توتر غير مسبوق بين ترامب ونتنياهو.. من رسائل الحوثيين إلى الملف النووي الإيراني

تناول موقع “فرارو” الإيراني الإصلاحي، في تقرير له السبت 10 مايو/أيار 2025، تصاعد التوتر بين  الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، كاشفا عن خلفيات سياسية وأمنية معقدة تقف وراء تدهور العلاقات بينهما.

ذكر الموقع أنه في الأيام الأخيرة، وكما أوردت العديد من وسائل الإعلام الأمريكية والإسرائيلية، لوحظ برود متزايد في العلاقات بين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ورئيس وزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو. اللافت أن ترامب، في مقابلة من البيت الأبيض، وحين سُئل عن الهدنة مع الحوثيين في اليمن، أكد أن هؤلاء وعدوا بعدم مهاجمة السفن الأمريكية، وأضاف: “وهذا يكفيني”.

وأضاف الموقع أن ترامب، حين سُئل عن موقفه في حال هاجمت المقاومة اليمنية إسرائيل، أجاب قائلا: “ليست لدي مشكلة مع ذلك!”، وهو تصريح يثير كثيرا من علامات الاستفهام، خاصة في ظل ما نُقل عن مصادر إسرائيلية مطلعة بأن العلاقات بين تل أبيب وواشنطن في أدنى مستوياتها. هذا بدوره دفع العديد من المراقبين والمحللين إلى طرح فرضيات متباينة حول خلفيات هذا التوتر. وتابع أنه في هذا الإطار، يُمكن تلخيص الأسباب المحتملة وراء تصاعد الخلاف بين ترامب ونتنياهو في ثلاث فرضيات رئيسية:

ترامب وفضيحة “سيغنال غيت”

أشار الموقع إلى أن ما يُعرف بفضيحة “سيغنال غيت” لم يمضِ عليها وقت طويل. حيث قام “مايك والتز”، المستشار السابق للأمن القومي الأمريكي، بإنشاء مجموعة على تطبيق “سيغنال”، ضم فيها مسؤولين أمريكيين كبارا بهدف التنسيق بشأن خطط الهجوم على اليمن. غير أن والتز، عن طريق الخطأ، أضاف “جفري غولدبرغ”، رئيس تحرير مجلة أتلانتك، إلى المجموعة، ما أدى إلى تسريب صور المحادثات ونشر تقرير مفصل في المجلة، الأمر الذي تسبّب في فضيحة مدوية لإدارة ترامب.

وتابع أن ترامب قام لاحقا بإقالة والتز، لكن مصادر أكدت أن هذه الإقالة لم تكن بسبب الخطأ فقط، بل لأن الرئيس الأمريكي كان منزعجا منذ فترة من درجة تنسيق والتز العالية مع نتنياهو، خاصة في الملف الإيراني، وهو ما اعتبره ترامب أمرا غير مقبول. فقد شعر بأن والتز كان أكثر ولاءً للمصالح الإسرائيلية واللوبيات المرتبطة بها من مصالح السياسة الأمريكية، مما كان له أثر مباشر في تصاعد حدة التوتر بين ترامب ونتنياهو.

نظرة ترامب إلى نتنياهو كلاعب انتهازي

عاد الموقع ليذكّر بأن ترامب، في أيامه الأخيرة بالبيت الأبيض، كان غاضبا بشدة من نتنياهو. فقد اعتبر أن كل خطوات التطبيع التي قام بها مع الدول العربية والإسلامية، كانت من أجل خدمة إسرائيل ونتنياهو تحديدا. غير أنه عندما احتاج إلى دعمه بعد الانتخابات الرئاسية الأمريكية عام 2020، فوجئ بأن نتنياهو هرع لتهنئة جو بايدن، ما اعتبره ترامب “طعنة في الظهر”.

وذكر الموقع أن هذه الواقعة لا تزال تلقي بظلالها على علاقتهما حتى الآن، إذ يعتقد ترامب أن نتنياهو مجرّد لاعب انتهازي يستخدم الرؤساء الأمريكيين كورقة لتحقيق مكاسب ذاتية، ثم يتخلى عنهم عند الضرورة. ولهذا السبب، يبدو أن ترامب قرر “تأديب” نتنياهو، كما يتضح من موقفه تجاه الاتفاق الأخير مع الحوثيين، والذي تم دون تنسيق مع إسرائيل، رغم أن الأخيرة كانت قد شنت غارات على ميناء الحُديدة ومطار صنعاء.

وأضاف أن ترامب، من خلال هذه التحركات، يبعث برسائل واضحة، مفادها أن على نتنياهو أن يدرك حجمه السياسي، وألا يكرر ما فعله سابقا، وأن عليه ألا يتجاوز الخطوط الحمراء الأمريكية. كما نقل التقرير أن ترامب يمارس ضغوطا مكثفة على نتنياهو للتوصل إلى اتفاق مع حركة حماس قبل زيارته المرتقبة للسعودية. في المقابل، يصر نتنياهو على مواصلة العدوان على غزة وتهجير سكانها، وهو ما يعمّق التباين بين الجانبين.

موقف ترامب من الملف النووي الإيراني

تابع الموقع تحليله بالإشارة إلى أن من أبرز نقاط الخلاف بين ترامب ونتنياهو في الوقت الحالي، هو ما يتعلق بالملف النووي الإيراني. فإسرائيل، خلال السنوات الماضية، دائما ما حاولت إفشال المسارات الدبلوماسية ودفعت نحو التصعيد. إلا أن ترامب، وفقا للتقرير، بات يدرك أن القصف أو الضغط العسكري لن يمنع إيران من مواصلة برنامجها النووي، بل قد يُكسبها شرعية أكبر في سعيها نحو امتلاك السلاح النووي.

وأضاف أن ترامب، وإلى جانبه المؤسسات الاستخباراتية الأمريكية، يرى أن فشل التوصل إلى اتفاق مع إيران سيكون له ثمن سياسي فادح عليه، خاصة في حال قرر الترشح مجددا. لذا فهو يحرص على عدم تكرار سيناريوهات سابقة، حيث كانت إسرائيل تُفسد المفاوضات خلف الكواليس. لهذا، يُظهر ترامب برودا متزايدا في تعامله مع نتنياهو، كأنما يوجه له تحذيرا مباشرا بعدم العبث بالمفاوضات الأمريكية الإيرانية الجارية.

وفي الختام، أوضح الموقع أن ترامب لا يريد أن يكون أداة بيد نتنياهو أو اللوبي الإسرائيلي، خاصةً أن ذلك من شأنه أن يضعف صورته أمام الرأي العام الأمريكي والدولي. ومن هنا، فإنَّ توتر العلاقات بين الرجلين ليس أمرا عابرا، بل يعكس تحولا استراتيجيا في نظرة ترامب تجاه إسرائيل وقيادتها الحالية.