- زاد إيران - المحرر
- 6 Views
ترجمة: يارا حلمي
أجرى موقع “فرارو” الإيراني الإصلاحي، الأربعاء 23 أبريل/ نيسان 2025، حوارا مع حشمت الله فلاحت بيشه، رئيس لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية في الدورة العاشرة في البرلمان الإيراني، ناقشت فيه معه ضرورة سعي إيران لاتفاق دبلوماسي لا رجعة فيه مع الولايات المتحدة عبر كسر التابوهات التاريخية وتوسيع التعاون الإقليمي.
ذكر الموقع أنه مع اقتراب الجولة المقبلة من المفاوضات بين إيران والولايات المتحدة، وفي ظل الطابع الفني والخبرات لهذه المفاوضات، تتزايد التساؤلات والتكهنات بشأن العقبات والمسارات المحتملة التي قد تواجه العملية التفاوضية.

تحول التهديدات إلى آليات سياسية
قال حشمت الله فلاحت بيشه: “إنّه يرى أنّ لفهم المرحلة التي وصلت إليها المفاوضات بين إيران والولايات المتحدة حاليا، يمكن طرح ثلاث مستويات للعلاقات بين البلدين: المستوى الأول يركّز على منع تصعيد وتوسّع الأزمة، أما المستوى الثاني فيتمثل في خفض التوتر، ويصل المستوى الثالث إلى التعاون.”
وتابع: “أنّه عند تحليل الوضع الراهن، نجد أنّ المفاوضات بعد جولتي مسقط وروما لا تزال في مرحلتها الأولية، إذ يحاول الطرفان التوصل إلى مقاربة مشتركة تحول دون تفاقم الأزمة وتوسعها.”
وأشار إلى: “أنّ هذه الأزمة أعيد تشكيلها من جديد بفعل مواقف الرئيس الأميركي دونالد ترامب، والتحركات العسكرية في المنطقة، وعودة سياسة الضغط الأقصى، وغيرها من العوامل.”
وأضاف: “أنّ قرار الطرفين بالجلوس إلى طاولة المفاوضات يدل على أنّ كليهما يحاول منع تفجّر الأزمة وتصعيدها، وذلك في وقت سعى فيه بنيامين نتنياهو، رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي، طيلة العامين الماضيين على الأقل، إلى تأجيج الأزمات وتعميقها.”
وأوضح قائلا: “إنّ المؤشرات التي تدل على خروج الطرفين من المرحلة الأولى، تتمثل في تحول المفاوضات إلى طابع فني، وانسحاب تدريجي للقوات العسكرية من المنطقة.”
وأكد: “أنّه إذا أردنا في هذه المرحلة تقييم نتائج المفاوضات، فعلينا في الوقت ذاته النظر إلى ملامح وجه نتنياهو وحركة الأسواق الإيرانية.”
واعتبر: “أنّ تعبيرات وجه نتنياهو إلى جانب نشاط السوق الإيراني يعكسان نجاح الطرفين في منع توسّع الأزمة، غير أنّ التفاؤل لم يتحول بعد إلى تفاؤل راسخ وعام، والسبب في ذلك، هو أنّ الطرفين، رغم قرارهما بحل الخلافات عن طريق التفاوض.”
وتابع: ” أنه تطور مهم، لم ينجحوا بعد في إحداث أثر ملموس على صعيد خفض التوتر، حيث لا تزال المواقف المتبادلة تتسم في معظمها بالحدة.”
ورأى أنّه: “إذا تمكن الطرفان في الجولة الثالثة من بلورة آلية تُفضي إلى انطلاق حوار فني وخبير، فإنّ هذه اللحظة ستكون بداية مرحلة خفض التوتر، وهي مرحلة لها خصائص مميزة من الناحية الظاهراتية، منها أن تحلّ الآليات السياسية محل التصريحات التهديدية.”
تغير عدد ومواقف المعارضين للمفاوضات
كما أشار إلى أنّ: “من أبرز مؤشرات دخول مرحلة خفض التوتر، فشل شخصيات مثل نتنياهو، ودعاة الحرب في الولايات المتحدة، وبعض المعارضين المتطرفين للمفاوضات داخل إيران، في مساعيهم الرامية لإفشال المحادثات.”
ولفت إلى أنّه: “إذا استمرت المفاوضات، فإنّ الأسبوع المقبل قد يشهد تحديات حقيقية لنتنياهو، كما ستتفاقم الخلافات داخل الولايات المتحدة، وسيصبح أنصار التفاوض أكثر وضوحا في دعمهم له.”
وذكر أنه: “في الداخل الإيراني، ستطرأ تحولات في موقف المعارضين للمفاوضات، حيث سيقل عددهم، وقد يتجه بعضهم على مضض إلى دعم المفاوضات، وهذه كلها من السمات الواقعية للمرحلة التالية.”
