- زاد إيران - المحرر
- 26 Views
ترجمة: يارا حلمي
أجرت وكالة أنباء “خبر أونلاين” الإيرانية المحافظة، المحسوبة على مكتب علي لاريجاني مستشار المرشد الأعلى علي خامنئي، الأحد 20 أبريل/نيسان 2025، حوارا مع علي رضا سلطاني، الأستاذ الجامعي والخبير البارز في العلاقات الدولية، ناقشت فيه مسار المفاوضات بين إيران والولايات المتحدة وتقييم التقدم المحرز فيها، مع التركيز على إمكانية التوصل إلى اتفاق نهائي.
ذكرت الوكالة أنّ المحادثات غير المباشرة بين إيران والولايات المتحدة انتهت في مقر السفارة العمانية في العاصمة الإيطالية روما، ووزير الخارجية الإيراني ورئيس وفد التفاوض، عباس عراقجي، كتب على منصة “إكس”: “إنّ الأجواء الإيجابية نسبيا في روما أسهمت في تحقيق تقدم في المبادئ والأهداف الخاصة باتفاق محتمل”.
وأضافت أن عراقجي تابع موضحا أنّه “تم شرح كيف لم تعد خطة العمل الشاملة المشتركة (الاتفاق النووي) كافية بالنسبة للعديد من الإيرانيين، وأن ما تبقى من الاتفاق بالنسبة لهم هو فقط (الدروس المستفادة)، وأنا شخصيا أميل إلى هذا الرأي، كما أن المحادثات على المستوى الفني ستبدأ خلال الأيام القادمة بهدف مناقشة التفاصيل، وبعد ذلك، سنكون في موقع أفضل لإصدار حكم”.
وتابعت أن عراقجي أنهي رسالته بالقول: “في الوقت الراهن، قد يكون التفاؤل مبررا، لكن فقط بحذر شديد”.

نص الحوار:
انتهت الجولة الثانية من مفاوضات إيران والولايات المتحدة، كيف تقيمون مسار المفاوضات ومقدار التقدم الذي أحرزته؟
يمكن تقييم مسار المفاوضات بين إيران والولايات المتحدة ومستوى التقدم الذي تحقق من زاويتين: الزاوية الأولى هي مقارنة هذه الجولة من المفاوضات بالجولات السابقة مثل مفاوضات الاتفاق النووي ومفاوضات عهد جو بايدن.
ومن هذه الناحية، وبغض النظر عن الأسباب، يبدو أنّ المفاوضات تسير بسرعة جيدة، والفواصل الزمنية المنتظمة والقصيرة بين مراحل التفاوض، والتي يمكن تسميتها بـ”سبتات الدبلوماسية”، قد تكون مؤشرا جيدا على سرعة وتقدم نسبي في مسار المفاوضات، وهذا في الوقت الذي كانت فيه الجولات السابقة من مفاوضات إيران والولايات المتحدة قد دخلت منذ بدايتها في مسار تفاوضي معقد ومتعرج.
أما الزاوية الأخرى، وبالنظر إلى الظروف السياسية في المنطقة والعالم، والجدول الزمني الذي وضعته الحكومة الأمريكية والرئيس دونالد ترامب لمفاوضات مع إيران والتوصل إلى اتفاق نهائي، فيبدو أنّ مسار المفاوضات يواجه تحديات وخلافات كثيرة.
ودليل ذلك هو اقتصار المفاوضات على أيام السبت فقط، وعدم استمرارها في باقي أيام الأسبوع، والسبب في ذلك على الأرجح هو أنّ الطرفين لم يتوصلا بعد إلى إطار محدد لإجراء محادثات تفصيلية وصياغة نص الاتفاق.
كما أنه لا يزال هناك غياب للتوافق حول القضايا الجوهرية التي تؤثر على مسار التفاوض والتوصل إلى اتفاق، وهو ما يستدعي أن يتبادل الطرفان وجهات النظر ويتخذا القرار النهائي بهذا الشأن عبر الرجوع إلى كبار مسؤوليهما، وبالطبع، ربما لا تزال بعض القضايا مثل شكل المفاوضات والظروف المحيطة بها تؤثر على سرعة وتقدم المفاوضات.
لكن، رغم كل القضايا، يبدو أن الأخبار والتحليلات تشير إلى مسار مشجع للمفاوضات؟
إنّ القول بأنّ المفاوضات مشجعة، مع أخذ جميع الجوانب والمؤشرات بعين الاعتبار، يبدو صحيحا، تحديد المرحلة التالية من التفاوض، ورغبة الطرفين في مواصلة المفاوضات ضمن ما أصبح يعرف بـ”سبتات الدبلوماسية”، وكذلك المواقف المعلنة من الجانبين بشأن إيجابية المفاوضات، أو بعبارة أدق، بنّاؤها، دليل على هذه المسألة.
