- زاد إيران - المحرر
- 28 Views
ترجمة: دنيا ياسر نورالدين
نشرت وكالة أنباء “خبر أونلاين” الإيرانية المحافظة في تقرير لها، الخميس 10 أبريل/نيسان 2025، تصريحات مهدی زارع، الأستاذ في معهد البحوث الدولية لعلم الزلازل والهندسة الزلزالية، في حوار أجرته معه حول تأثير أنشطة استخراج النفط على الزلازل في جنوب الخليج العربي، حيث أشار إلى أن الفوالق تحت الضغط قد تؤدي إلى حدوث زلازل نتيجة التغيرات في ظروف الضغط تحت السطح.
قال زارع إن السبع هزات الأرضية المتتالية التي ضربت جنوب الخليج العربي وتحديدا على الحدود بين السعودية وقطر، أطلقت ناقوس الخطر في منطقة تعد قلب إنتاج النفط والغاز في العالم. ويرى أن هذه الأحداث الزلزالية ليست بمعزل عن أنشطة استخراج الهيدروكربونات، محذرا من أن الفوالق الواقعة تحت الضغط في المنطقة قد تنتج زلازل أقوى إذا ما استمرت هذه العمليات على الوتيرة ذاتها.

تنبؤات بوقوع زلازل
أشار “زارع” إلى أن حدوث سبع هزات أرضية تراوحت شدتها بين 4 و5 درجات في جنوب الخليج العربي وعلى الحدود السعودية القطرية في الفترة بين 1 مارس/آذار 2025 و5 أبريل/نيسان 2025، قد يكون مرتبطا بشكل وثيق بعمليات استخراج النفط والغاز.
رجح “زارع” أن استخراج الهيدروكربونات بالقرب من فالق نشط في صخور القاعدة على الحدود بين السعودية وقطر، يمكن أن يغير من حقول الإجهاد تحت سطح الأرض ويعيد تنشيط الفوالق الكامنة، مما يتسبب في حدوث زلازل.
المخاطر الزلزالية المحرضة في المنطقة
يقوم الأستاذ المختص في علم الزلازل بتفحّص البنية الجيولوجية للمنطقة بدقّة، ويشير إلى ما يلي: “الصدوع العميقة في الأساس الكريستالي الجوفي (في الصفيحة العربية) حساسة للتغيرات في الإجهاد (المقصود هو أن هذه الصدوع تكون قريبة من نقطة الانزلاق أو الكسر)، وتقع هذه المنطقة على الصفيحة العربية، وتضم صدوعا تحت الأرض ترتبط بالتضاريس الجبلية لزاكروس (جبال زاكروس هي سلسلة جبلية تمتد من جنوب غربي إيران على طول الحدود مع العراق) وبانفتاح البحر الأحمر”.
وقال إن “حقل الغَوار في المملكة العربية السعودية وحقل الغاز الشمالي في قطر من أكبر خزانات الهيدروكربونات في العالم، وإن بعض الصدوع في هذه المنطقة ربما تحدث تحت ضغط كبير، مما يعني أن حتى التغيرات الطفيفة في الضغط يمكن أن تؤدي إلى انزلاقات”.

ويشرح “زارع” آلية الزلازل التحريضية بتفاصيل علمية: “سبع زلازل وقعت في مارس/آذار -أبريل/نيسان 2025 نتيجة زيادة الإنتاج/الحقن بالتزامن مع زيادة في الاستخراج أو تصريف المياه العادمة (مثلا، من التكسير أو تعزيز استخلاص النفط)، مما أدى إلى زعزعة استقرار صدع مجاور. إذا جرت العمليات بالقرب من صدع انزلاقي أو عكسي، فقد يؤدي انتقال الإجهاد إلى وقوع زلازل متوسطة الشدة (بقوة M4-M6). أحيانا، تحدث الزلازل التحريضية بعد أشهر أو حتى سنوات من بدء العمليات بسبب التغير التدريجي في الإجهاد”.