وتحدث أيضا عن: “تصاعد المطالب الشعبية والنخبوية داخل إيران، حيث أن أهم دعامة للسياسة الخارجية الإيرانية هي الشعب، وكلما شعر الناس بالرضا تجاه سياسات الحكومة، كلما انعكس ذلك إيجابا على أدائها.”
وأوضح أنّ: “المواطنين الذين تحمّلوا أعباء العقوبات الاقتصادية، يريدون أن يعرفوا كيف سيتم إنفاق أموال الدولة إذا رُفعت هذه العقوبات، وما إذا كانت ستعود بالنفع على حياتهم.”
وانتقد: “التيارات المتطرفة التي، سواء في أوقات السلم أو الأزمات، دائما ما تحظى بزيادة في الميزانيات وتحتكر المناصب والسلطات.”
وشدّد على أنّ: “الشعب الذي صبر على العقوبات يريد أن يرى نتائج ملموسة على حياته اليومية في حال إلغائها.”
واعتبر أنّ: “أحد المظاهر العملية للمرحلة الثانية ينبغي أن يكون إقرار مشروع قانون الانضمام إلى مجموعة العمل المالي الدولية في إيران، حيث أنّ تطورات السنوات الأخيرة أثبتت أنّ الحديث عن “مجموعة عمل مالي داخلي” كان مجرد مزحة، وأنّ الانضمام الفعلي إلى هذه المجموعة قد يمنح الشعب الأمل في أنّ رفع العقوبات سيعود عليه بالفائدة.”
إيران تسعى إلى اتفاق دبلوماسي
قال فلاحت بيشه: “إنّه حتى لو نجحت إيران والولايات المتحدة في التوصل إلى اتفاق مشترك، فإنّ ذلك لا يعني زوال الخلافات بشكل لا رجعة فيه.”
وأوضح أنّ: “بلوغ مرحلة الاتفاق النووي تمّ في ظل أجواء من انعدام الثقة المتبادلة، وحيال شخصية تُعدّ من أكثر الرؤساء نقضا للعهود في تاريخ الولايات المتحدة والعالم، في إشارة إلى دونالد ترامب.”
وشدّد على أنّ: “إيران لا ينبغي أن تتوقف عند هذا الحد، بل عليها أن تبدأ من الآن في العمل للوصول إلى مرحلة اللاعودة في المجال الدبلوماسي، وعلى وزارة الخارجية الإيرانية أن تبادر سريعا إلى تصميم آلية تواصل جديدة مع دول الجوار.”
واعتبر أنّ: “من العوامل التي عززت موقع طاولة المفاوضات في عُمان هذه المرة، هو موقف الدول الإقليمية التي كانت ترفض بشدّة اندلاع حرب، ولم تكن ترغب في انتقال الصراع إلى أراضيها، ومن هذا المنطلق تستطيع إيران أن تستثمر الفرصة لتأسيس منصة لإدارة الآليات الإقليمية.”
أضاف أنّ: “إيران يجب أن توجّه دول المنطقة نحو تبني دبلوماسية خفض التوتر، لا بسبب الخوف من الحرب، بل من أجل توسيع آفاق التعاون مع الجمهورية الإسلامية.”
وتابع أنه: “كلما توسّعت أطر التعاون الإقليمي، بات من الأصعب على إيران أن تعود إلى دائرة الأزمات، خاصة في ظل وجود لاعبين مثل الاحتلال الإسرائيلي الذي سيجد نفسه في عزلة متزايدة.”
كسر التابوهات
شدد فلاحت بيشه على أنّه: “إذا لم تُفضِ الجولة الجديدة من المفاوضات بين إيران والولايات المتحدة إلى كسر التابوهات التي سيطرت على علاقات البلدين طيلة 46 عاما، فإنّ أي إنجاز سيتحقق سيكون مؤقتا، وسيظل عُرضة لهجمات التيارات “المتشددة” في الولايات المتحدة وبعض الأطراف الإقليمية.”
وأكّد أنّ: “على الطرفين التمهيد لكسر هذه التابوهات، من خلال تحديد مجالات للتعاون تُسهم في تجاوز نقاط الخلاف.”
وحثّ: ” على إيران استخلاص العبر من تجربة الاتفاق النووي، مذكّرا بأنّ طهران أبرمت بعد “الاتفاق النووي” عقودا اقتصادية بقيمة 80 مليار يورو مع دول أوروبية، وأكثر من 40 مليار دولار مع الصين، و10 مليارات دولار مع روسيا.”
وتابع: “غير أنّ معظم هذه الاتفاقات تلاشت بعد انسحاب ترامب من الاتفاق، إذ لم يكن يواجه أي نوع من العوائق “الرأسمالية” تمنعه من الانسحاب، الولايات المتحدة دولة رأسمالية، وتبحث دائما عن الفائدة الاقتصادية من كل اتفاق.”
وخلص إلى أنّ: “على إيران والولايات المتحدة أن تنقلا الخلافات إلى ساحة التعاون ذي المنافع المتبادلة، حتى يتمكن الطرفان من كسر التابوه التاريخي الممتد لأكثر من أربعة عقود.”