- محمد علي
- 39 Views
ترجمة: يسرا شمندي
نشرت صحيفة اعتماد الإصلاحية، الأحد 1 يونيو/حزيران 2025، تقريرا ذكرت فيه أبرز ما تم نقاشه في حوار أجرته مع الناشط السياسي الإصلاحي هادي حقشناس، وعضو البرلمان السابق حشمتالله فلاحت بيشه، حول آفاق الاتفاق المحتمل بين إيران والولايات المتحدة، والمقترح الأمريكي الجديد ضمن إطار معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية (NPT).
هادي حقشناس: أسرع إنجاز يمكن أن يحققه ترامب هو التفاهم مع إيران
قال هادي حقشناس، حول آخر المستجدات المتعلقة بالمحادثات الثنائية بين إيران والولايات المتحدة ومدى اقتراب الطرفين من التوصل إلى اتفاق: إن ما يبدو واضحا هو أن أجواء المحادثات بين إيران وأمريكا باتت تحكمها استراتيجية عامة تقوم على أن الطرفين المشاركين في المفاوضات توصلا إلى نوع من المواقف المشتركة. وبالطبع، تحليلاتنا مبنية على الأخبار التي ينشرها الجانبان.
وأضاف أن النقطة الأساسية هي أن هناك إرادة سياسية من كلا الطرفين للتوصل إلى نتيجة. إلى جانب ذلك، فإن سلسلة الزيارات المتبادلة بين بعض الدول المجاورة وطهران تشير إلى وجود إجماع إقليمي حول الاتفاق، ومن الواضح أن هذا الإجماع الإقليمي قد يشكل أحد العناصر الأساسية للتفاهم.
وتابع أن هناك فرضيتان مهمتان في هذا السياق؛ الأولى أن إيران، بناء على فتوى المرشد الأعلى، لا تسعى لامتلاك سلاح نووي، إذ أن فتوى القائد تُحرّم هذا النوع من الأسلحة. أما النقطة الثانية، فهي مطلب الطرف المقابل من إيران. فالولايات المتحدة لديها خط أحمر واحد فقط، وهو ألا تتجه إيران نحو السلاح النووي.
أما باقي النقاط مثل وقف التخصيب بالكامل وغيرها، فهي تُطرح أساسا للاستهلاك الإعلامي أو لتأثيرها في الأوساط الداخلية لتلك الدول.
وصرّح بأن هذه الفرضيات التحليلية تُعزّز في الفضاء الإعلامي فرضية أن هناك إرادة جادة من كلا البلدين للتوصل إلى اتفاق. وإلى جانب هذه الفرضية، تؤكد المؤشرات المسجلة في الأسواق الاقتصادية هذا التوجّه نحو الاتفاق. ولا ينبغي أن ننسى أن الأسواق، بعد آخر موجة ارتفاع في سعر الصرف خلال الأشهر التي سبقت نهاية 2024، استقرت عند مستوى 80 ألف تومان (1.89 دولار أمريكي)، وشكّلت عند هذا الحد نوعا من التوازن.
وأكَّد أن مجمل التطورات العالمية، مثل النزاع بين روسيا وأوكرانيا، والتوتر بين الصين وتايوان، والتوترات بين الاتحاد الأوروبي وروسيا، والمشكلات بين الاتحاد الأوروبي والصين، إضافة إلى وعود ترامب بشأن ضم كندا كولاية أمريكية رقم 51… كلها تخلق ظروفا تجعل من التوصل إلى اتفاق أمرا لا مفر منه بالنسبة للولايات المتحدة. ويبدو أن التفاهم مع إيران هو أسرع إنجاز يمكن أن يحققه ترامب.
وعندما نضع هذه المعطيات والمعلومات إلى جانب بعضها، وندرس تفاعلات الأسواق، ونُقارنها بالزيارات المتعددة التي قام بها قادة دول الخليج العربي وعمان، فإن كل ذلك يشير إلى أن حدثا وشيكا قد يقع، من شأنه أن يؤدي إلى تحسّن في مسار المفاوضات.
وفي ما يتعلّق بما إذا كان الاتفاق بين إيران والولايات المتحدة بات وشيكا أو لا يزال بعيد المنال، أوضح أن من الصعب بطبيعة الحال إصدار حكم قاطع في السياسة قبل التوصل إلى اتفاق نهائي، غير أن المؤشرات الراهنة تدلّ على وجود تطور قادم من شأنه أن يخدم المصلحة الوطنية.


حشمت فلاحت بيشه: الاتفاق بين إيران وأمريكا لا يكون ذا معنى إلا في إطار معاهدة عدم الانتشار النووي (NPT)
وأشارت الصحيفة إلى أن هادي حقشناس يتحدّث بتفاؤل أكبر بشأن إمكانية التوصل إلى اتفاق، في المقابل، يتبنّى حشمت الله فلاحت بيشه مقاربة أكثر تشاؤما حيال مسار المفاوضات. حيث قال أعتقد أن ترامب بدأ يستعين من جديد بممثلين سبق أن استبعدهم من المفاوضات. وفي الواقع، هو يُعيدهم إلى المشهد الختامي لهذه المحادثات.
