خبير إيراني: الوكالة تبالغ وتتجاهل التعاون الكامل لإيران

ترجمة: يسرا شمندي

أجرى موقع فرارو المعتدل، الأربعاء 4 يونيو/حزيران 2025، حوارا مع الخبير البارز في السياسة الخارجية والمحلل في الشؤون الدولية حسن بهشتي بور، حول تداعيات تقرير الوكالة الدولية للطاقة الذرية الأخير بشأن إيران، وتزامنه الحساس مع المفاوضات الجارية بين طهران وواشنطن.

الوكالة تقوم بتهيئة الأجواء ضد إيران من خلال التهويل والمبالغة.

قال حسن بهشتي بور إن رافائيل غروسي ملزم بتقديم تقرير كل ثلاثة أشهر إلى مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية بشأن آخر الأنشطة النووية الإيرانية، وذلك استنادا إلى تقارير يُعدّها مفتشو الوكالة. 

وأضاف أنه من المقرر أن يعقد مجلس المحافظين اجتماعه في 4 يونيو/حزيران 2025. وكما جرت العادة، يقدم غروسي تقارير مكتوبة حول الملف النووي لجميع دول العالم. ورغم أنه من المفترض أن يكون التقرير سريا، إلا أنه يُنشر أيضا على موقع الوكالة. وقد أثار التقرير الأخير كل هذه الحساسية لعدة أسباب.
وتابع أن السبب الأول هو أن غروسي أعدّ تقريرا استثنائيا وأعلن أنه استند في ذلك إلى القرار الصادر عن الوكالة في نوفمبر/تشرين الثاني 2024. وقد قامت بعض وسائل الإعلام الغربية، التي لديها اطلاع على ما يجري في مجلس المحافظين، بتسليط الضوء على أجزاء من هذا التقرير واستخدامه لتهيئة الأجواء ضد إيران. لذلك، فإن خصوصية هذا التقرير تشكل السبب الأول لهذه الحساسية.

أما السبب الثاني، الذي يتم الترويج له على نطاق واسع، فهو اقتراب موعد انتهاء الاتفاق النووي (برجام). فالدول الأوروبية، وخاصة ألمانيا وبريطانيا وفرنسا، تسعى لاستغلال تقرير غروسي لشن حملة تزعم أن إيران انتهكت الاتفاق النووي بشكل جسيم، وبالتالي ينبغي تفعيل آلية الزناد (السناب باك).

وصرَّح بقوله: “من وجهة نظري، فإن هذا التقرير يأتي في سياق التقارير السابقة وضمن الروتين المعتاد، لكن ما يميّزه هو تعدد التصريحات المختلفة والمتضاربة”.

وأفاد في ما يتعلق بالمواقع التي وصفتها الوكالة بأنها مواقع غير معلن عنها، والتي تم العثور فيها على كميات ضئيلة من اليورانيوم المخصب، فقد طالبت الوكالة إيران بتقديم توضيحات بشأنها. وأحد هذه المواقع كان يُشار إليه خطأ باسم مريوان، بينما الموقع الحقيقي هو آباده. كما أن موقعي تورقوزآباد ورامين كانا أيضا من بين المواقع الخلافية بين إيران والوكالة.

وذكر أنه في التقرير الجديد، أُعيد فتح ملفي شيان ولويزان، رغم أنه سبق أن تم إغلاق قضيتهما، وهذا أمر غريب. فعندما يُغلق ملف ما، لا ينبغي إعادة فتحه لمجرد أي ذريعة أو إطلاق مزاعم جديدة، خصوصا في ظل سعي الترويكا الأوروبية (ألمانيا، بريطانيا، فرنسا) لافتعال الذرائع.

وأوضح أن إيران قدمت بيانات بشأن جميع المواقع الأربعة التي أعلنت عنها الوكالة، إلا أن الأخيرة قامت بتهويل المسألة وتهيئة الأجواء ضد إيران.

قُوّضت جميع أشكال تعاون إيران مع الوكالة خلال السنوات الأخيرة

شرح بهشتي بور التهيئة الإعلامية التي تقوم بها الوكالة، وقال إن إيران سمحت طواعية للوكالة بإجراء تحقيقات. في عام 2018، وقدمت إسرائيل وثائق مزيفة إلى الوكالة، وبناء على تلك الوثائق طلبت الوكالة من إيران السماح بزيارة المواقع المزعومة. ولو كانت إيران قد ارتكبت مخالفة لما سمحت بالزيارة، وكان لها الحق في رفض ذلك والقول إن هذه الادعاءات لا أساس لها.

