- شروق حسن
- 76 Views
ترجمة: شروق حسن
في تقريرٍ مطوّل، تناولت الصحيفة الإيرانية الاصلاحية «اعتماد» يوم الثلاثاء 20 مايو/آيار 2025 الجدل القائم حول التغييرات الأخيرة في مواقف المسؤولين الأميركيين بشأن ملف تخصيب اليورانيوم، متسائلةً عما إذا كانت هذه المواقف تعكس تحوّلات استراتيجية في سياسة واشنطن أم أنها مجرّد مناورات تكتيكية تهدف إلى الضغط في سياق التفاوض.

كتبت الصحيفة الإيرانية «اعتماد» في تقرير لها متسائلة عن ما سبب التغييرات الأخيرة في مواقف المسؤولين الأميركيين بشأن التخصيب؟ وهل هذه التغييرات تكتيكية أم استراتيجية؟ في الوقت الذي أعلنت فيه إيران منذ البداية أن التخصيب بما يتوافق مع معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية (NPT) هو حق لها، لماذا يتخذ المسؤولون الأميركيون مثل هذه المواقف؟ هذه الأسئلة طُرحت في الرأي العام الإيراني منذ يوم الأحد 18 مايو/آيار2025، عقب التصريحات التي أدلى بها ويتكوف والتي قال فيها إن الولايات المتحدة لا تتحمل أي مستوى من التخصيب في ما يخص البرنامج النووي الإيراني.

وأضافت الصحيفة أن رد فعل كل من وزير الخارجية عراقجي، ونائب وزير الخارجية للشؤون السياسيةـ تخت روانجي، وسائر الدبلوماسيين الإيرانيين على مثل هذه التصريحات كان واضحًا تمامًا، وهو أن “المسؤولين الأميركيين مهما كرروا مواقفهم، فإن مواقفنا لن تتغير، وسنواصل التخصيب”.
وقد أشار عراقجي بالقولِ إن المفاوضات لا معنى لها من دون الاعتراف الرسمي بحق إيران في التخصيب. وأعلن وزير الخارجية الإيراني أن طهران مستعدة للرد على كافة المخاوف التي يبديها الطرف المقابل بشأن مسألة التخصيب.
وتابعت الصحيفة أن مجموعة من المحللين يرون أن هذه التصريحات يجب تصنيفها ضمن السياسات المُعلنة للحكومة الأميركية، وأن أقوالاً من هذا النوع، مثل أن “إيران يجب ألا تقوم بالتخصيب”، لا علاقة لها بالسياسات المُطبقة فعليًا من قبل أميركا في المفاوضات الثنائية.
النهج الأميركي في التفاوض: ازدواجية الخطاب وتكتيك اختبار الخطوط الحمراء
ترى صحيفة «اعتماد» أن الولايات المتحدة تعتمد مقاربة تفاوضية معقدة، تتسم بتعدد مستويات الخطاب. ففي الوقت الذي يتحدث فيه المسؤولون الأميركيون بأسلوب معيّن في المفاوضات المباشرة، تختلف تصريحاتهم الإعلامية بشكل ملحوظ، بما يعكس محاولتهم التوفيق بين ضغوط الداخل—من الديمقراطيين، والمحافظين الجدد، واللوبي الإسرائيلي—وبين متطلبات التفاوض مع إيران.
وتُشير الصحيفة إلى أن هذا الأسلوب لا يعكس تناقضًا بقدر ما يكشف عن محاولة لامتصاص الضغوط الداخلية، من خلال اتخاذ مواقف معلنة متشددة تجاه برنامج التخصيب الإيراني، في حين تتسم التفاوضات المباشرة مع طهران بمواقف أكثر مرونة وواقعية.
ترامب واختبار الخطوط الحمراء الإيرانية
بحسب بعض المحللين الذين تحدثت إليهم الصحيفة، لا يسعى الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب إلى تصعيد التوتر، بل إلى اختبار حدود إيران السياسية والتقنية من أجل انتزاع مكاسب تفاوضية. فالرجل الذي وقّع خلال زيارته للخليج صفقات تفوق قيمتها 4 تريليونات دولار، يدرك أن تأجيج الصراع قد يهدد مصالح بلاده الاقتصادية والأمنية في المنطقة.
