- زاد إيران - المحرر
- 8 Views
نشرت وكالة أنباء إيلنا الإصلاحية، الاثنين 23 يونيو/حزيران 2025، تقريرا ذكرت فيه تصريحات لمرتضى مكي، الخبير البارز في العلاقات الدولية، في حوار أجرته معه حول الهجوم العسكري الأمريكي على المنشآت النووية الإيرانية، والتداعيات الإقليمية والدولية لهذا الهجوم، حيث أكد أن هذا التحرك يشكّل انتهاكا صريحا للقانون الدولي ومعاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية.
ترامب يستخدم استراتيجية الرجل المجنون لإرغام الأعداء والحلفاء على الاستسلام أو الهزيمة
ذكرت الوكالة أن مكي أكَّد أن منطق الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يقوم على الإكراه، موضحا أن الدافع وراء هذا السلوك من قبل الولايات المتحدة يعود إلى تبني ترامب استراتيجية الرجل المجنون، التي تهدف إلى إرغام الأعداء، بل وحتى الحلفاء، على الهزيمة أو الاستسلام، من خلال تصرفات لا يمكن للطرف المقابل التنبؤ بها. وفي هذا السياق، يُكثر من استخدام التهديد، إما لترهيب الخصم أو لإجباره على الرضوخ.

وأضاف أن سلوك ترامب تجاه إيران، خلال الأشهر الماضية، بعد عودته إلى البيت الأبيض، كان من هذا النوع؛ إذ تحدث من جهة عن مفاوضات واقتراب من التفاهم، ومن جهة أخرى كرر تهديداته بالقصف مرارا. وكان يريد عبر الترهيب والضغوط أن يحقق أقصى مطالبه تجاه إيران.
وتابع أن الهجوم الذي نفذته القاذفات الأمريكية على المنشآت النووية الإيرانية، يوم الأحد 22 يونيو/حزيران 2025، يجب فهمه في هذا السياق.
الوحدة الوطنية للإيرانيين قادرة على إجبار العدو على التراجع
نقلت الوكالة عن مكي، قوله إنه من المستبعد أن يتمكن هذا الهجوم العسكري واستراتيجية الرجل المجنون من تحقيق أهداف ترامب القصوى تجاه إيران، وعلى رأسها وقف برنامج التخصيب النووي الإيراني، مؤكدا أن إيران تختلف عن جميع الأطراف الأخرى، سواء كانت الولايات المتحدة أو حلفاءها أو خصومها أو أعداءها. فإيران ليست سوريا، ولا لبنان، ولا العراق، ولا ليبيا، بل هي دولة ذات تاريخ يمتد لآلاف السنين.

وأورد أنه “في الأيام القليلة التي تلت الهجوم الإسرائيلي على إيران، نشهد حالة من التلاحم الوطني غير المسبوق، ولم نرَ مثلها على الأقل منذ الحرب التي شنّها نظام صدام على إيران. وهذه الوحدة الوطنية قادرة على أن تخلق في إيران قوة وهيبة تدفع الطرف المقابل إلى التراجع عن مواقفه وقناعته”.
ترامب كان يظن أن إثارة الفوضى في إيران ستوصله إلى أهدافه
أفادت الوكالة بأن مكي أشار إلى أن ترامب أساء فهم الواقع الداخلي في إيران، موضحا أنه حاول مرارا، حتى خلال زيارته لمنطقة الشرق الأوسط ولقاءاته في ثلاث دول عربية، أن يروّج لفكرة أن الأوضاع الاقتصادية المتدهورة والاحتجاجات والانتقادات الموجهة إلى النظام في إيران تشكل أرضية خصبة يمكن من خلالها، إما عبر تدخل خارجي أو اضطرابات داخلية، إثارة الفوضى في إيران.
وصرَّح بأن ترامب كان يعتقد أن هذا الأمر سيقرّبه من تحقيق أهدافه، ولذا لجأ إلى دبلوماسية الإكراه، وظنّ أن بإمكانه من خلال مفاوضات تُسوّغ سلوك الولايات المتحدة تجاه إيران، أن يضع إيران في موقف تضطر فيه إلى تقديم التنازلات التي يسعى إليها.
ولفت إلى أن عدة جولات من المفاوضات أثبتت أن هذا الهدف غير قابل للتحقيق. ولهذا، وبضوء أخضر من الوكالة الدولية للطاقة الذرية لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، تم خلق أجواء تبرّر شن هجوم على إيران. غير أن ما حدث خلال أسبوع واحد فقط أظهر أن الأمريكيين لم يتمكنوا حتى من فهم التوقعات التي كانوا يعوّلون عليها بشأن الوضع في إيران، ولذلك تدخلت الولايات المتحدة بشكل مباشر لإنقاذ إسرائيل.

