- زاد إيران - المحرر
- 19 Views
نشرت صحيفة فرهيختكان الأصولية، يوم الاثنين 16 يونيو/حزيران 2025، تقريرا ذكرت فيه تصريحات الخبير السياسي الإيراني سجاد طباطبائي، في حوار أجرته معه حول الدور الذي لعبته الدول الغربية في التمهيد للعدوان الإسرائيلي على إيران، وتحليل ردّ طهران المدروس على هذا العدوان.
طالدول الأوروبية كشفت عن وجهها الحقيقي في العدوان الإسرائيلي على إيران”
نقلت صحيفة فرهيختكان عن طباطبائي، قوله إن ذريعة بدء الهجوم على إيران كانت قرار مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وأضاف أنه “من الناحية السياسية، يمكن القول إن هناك أرضية أدّت إلى هذا الحدث. ففي الأسبوع الماضي، شهدنا مناقشة في مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية، حيث قدّم المدير العام تقريرا إلى المجلس حول البرنامج النووي الإيراني”.
وتابع أنه “لأول مرة منذ عام 2015، أعاد المدير العام فتح ملفات تتعلق بالماضي النووي الإيراني، والتي كانت محل خلاف وغموض، مما وضعنا عمليا في موضع الاتهام بعدم الالتزام باتفاقية الضمانات ومعاهدة عدم الانتشار النووي (NPT)”.
وصرَّح بأنه لاحقا، قامت الدول الأوروبية والولايات المتحدة بصياغة وتمرير قرار في مجلس المحافظين، بهدف اتهام إيران بالانحراف في برنامجها النووي، ومنح شرعية للادعاءات التي كان النظام الإسرائيلي يرددها منذ سنوات، وهي أن إيران تسعى لتحويل برنامجها النووي إلى طابع عسكري.
وأردف أنه في ضوء الوثائق التي أعلنت عنها وزارة الاستخبارات خلال الأسبوع الماضي، والتي قالت إنها تم تهريبها من الأراضي المحتلة، وتُظهر وجود تواصل بين المدير العام للوكالة الدولية والنظام الإسرائيلي، وتبادلا للمعلومات بينهما، فإن هذا يكشف عن دلالات عميقة.
وأوضح أن هذا الأمر يبرز أن هناك عملية سياسية على المستوى الدولي جارية تهدف إلى خلق شرعية وذريعة للعدوان العسكري الذي شنّه النظام الإسرائيلي على أراضي إيران، والذي سعى من خلاله إلى إلحاق الضرر ببرنامجنا النووي.
وأبرز أنه في ما بعد، واستنادا إلى ميثاق الأمم المتحدة، طالبت إيران بحقها المشروع في الدفاع عن النفس، ودعت إلى عقد جلسة لمجلس الأمن الدولي لمناقشة الوضع القائم، وتحديد الطرف المعتدي منذ البداية، والسير نحو اتخاذ إجراءات يمكن أن تمنع المزيد من العدوان.

واستدرك بقوله: “لكننا رأينا في الجلسة الطارئة التي خُصصت لمناقشة هذا الموضوع، أن الدولتين نفسيهما، فرنسا وبريطانيا، إضافة إلى الولايات المتحدة- وهي من الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن- والذين صادقوا على القرار ضد إيران في الوكالة ومهّدوا الأرضية لعدوان النظام، هم أنفسهم من كشفوا عن وجوههم في مجلس الأمن أيضا، حيث دافعوا صراحة عن تصرفات النظام الإسرائيلي واعتبروها حقا في الدفاع عن النفس، وبالتالي برّأوه من تهمة العدوان”.
وأورد أن “هذا الأمر يؤكد لنا أن الآليات الدولية، التي يُفترض أنها وُجدت لضمان المساواة والعدالة لجميع الدول الأعضاء في منظمة الأمم المتحدة، قد تحوّلت للأسف إلى وسيلة وأداة في يد بعض الدول، لا سيما الدول الغربية، وبات بإمكانها في اللحظة التي تشاء أن تستخدم هذه المنصات، التي أُنشئت لضمان السلم والأمن الدوليين، كوسيلة لتهديد السلم والأمن العالميين، كما حدث في قضية عدوان النظام الإسرائيلي”.
