- زاد إيران - المحرر
- 30 Views
ترجمة: دنيا ياسر نورالدين
نشر موقع “تابناك” الإخباري الإيراني الأصولي، الثلاثاء 8 أبريل/نيسان 2025، تقريرا استعرض فيه خطاب الرئيس الايراني الأسبق، حسن روحاني، التصعيدي في الفترة الأخيرة، خاصةً حديثه حول بعض التفاصيل الجديدة التي عرقلت استمرار الاتفاق النووي مع أمريكا، وكذلك هجومه على خصومه داخل إيران.
ما الذي يدور في ذهن حسن روحاني؟
بحسب تقرير موقع “تابناك”، أزاح حسن روحاني وأعضاء حكومته السابقة الستار مؤخرا عن استراتيجية إعلامية وسياسية جديدة، تتجلى في الهجوم على ما يعرف بـ”المتشددين السوبر”، وكذلك انتقاد هيئة الإذاعة والتلفزيون الإيرانية (صداوسيما)، والتأكيد مجددا على ضرورة التفاوض مع الولايات المتحدة كسبيل للخروج من الأزمة الراهنة.
أفاد التقرير بأن الرئيس الإيراني الأسبق، حسن روحاني، بدأ خلال الأسابيع الأخيرة جولة جديدة من الأنشطة السياسية والإعلامية. كما شن في الأيام الأخيرة من عام 2024، وبأسلوب مختلف ونبرة بالغة الصراحة، هجوما لاذعا على التيار المتشدد، كاشفا عن بعض ما يجري وراء الكواليس.
تابع التقرير أن روحاني وفي تصريح صريح آخر، وصف الأوضاع الحالية في إيران بأنها “بالغة الخطورة”، في حين واصل محمود واعظي، مدير مكتب روحاني السابق، هذا النهج الجديد خلال الأسبوع الماضي، مدافعا عن أداء حكومة روحاني السابقة في ملف الاتفاق النووي (برجام). ويبدو أن هذا الخطاب منسق ومدروس، ويتوقع أن يستمر في الفترة المقبلة.
سهام روحاني تصيب هيئة الإذاعة والتلفزيون
قال التقرير إن أكثر ما لفت الأنظار في تصريحات روحاني الأخيرة، هو هجومه الحاد على هيئة الإذاعة والتلفزيون الإيرانية (صداوسيما)، حيث استخدم لأول مرةٍ تعبير “زمرة” (بمعنى: جماعة صغيرة منحرفة) في وصف القائمين على هذه المؤسسة. وبالنظر إلى العداء المتجذر بين روحاني وهذه الهيئة منذ أيام الاتفاق النووي، يمكن فهم أن استراتيجيته الجديدة بنيت على هذا الأساس.

روحاني وكواليس إفشال الاتفاق النووي
تطرق روحاني إلى فترة تنفيذ الاتفاق النووي بين عامي 2015 و2018، مشيرا إلى أن إيران آنذاك شهدت نموا اقتصاديا بنسبة 9.4% وتضخما دون 10%. إلا أن انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق عام 2018 أدى، وفقا له، إلى خسائر سنوية لا تقل عن 100 مليار دولار، لتصل حتى الآن إلى ما بين 700 و800 مليار دولار.
كما أشار إلى أزمات داخلية مثل انخفاض نسبة المشاركة في الانتخابات (40% في الجولة الأولى) والتباعد المتزايد بين الحكومة والشعب. وانتقد سيطرة “تيار معين” على الإعلام الرسمي، مطالبا بحرية التعبير وتوسيع دائرة الوصول إلى المعلومات.
وشدد روحاني على ضرورة التفاعل مع العالم، مؤكدا أن إعادة بناء الاقتصاد غير ممكنة من دون استقطاب الاستثمارات والتكنولوجيا والأسواق العالمية.
واستشهد بكلام فتحي الشقاقي، الأمين العام السابق لحركة الجهاد الإسلامي، خلال زيارة سابقة له إلى إيران، حيث قال: “إذا أردتم مساعدة المسلمين وفلسطين، عليكم أولا أن تكونوا أقوياء وراسخين. وإذا كان استقرار إيران في خطر، فلا تقدموا لنا المساعدة. من دون إيران، لن تبقى مقاومة في فلسطين ولبنان. عليكم أن تضعوا أنفسكم في المرتبة الأولى دائما”.
