حشمت الله فلاحت بيشه: زيارة نتنياهو للولايات المتحدة كانت لإقرار ضرب إيران عسكريا بدعم أمريكي

ترجمة: دنيا ياسر نورالدين 

ناقش موقع “فرارو” الإخباري الإيراني، في تقرير له الاثنين 7 أبريل/نيسان 2025، الأكاديمي والمحلل في الشؤون السياسية ورئيس لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية في البرلمان الإيراني السابق، حشمت الله فلاحت بیشه، حول التوترات السياسية والأمنية بين إيران والدول الكبرى.

إدارة السياسة الخارجية الإيرانية بكفاءة

أشار فلاحت بیشه إلى محاولات بعض الأطراف الداخلية في إيران التي قد تسهم في تحويل البلاد إلى ضحية للصراعات العالمية. حيث قال إن هناك بعض الأشخاص (وهم الأشخاص الذين يختارون جلب الشر للبلاد) قد حلوا مكان الشخصيات القادرة على إدارة السياسة الخارجية الإيرانية بكفاءة وعقلانية.

وأضاف أنه على الرغم من وجود مثل هؤلاء الأفراد الذين تسببوا في دخول إيران في فوضى غير مبررة على الساحة الدولية، فإن أمنها الوطني قد ارتبط بطريقة غير مهنية بتصرفات جماعات غير متوقعة في أنحاء العالم، مما يعكس خللا في السياسة الخارجية الإيرانية.

وتابع منتقدا الوضع قائلا: “في كل مرة كان هناك شر وفتنة، كان هؤلاء الأشخاص يدخلون على الخط، مما جعل إيران تصبح الدولة الوحيدة التي ربطت أمنها الوطني بتصرفات غير قابلة للتنبؤ من جماعات عالمية. وهذا من بين التحديات الرئيسية التي تواجه السياسة الخارجية لإيران في الوقت الحالي”.

نتنياهو والزيارة الثانية

لا شك في أن زيارة بنيامين نتنياهو، رئيس الوزراء الإسرائيلي، لواشنطن تأتي في وقت حساس للغاية، خاصة مع تزايد القضايا المتعلقة بالملف النووي الإيراني وسبل التفاوض بين طهران وواشنطن. 

في هذا السياق، يرى فلاحت بیشه أن هذه الزيارة قد تحمل في طياتها أهدافا موجهة لإثارة الصراع العسكري مع إيران، وهذا ما يسعى له نتنياهو في سياق علاقاته مع إدارة ترامب.

وفي تحليله للزيارة، قال فلاحت بیشه: “أنا متأكد أن زيارة نتنياهو تأتي في إطار محاولة لتحفيز ترامب على الهجوم العسكري ضد إيران، في حين أن موضوع الرسوم الجمركية سيكون مجرد أداة لتغليف أجندته السياسية الكبرى. في الواقع، يتوقع أن يشتعل الوضع أكثر في ظل التوترات العالمية الناتجة عن سياسات ترامب الاقتصادية”.

واستطرد فلاحت بيشه ليشير إلى وجود “طابور خامس” في إيران، وهو مصطلح يشير إلى الأشخاص الذين يتعاونون بشكل غير مباشر مع أطراف خارجية بما قد يضر بالمصالح الوطنية للبلاد. 

وقد حذر من هذا التوجه قائلا: “للأسف، في إيران، هناك من يتخذون خطوات تتناغم مع الأجندات الخارجية دون إدراك لتبعات هذه الخطوات. هؤلاء الأشخاص هم من يسهمون بشكل غير مباشر في تحويل الأزمة إلى مواجهة بين إيران والولايات المتحدة، وهو ما سعى له نتنياهو طيلة الفترة الماضية”.

وشدد على أن إيران يجب أن تتبنى سياسة أكثر حكمة وواقعية في التعامل مع القضايا الإقليمية والدولية، وألا تكتفي بالرفض والممانعة، بل يجب أن تسعى لتقديم خطة شاملة تؤثر إيجابا على مصيرها في الساحة الدولية.

إيران في مفترق طرق

في سياق حديثه، أضاف فلاحت بیشه أن إيران تحتاج إلى خطة شاملة بدلا من الممانعة المستمرة التي قد تؤدي إلى مزيد من الفوضى على الساحة الدولية. 

وحذر من أن غياب المبادرة الإيرانية في مواجهة الضغوط الخارجية قد يفتح المجال لزيادة التوترات العسكرية. وأوضح قائلا: “في الوقت الذي يرفع فيه العالم شعار المنافع الوطنية، نجد البعض داخل إيران يعمل على جلب الشر للسياسة الخارجية للبلاد، وهو ما يعزز من فرص التصعيد العسكري”.