وفي هذا السياق، يرى إسماعيل جراميمقدم أن على إيران أن توظّف نقاط اهتمام ترامب—وفي مقدمتها الاقتصاد—لتقديم حوافز استثمارية تُسهم في ترسيخ الاتفاق وتعزيز ضماناته التنفيذية.
ويُضيف أن المطالب الأميركية العلنية، كمثل حظر التخصيب، لم تُطرح رسميًا على طاولة التفاوض، بل تظل ضمن الخطاب الإعلامي، مشيرًا إلى أن إيران عضو في معاهدة عدم الانتشار النووي (NPT)، وتتمتع بحق التخصيب السلمي ضمن الاستخدامات الصناعية والطبية والزراعية، وهو حق لا يمكن مصادرته قانونيًا.
الرد الإيراني: التمسك بالحقوق ورفض التصفير
وأكد جراميمقدم أن الدعوة إلى «تخصيب صفري» لا تستند إلى أي قاعدة قانونية أو تفاوضية، بل تشكّل استفزازًا غير واقعي. واعتبر أن إيران، في حال تم تهيئة بيئة استثمارية مناسبة، قد تقبل بوجود آليات تحقق صارمة تشمل حتى مفتشين أميركيين ضمن الوكالة الدولية، طالما بقيت ضمن الأطر القانونية.
وأضاف أن التخلي الكامل عن التخصيب سيُضعف مصداقية المعاهدة الدولية، ويقوّض ثقة الدول بها. فمعاهدة NPT ليست أداة للهيمنة، بل إطار قانوني متوازن، يضمن الحقوق كما يفرض الالتزامات.
نورانينجاد: ما يُقال للإعلام ليس ما يُقال في التفاوض
أما حسين نورانينجاد، فنوّه إلى أن التباين بين التصريحات الإعلامية والمواقف التفاوضية أمر متوقّع في العمل الدبلوماسي، مشددًا على ضرورة عدم الانخداع بحدة الخطاب العلني. فوفق رأيه، تُستخدم التصريحات العلنية لمخاطبة الرأي العام المحلي، وتهدئة الخصوم الداخليين، وإظهار الحزم، دون أن تعكس بالضرورة حقيقة ما يُناقش في الغرف المغلقة.
وأشار إلى أن تصريحات ويتكوف لوسائل الإعلام، ومنها اعتبار التخصيب بنسبة 1% خطًا أحمر، ليست نهائية، وأن الاتفاق يتشكل من توازن المصالح وليس الإملاءات الأحادية.
وأضاف أن الأمل في التوصل إلى اتفاق ما يزال قائمًا، ما دامت تصريحات المسؤولين الأميركيين تتضمّن كلمات مفتاحية مثل “الأمل”، وما لم يتم الإعلان صراحة عن انهيار المفاوضات.
فلاحتبيشه: أميركا بحاجة للاتفاق أكثر من إيران
بدوره، رأى حشمتالله فلاحتبيشه أن المواقف الأميركية المتشددة، خصوصًا بعد زيارة ترامب للمنطقة، لا تعكس استراتيجية ثابتة، بل تُوظف في إطار المناورة. فبينما أبدت واشنطن مواقف حادة علنًا، سعت في الواقع إلى الحفاظ على قنوات التفاوض مفتوحة.
وأضاف أن إيران تعاملت بمرونة وانفتاح، من خلال التعاون مع الأطراف الأوروبية، وروسيا، والصين، وكذلك مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، التي وقّعت معها اتفاقًا في فبراير 2023 يتيح عمليات تفتيش أوسع، بهدف تهدئة المخاوف الغربية.
وشدّد على أن واشنطن تدرك أن إفشال الدبلوماسية سيقوّض استقرار المنطقة، ويُهدد استثماراتها، مشيرًا إلى أن المقاربة الأمنية الإقليمية لا بد أن تكون شاملة، فلا يمكن ضمان أمن بعض الدول بينما تسود الفوضى في دول أخرى.
وفي ختام حديثه، لفت إلى أن الأميركيين، رغم التصعيد اللفظي، مضطرون في المفاوضات الجارية في روما ومسقط، إلى تقديم صيغة تضمن بقاء إيران على طاولة التفاوض. واعتبر أن الإصرار على التصفير يأتي بدافع اعتبارات داخلية أميركية، وليس كمطلب تفاوضي واقعي.