- دنيا ياسر
- 23 Views
نشرت وكالة أنباء “خبر أونلاين ” الإيرانية المحافظة المحسوبة على مكتب علي لاريجاني، يوم السبت 3 مايو/أيار 2025K تقريرا استعرضت فيه الأزمات الاقتصادية المتعددة التي تعاني منها إيران، مثل نقص الطاقة، والعجز في الميزانية، وتدهور الأوضاع في قطاعات مثل المياه والبنوك. كما ركزت على كيفية تأثير هذه الأزمات المتداخلة على استقرار الاقتصاد الوطني.
ذكرت الوكالة أن عددا من الاقتصاديين حددوا اختلالات أساسية في الاقتصاد الإيراني، محذرين من آثارها العميقة والمترابطة على مختلف القطاعات. ويرى الخبراء الاقتصاديون أن هذه الاختلالات تُعد من أبرز التحديات التي تواجه اقتصاد إيران، وذهب بعضهم إلى تشبيهها بـ”الوحش الخطر والعنيد” الذي يقف في وجه التنمية الاقتصادية.
وتابعت أنه رغم إعلان حكومة إبراهيم رئيسي أنها سلّمت حكومة بزشكيان “حصانا مروّضا”، إلا أن القضايا المرتبطة بالإصلاحات الاقتصادية وضرورة معالجة اختلالات الاقتصاد عادت لتتصدر الاهتمام بعد أشهر قليلة فقط من تولي الحكومة الجديدة مهامها، وأن لكل نوع من هذه الاختلالات، تُطرح حلول متنوعة.
وأضافت أن ما يلفت الانتباه أن معظم هذه الاختلالات مترابطة، حيث إن الأزمة في أحد القطاعات تنتقل بسرعة إلى قطاعات أخرى، مما يؤثر سلبا على أداء الاقتصاد الكلي. وفي المقابل، فإن معالجة أحد الاختلالات يمكن أن تترك أثرا إيجابيا في باقي المجالات. ولهذا، تشدّد الوكالة على ضرورة إعداد خطة شاملة تأخذ بعين الاعتبار جميع أبعاد هذه الاختلالات.
ذكرت الوكالة مثالا على الترابط بين هذه الاختلالات وهو اختلال التوازن في قطاع الكهرباء، حيث يؤدّي انقطاع التيار في المصانع إلى تراجع الإنتاج، ما يؤدي إلى تراجع التوظيف، وانخفاض الدخل، وزيادة الضغط على الأنظمة الضريبية وصناديق التقاعد.
واعتبرت أن الإصلاحات الجزئية وغير المتناسقة لن تكون فعالة على المدى البعيد، بل وقد تُعيد إنتاج الأزمة من جديد.

وتابعت أن انخفاض الإنتاج الصناعي بسبب نقص الكهرباء يتسبب في رفع تكاليف الإنتاج، مما يؤدي إلى زيادة الأسعار، وهو ما يشكل ضغطا إضافيا على المستهلكين ويرفع معدل التضخم.
وأضافت أن تراجع الإنتاج الصناعي يؤدي إلى تراجع الصادرات وانخفاض العائدات بالعملة الأجنبية، مما يسهم في تفاقم الاختلالات المالية والاقتصادية. وفي هذا السياق، رصدت الوكالة عدة اختلالات أساسية، من أبرزها:
اختلال التوازن في الكهرباء
قالت الوكالة إن إيران، رغم امتلاكها ثاني أكبر احتياطي غاز ورابع أكبر احتياطي نفط في العالم، تعاني في الأشهر الأخيرة من نقص حاد في الطاقة. هذا النقص لم يقتصر على توقف خطوط الإنتاج فحسب، بل بلغ حد إطفاء أنوار المنازل، مما ولّد مشكلات اقتصادية متزايدة.
وأضافت أن سوء الإدارة في هذا القطاع نتيجة ضعف الاستفادة من الموارد، والقرارات غير العلمية، أدى إلى تكرار الأزمات في توفير الطاقة. كما أن غياب الاستثمار في البنى التحتية وتآكل المنشآت أضعف كفاءة النظام وأبرز الحاجة إلى تبني التكنولوجيا الحديثة.
أشارت أيضا إلى أن التحديات الاقتصادية كالعقوبات وتقلبات أسعار النفط أثرت على استقرار قطاع الطاقة. وذكرت أن وزير الطاقة عباس عليآبادي قد صرّح بأن الطلب على الكهرباء هذا العام سيبلغ نحو 85.000 ميغاواط، في حين أن القدرة الإنتاجية لا تتجاوز 65.000 ميغاواط، ما يعني وجود عجز بنحو 20.000 ميغاواط.