مساعدة المسلمين في العالم، بحسب روحاني، لا يمكن أن تتحقق إلا إذا كانت إيران قوية ومقتدرة أولا. وقال التقرير إن هذه الكلمة أثارت جدلا واسعا في الأوساط السياسية والإعلامية الإيرانية، نظرا إلى انتقادها المباشر لسياسات الحكومة الحالية، وطرحها فكرة الانفتاح على العالم. البعض رأى فيها مؤشرا على عودة حسن روحاني إلى الساحة السياسية.
وباختصار، يمكن القول إن روحاني يسعى من خلال هذه التحركات إلى تعويض الضربات والإخفاقات التي مني بها خلال سنوات رئاسته الثماني، ومحاولة رسم خارطة طريق جديدة لمستقبل البلاد. وقدم روحاني نفسه، من خلال تأكيده ضرورة “التفاعل البناء مع العالم”، بوصفه “رجل دولة صاحب حلول” يمكن أن يشكل بديلا للنهج السائد حاليا في إدارة البلاد.
روحاني ومقابلة نادرة
فور لقائه مع عدد من وزراء حكومته السابقة، أجرى روحاني- الذي نادرا ما يقبل بإجراء مقابلات صحفية- حوارا بمناسبة العام الإيراني الجديد مع صحيفة “إيران”. استكمل فيه خطابه الجديد، مطلقا تصريحاتٍ عدتها الأوساط السياسية والإعلامية نوعا من “الفضح وكشف المستور”، ما جعلها خلال الأيام الماضية من أكثر المواضيع إثارة للجدل على شبكات التواصل الاجتماعي.
وفي هذه المقابلة، تطرق روحاني إلى ما اعتبره محاولات منهجية لإفشال حكومته خلال فترة ولايته، ووجَّه اتهامات صريحة إلى جهات وصفها بـ”المتشددين”
وللمرة الأولى، يتحدث حسن روحاني بهذا القدر من الصراحة والحدة عن العقبات التي واجهت حكومته في تنفيذ الاتفاق النووي. فالرئيس الإيراني الأسبق الذي تولى الحكم بين عامي 2013 و2021، كان دوما من أبرز المدافعين عن الاتفاق مع القوى العالمية. وعلى الرغم من تلميحه سابقا إلى وجود معارضة داخلية خلال فترة رئاسته، فإن تصريحاته الأخيرة كشفت تفاصيل غير مسبوقة عن حجم هذه العراقيل.
اللافت في الأمر هو توقيت هذه “الفضيحة السياسية”، كما يسميها البعض. فبعد فترة من الصمت أعقبت انتهاء ولايته، اختار روحاني الآن، وفي ظل تحولات إقليمية ودولية متسارعة، أن يروي هذه القصة من وجهة نظره. ما يمكن قراءته كمحاولة للعودة إلى المشهد السياسي أو على الأقل للتأثير في معادلاته القائمة.
ردود الفعل في الفضاء الإلكتروني
أشار الموقع إلى أن خطابات حسن روحاني الأخيرة أثارت ردود فعل واسعة النطاق، خصوصا على منصة “إكس” (تويتر سابقا)، حيث تباينت المواقف بين مؤيد بشدة ورافض بشراسة. في ما يلي عينة من تعليقات المستخدمين:
حيث كتب حساب على تويتر تحت اسم “مقدم” تغريدة قال فيها: “حسن روحاني التحق بالجامعة قبل الثورة بـ46 عاما، حين كان الدبلوم كافيا لتولي إدارة، ولو لم تكن هناك جمهورية إسلامية، لحصل على وظيفة جيدة ومنزل فاخر في الشمال”.
كما قال حساب آخر تحت اسم “منتقم كرار”:
“لا يجب تنحية روحاني من السياسة فقط، بل من الحياة!”.
وقال حساب آخر أيضا تحت اسم “مهرداد”: “لو كنت مكان روحاني، لتخليت عن الغرور وذهبت من وسيلة إعلام إلى أخرى لأفضح المستور، الاعتراف الرسمي بالحاجة للتفاوض مع أمريكا هو إثبات الصواب مساره”.
قالت “مريم” على حساب لها على منصة “إكس”: “رغم محبتي لخاتمي، ورغم أن روحاني خطيب مفوه وجريء، فإنني ما زلت أرى في الدكتور مسعود بزشكیان ذلك الأب الحنون الذي يمنحنا الأمل وسط هذه العاصفة”.
وبهذا الشكل، يمكن القول إن عودة روحاني إلى الواجهة السياسية قد تشكل عامل إرباك داخل المعادلة الإيرانية، بين من يعتبره رجل المرحلة ومن يراه رمزا للفشل السياسي والتنازلات.