وأضاف أن الوضع الراهن، خاصة في ظل الأزمات المستمرة، يجعل من الضروري على إيران أن تكون أكثر مرونة في التفاوض مع الأطراف الدولية. وقال: “إذا لم يكن هناك طرح عملي وشامل من قبل إيران، فإن المساحة ستكون مفتوحة أمام أطراف أخرى لاستغلال هذه الفجوة، وفي مقدمتها إسرائيل والولايات المتحدة”.

في حديثه عن العلاقات الإيرانية الأمريكية والإسرائيلية، أشار فلاحت بیشه إلى أن هناك مساعي من بعض الأطراف الخارجية لجر إيران إلى حرب على حساب مصالحها الوطنية. وأوضح أن هذا التحرك يهدف إلى إعادة تشكيل النظام العالمي الجديد عبر محاصرة إيران وتعزيز مصالح القوى الكبرى، وعلى رأسها الولايات المتحدة وإسرائيل. وقال: “عندما يتم الحديث عن التهديدات النووية الإيرانية في المنتديات الدولية، تصبح إيران في قلب النقاشات التي تتمحور حول الأمن العالمي، في حين أن الواقع بعيد تماما عن هذه التصورات”.

وأكمل: “ما يثير القلق أكثر هو استمرار التصعيد الإعلامي والسياسي ضد إيران، حيث أصبح من الواضح أن هناك من يسعى إلى تصوير إيران كعدو عالمي. هذه الصورة المبالغ فيها قد تساهم في خلق أجواء غير مواتية لأي نوع من الدبلوماسية”.

الضغوط الداخلية

كما أكد فلاحت بیشه دور السياسات الداخلية في تفاقم الأزمات الخارجية. فقد أوضح أن هناك جهات داخل إيران لم تساهم فقط في إضعاف السياسة الخارجية للبلاد، بل ساهمت في خلق مناخ من التوترات غير الضرورية. 

وذكر أن العديد من هؤلاء الأشخاص الذين ليس لديهم خبرة كافية في الشؤون الدولية قد أحدثوا تأثيرات سلبية على السياسة الخارجية الإيرانية. وأردف قائلا: “في السنوات الأخيرة، لم يعط المجال لطلاب كليات العلاقات الدولية في وزارة الخارجية الإيرانية لتولي المناصب الرئيسية في اتخاذ القرارات، وهذا جعل القرار السياسي الإيراني يعاني من نقص في الرؤية الدبلوماسية والعقلانية”.

الإيرانيون يرفضون الحرب

لكن في المقابل، هناك تحول إيجابي شهدته إيران مؤخرا. فقد بدأ يظهر نوع من الصحوة الوطنية “العميقة” بين الإيرانيين الذين يسعون لإيصال رسالة إلى العالم، مفادها أن إيران ليست ساعية للحرب. وقال فلاحت بیشه: “في هذا السياق، نحن نشهد خيرا جديدا من الإيرانيين الذين يعارضون التصعيد العسكري ويروجون للسلام”.

وأوضح أنه رغم التحديات الكبيرة، فإن هذا الاتجاه الوطني يعكس رغبة حقيقية لدى الشعب الإيراني في تفادي الحرب، مشيرا إلى أن مجموعة من الناشطين والمثقفين الإيرانيين أرسلوا رسالة إلى الأمين العام للأمم المتحدة ضد الحرب، مما يعكس التنوع الداخلي وتوافق الرؤى الوطنية ضد التصعيد.

وأشار إلى أن الإعلام الإيراني المستقل، إضافة إلى وسائل الإعلام الرسمية، قد لعبت دورا مهما في نشر ثقافة السلام والرفض للحروب. وأكد أن هذه الصحوة الوطنية يمكن أن تشكل أداة قوية في السياسة الخارجية الإيرانية، لتعزيز صورة إيران كداعم للسلام في منطقة الشرق الأوسط.

وأكد فلاحت بیشه أهمية إحياء الدبلوماسية الإيرانية بشكل يتماشى مع مصلحة الشعب الإيراني، حيث قال: “إيران بحاجة إلى استراتيجيات دبلوماسية جديدة توازن بين القوة والتفاوض، مع التركيز على تعزيز العلاقات الاقتصادية مع الولايات المتحدة إذا لزم الأمر”. وأضاف أن هذا المسار سيجنب إيران مزيدا من الصراعات ويضعها على طريق السلام بعيدا عن الفوضى الدولية.

اختتم حديثه قائلا: “إيران اليوم بحاجة إلى أن تبرز كداعم للسلام في العالم، وليس كطرف محاصر بالصراعات. إن الفرص لا تزال قائمة، لكننا بحاجة إلى خطة شاملة وعملية قبل فوات الأوان”.