تهديدات لـ”ترامب” بالقتل! صحيفة إيرانية أصولية تثير جدلا واسعا، ومخاوف من رد فعل أمريكي 

ترجمة: دنيا ياسر نورالدين 

نشرت صحيفة “شرق” الإيرانية الإصلاحية، الأحد 6 أبريل/نيسان 2025، تقريرا استعرضت فيه تأثير التصريحات الإعلامية التحريضية التي تضمنتها مقالة نشرتها صحيفة ” كيهان” الأصولية والتي حرضت فيها على قتل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، وذلك على الأمن القومي الإيراني.

مقال “كيهان” المثير للجدل

إذ قالت الصحيفة في تقريرها، إنه “في خضم واحدة من أكثر فترات التوتر في العلاقات بين إيران والولايات المتحدة لا يزال جزء من التيار المتشدد المعارض للتواصل مع الغرب ورفع العقوبات قلقا من احتمال نجاح المفاوضات غير المباشرة مع الولايات المتحدة في المستقبل القريب”.

وأضاف أيضا، أنه “لجأ هؤلاء إلى الحملات الإعلامية لتشديد الأجواء بهدف وضع عقبة أمام المفاوضات التي قد تساهم في رفع شبح الحرب عن إيران وتقليل العقوبات المفروضة عليها”.

وفي هذا السياق، تواصل صحيفة “كيهان” كعادتها محاولاتها لتصعيد الأجواء الراديكالية، حيث طرحت في عمود “حديث ومناقشات احتمال اغتيال دونالد ترامب”، وكتبت: “هذه الأيام قد تشهد إطلاق عدة رصاصات على رأسه انتقاما لدم  سليماني”. 

وتابعت: “بالطبع، لا يمكن لهذا العمود في (كيهان) أن يكون دليلا على رأي جزء من صانعي القرار في البلاد، ولا حتى لو تم ذكر هذه المقالة في الجزء الرئيسي من الصحيفة، فإنها قد تعكس نية خفية للقيام بهذا الأمر، لكن هذه التصريحات نشرت في وقت كان فيه ترامب، رئيس الولايات المتحدة، قد حذر في السابع عشر من فبراير/شباط 2025،  من أنه في حال اغتياله من قبل إيران، فإنه سيأمر القوات العسكرية الأمريكية بتدمير إيران بالكامل”.

وأشارت إلى أن وكالة أسوشييتد برس الأمريكية زعمت أن “مسؤولين أمنيين أمريكيين كانوا يجرون منذ مدة طويلة تتبعا لتهديدات محتملة موجهة ضد الرئيس ترامب ومسؤولين سابقين في إدارته، خاصة بعد صدور الأمر الرئاسي من ترامب بتنفيذ عملية اغتيال  قاسم سليماني”.

وأكدت الصحيفة أن تهديدات متعلقة بإيران تم رصدها أيضا خلال أحد التجمعات الانتخابية لترامب في يوليو/تموز 2024، بولاية بنسلفانيا حيث كان الهدف محاولة اغتياله.

تهديدات مرتبطة بإيران 

وفي تلك الآونة، أفادت مصادر أمنية أمريكية بتلقيها تهديدات ذات صلة بإيران، مع ذلك، لم تؤكد السلطات الأمريكية ضلوع إيران المباشر في ذلك الحادث. وفي وقت لاحق، أعلنت وزارة العدل الأمريكية في نوفمبر/تشرين الثاني، أن شخصا يدعى فرهاد شاكري، وهو مواطن أفغاني مقيم بإيران، قد كُلِّف بوضع خطة لاغتيال الرئيس السابق ترامب. 

ووفقا لوثائق المحكمة الفيدرالية، زعم شاكري أنه تلقى هذا الأمر من أحد أفراد الحرس الثوري الإيراني. من جانبه، وصف إسماعيل بقائي، المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية الإيرانية، هذه الاتهامات بأنها مؤامرة إسرائيلية ترمي إلى تقويض العلاقات بين طهران وواشنطن.

وأشارت إلى أن هذه التهديدات المتبادلة قد تزيد من حدة التوترات الدبلوماسية والأمنية بين البلدين في ظل تصاعد الضغوط السياسية والاقتصادية على إيران، في حين أن رد فعل الولايات المتحدة في حال حدوث حادثة حقيقية ضد ترامب لا يزال غير واضح

من المنافع الوطنية إلى التداعيات القانونية الدولية

وفي خضم مرحلة دقيقة تشهدها الدبلوماسية الإقليمية والمفاوضات السرية بين إيران والغرب، أفادت الصحيفة بأن التصريحات المتسرعة والانفعالية في وسائل الإعلام الرسمية، لا سيما فيما يتعلق بقضايا مثل اغتيال شخصيات سياسية أجنبية، قد تخلف تداعيات يتعذر تداركها على المصالح الوطنية الإيرانية. وأردفت أن نسبة أية خطة اغتيال، خاصةً تلك التي تستهدف الرئيس الأمريكي، قد تسفر عن تبعات قانونية واسعة النطاق على الصعيد الدولي.

وأكدت  أن الولايات المتحدة يمكنها استنادا إلى الاتفاقيات الدولية لمكافحة الإرهاب رفع هذه القضية إلى مجلس الأمن الدولي واستخدامها كأداة لزيادة الضغوط القانونية والأمنية ضد إيران في وقت تتراكم فيه ملفات حقوق الإنسان والعقوبات الاقتصادية ضد إيران أشارت الصحيفة إلى أن إضافة قضية خطة اغتيال ستزيد من تعقيد الوضع.