واستدرك بقوله: “لكن إيران أظهرت حسن النية، وفي عامي 2019 و2020 سمحت بالزيارة، ولم يكن هناك أي منشآت متعلقة بتخصيب اليورانيوم أو صناعة القنابل النووية في تلك المواقع. ففي آباده كان هناك أرض مستوية تماما، وفي تورقوزآباد كان هناك مبنيان صغيران فقط، وفي ورامين كان هناك مخزن لتخزين قطع الحديد الخردة، أما موقعا شيان ولويزان فتمت زيارات متعددة لهما ولم يُعثر إلا على جزيئات ضئيلة جدا من اليورانيوم”.

وأكّد أن هذه الجزيئات الضئيلة كانت مخصبة بأقل من 5 بالمئة، وإذا كانت مخصبة بنسبة 90 بالمئة لكان الأمر مثيرا للقلق والتساؤل. لكن منذ عام 2018 وحتى الآن، لا يزالون يلاحقون هذه القضية دون توقف.

وبيَّن أن الأمر المثير للاهتمام هو أن الوثائق التي ادعت إسرائيل امتلاكها تعود كلها إلى ما قبل عام 2003، أي أنه لم يُعثر على شيء يمكن الاعتماد عليه. وهذه الوثائق تعود إلى حوالي 22 عاما، وبالتالي فهي غير صالحة من الناحيتين الزمنية والقانونية. لذلك، فإن هذه التصرفات تُعدّ أكثر تهيئة سياسية منها قضائية أو فنية.

وفي ما يتعلق بالفقرة الخاصة بالمفتشين التي تشير إلى عدم تمكن بعض المفتشين من الوصول إلى المنشآت، فقد ذكر تقرير الوكالة نفسه أن المفتشين يزورون منشآت إيران باستمرار، ففي عام 2024 فقط، وحتى 31 ديسمبر/كانون الأول 2025، تم إجراء 274 زيارة تفتيشية بمشاركة 120 مفتشا.

وأبرز أن الإعلام الغربي لا يذكر هذه النقاط، بل يركز فقط على الجزء الذي يقول إن إيران قامت بتخصيب بنسبة 60% وزادت الكمية من 275 كيلوغراما إلى أكثر من 400 كيلوغرام، ويُروجون لفكرة أن إيران تريد صنع قنبلة نووية، في حين أن إيران ملتزمة تماما بالنظام الدولي للضمانات النووية تحت إشراف الوكالة.

وصرّح بأن إيران، خلال السنوات الماضية، فتحت أمام الوكالة 21 منشأة نووية، ومن أصل 682 عملية تفتيش أجرتها الوكالة حول العالم، وكان 493 منها في إيران، ما يُظهر بوضوح مستوى التعاون الواسع الذي قدمته طهران. وبناء على ذلك، فإن الادعاءات بشأن سعي إيران لصنع قنبلة نووية تفتقر إلى الأساس وتُعد غير صحيحة.

وأوضح أنه، رغم أن التخصيب يُعد أحد الشروط الأساسية لصنع القنبلة، فإن عملية تصنيعها تتطلب أيضا منشآت ومعدات متقدمة، مثل اليورانيوم المعدني، والذخائر الانفجارية التي تُفعّل عن بُعد. كما يجب أن تُصمَّم القنبلة بحيث لا تُلحق الضرر بصانعها، وأن تُنتج في الزمان والمكان المناسبين. وإذا قمنا بتقييم تقرير الوكالة بشكل محايد، نلاحظ أن كل هذا التعاون الكبير من إيران مع الوكالة تم تجاهله أو تقليله بشكل كبير.

وفي الختام أورد أن الإعلام الغربي يركز بشكل خاص على بعض أجزاء التقرير، مثل التخصيب بنسبة 60%.ويجب أن ننتظر لنرى هل سيصدر مجلس المحافظين قرارا في الاجتماع القادم أم لا، رغم أنني أعتقد أن وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي قد وجه رسالة حاسمة للوكالة.