ما يكتسب أهمية في هذا السياق هو غياب الإشارات السلبية الصادرة عن المفاوضات، رغم أنّ هذه المرحلة التي تُعنى بتحديد الإطار العام قد تكون مبكرة لظهور مؤشرات سلبية، حيث إن هذه الإشارات قد تبرز أكثر خلال بحث التفاصيل.
كما أن ردة الفعل الإيجابية للأسواق المحلية تؤكد أيضا على أن المفاوضات تسير حاليا في اتجاه تقدمي، وفي هذا الإطار، فإنّ ما يكتسب أهمية أيضا هو انطلاق المفاوضات الفنية التي تبدأ اعتبارا من يوم الأربعاء، وهو مؤشر إيجابي آخر يدل على طابع مشجع للمفاوضات.
والبقاء في إطار العموميات والمسائل العامة يمثل دائما خطرا كبيرا على المفاوضات الدبلوماسية، وهو أمر له سوابق في الماضي؛ قضية قد تؤدي إما إلى فشل المفاوضات أو إلى إطالة أمدها دون نتيجة، ومع ذلك، وبالنظر إلى جميع الشواهد والمؤشرات المتاحة، يمكن إبداء قدر من التفاؤل بشأن استمرار مسار التفاوض والتوصل إلى اتفاق نهائي.
ما رأيكم في الأطر التفاوضية بين إيران والولايات المتحدة، والتي يُرجّح أن تكون محاور هاتين المرحلتين من التفاوض قد دارت حولها؟
رغم عدم نشر معلومات دقيقة وواضحة عن محتوى المفاوضات، فإنه يبدو أنّ الأطر التفاوضية بين إيران والولايات المتحدة تشمل جانبين أساسيين، الجانب الأول هو نطاق ومواضيع التفاوض، حيث لا يبدو أنّ هناك تحديا جديا في هذا الصدد.
بمعنى أنّه من المحتمل أنّ الدبلوماسيين الإيرانيين والأمريكيين قد توافقوا في هذه المرحلة على التركيز على الملف النووي، دون التطرق إلى قضايا أخرى مثل تحركات إيران الإقليمية أو قدراتها الصاروخية، والمنطق السياسي.
بالنظر إلى الظروف التي طرأت خلال الأشهر الأخيرة، وكذلك المخاطر القائمة حاليا، يقتضي أنّه رغم الترابط الوثيق بين هذه القضايا في العلاقات بين إيران والولايات المتحدة، إلا أنه من الأفضل حاليا التركيز فقط على الملف النووي، وعدم السماح للقضايا الأقل أهمية بأن تطغى على القضية الأساسية.
الجانب الثاني يتعلق بالإطار التفاوضي حول الملف النووي، والاتفاق على القضايا الأساسية مثل الاعتراف بحق إيران في تخصيب اليورانيوم، وآلية رفع العقوبات الاقتصادية، وضمان التزام الولايات المتحدة بتعهداتها، وتعطيل آلية “سناب باك” أو “العودة التلقائية للعقوبات”، وتحديد هذه المحاور وطرحها في سياق المفاوضات لن يكون أمرا سهلا على ما يبدو.
عباس عراقجي، وزير الخارجية الإيراني، نشر بعد مفاوضات روما تغريدة تحدث فيها عن تقدم في المبادئ والأهداف، ما معنى هذه التغريدة ومحتواها؟
يبدو أن الحديث عن تقدم في المبادئ والأهداف يعكس بعض مواقف الحذر من جانب إيران، وفي الوقت نفسه يشير إلى أن إيران والولايات المتحدة لا تزالان متوقفتين عند القضايا العامة، وربما كان من الأفضل عدم نشر هذه التغريدة، ولهذا السبب تقرر تأجيل الجولة التالية من المفاوضات إلى السبت المقبل.
هل تعتبر أنّ بدء المفاوضات على المستوى الفني يعني الاقتراب من اتفاق نهائي؟
في هذه الجولة من المفاوضات، فإنّ بدء المفاوضات الفنية، رغم كونه مؤشرا إيجابيا، لا يعني بالضرورة أنّ التوصل إلى اتفاق نهائي بات وشيكا، ويبدو أنّ إيران والولايات المتحدة لا تزالان مختلفتين حول القضايا العامة والإطار التفاوضي، وبدء المفاوضات على المستوى الفني لا يعني بالضرورة حصول اتفاق حول هذا الإطار.