تعطيل مسار الدبلوماسية والمفاوضات

وفي ظل بروز مؤشرات تدل على إمكانية فتح قناة حوار محدودة بين طهران وواشنطن، لاحظت الصحيفة أن التصريحات الحادة والاستفزازية، كتلك التي تم تداولها في وسائل الإعلام وبعض الأوساط الرسمية بشأن اغتيال ترامب، قد تشكل عقبة سياسية بالغة. 

وأوضحت أن هذه العقبات تظهر فجأة مع أي تحرك دبلوماسي يستهدف تخفيف التوتر وتعزيز التعاون، مما يعيق أي تقدم بشكل سريع. وأضافت أنه في هذا الظرف الدقيق، قد تكون تلك التصريحات قد صدرت عن قصد لغايات محددة.

وذكرت الصحيفة أن هذه التصرفات الاستفزازية، لا سيما تلك الصادرة عن التيارات المتشددة داخل كل من إيران والولايات المتحدة، لا تشكل تهديدا للأمن والاستقرار فحسب، بل هي في الواقع تكتيك خفي يهدف إلى إعاقة أي تقدم في العلاقات الثنائية. 

وأوضحت  أن هذه الفئات تفضل استمرار حالة الجمود والصراع في العلاقات بين البلدين للحفاظ على نفوذها. وأردفت أن هذه الأعمال، سواء كانت مقصودة أو غير مقصودة، ترمي إلى تقويض أي مساعٍ دبلوماسية.

مسؤولية المؤسسات الإعلامية والجهات الرسمية

وأكدت أن المسؤولية تقع في الوقت الراهن على كاهل المؤسسات الرسمية ووسائل الإعلام والشخصيات المؤثرة في المجال العام أكثر من أي وقت مضى. وذكرت الصحيفة أنه إذا ما صدرت عن هؤلاء الأفراد أو المجموعات تصرفات ناتجة عن جهل أو عن نية لإفساد المناخ الدبلوماسي، فإن ذلك سيؤدي إلى تقويض أي فرص للحوار والإضرار بالمصالح الوطنية. وأردفت أن هذه التصرفات من شأنها أن تعرقل مسار المفاوضات المحتملة، مما سيلحق الضرر بالبلاد.

وفي ظل الأوضاع الراهنة التي تشهد فيها إيران تعقيدات سياسية ودبلوماسية دقيقة، أفادت الصحيفة بأن أي خطأ استراتيجي في التصريحات العلنية أو الإعلامية قد يترتب عليه تبعات يتعذر تداركها. وأضافت أنه في مثل هذه الظروف، فإن الصمت والتجاهل من جانب المؤسسات الرسمية ليسا فقط غير مجديين، بل قد يؤديان إلى تفاقم الأزمة وتصعيد التوترات.

كما أكدت أن ضرورة الاستجابة الفورية الحاسمة والمستندة إلى الآليات الرقابية والقانونية في البلاد باتت أكثر إلحاحا من أي وقت مضى. وذكرت الصحيفة أن هذه الاستجابات يجب أن تتسم بالحزم والفعالية إزاء أي تصريح أو إجراء يسهم في تأزيم الوضع، ولا سيما في المجال الإعلامي.

تباين في التعامل مع وسائل الإعلام

ترى الصحيفة أنه في ظل الظروف الراهنة وبالنظر إلى الوضع السياسي والدبلوماسي الدقيق الذي تشهده إيران، لا سيما على الصعيد الدولي، فإن استمرار صحيفة كيهان في عملها دون مساءلة أو محاسبة جدية من قبل الجهات المعنية يثير تساؤلات ملحة.

وتضيف أن هذا المنبر الإعلامي الذي درج على نشر تصريحات تحريضية، بل وتدميرية، قد أسهم بشكل غير مباشر في تأجيج التوترات الداخلية والخارجية. وتؤكد الصحيفة أن الوضع الحالي في البلاد، والحساسيات القائمة، يشيران إلى أن احتمالية اتخاذ إجراءات حاسمة تجاهها تبقى ضئيلة للغاية.

وتشير إلى أنه لو كانت وسائل الإعلام المستقلة والمحررة في البلاد قد تناولت هذا الموضوع بشكل عابر أو على سبيل الدعابة، لكانت واجهت ردود فعل قضائية وسياسية قاسية.

وتوضح أن هذا التباين في التعامل مع وسائل الإعلام وكيفية التعاطي مع التصريحات المماثلة يعكس حالة التمييز الإعلامي السائدة في البلاد. وتضيف أن بعض وسائل الإعلام تتمتع بامتيازات خاصة وتستطيع التعبير عن آرائها بحرية دون خشية من الملاحقة، بينما تواجه وسائل الإعلام الأخرى ضغوطا قضائية وسياسية فورية، مما يزيد من حدة التوترات ويضعف الفضاء الإعلامي الحر والعادل في البلاد.

وتابعت الصحيفة أنه على الرغم من أن بعض التصريحات قد تؤثر بشكل جلي على الأمن القومي ومصالح الدولة، يبدو أنه لن تُتخذ أي تدابير فعالة للمحاسبة والمساءلة من قبل الجهات المسؤولة على المدى القصير. وإن هذا الأمر يسفر عن ارتفاع غير مباشر في تكاليف مثل هذه الممارسات الإعلامية على الدولة دون أن يترتب عليها أي رد فعل قانوني أو تنفيذي.