وأفاد بأن العصا الأولى التي يستخدمها ترامب هي إسرائيل، حيث يُكرر الحديث عن التهديد العسكري الإسرائيلي. أما التهديد الثاني فيتمثل في استخدام آلية الزناد من قبل الدول الأوروبية الثلاث، بينما يتمثل التهديد الثالث في جلسة مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية المقبلة. عمليا، يسعى ترامب عبر مفاوضاته مع الأوروبيين إلى إعداد مشروع قرار يمكن أن يدفع إيران نحو مجلس الأمن الدولي.
كل ذلك يُضاف إلى سياسة الضغط الأقصى التي يتبعها ترامب، حيث يفرض عقوبات جديدة على إيران بين جولة وأخرى من المحادثات.
وأبلغ أنه يجب أن نُطلق على هذا النوع من المفاوضات اسم مفاوضات تحت الضغط، وبطبيعة الحال، لا يمكن لأي طرف أن يتوصل إلى اتفاق عقلاني تحت الضغط. والحل الوحيد المتبقي هو التوصل إلى اتفاق مؤقت يُنهي حالة الحرب الباردة بين إيران وأمريكا، وهذا هو الاتجاه الذي تتبعه أمريكا في الأيام الأخيرة.
وأكمل أن تحليل الخطاب الأمريكي يُظهر مفاهيم خارج إطار الدبلوماسية؛ فترامب مثلا يتحدث عن تفجير أجزاء من المنشآت النووية الإيرانية، ويكرر حديثه عن القصف! وهذا المسار يُشير إلى أن المفاوضات في ظاهرها تتجه نحو الاتفاق، لكن في باطنها هناك نوع من الحرب الباردة تدور رحاها.
وأفصح أنه رغم تعدّد المؤشرات المتضاربة، أعتقد أن الخطة الوحيدة التي يُمكن أن تؤدي إلى اتفاق بين إيران وأمريكا، هي تلك التي تُبرم في إطار معاهدة عدم الانتشار النووي (NPT). فأي دولة عضو في هذه المعاهدة يمكنها الاستفادة من بعض الحقوق والامتيازات مقابل قبولها بمستوى معين من الرقابة. وأي فكرة تخرج عن إطار الـNPT لن تجد قبولا داخل إيران، وسيتم رفضها، كما أن فرص بقاء واستمرار مثل هذا الاتفاق ستكون ضعيفة جدا.
وأكَّد حشمت الله فلاحت بيشه، في معرض تعليقه على بعض المقترحات الجديدة، مثل المبادرة العُمانية المتعلقة بتحديد جدول زمني للتخصيب أو إنشاء كونسورتيوم نووي، أن فكرة تشكيل كونسورتيوم لتأمين الوقود النووي تُعد مقترحا جيدا من حيث المبدأ، لكنها تظل مرهونة بتعاون وثيق بين إيران ودول المنطقة، وهو إطار لم يتبلور بعد بشكل كامل.
وأضاف أن هذه الفكرة، رغم إمكاناتها، لا تُخرج المنطقة من دائرة التوتر الدائم، لاسيما في ما يتعلق بالعلاقات مع إسرائيل. أما بخصوص تعليق التخصيب لفترة محددة، فرأى أنه لا يمكن الحديث عن ذلك بثقة، في ظل غياب معايير واضحة تُحدد نطاق وحدود هذا التعليق.
وتابع أن فكرة التعليق طُرحت في ظرف دفاعي. فحينما لم يتمكّن كلّ من وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي والمبعوث الأمريكي في إدراة ترامب إلى الشرق الأوسط ستيف ويتكوف من التوصل إلى تفاهم، قدّم الطرف العُماني بعض المقترحات لتجنّب إعلان فشل المحادثات. وقد طُرحت فكرة التعليق في ذلك السياق. وهذا التعليق لا يمكن تنفيذه إلا في ظل شروط خاصة، ويجب أن لا يحرم إيران من حقوقها النووية.
وأفاد بأن التكاليف الباهظة التي تكبّدتها إيران في هذا المجال يجب أن تُعوّض. ومن الناحية الفنية، لا يمكن ببساطة إيقاف أجهزة الطرد المركزي. كما أن مسألة توفير الوقود النووي اللازم لإيران، ضمن خططها التنموية وربط التكنولوجيا النووية بمختلف مجالات الصناعة والإنتاج التكنولوجي، هي مسألة جدية.
وفي الختام، شدد على أن إمكانية التوصل إلى اتفاق في المدى القصير، في ظل هذه التعقيدات، لا تزال غير واردة. وأشار إلى أن الطريق الوحيد المتاح حاليا هو التوافق على نوع من الهدنة النووية، وتقوم على تجنّب تفعيل آلية الزناد، وتفادي الانزلاق نحو الحرب، وفتح المجال أمام التفاوض حول القضايا الفنية. ومن خلال هذا المسار، يمكن الحفاظ على الأمل في التوصل إلى اتفاق في المستقبل.
أما في غير ذلك، فمع وجود لاعبين مثيرين للاضطراب كالنظام الإسرائيلي، لا يُستبعد انحراف مسار الحوار. لكن في الوقت ذاته، فإن الإرادة المتبادلة لدى الطرفين لتحقيق اتفاق تبقى عنصرا مهما يُعزز فرص الوصول إلى تفاهم مشترك.