زلازل محرضة
أشار التقرير إلى أنه لم يتم تسجيل أي حالة موثقة حتى الآن لزلزالية محرضة كبيرة ناتجة عن زلزال متوسط في المملكة العربية السعودية وقطر. ومع ذلك، فإن خطر حدوث زلازل مستحثة يظل قائما عندما تتوقف عمليات الاستكشاف والاستخراج بالقرب من الصدوع الواقعة تحت الضغط.
ذكر التقرير أن الزلازل الخفيفة إلى المتوسطة التي تتراوح بين 3 و5 درجات، قد تتسبب في أضرار في البنية التحتية وخطوط الأنابيب والمنصات البحرية. أما الزلازل التي تصل إلى 6 درجات، فقد تحدث في حالة تنشيط أحد الصدوع الرئيسية في صخور القاعدة، مما قد يهدد مدنا مثل الدمام والدوحة.
على الرغم من أن منطقة السعودية وقطر لم تشهد بعدُ زلازل كبيرة ناتجة عن هذه الأنشطة، فإن التفاعل بين الصدوع النشطة والأنشطة الهيدروكربونية المكثفة يزيد من هذا الخطر.
وشدد التقرير على أهمية الوقاية، محذرا من أنه في حال توقف عمليات الإنتاج أو الحقن بالقرب من الصدع الذي يتعرض لضغط حرج، فإن من المتوقع حدوث زلزال في مارس/آذار وأبريل/نيسان 2025. ولمنع حدوث مثل هذه السيناريوهات، من الضروري القيام بمراقبة وتقييم المخاطر.
بصمات العوامل الطبيعية والبشرية في حدوث الزلازل
قال التقرير إن إطار منطقة الزلازل في شرق المملكة العربية السعودية وقطر والبحرين يتشكل من تفاعلات معقدة بين عدة صفائح تكتونية، أبرزها الصفيحة العربية وصفيحتا أوراسيا وأفريقيا المحيطة بها.
وفي توضيحه للوضع التكتوني لهذه المنطقة، يقول “زارع” إن هذه المنطقة نظرا إلى موقعها الجيولوجي تضم أنظمة فوالق رئيسية وأنشطة إنتاج النفط والغاز، مما يجعلها تشهد نشاطا زلزاليا في المنطقة الشرقية من المملكة العربية السعودية وضمن ذلك قطر والبحرين، تقع على طول حدود الصفيحة العربية. وتتحرك الصفيحة العربية بمعدل تقريبي يبلغ 20 ملم سنويا نحو الشمال بالنسبة لإيران وصفيحة أوراسيا، وهذه الحركة تنتج قوى ضغط تتسبب في حدوث النشاط الزلزالي في المنطقة.

الصفائح العربية تتحرك نحو إيران
يواصل “زارع” تقديم تفاصيل إضافية حول الهياكل الفالقية في المنطقة، قائلا إن هذه المنطقة تحتوي على أنظمة فالقية مهمة مثل فالق البحر الميت في الحدود الغربية المتجه شمالا وفوالق امتداد انزلاقية متصلة بسلسلة جبال زاكروس في الشمال الشرقي، هذه الفوالق تنظم الحركة بين الصفائح التكتونية
ويضيف أنه يمكن ربط الزلازل في هذه المنطقة بكل من العمليات التكتونية الطبيعية والعوامل البشرية المرتبطة بأنشطة استخراج النفط، وأن المنطقة تتميز بعدة خصائص جيولوجية مهمة، من ضمنها الفوالق النشطة التي تلعب دورا هاما في سلوكها التكتوني والزلزالي.
الفوالق الرئيسية وتركيز الإجهاد
يوضح “زارع” تأثير الأنشطة الصناعية من خلال ذكر أمثلة ملموسة في شرق المملكة العربية السعودية، تم تحديد عدة فوالق أصغر، ولكن فالق الحسا، قرب واحة الحسا، قد شهد أحداثا زلزالية تاريخية. أما فالق القطيف بالقرب من القطيف، فقد أظهر علامات نشاط، وقد يؤثر على الزلزالية المحلية. أما قوس قطر فهو هيكل يؤثر على الجيولوجيا تحت السطحية في قطر، حيث إن تشكيل هذه القوس الهيكلية التي تعد جزءا من الهيكل الكبير للصفائح القاعدية بين قطر وكازرون يؤدي إلى تركيز إجهاد موضعي على طول الفوالق الموجودة
يرى “زارع” استنادا إلى السجل الزلزالي وتحليل الأنماط في المنطقة، أن الزلازل غالبا ما تحدث في شكل مجموعات أو توالي بسبب تراكم الإجهاد على طول هذه الفوالق السجلات التاريخية، تظهر أنه بينما الزلازل الكبرى نادرة نسبيا إلا أن الاهتزازات الأصغر بسبب العمليات التكتونية المستمرة شائعة
ويقول إن البيانات التاريخية تظهر أن الزلازل في هذه المنطقة تحدث عادة في شكل مجموعات أو توالٍ بدلا من أحداث معزولة، مما يعكس تفاعلا معقدا بين الهياكل الجيولوجية المحلية. استخراج الهيدروكربونات في شرق المملكة العربية السعودية مرتبط بالزلازل المحرضة، وعمليات استخراج النفط يمكن أن تؤدي إلى تغييرات في الظروف الضغط تحت السطحية، مما قد يتسبب في توليد وتحفيز الزلازل الصغيرة.
وتابع أنه تم تسجيل أحداث زلزالية بالقرب من حقول النفط الرئيسية مثل حقل الغوار، حيث يمكن أن تؤثر عمليات استخراج السوائل على ظروف الإجهاد المحلية.
ومع النظر إلى العواقب المحتملة، يذكر “زارع” بضرورة اتخاذ إجراءات فورية حيث يستنتج قائلا: ” تقوم هيئة المساحة الجيولوجية في المملكة العربية السعودية بمراقبة الأنشطة الزلزالية المرتبطة بمناطق إنتاج النفط بشكل نشط، وتظهر البيانات الناتجة عن هذه الجهود الرقابية وجود علاقة بين فترات استخراج الهيدروكربونات المكثفة وزيادة الحوادث الزلزالية”.
وأشار إلى إن الزلزالية التكتونية في شرق المملكة العربية السعودية وقطر والبحرين تتكون من تفاعلات معقدة بين الصفائح التكتونية، مما يؤدي إلى حدوث أنشطة زلزالية كبيرة.