- يسرا شمندي
- 5 Views
نشرت صحيفة هم ميهن الإصلاحية، السبت 7 يونيو/حزيران 2025، تقريرا أفادت فيه بأنه مع عودة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، شهدت المحادثات النووية بين ممثلي إيران والولايات المتحدة، التي تُجرى بوساطة عمان، حتى الآن خمس جولات. ولم يُكشف بعد عن تفاصيل واضحة حول ما دار في اجتماعات مسقط وروما، حيث تقتصر المعلومات المتداولة في وسائل الإعلام المحلية والدولية على تكهّنات وتسريبات جزئية.
وأضافت الصحيفة أن التقديرات والأدلة المتوافرة تشير إلى أن الجولة الخامسة التي عُقدت في روما لم تحقق تقدما ملموسا، ووصلت، وفقا لبعض التصريحات، إلى طريق مسدود.
وأوضحت أن السبب الرئيسي لتعثر المحادثات يكمن في إصرار الجانب الأمريكي على وقف كامل لعملية تخصيب اليورانيوم، بينما تعتبر إيران هذا المطلب غير واقعي.
وتابعت أنه من الصعب توقع أن دولة قضت ثلاثين عاما في تطوير التكنولوجيا النووية السلمية ستتخلى عنها بسهولة. كما أن إيران لن تتخلى عن قدراتها الدفاعية في منطقة تعج بالفوضى والتهديدات، خاصة وأنها تخضع لحظر شامل على الأسلحة العسكرية. وهذه التوقعات تتعارض مع حقائق المنطقة ومنطق البقاء.

التخصيب: تهديد أم حق مشروع؟
ذكرت الصحيفة أنه وفقا لمعاهدة منع انتشار الأسلحة النووية، تمتلك إيران، مثلها مثل البرازيل، واليابان، والأرجنتين، وكوريا الجنوبية، وعدد من الدول الأخرى، الحق في تخصيب اليورانيوم لأغراض سلمية. وبالنسبة لإيران، فهذه ليست مجرد تقنية فحسب، بل هي رمز للاستقلال الوطني والقدرة المحلية.
كما أن المخاوف بشأن مخزونات اليورانيوم بنسبة 60% يمكن إدارتها من خلال إطار شفاف وإشراف مستمر من الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وحتى بمراقبة المفتشين الأمريكيين.
وأشارت إلى أن إشراف الوكالة الدولية للطاقة الذرية يزيل المخاوف المشروعة للمجتمع الدولي بشأن تسليح الأنشطة النووية السلمية في إيران، مؤكدة أن الجانب الأمريكي يصر على وقف التخصيب الكامل الذي ترفضه إيران، بدلا من التركيز على تحديد مستوى التخصيب وفرض عمليات تفتيش موثوقة. وإذا تحركت الدبلوماسية من منطلق الواقعية بدلا من الأيديولوجيا، فإنها تجد دائما مخرجا لأشد الأزمات.

مساران: التعاون أو المواجهة
بيَّنت الصحيفة أن الولايات المتحدة تواجه الآن خيارا تاريخيا؛ يتمثل المسار الأول في اتباع دبلوماسية فاعلة تقوم على قبول إيران كدولة تمتلك برنامجا نوويا سلميا، ودمج اقتصادها في النظام العالمي، وتعزيز التعاون الإقليمي، وهو خيار قادر على تغيير ملامح المنطقة والعالم وتحقيق سلام دائم ومستقر. أما المسار الثاني فهو استمرار الدورة المألوفة من التهديدات والعقوبات التي تؤدي في النهاية إلى مزيد من عدم الاستقرار والحرب.
ونوَّهت إلى أن إيران خاضت تجربة سياسة الضغط الأقصى لسنوات، وتعلمت كيفية التأقلم مع العقوبات، إلا أن اللجوء إلى الخيار العسكري ضدها سيكون كارثة تهدد استقرار المنطقة.
وأكدت أن الشرق الأوسط ليس ساحة مناسبة لاختبار حرب مدمرة. وذكر الصحفي الأمريكي تاكر كارلسون في بيانه الطويل الأخير أن ضباط البنتاغون يعتقدون أيضا أن الحرب مع إيران قد تتطور بسهولة إلى نزاع عالمي. كما أظهرت تجارب العراق وأفغانستان أن الإنجازات العسكرية الأمريكية في هذين النزاعين الإقليميين لم تكن أكثر فخرا من حرب فيتنام.
وأبرزت أنه في اللغة الفارسية هناك مثل يقول تجربة الشيء مرة واحدة تكفي. كما توجد في الثقافة الأمريكية أمثال تحمل مضمونا مشابها. ومع ذلك، يبدو أن هذا الدرس البسيط المستفاد من التجارب السابقة لا يُؤخذ بجدية كافية في السياسة الخارجية الأمريكية. وربما حان الوقت لإعادة النظر في هذه التجارب بنظرة جديدة.

ائتلاف السلام والصداقة
قال ترامب إنه يرغب في تفجير المختبرات النووية الإيرانية، وهو النهج نفسه الذي حاول أسلافه اتباعه لكنه فشل. واقترح بدلا من إرسال عوامل تخريب يصعب تنفيذها، أن تُرسل الولايات المتحدة مهندسيها وخبراءها البنائين للعمل جنبا إلى جنب مع العلماء الإيرانيين لفتح صفحة جديدة في تاريخ التعاون النووي السلمي.
وأكّدت الصحيفة أن “المهندسين الأمريكيين وعلماءنا معا يمكنهم تأسيس تحالف يقوم على التعاون، والتفاعل، والمصالحة، والأمن في المنطقة والعالم، مشيرة إلى أن تحالف السلام والصداقة يعد خيارا أفضل من الانقسام الناتج عن الحرب والتفجير”.

الدبلوماسية متعددة الأطراف
أجرى ترامب، مدركا الجمود القائم، يوم الأربعاء 4 يونيو/حزيران 2025، حوارا استمر لمدة 75 دقيقة مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، معتبرا أن مشاركة روسيا في هذا الحوار كانت ذات فائدة. واعتبر روسيا دولة كبيرة وجارة لإيران، التي تشارك الرئيس الأمريكي الرأي حول أهمية وجود روسيا في هذا الحوار الذي وصل إلى طريق مسدود. كما تحدث ترامب مؤخرا بإيجابية عن الرئيس الصيني شي جين بينغ، معبّرا عن إعجابه به.
وأعرب أيضا عن رغبته في إقامة حوار بناء مع الصين، رغم وصفه لهذا الحوار بأنه صعب. وللبدء في هذا التعاون، تُعد إيران الشريك الأنسب. ونقترح، إلى جانب روسيا، إشراك الصين وثلاث دول أوروبية شريكة في هذا الحوار لتخفيف مخاوفهم. ولا شك أن نتائج هذه المفاوضات ستعود بالنفع على المنطقة والعالم.