رئيس لجنة المناجم الإيرانية: القطاع الخاص في حالة ارتباك وتوجيهات الوزير غير قابلة للتنفيذ

Ad 4nxenvoziokllkctxssnzadge06mbs2j l4ybch5i3tllawlr0fsoca1mdzzaqfj1rvmm oi bggvwunmig5gbtuw3pzxhmizwswbbkyc2dya zseyxc10snuct4l wlmsylejfokygkeyxdqs7d3ux61 apaqksdwq

في حوار صريح مع الموقع الإيراني الإصلاحي “تابناك“، يوم السبت 24 مايو/أيار 2025، وجّه بهرام شكوري، رئيس لجنة المناجم والصناعات التعدينية في غرفة تجارة إيران، انتقادات لاذعة للسياسات الحكومية المتعلقة بقطاع المناجم.

إلى نص الحوار:

لماذا لا يشكّل دخول القطاع الخاص إلى قطاع المناجم عامل جذب؟

نظرا لأسعار الطاقة المدعومة، فإن معدلات العائد على الاستثمار ليست مجزية بما يكفي للشركات الخاصة. إلى ذلك، يمكن إضافة صدور القوانين المفاجئة، والتقلبات الاقتصادية، وارتفاع معدلات التضخم، وهي عوامل تجعل الحسابات الاقتصادية للمشاريع طويلة الأمد معقّدة وتزيد من مخاطر استثمار القطاع الخاص، حتى وإن افترضنا إنشاء محطات توليد كهرباء بدورة مركبة، فإن تأمين الوقود بشكل مستدام لتلك الوحدات الصناعية – كما هو حال الوضع الراهن – يمثل تحديا جديا، إذ تؤثر اختلالات التوازن في إمدادات الغاز خلال الفصول الباردة والحارة على محطات الكهرباء الخاصة.

المستثمرون الحاليون في حالة ارتباك، فهل تتوقعون استثمارات جديدة؟

في أمرٍ آخر، دعا السيد أتابك الناشطين في قطاع المناجم إلى تسريع وتيرة تطوير عمليات الاستكشاف المعدني، وكأنه لا يدرك أن الاستكشاف المعدني عملية مكلفة ومحفوفة بالمخاطر؛ فعدد قليل من المستثمرين مستعدّون لتحمّل مخاطر ضخ استثمارات كبيرة قد لا تؤدي إلى اكتشاف مواد معدنية ذات قيمة.

 من ناحية أخرى، فإن التغييرات المستمرة في القوانين المرتبطة بالتصدير، والضرائب، والحقوق الحكومية للمناجم، والتي ترتبط مباشرة بتقلبات سعر الصرف، تؤثر سلبا على ربحية النشاطات التعدينية وتزيد من ارتباك المستثمرين الحاليين.

رجاء قدِّموا إيضاحا…

من الأفضل أن يوضح الوزير ما الذي يقصده تحديدا بتسريع تطوير عمليات الاستكشاف المعدني، وبأي أدوات وإمكانات سيتم ذلك، لا سيما في ظل كون جزء كبير من المعدات التعدينية الحالية متهالكا، في حين أن استيراد معدات جديدة يواجه مشكلات بسبب العقبات المرتبطة بالعملة الصعبة، والرسوم الجمركية، والعقوبات، كما أن الإنتاج المحلي غير قادر على تلبية الاحتياجات التخصصية لهذا القطاع، فهل يُعقل إصدار أوامر باستكشاف مناجم جديدة تحت هذه الظروف؟

مشكلة أخرى لا يودّ الوزير التطرق إليها هي القوانين الحاكمة لقطاع الاستكشاف، مثل رسوم «حق الأرض» عن كل كيلومتر مربع، والامتيازات الفردية العالية لنقل النطاقات، والرسوم الإضافية لتمديد تلك النطاقات، أو المشكلة التي شلّت قطاع المناجم لسنوات، والمتمثلة في تخصيص مساحات واسعة من النطاقات التعدينية لأشخاص لا يمتلكون الكفاءة أو الخبرة اللازمة للاستكشاف، أو أنها غير قابلة للتطوير بسبب النزاعات والمعارضين.

على سبيل المثال، فإن مسألة عدم التحقق من الأهلية بشكل مناسب في عمليات تخصيص المناطق المعدنية دون معرفة كافية بالجيولوجيا والمعادن، قد تسببت خلال السنوات الأخيرة في مشاكل جدية لقطاع التعدين والاقتصاد الوطني، ما أدى إلى تجميد وحجز مساحات شاسعة من المناطق المعدنية؛ بحيث أن أشخاصا حصلوا على هذه المناطق دون امتلاكهم القدرة الفنية أو المالية أو المعرفة الكافية، بدلا من تفعيلها وتطويرها، قاموا بتجميد المناجم بهدف المضاربة فقط، منتظرين ارتفاع الأسعار ليبيعوها لشخص أو شركة أخرى.

