- يارا حلمي
- 12 Views

ترجمة: يارا حلمي
أجرت وكالة أنباء “خبر أونلاين” الإيرانية المحافظة، المحسوبة على مكتب علي لاريجاني مستشار المرشد الأعلى علي خامنئي، الأربعاء 30 أبريل/نيسان 2025، حوارا مع علي بيكدلي، الخبير في الشؤون الدولية، ناقشت فيه فرص استئناف المفاوضات بين إيران وأوروبا في ظل ظروف دولية مواتية، ودور الخلافات الأوروبية الأمريكية في تعزيز استقلال القرار الأوروبي.
ذكرت الوكالة أن إيران يمكنها أن تحصد مزيدا من المكاسب عبر بدء الحوار مع أوروبا، وفي خريف العام الماضي أعلنت الترويكا الأوروبية استعدادها لتفعيل “آلية الزناد” المنصوص عليها في القرار 2231 الصادر عن مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، وذلك بهدف منع إيران من امتلاك السلاح النووي.
وأضافت أنه عقب هذا الإعلان، لم يبق الجهاز الدبلوماسي للجمهورية الإيرانية في موقف المتفرج، بل استأنف الحوار مع الطرف الأوروبي، ووضع الكرة في ملعب الدول الأوروبية الثلاث، إلى حدّ أن بعض الخبراء رأوا أن إيران، من خلال مبادرة اقتراح بدء الحوار مع أوروبا في جميع المجالات التي تشكل موضع قلق للطرفين، اتخذت مسار بناء الثقة من أجل خفض التوترات.
وأوضحت أنه مع وصول الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى السلطة وبدء مفاوضات 1+1 بين إيران والولايات المتحدة، بات الأوروبيون خارج دائرة المفاوضات وغابوا عنها، إلى درجة أنّ عراقجي اعتبر أن علاقات إيران الأخيرة مع الدول الأوروبية الثلاث شهدت العديد من التقلبات، وهي حاليا تمرّ بمرحلة هبوط.
وأشارت إلى أن عراقجي أضاف أيضا: “بعد مشاوراتي الأخيرة في موسكو وبكين، أنا مستعد لاتخاذ الخطوة الأولى من خلال زيارة باريس وبرلين ولندن”، أما الآن، فقد طلبت الدول الأوروبية الثلاث عقد لقاء مع عراقجي على هامش المفاوضات المقبلة بين إيران والولايات المتحدة في روما”.
وتابعت أنه عراقجي أعلن على هامش اجتماع مجلس الوزراء، عن لقاء مرتقب يوم الجمعة مع الدول الأوروبية الثلاث: ألمانيا وفرنسا وبريطانيا.
نص الحوار:

ما الهدف من عودة أوروبا إلى المفاوضات النووية مع إيران، وهل طرأ تغيير على نهجها مقارنة بالماضي؟
من المتوقع أنه قبل التوصل إلى اتفاق مع الولايات المتحدة، ينبغي لإيران أن تبلغ تفاهما مع أوروبا، وبما أن المفاوضات باتت تجري بالتوازي الآن، فإن الظروف تسير لصالح إيران، ويمكن لهذا الوضع أن يمنح طهران ميزة في مفاوضاتها مع الأوروبيين.
وإذا ما جرت هذه المباحثات، وأعلنت أوروبا استمرار مشاركتها في جلسات إيران والولايات المتحدة، من الأفضل أن تُعقد هذه اللقاءات بشكل منفصل أيضا، وعموما، هذه المفاوضات جاءت في توقيت مناسب للغاية، ويمكن أن تحقق مصالح متبادلة.
في الوقت الراهن، تتفاوض إيران مع الولايات المتحدة من موقع أقوى، وهناك فرصة للوصول إلى نقطة تفاهم مع أوروبا أيضا، لكن لا بد من الالتفات إلى أن الخلافات بين إيران وأوروبا لا تقتصر على ما يتعلق بـ”آلية الزناد”، بل تمتد أيضا إلى بعض العقوبات الأخرى، التي ينبغي أن تُرفع.
والواقع أن الظروف الحالية ملائمة تماما للتوصل إلى تفاهم مع أوروبا، ويُنتظر من وزارة الخارجية أن تستثمر هذه الفرصة على النحو الأمثل.
من جانب آخر، يتطلع الأوروبيون أنفسهم إلى خفض التوتر في منطقة الشرق الأوسط. فمثلا، وفق الإحصائيات المتوفرة، تواجه فرنسا انخفاضا بنسبة تقارب 9% في معدلات التوظيف، وتضخما يبلغ حوالي 2.5%. هذا الوضع الاقتصادي المتأزم يدفع أوروبا إلى العمل على تهدئة الأوضاع في الشرق الأوسط من أجل تحسين مناخ الاستثمار.
لذلك، فإن التوقيت الحالي للمفاوضات يعد ملائما للغاية، ومن الضروري التوصل إلى نتائج في أسرع وقت ممكن.
