- يسرا شمندي
- 22 Views
ترجمة: يسرا شمندي
نشر موقع فرارو المعتدل في ٢٨ مايو/أيار ٢٠٢٥ تصريحات المدير العام السابق لشؤون الشرق الأوسط في وزارة الخارجية الإيرانية قاسم محب علي، في حوار تحليلي حول زيارة الرئيس الإيراني مسعود بزشکیان لسلطنة عمان وتداعياتها المحتملة على المفاوضات غير المباشرة بين إيران والولايات المتحدة.
المفاوضات الحالية تختلف بوضوح عن مفاوضات حكومات روحاني وخاتمي وأحمدي نجاد
أكد محب علي، أن زيارة بزشكيان لعُمان كانت زيارة مُقرّرة مسبقا، لكنها في ظل الظروف الراهنة تُعد من أبرز القضايا بين إيران وعُمان. وفي هذه الجولة من المفاوضات، لا تتولى الحكومة إدارة الحوار بشكل مباشر، بل يتحدث وزير الخارجية نيابة عن الجهات العليا مع الولايات المتحدة.
وأضاف: “لذلك، لا يمكن مقارنة هذه المفاوضات بالمفاوضات التي جرت في عهد الرؤساء الإيرانيين السابقين كروحاني أو محمد خاتمي أو حتى أحمدي نجاد. ومع ذلك، لا يمكن فصل زيارة بزشكيان عن ملف المفاوضات، ومن المتوقع أن ينقل الجانب العُماني وجهات نظر الجانب الأمريكي”.
وأوضح أن ملف تخصيب اليورانيوم يظل القضية الأهم بين إيران والولايات المتحدة، وأنه ما لم يتم حل هذه المسألة، لن تنطلق مرحلة جديدة من المفاوضات. وأضاف أن المواقف والرسائل الصادرة عن الجانب العماني تلقي الضوء على الظروف التي ستُعقد فيها الجولة المقبلة وكيفية إدارتها.
وقال محب علي بشأن مواقف الطرف الأمريكي والنقاشات المرتبطة بها في الولايات المتحدة: “هناك آراء متعددة بشأن إيران، كما أن إسرائيل والعرب، بناء على مصالحهم، يحاولون التأثير في مسار المفاوضات. لكن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب شخصية خاصة بآراء خاصة، فهو ليس سياسيا محترفا، ويُعبّر في كثير من الأحيان عن مواقف شخصية”.
وبيَّن أنه “لا يمكننا أن نتوقع من ترامب ما نتوقعه من سياسي متمرّس، وينطبق الأمر ذاته على المبعوث الأمريكي في إدراة ترامب إلى الشرق الأوسط ستيف ویتکوف”.
وصرَّح بأن “الأجهزة الاستخباراتية والعسكرية والأمنية في أمريكا، وكذلك الكونغرس، تلتزم بالسياسات العامة للولايات المتحدة”.
واستدرك بقوله: “ومع ذلك، فإن ما يُلاحظ كقاسم مشترك بين جميع هذه الأطراف، من أجهزة استخبارات إلى حكومة ترامب، هو أن خيار ممارسة سياسة الضغط الأقصى لا يزال مطروحا ضمن البدائل”.
وأفاد بأن ما بقي ثابتا في مواقف الطرف الأمريكي، ويبدو أن هناك إجماعا بين جميع الأحزاب الأمريكية حوله، هو أن إيران لا يجب أن تمتلك إمكانيات يمكن أن تسمح لها بالانتقال من التخصيب إلى إنتاج سلاح نووي، أو بتعبير آخر، لا ينبغي أن تطوّر برنامجها النووي. وربما تكمن أعقد نقطة هنا، إذ يبرز التساؤل: كيف سيتم تحقيق هذا المفهوم؟ وكيف يمكن للطرفين التوصل إلى توافق حول هذه المسألة؟
“من المحتمل ألا يتكرر سيناريو ليبيا في إيران”
قال محب علي إن الأمريكيين تعاملوا مرة واحدة مع ليبيا وبرنامجها النووي بطريقة يصفها بعض الخبراء بأنها مثال هام. فقد ألغى الأمريكيون جميع منشآت ليبيا النووية. أما في الهند فكانت الظروف مختلفة، فقد أبرم الأمريكيون اتفاقيات مع الهند، التي تمتلك أسلحة نووية، وشارك الأمريكيون بشكل مباشر في برنامجها النووي.
وأكَّد أن الاتفاق النووي الإيراني لا يملك سيناريو واحدا فقط، بل يمكن أن يشمل مجموعة واسعة من القرارات التي تختلف بشكل كبير عن بعضها البعض. وأوضح أن هناك فرقا واضحا بين ما حدث في ليبيا وما حدث في الهند. وبالطبع يعتقد الإسرائيليون بوجود سيناريو آخر يشمل الضربات الجوية، وهو مشابه لما حدث في سوريا والعراق حيث دمر الإسرائيليون مفاعلات سوريا والعراق.
وأبرز أن الإسرائيليين يحاولون إقناع أمريكا بأن هذه الطريقة قد تكون فعالة، رغم أن ترامب لم يقبل بهذا الاقتراح.
وتحدث عن مواقف أوروبا والوكالة الدولية للطاقة الذرية، صحيحٌ أن مواقف الوكالة في المقام الأول تستند إلى مهام فنية دقيقة ومحترفة، لكن الوكالة تخضع أيضا لسيطرة وسياسات القوى الكبرى. إذ وُجدت معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية (NPT) لتعميم سياسات وأيديولوجيات الولايات المتحدة التي أعلنتها بعد الحرب العالمية الثانية، والتي تهدف إلى منع الدول من التوجه نحو السلاح النووي.
وأوضح أنه تم تصميم البرنامج بحيث يشرف مجلس الحكام والوكالة على برامج الدول النووية. لذلك، لا يمكن القول إن مواقف الوكالة غير مؤثرة أو مستقلة تماما. وانتقالا إلى الموقف الأوروبي، بيَّن محب علي أن الدول الأوروبية ستكون من أبرز المستفيدين في حال إبرام اتفاق بين الولايات المتحدة وإيران.
وأشار إلى وجود تصوّر خاطئ شائع، مفاده أن انتهاء مهلة تفعيل آلية الانسحاب المعروفة بـآلية الزناد في أكتوبر/تشرين الأول 2025 يعني بالضرورة انتفاء أي إمكانية لفرض العقوبات. في حين أن الواقع يُبيّن أن الأوروبيين، حتى دون اللجوء إلى هذه الآلية، ما زالوا قادرين على فرض ضغوط أو إجراءات عقابية بشكل مستقل.
وفي الختام، توقع محب علي أن آلية الزناد قد لا تُفعّل، غير أن ذلك لا يمنع الدول الأوروبية والولايات المتحدة من فرض عقوبات منفصلة على إيران. وفي الوقت الذي لا تفرض فيه روسيا والصين أي عقوبات على طهران، تحتفظ أوروبا وأمريكا بإمكانية اتخاذ هذا الإجراء في أي وقت. كما أشار إلى وجود بعض التحليلات الخاطئة التي برزت في هذا السياق، مؤكدا ضرورة تصحيحها برأيه.