 هذا الأمر، وعلى مدى سنوات طويلة، أصاب القدرات الكامنة للثروات المعدنية بالجمود، وكل ذلك حدث تحت أنف وزارة الصناعة والتعدين والتجارة.

ووفقا للائحة التنفيذية لقانون المناجم، فإن عملية تخصيص المناطق والمجالات المعدنية تُنفذ بشكل أساسي عن طريق المزادات، وتُعد وزارة الصناعة بصفتها الجهة المعلنة للمزايدة، الجهة الرئيسية المسؤولة عن هذا الإجراء؛ وبالتالي فإن مسؤولية اتخاذ القرار النهائي في عمليات التخصيص تقع على عاتق وزارة الصناعة. 

ومن هنا يجب أن يُسأل السيد أتابك: مع كل هذه التجاوزات التي حدثت تحت أنف وزارتكم، ودون أن يصدر منكم أي رد فعل تجاهها، أفلا يجدر بكم أولا أن تفكروا في منع إهدار هذه الثروات الوطنية؟ وإذا ما نجحتم في ذلك، فليكن تطوير الموارد الاستكشافية الجديدة على جدول أعمالكم.

بحسب ما صرّح به مهدي حميدي، المدير العام لمكتب استثمار المناجم في وزارة الصناعة، فإن من أصل 12 ألف منجم في البلاد، هناك 6 آلاف و177 منجما حاصلة على ترخيص تشغيل فعّال، فيما تبقى 5 آلاف و843 منجما غير فعالة، وهو ما يعني أن لديها مستثمرا أو مستغلا، لكنها غير نشطة.

أما توجيه الوزير  الآخر فيتعلق بتهيئة البنية التحتية من أجل الفولاذ الأخضر، حيث تم التأكيد على مديري القطاع المعدني بضرورة توجه الشركات بدلا من إنشاء مصانع فولاذ جديدة، نحو استخدام التقنيات الحديثة وإنتاج الفولاذ الأخضر، ووضع تطوير مجالات مثل الذهب، والتيتانيوم، والنحاس، والعناصر الأرضية النادرة على سلم الأولويات؛ وذلك في حين أن صناعة الفولاذ تُعدّ من أكثر الصناعات تلويثا في العالم، وأن شركات الفولاذ التي لا تتجه نحو الإنتاج الأخضر ستكون معرضة، وفق القوانين الدولية، لعقوبات ثقيلة أو قيود على التصدير. 

ومع ذلك، فإن التكاليف الباهظة للاستثمار الأولي اللازم لتغيير التكنولوجيا وإنشاء البنى التحتية المطلوبة، مثل إنتاج الهيدروجين الأخضر ومحطات الطاقة المتجددة، تُعد مسألة شديدة الأهمية، وهذه التكاليف تفوق حتى 20 إلى 40 في المئة من تكلفة إنتاج الفولاذ التقليدي، ما يُشكّل ضغطا كبيرا على المنتجين، إلا أن السيد الوزير لم يولِ هذه المسألة أي اهتمام يُذكر.

إنتاج الفولاذ الأخضر.. بأي مال؟

يتحدث أتابك عن إنتاج الهيدروجين الأخضر في حين أن هذا الأمر، إضافة إلى تكلفته العالية، يتطلب بنى تحتية واسعة لإنتاجه وتخزينه، في الوقت الذي لا تزال فيه كثير من مصانع الفولاذ تعمل بأنظمة وتقنيات قديمة.

 لذلك، فإن تغيير هذه العمليات وتكييفها مع متطلبات إنتاج الفولاذ الأخضر يحتاج إلى وقت طويل، ومعرفة فنية، واستثمار ضخم، وهو ما لا يُعلم من أين ستُؤمّن موارده المالية.

وبحسب تقرير موقع “تابناك”، يبدو أن توجيهات وزير الصناعة في الشأن المعدني تحمل طابع الأهداف المثالية أو الرؤى الطموحة أكثر من كونها برامج قابلة للتنفيذ، ومن المنتظر من وزير الصناعة أن يكون على دراية أكبر بمشاكل قطاع المناجم، وأن يصدر تعليمات قابلة للتطبيق، وبناء عليه، يمكن القول إن الوزير إما لا يمتلك معرفة كافية بقطاع المناجم ومشكلاته، أو أنه يتعمّد تجاهلها.