“إيران تحركت بردٍّ يتسم بالحكمة والانضباط والتخطيط المحكم”
ذكرت الصحيفة قول طباطبائي في تحليله لردّ إيران على هجمات النظام الإسرائيلي إنه “لطالما كانت الأجهزة الأمنية في إيران تملك تقديرات ثابتة بوجود تهديد يُدعى النظام الإسرائيلي، سواء في ما يخصّ البرنامج النووي الإيراني أو في مجالات أخرى تمسّ الأمن القومي، وقد ظلّ هذا التهديد حاضرا في أذهاننا، وتم إعداد وتحديد سيناريوهات للتصدي لأي خطوة محتملة من جانب هذا النظام مسبقا”.
وأشار إلى أن الدليل على ذلك هو أنه في اليوم الأول من عدوان النظام الإسرائيلي، استُشهد عدد من القادة الإيرانيين البارزين والنوعيين، ورغم ذلك، فإن ردّ إيران وإجراءاتها المقابلة على هذا العدوان بدأت بشكل منسق وتدريجي في أقل من 24 ساعة. وهذا يُظهر أن التخطيط كان مُعدّا مسبقا، وأن استشهاد بعض القادة لم يُحدث إرباكا في مسار التخطيط أو تنفيذ الخطط الدفاعية والتقابلية في مواجهة هذا العدوان.
وأضاف أنه من جهة أخرى، تسعى إيران، إضافة إلى إبراز قوتها الرادعة ويدها الحديدية في مواجهة هذا العدوان، إلى تجنّب اتهامها بتصعيد التوتر بشكل مفرط. فهي ترفع منسوب الاشتباك إلى الحدّ الذي لا يدفع الطرف الآخر نحو توسيع الصراع إلى حرب شاملة.
وأوضح أنه “طالما انحصرت الهجمات في نطاق الأهداف العسكرية، فإن الردّ الإيراني، وإن اتسم بقدر أكبر من الشدة والفعالية، قد بقي ضمن الإطار العسكري ذاته. ولكن عندما توسّعت هجمات النظام لتطال أهدافا اقتصادية، جاء ردّنا كذلك ضمن المستوى نفسه من التصعيد. وهذا يدلّ على أننا، إلى جانب العزم الجادّ في الرد على المعتدي، قد راعينا العقلانية والدقة في الحسابات في هذا التصدي القوي”.
“لم يتوقع الإسرائيليون أن ترد إيران بهذه الطريقة”
نقلت الصحيفة قول طباطبائي، في معرض حديثه عن مدى كون رد إيران غير متوقَّع بالنسبة للإسرائيليين، إن الأساس الذي بُنيت عليه حسابات النظام لتنفيذ هذا الهجوم هو بحد ذاته موضوع مستقل ومعقّد، لكن من وجهة نظري هناك مؤشرات يمكن أن تسهم في تحليل هذا المسار.
وأورد أن تغيّر لهجة المسؤولين الرسميين وغير الرسميين في النظام الإسرائيلي، بل حتى تغيّر لهجة دونالد ترامب نفسه– الرئيس الأمريكي- من اليوم الأول لبدء هذا العدوان وحتى صباح 15 يونيو/حزيران 2025، أي بعد إحدى الموجات الأخيرة لعملية الوعد الصادق التي نُفّذت الليلة الماضية، كلها دلائل على أن ما حدث على أرض الواقع كان مختلفا عمّا كان متوقّعا.
وأكَّد أن بعض المحللين، بل بعض مسؤوليهم، أشاروا إلى أنه كان من المبكر جدا الشعور بنشوة النصر الحاسم في البداية. والآن، يبدو أن الأمور تتجه نحو أزمة شاملة قد تخرج عن السيطرة.
وفي الختام، أقرَّ بأن ترامب، من جهة أخرى، كان في اليوم الأول من العدوان يدعم الهجوم بشكل غير مباشر، بل حاول الضغط على إيران للعودة إلى الاتفاق مع أمريكا، مهددا بزوال إمبراطورية إيران بالكامل في حال امتناعها. لكن يبدو الآن أن موقفه قد تغيّر، إذ أعرب عن استعداده للوساطة وبدء محادثات بين الطرفين. وهذا التغيّر في النبرة يُظهر أن ما كان يُتصوّر في البداية، يختلف إلى حدّ كبير عمّا جرى فعلا على أرض الواقع.