خبير ايراني: فرص نجاح المفاوضات بين إيران وأمريكا كبيرة

ترجمة: يارا حلمي 

أجرت وكالة أنباء “خبر أونلاين” الإيرانية المحافظة، المحسوبة على مكتب علي لاريجاني مستشار المرشد الأعلى علي خامنئي، الأربعاء 9 أبريل/نيسان 2025، حوارا مع علي رضا سلطاني، الخبير البارز في السياسة الخارجية والعلاقات الدولية، ناقشت فيه المفاوضات المحتمل انطلاقها بين إيران والولايات المتحدة السبت 12 أبريل/نيسان 2025، وتوقعاته لنتائجها.

ذكرت الوكالة أن رئيس الولايات المتحدة دونالد ترامب، قال الاثنين 7 أبريل/نيسان 2025، في لقائه مع بنيامين نتنياهو، رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي، بالمكتب البيضاوي للصحفيين، إن أمريكا بصدد التفاوض مع إيران، وإنه من المقرر عقد محادثات يوم السبت 12 أبريل/نيسان 2025، على أعلى مستوى سياسي في عُمان. 

وتابعت أنه في صباح اليوم التالي، أكد وزير الخارجية الإيراني، عباس عراقجي، بدء المفاوضات يوم السبت، مشددا على أن المفاوضات غير مباشرة. 

نص الحوار:

قالت بعض المصادر الرسمية إن مفاوضات إيران والولايات المتحدة ستبدأ يوم السبت 12 أبريل/نيسان 2025، فكيف تتوقع نتائج المفاوضات؟

إن بداية المفاوضات بين إيران والولايات المتحدة تعتبر حدثا إيجابيا لكل من البلدين، بعيدا عن النتائج والإنجازات النهائية لهذه المفاوضات، التي أعتقد أنها ستكون عملية مستمرة وطويلة، فإن الإنجاز الأدنى والسريع لهذا الحوار هو أن الطرفين ابتعدا عن مرحلة المواجهة العسكرية والصراع الشديد، وهذا يعد أهم إنجاز لمفاوضات يوم السبت.

كما أن حضور كبار المسؤولين في كلا البلدين على مستوى وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي والمبعوث الخاص للرئيس الأمريكي دونالد ترامب (ستيف ويتكوف) في هذه المفاوضات يشير إلى أن الطرفين يمتلكان الإرادة اللازمة للتوصل إلى اتفاق، أو على الأقل للبدء وإنهاء مفاوضات جادة. 

وهذا يمثل رسالة إيجابية ومفيدة للأسواق الداخلية والدولية، لذلك، إذا أردنا تقييم المفاوضات وفق أي معيار، فإن مفاوضات يوم السبت تعتبر مفاوضات هامة وحاسمة بالنسبة لإيران، والولايات المتحدة، والمنطقة، وحتى العالم، وهذه المفاوضات تساهم حاليا في إزالة شبح الحرب عن البلدين والمنطقة، وهذا يمثل إنجازا كبيرا يمنح البلدين فرصة للتفكير والتأمل بشكل أكبر.

أكدت أن الجولة الجديدة من المفاوضات ستكون عملية مستمرة؛ هل يمكنك توضيح ذلك أكثر؟

إيران والولايات المتحدة سيدخلان هذه الجولة من المفاوضات بهدفين مختلفين: فالولايات المتحدة تسعى لإجراء مفاوضات جادة والوصول إلى اتفاق سريع، بينما تسعى إيران للتحقق من صدق العرض الأمريكي لدخول المفاوضات المباشرة. 

لذلك، قد يواجه الطرفان تحديات في بداية المفاوضات، ولكن هذه التحديات لن تكون جادة، ومن المرجح أنه نظرا إلى تعقيد وتنوع الموضوعات وعلاقتها ببعضها البعض، سيتوصل الطرفان إلى اتفاق مبدئي حول موضوعين. 

الأول هو إجراء المفاوضات بشكل مباشر، وهو ما ترغب فيه الولايات المتحدة، والثاني هو طول مدة المفاوضات واستمرارها، وهو ما تفضله إيران، في الواقع، سيلاحظ الطرفان أنه أولا، لا فائدة للمفاوضات غير المباشرة ويجب أن تكون المفاوضات مباشرة، وثانيا، أن المفاوضات بين إيران والولايات المتحدة والتوصل إلى اتفاق، بالنظر إلى عمق التحديات وتنوع الموضوعات، تحتاج إلى وقت أطول وإعطائها مزيدا من الوقت.

