاني إلى اتخاذ سياسات لتغيير تركيبة هيكل البرلمان الخامس، وتغيرت الأجواء بظهور “حزب منفذی البناء”، وسلم ناطق نوري رئاسة البرلمان إلى عبد الله نوري، لأنه أراد الترشح للرئاسة، ونأى بنفسه عن الحكومة؛ حتى لا يعتبر مدافعاً عن الوضع الراهن. إلا أن رفسنجاني، عكس أبنائه والمقربين منه، لم يصوت لخاتمي، وكشف يوم 23 مايو/أيار 1997، أنه سيصوت لناطق نوري.

الرئاسة الخامسة ومجلس تحت رئاسة المنافس

محمد خاتمي- 1997

لولا أن ناطق نوري أظهر شرط الصداقة، لكان المجلس -تحت رئاسته- سيضع العصا في عجلة حكومة خاتمي، لكن هذا لم يحدث، ولم يتصادموا مع أي وزير باستثناء حالة عبد الله نوري.

تجاوز خاتمي المجلس الخامس، ومع تشكيل المجلس السادس كان للإصلاحيين سلطتان، وبدأت المشكلة من هنا؛ لأن مؤسسات غير منتخبة أصبحت أكثر نشاطاً!

وفي العام الأخير من حكومة خاتمي، كان العام الأول من المجلس السابع برئاسة حداد عادل؛ والذي قبله خاتمي وهو كاره، وقاموا بإقالة وزير الطرق، وأرادوا فعل الشيء نفسه مع عدد من الوزراء الآخرين، لكن القيادة لم تسمح لهم.

الرئاسة السادسة وشهر عسل ثلاث سنوات

محمود أحمدي نجاد- تولى 2005

كانت سنوات الاندماج بين محمود أحمدي نجاد والمجلس ثلاث سنوات، لكن منذ عام 2008، عندما تم تشكيل المجلس برئاسة علي لاريجاني، تحول الدعم إلى معارضة، وبدأ الأمر بإقالة كردان عقب فضيحة وزير الداخلية.

ولو لم تحدث أحداث 2008، حيث تعرض نجاد لموجة احتجاجات على سياسته تسببت في تدهور الوضع الاقتصادي، والذي طغى على أزمة الملف النووي الايراني، لكان عمل الرئيس والمجلس أكثر ترابطاً، ولكن بسبب ذلك الجو، أخفى هذان الاثنان الخلافات تحت السجادة لفترة، لكنها عادت مرة أخرى، وكانت ذروتها الأحد 15 فبراير/شباط 2011، وتوترت العلاقات بين أحمدي نجاد والبرلمان لدرجة أن الوزراء رفضوه، ووصل الأمر إلى أن أرسل لهم مشروع قانون ميزانية فارغاً؛ لإذلال نواب مؤتمر نزع السلاح!

الرئاسة السابعة ومجلسان مختلفان

حسن روحاني- تولى 2013

أما حسن روحاني، فكان له تعامل مع مجلسين. أحدهما، على الرغم من وجود ممثلين معارضين، فإن رئيسه كان متحداً معه، وبفضل ذلك الاتحاد وتوصيات من أعلى، تم التصديق على اتفاقية جنيف خلال عشرين دقيقة.

أما المجلس الثاني الذي تشكل عام 2015، فكان أكثر تعاوناً، لكنه مثل خاتمي أدرك أن تعاون المجلس ليس كافياً، فمثلاً انضمام إيران إلى مجموعة العمل المالي (FATF) صدّق عليه البرلمان، لكنه تعثر في مجلس صيانة الدستور ومجمع تشخيص مصلحة النظام، الذي لم يعد رفسنجاني موجوداً فيه.
المصير نفسه الذي واجهه خاتمي في السنة الأخيرة من حكمه، واجهه روحاني أيضاً، حيث أقر المجلس الجديد في 1 ديسمبر/كانون الأول 2020، قانوناً وضع يده في “جلد الجوز”- وهو مثَل إيراني يعني أن الشخص أقحم نفسه في مشكلات دون حساب عواقبها- في ما يتعلق بإحياء الاتفاق النووي.

الرئاسة الثامنة ومرحلة التطهير

إبراهيم رئيسي- تولى 2021

لا حاجة لتوضيح أن إبراهيم رئيسي لم تكن لديه مشكلة مع مجلس يترأسه محمد باقر قاليباف، حليفه في انتخابات 2017، كما أن النواب الذين دعموه من قبل اندمجوا في المجلس والحكومة!

الرئاسة التاسعة وتجربة الماضي

مسعود بزشكيان- تولى 2024

لا يريد بزشكيان أن يبقى خلف سد البرلمان، وإذا حصل  19 وزيراً على الأصوات البرلمانية الداعمة لتنصيبهم، فإن تكتيكه سيكون صحيحاً، ولكن إذا كانت هناك قرارات لاستبعاد بعضهم، فإنه بالتأكيد سيغير سياسته تجاه المجلس، لأن هذا البرلمان لا يعكس سوى آراء 20% من الشعب الإيراني، وبزشكيان يريد ويعد أن يكون نائباً عن الجميع.