لا يمكن الوثوق بالولايات المتحدة
أوردت الوكالة عن مكي تأكيده، تعليقا على المهلة التي منحتها الولايات المتحدة لإيران لمدة أسبوعين وعدم التزامها بها، أن هذا السلوك يبرهن مجددا على أن واشنطن ليست طرفا موثوقا. وأضاف أن “هذا النمط من التحرك الذي ينتهجه ترامب هو تحديدا ما أشرنا إليه سابقا بوصفه استراتيجية الرجل المجنون”.
وذكر أن الرئيس الأمريكي الأسبق ريتشارد نيكسون استخدم هذه الاستراتيجية تجاه فيتنام في القرن العشرين، وهدد مرارا باستخدام الأسلحة النووية، محاولا إخضاع المقاتلين والثوار الفيتناميين بالتهديد والترهيب. لكن في النهاية، كان نيكسون هو من اضطر إلى التراجع أمام صمود الفيتناميين، وانتهى به الأمر إلى التنحي وتوقيع اتفاقية سلام معهم.
وأقرَّ بأن ترامب يتبع المنهج نفسه تجاه إيران، ويحاول أن يظهر بمظهر الشخصية غير القابلة للتوقع، لكن هذا الأسلوب لا يمكنه أن يخدم المصالح الأمريكية في نظام دولي- حتى لو كان جائرا- يحكمه ولو جزئيا القانون الدولي.
وبيّن أن انعدام الثقة بترامب لا يقتصر على إيران، بل يدفع حتى حلفاء الولايات المتحدة إلى فقدان الثقة به، والسعي نحو مسارات جديدة لإقامة علاقات أكثر توازنا مع دول أخرى في المجالات الاقتصادية والعسكرية والسياسية. وقد بات هذا التوجه واضحا في سلوك الدول الأوروبية، وكذلك بعض الدول العربية في المنطقة.
دولة غير قابلة للتنبؤ لا يمكن أن تكون شريكا موثوقا
نقلت الوكالة عن مكي، قوله إنه “خلال السنوات الـ46 من تاريخ إيران، لم نشهد يوما أن منظمة التعاون الإسلامي أو دول الخليج الجنوبي قدّمت دعما لإيران. وسواء كانت هذه المواقف جدّية أم لا، فإن مجرد تبنّي هذا النهج يدلّ على أن هذه الدول باتت تفتقر بشدة إلى الثقة بالولايات المتحدة، وتعتبر أن هذا النوع من التصرفات لا يعزز أمنها، بل يشكّل تهديدا له”.
وأفاد بأن الدول العربية في المنطقة، والتي كانت في وقت من الأوقات تسعى للحصول على ضمانات أمنية من الولايات المتحدة- وعلى رأسها السعودية التي كانت تطالب باتفاقية أمنية طويلة الأمد كشرط لتطبيع العلاقات- لم تعد ترى جدوى من توقيع اتفاقات أمنية مع دولة بهذا السلوك. فالدولة التي تُعد شديدة التقلب وغير قابلة للتنبؤ ولا يمكن الوثوق بها، لا يمكن أن تكون شريكا آمنا أو موثوقا.
لا يجب الوقوع في فخ حرب الروايات الأمريكية
نقلت الوكالة تصريحات مكي في ما يتعلق بكيفية ردّ إيران وضرورة الحفاظ على الردع في الظروف الحساسة الراهنة، موضحا أن إيران واجهت خلال هذه الفترة العديد من التهديدات والفرص، وكان أبرز هذه الفرص التلاحم الوطني الذي يشهده المجتمع، والذي يمكن أن يساعد إيران على الصعيدين العسكري والدبلوماسي في مواجهة هذه التوترات.
ونوّه إلى أن الدبلوماسيين الإيرانيين يبذلون جهدا لنقل سلوك الولايات المتحدة إلى العالم من خلال رواية صحيحة وحقيقية، مشيرا إلى أن البيانات والمبادرات الدبلوماسية الإيرانية تندرج في هذا السياق.
وشدّد على أن إيران يجب ألا تقع في أسر حرب الروايات التي تشنها الولايات المتحدة، حيث تسعى واشنطن من خلالها إلى تصوير إيران كتهديد أمني، وتقديم تحركاتها العسكرية كوسيلة لتعزيز الأمن والاستقرار في المنطقة والعالم.
وسلَّط الضوء على أن دول المنطقة لم تُبدِ دعما يُذكر لهذه العمليات العسكرية الأمريكية، وهو ما يعكس وعيا منطقيا يساعد إيران على الخروج من أجواء الحرب والتصعيد.
وفي الختام، نبّه إلى أنه لا ينبغي رفع سقف التوقعات الشعبية بشأن اندلاع حرب كبرى، بل يجب على رجال الميدان والسياسة في إيران اتخاذ أفضل القرارات التي تصبّ في مصلحة إيران وتحافظ على أمنها.