هل تتعارض المفاوضات الطويلة مع نهج ترامب في تحديد مدة شهرين للوصول إلى اتفاق سريع؟

كما تم ذكره، ستدفع طبيعة المفاوضات الطرف الأمريكي إلى إدراك أن حل جميع القضايا بين إيران والولايات المتحدة لن يكون سريعا وقصير المدى، على الرغم من أن التجربة أثبتت أن المفاوضات الطويلة دون تحديد موعد نهائي محدد لن تكون مفاوضات ناجحة أو مثالية، فإن مصلحة إيران والولايات المتحدة والدول الثالثة تكمن في أن إيران والولايات المتحدة يجب أن يتوصلا إلى نتيجة واتفاق سريع عكس المفاوضات السابقة بشأن الاتفاق النووي.

 على الرغم من أن الإصرار على التوصل إلى اتفاق سريع قد يعرض المفاوضات لخطر الفشل بسبب تمسك الطرفين بمطالبهم، فإن الحقيقة هي أن المفاوضات الطويلة سيكون لها تحدياتها الخاصة وقد تفقد فعاليتها، إضافة إلى ذلك، خلال المفاوضات ستظهر أحداث وعوامل جديدة قد تؤثر على سير المفاوضات ونتائجها، وربما تعرضها للخطر.

 في بداية الحكومة الإيرانية السابقة، كان هناك تقدم جيد في المفاوضات، وكانوا على وشك التوصل إلى اتفاق، لكن هجوم روسيا على أوكرانيا وخطأ حسابي من قبل إيران حالا دون التوصل إلى اتفاق نهائي.

 في الوقت الحالي، ومع وجود أطراف مثل إسرائيل ونتنياهو الذين ليس لديهم سياسة ثابتة ومنهجية، وكذلك روسيا، لا يمكننا أن نكون متفائلين كثيرا بشأن نتيجة المفاوضات الطويلة بين إيران والولايات المتحدة، حيث إن مصالح الطرفين تكمن في الوصول إلى اتفاق في إطار زمني معقول ومنطقي، وليس شهرا واحدا أو عدة سنوات.

هل تتوقع الوصول إلى اتفاق في وقت قصير؟

فرصة الوصول إلى اتفاق نهائي في فترة زمنية قصيرة، مثل شهر أو شهرين، ضئيلة، لكن هذا لا يعني أنه لن يكون هناك اتفاق جزئي أو مرحلي بين الطرفين، وقد يحدث اتفاق على فترة زمنية محددة للوصول إلى اتفاق نهائي، إضافة إلى اتفاق مبدئي حول بعض المواضيع لإثبات التزام الطرفين بالمفاوضات.

وفي هذا الصدد، يمكن الإشارة إلى اتفاق حول التعاون الأكثر فعالية وجدية بين إيران والوكالة الدولية للطاقة الذرية لمراقبة الأنشطة النووية الإيرانية، أو توقف إيران طوعا عن تخصيب اليورانيوم إلى مستوى معين بموافقة الوكالة الدولية للطاقة الذرية، إضافة إلى توقف عملية تشديد العقوبات الاقتصادية على إيران، ومنح بعض الإعفاءات مثل تصدير الغاز والكهرباء إلى العراق، وفي أفضل الحالات، قد يشمل ذلك إطلاق بعض الأموال الإيرانية المجمدة في دول مثل قطر من قبل الولايات المتحدة.

هل من المحتمل أن يفشل الطرفان في المفاوضات واللجوء إلى العمل العسكري في هذه المرحلة؟

في عالم السياسة، لا شيء أكيدا أو حتميا، هناك احتمال للفشل في المفاوضات، ولكن هذا الاحتمال يعتبر ضئيلا؛ نظرا إلى إرادة الطرفين في بدء المفاوضات والظروف السياسية والاقتصادية والأمنية الصعبة التي يواجهونها.

إيران والولايات المتحدة عموما لا ترغبان في الصراع العسكري ولا تؤمنان به، لأنه لا أحد سيخرج منتصرا من هذا الصراع، بل سيستفيد منه بعض الأطراف الثالثة مثل إسرائيل وروسيا، لذا، يبدو أنه عمليا، إيران والولايات المتحدة في هذه المرحلة لا يسعيان إلى المواجهة العسكرية على الرغم من السياسات المعلنة، وسيسعيان للوصول إلى نتائج ملموسة عبر المفاوضات. 