ومع ذلك، فإنّ اتخاذ الطرفين قرارا ببدء مفاوضات على المستوى الفني، بالتوازي مع المحادثات على مستوى كبار المسؤولين، يمثل في حد ذاته قرارا إيجابيا يعكس وجود إرادة لدى الطرفين للتوصل إلى نتيجة في هذه المفاوضات.
هل يمكن التفاؤل بإمكانية توصل إيران والولايات المتحدة إلى اتفاق نهائي يوم السبت المقبل؟
رغم أنّ التوصل إلى اتفاق محتمل بين إيران والولايات المتحدة قد يتم بشكل أسرع مقارنة مع ” الاتفاق النووي”، فإن احتمال التوصل إلى اتفاق نهائي يوم السبت المقبل، في ظل استمرار وجود الطرفين عند مرحلة الإطار العام، يبدو ضعيفا.
مع ذلك، فإن احتمال التوصل إلى اتفاق مرحلي ضمن إطار زمني قصير، يبدو أقوى من احتمال التوصل إلى اتفاق نهائي وشامل.
كيف ترون دور سلطنة عمان في مفاوضات إيران والولايات المتحدة؟ وهل لهذا البلد دور حاسم في مسار ونتائج المفاوضات؟
خلافا للتصور السائد الذي يعتبر دور سلطنة عمان محدودا وغير مهم، ويرى فيها مجرد وسيط بسيط لا يشارك بشكل جدي في عملية التفاوض، يبدو أن عمان تؤدي دورا مهما ومؤثرا في بدء، والأهم، استمرار المفاوضات.
رغم أن سلطنة عمان لعبت هذا الدور تاريخيا في العقود الأخيرة بشكل مباشر بين إيران والولايات المتحدة، فإنه يبدو في هذه الجولة من التفاوض أنّ عمان، إضافة إلى رغبتها الأحادية، تتحمل هذه المسؤولية نيابة عن مجموعة من الدول العربية في المنطقة، ما يدفعها إلى أداء دور أكثر جدية وفعالية في الحفاظ على استمرار المفاوضات والسعي نحو التوصل إلى اتفاق.
الدبلوماسيون العمانيون لا يشاركون بشكل مباشر في صلب المفاوضات بين إيران والولايات المتحدة، لكنهم يضطلعون بدور كبير في تهيئة الظروف للمفاوضات، وفي السعي لمنع انقطاعها.
إضافة إلى ذلك، فإنّ العمانيين لا يتصرفون بشكل سلبي، بل، بما يتناسب مع دورهم، يضطلعون بعملية إعلامية منسقة ومناسبة، بحيث تعتبر الأوساط العامة والإعلامية والسياسية تغطية سلطنة عمان للمفاوضات مصدرا ثالثا للمعلومات، بل وربما أكثر اعتمادا من تغطية الدبلوماسيين الإيرانيين والأمريكيين.
لذلك، لا بد من تأكيد الدور الإيجابي الذي تؤديه سلطنة عمان في هذه العملية، وإنّ غياب عمان عن هذه المفاوضات كان يمكن أن يزيد من احتمالية فشلها، ولا يزال يشكل عامل خطر في حال حصوله.
وفي هذا السياق، يمكن القول إنّ دور سلطنة عمان قد يكون أكثر فاعلية من دور الدول الخمس المشاركة في مفاوضات (الاتفاق النووي) وما بعدها، خصوصا وأنّ المواقف العلنية والخفية التي اتخذتها هذه الدول في بعض الأحيان ساهمت في إطالة أمد المفاوضات.
ما الجوانب التي تميز الجولة الحالية من المفاوضات عن الجولات السابقة؟
بعيدا عن الدور الإيجابي والمهم الذي تلعبه سلطنة عمان في هذه الجولة من المفاوضات، كممثلة عن طيف واسع من الدول الإقليمية، فإنّ ما يميز هذه الجولة أيضا هو عملية الإعلام التي ترافق نتائج المفاوضات العامة، وتصدر الإعلام الإيراني والدبلوماسيين الإيرانيين لمشهد التغطية الإعلامية وتوجيه دفة النقاش الإعلامي.
هذا الجانب لافت للنظر في حد ذاته، رغم أنه لا يتماشى مع التوجه العام الذي يدعو إلى عدم تضخيم المفاوضات بشكل مفرط، بهدف عدم ربط مصير البلاد بهذه العملية، فإنّ الواقع يؤكد أهمية هذه المسألة بدرجة تجعل من لعب هذا الدور الإعلامي أمرا لا مفر منه.