ما تأثير مفاوضات عمان على موقف أوروبا في التعامل مع إيران؟ وهل فتحت هذه المفاوضات مسارا جديدا للحوار؟
مفاوضات عمان حتى الآن تصب في مصلحة إيران، وكلا الطرفين، الإيراني والأمريكي، أبدى استعداده لحل الخلافات عبر المسار الدبلوماسي، وهذا يصب في مصلحة طهران، وانطلاقا من هذه الظروف، تستطيع إيران أن تحقق مكاسب إضافية عبر فتح حوار مع أوروبا.
وقد بات موقع إيران في المفاوضات أقوى، لا سيما أن مسؤولين إيرانيين، من بينهم وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي، أكدوا في السابق على جهوزية إيران للتفاوض مع الدول الأوروبية.
كيف كان ردّ فعل إيران على محاولات أوروبا الانضمام إلى المفاوضات؟ وهل رحّبت طهران بهذه الخطوة أم طرحت شروطا معينة؟
سبق أن أعلن عراقجي رغبته في الحوار مع أوروبا، كما أن حجم الخلافات بين إيران والدول الأوروبية، سواء على المستوى الداخلي أو الدولي، يبقى أقل بكثير من تلك القائمة مع الولايات المتحدة، ما يجعل إمكانية التوصل إلى اتفاق مع أوروبا أسرع وأكثر واقعية.
كما أن اقتراب موعد 18 أكتوبر/تشرين الأول 2025، الذي تنتهي فيه مدة القرار 2231، يدفع كلا الطرفين، إيران وأوروبا، إلى إظهار رغبة مشتركة في بدء المفاوضات في أقرب وقت.
ورغم ذلك، تبقى الخلافات بين طهران وأوروبا أكثر تنوعا، لا سيما في ما يتعلق بالمسائل الصاروخية وبعض الاتهامات مثل دعم الجماعات شبه العسكرية، غير أن تاريخ التعاون السابق بين إيران وأوروبا في الملف النووي يشكل أرضية مناسبة لتقدّم هذه المباحثات.
هل تمتلك أوروبا الأدوات والنفوذ الكافي لدفع اتفاق جديد مع إيران، وما دور أزمة أوكرانيا في هذا السياق؟
أعلنت فرنسا، التي تتولى حاليا الرئاسة الدورية للاتحاد الأوروبي، مؤخرا، أنها مستعدة للتراجع عن بعض المواقف في عدد من القضايا، ما يُظهر أنها تخضع لضغوط دولية، من بينها ضغوط أمريكية وتصريحات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.
وتسعى أوروبا في هذا السياق إلى إغلاق الملفات المتوترة، مثل أزمة أوكرانيا والملف الإيراني، في أسرع وقت ممكن.
وفي الوقت ذاته، تواجه أوروبا خلافات داخلية بشأن مواصلة الدعم لأوكرانيا، ما دفعها إلى تحويل تركيزها نحو ملفات أخرى، من بينها الملف الإيراني.
ويُؤمَل أن تُحل قضايا مثل إدراج الحرس الثوري على لوائح العقوبات من خلال الحوار، ورغم تعدد نقاط الخلاف، فإن العلاقات السابقة بين إيران وأوروبا أكثر شفافية وأقل عدائية مقارنة بعلاقة طهران بواشنطن، ما يمكن أن يُمهد الطريق نحو اتفاق.
وبالنظر إلى الخلافات القائمة بين الولايات المتحدة وأوروبا حول الملف النووي الإيراني، هل تستطيع أوروبا اتباع مسار مستقل؟
رغم أن أوروبا، مثل الولايات المتحدة، وافقت في إطار “الاتفاق النووي” على السماح لإيران بتخصيب اليورانيوم ضمن حدود 3.67%، فإن أغلب الخلافات الأمريكية مع طهران تستند إلى تصريحات سياسية، مثل تلك التي يدلي بها رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو، والتي تهدف في الأساس إلى الضغط على إيران، دون أن تستند إلى أسس قانونية أو فنية واضحة.
ويُرجى أن يُتاح خلال اللقاء المقبل بين إيران وأوروبا مناخ أكثر مرونة، بما يسمح بتقليص الخلافات المتبقية، ولا يزال هناك متسع من الوقت قبل حلول أكتوبر/تشرين الأول لحل هذه القضايا العالقة.
ما التحديات الرئيسية التي تواجه أوروبا في المفاوضات النووية مع إيران؟ وكيف يمكن التغلب عليها؟
تشمل أبرز التحديات مسألة تخصيب اليورانيوم، والرقابة على البرنامج الصاروخي الإيراني، والعقوبات المفروضة على مؤسسات وهيئات مختلفة، من بينها الحرس الثوري الإيراني.
ومع ذلك، تبدو هذه القضايا قابلة للحل، خصوصا أن أوروبا أكثر حرصا من الولايات المتحدة على الحفاظ على الاتفاق وتقليل التوترات.
وفي حال أبدت أوروبا رضاها عن مستوى التخصيب الإيراني الحالي بما يتوافق مع الاتفاق السابق، فإن ذلك قد يمهد الطريق نحو تفاهم جديد، ويبدو أن أجواء المفاوضات في الوقت الراهن مناسبة نسبيا، وفي حال انطلاق المحادثات رسميا، فإن إمكانية التوصل إلى اتفاق تبقى واردة.