كيف تقيّم دور العوامل والعناصر الإقليمية والدولية الثالثة في المفاوضات المقبلة مقارنة بمفاوضات الاتفاق النووي الإيراني، ومدى تأثيرها الإيجابي أو السلبي؟

على الرغم من أن الوضع السياسي والأمني في المنطقة بعد 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 أصبح أكثر حساسية وغير مستقر وخطرا مقارنة بفترة مفاوضات الاتفاق النووي الإيراني، فإن هذا الوضع يعزز احتمالية التوصل إلى اتفاق بين إيران والولايات المتحدة من أجل تجنب المواجهة العسكرية الشاملة التي ستجر المنطقة بأكملها إلى حرب.

 في الوقت نفسه، مقارنة بفترة الاتفاق النووي، أصبح دور العوامل الثالثة المعرقلة في عملية المفاوضات أقل وأضعف، عكس الفترة السابقة، فإن الدول العربية في المنطقة هذه المرة تدعم التوصل إلى اتفاق ومنع الحرب بين إيران والولايات المتحدة، بينما كانت تسعى في السابق لإعاقة المفاوضات. 

أما بالنسبة لإسرائيل، على الرغم من أنها بالتأكيد غير راضية عن المفاوضات والاتفاق بين إيران والولايات المتحدة بل ومعارضة لها، فإنها حاليا تحت سيطرة ترامب ولا تمتلك القدرة على التدخل أو التأثير على المفاوضات كما في السابق، على الرغم من أن الولايات المتحدة بالتأكيد تأخذ مصالح إسرائيل بعين الاعتبار في أثناء المفاوضات مع إيران.

 لذلك، يبدو أن الوضع الإقليمي يصب في صالح المفاوضات، أما على المستوى الدولي، فإن أوروبا أيضا تدعم المفاوضات والتوصل إلى اتفاق.

 وفي هذه الأثناء، يبدو أن الصين، نظرا إلى الاتفاقات السابقة مع دول المنطقة، ستدعم التوصل إلى اتفاق وترى أنه يصب في صالح استقرار المنطقة ومصالحها، أما روسيا، فهي البلد الوحيد غير القابل للتنبؤ به، حيث إنه في ظل الوضع الغامض للحرب في أوكرانيا، لا يمكن الاعتماد على سياساتها المعلنة بشأن المفاوضات بين إيران والولايات المتحدة. 

في حال توصلت المفاوضات بين إيران والولايات المتحدة إلى اتفاق، ما أبعاد هذا الاتفاق؟ وما الإنجاز الذي تتوقعه من هذه المفاوضات؟

الإجابة عن هذا السؤال صعبة بعض الشيء. القضية هنا هي أن كلا من إيران والولايات المتحدة بحاجة إلى المفاوضات، ويسعيان إلى ذلك.

 المهم هنا هو أنه على الرغم من التوقفات والعقبات، فإن المفاوضات بين إيران والولايات المتحدة قد بدأت أخيرا، وهذا بحد ذاته إنجاز كبير، وهذا ما يظهر بوضوح من رد فعل الأسواق الداخلية في إيران، التي تعد دائما مؤشرا مهما ومطمئنا حول مسار التحولات السياسية المستقبلية. 

من المتوقع أن تتحول المفاوضات إلى شكل مباشر في وقت قريب، وربما تكون مباشرة منذ البداية، مع الحفاظ على الشكل غير المباشر في الظاهر، لكن هذا لا يبدو جادا. 

من تصريحات المسؤولين الإيرانيين الذين لم يرفضوا تماما فكرة المفاوضات المباشرة، وأيضا من تأكيدات ترامب، يتضح أن المفاوضات المباشرة ستكون هي الحال، لذا ستكون المفاوضات المباشرة هي الإنجاز الثاني. 

أما الإنجاز الثالث سيكون احتمال التوصل إلى اتفاق أولي في المجال النووي، كما تمت الإشارة إليه في الأسئلة السابقة، ويهدف إلى إبقاء المحادثات مستمرة. 

وأخيرا، يمكن الإشارة إلى الإنجاز الرابع، وهو التوصل إلى اتفاق شامل ونهائي لحل القضايا الإقليمية والدولية بين إيران والولايات المتحدة، لذا، يمكن أن نكون متفائلين بشأن المفاوضات ونتائجها.