وأضافت أن هناك احتمالات قوية بحدوث انقطاعات كهربائية مبرمجة في فصل الصيف.
اختلال التوازن في البنزين
ذكرت الوكالة أن إيران تحاول منذ سنوات، من خلال سياسات متعددة، احتواء أزمة البنزين، إلا أن تزايد عدد المركبات دون توازن مع الإنتاج جعل البلاد تتحول إلى مستورد للبنزين.
وأضافت أن التصريحات الرسمية، بما فيها تصريحات رئيس الجمهورية، تشير إلى أن ما بين 20 إلى 25 مليون لتر من الوقود تُهرّب يوميا إلى خارج البلاد، ما يعكس عمق الاختلال القائم في هذا المجال.
وتابعت أن بعض الاقتراحات تتجه نحو رفع أسعار البنزين بهدف كبح الأزمة. وتشير التقديرات إلى أن واردات البنزين قد ترتفع هذا العام لتصل إلى 5.5 مليار دولار.
اختلال التوازن في المياه
أفادت الوكالة بأن نقص المياه بات من أكبر الأزمات التي تواجه إيران. فقد شهدت الأيام الأخيرة انخفاضا ملحوظا في مياه سدود كرج، ما أثار قلق المواطنين. وأوضحت أن السنوات الأخيرة شهدت احتجاجات شعبية في محافظات مثل أصفهان، خوزستان، چهارمحال وبختياري بسبب شح المياه. كما أصبحت الأزمة أكثر حدة هذا العام في محافظات مثل همدان، فيما تواجه محافظات أخرى مثل سيستان وبلوشستان هذا التحدي بشكل مستمر.
وأضافت أن التغيرات المناخية وسوء الإدارة أديا إلى تراجع حاد في الموارد المائية، مما يهدد قطاعات الزراعة والصناعة، ويؤدي إلى زيادة الأسعار وتراجع الإنتاج، وبالتالي يؤثر على الموازنة وصناديق التقاعد.
وأشارت أيضا إلى أن شح المياه يؤدي إلى الهجرة الداخلية، والضغط على البنى التحتية في المدن، وزيادة معدلات البطالة، والنزاعات الاجتماعية. كما يتسبب في أضرار بيئية خطيرة مثل هبوط الأرض، الجفاف، وتهديد التنوع البيئي.
اختلال التوازن في البنوك
ذكرت الوكالة أن من مظاهر اختلال التوازن في القطاع المصرفي عدم تطابق التزامات البنوك، مثل الودائع والقروض، مع أصولها الحقيقية. وأكدت أن تراجع جودة الأصول، وعدم إمكانية تصفيتها عند الحاجة، يؤدي إلى أزمة سيولة في البنوك.
أوضحت أن من الأسباب الرئيسية لهذه الأزمة انخفاض قيمة أصول البنوك، وارتفاع ديونها، وسوء إدارة المخاطر، مما يؤدي إلى منح قروض عالية المخاطر. كما أن انخفاض عوائد الودائع، وتأخر تحصيل المستحقات، وتقديم تسهيلات لعملاء ضعفاء ماليا، كلها تسهم في تعميق الأزمة.
وتابعت أن هذه الاختلالات تؤدي إلى انخفاض الإقراض، وتراجع الاستثمار والإنتاج، وزيادة البطالة، وارتفاع الأسعار، وبالتالي ارتفاع التضخم، وتراجع القوة الشرائية، وزعزعة الثقة بالنظام المصرفي والحكومة.

اختلال الميزانية العامة
ذكرت الوكالة أن كل عام مع تقديم مشروع الميزانية، تحتدم النقاشات حول اختلالها. ويُقصد به تجاوز النفقات العامة للإيرادات، مما يدفع الحكومة إلى زيادة الضرائب، والاستدانة، أو تقليص النفقات العامة.
وأضافت أن هذه السياسات قد تزيد من حدة اختلالات أخرى؛ مثلا، زيادة الضرائب تؤثر على الإنتاج والاستثمار، والاستدانة المفرطة ترفع ديون الحكومة وتضعف الثقة المالية بها، فيما يؤدي تقليص الخدمات إلى تراجع جودة المعيشة وارتفاع السخط الشعبي.
اختلال صناديق التقاعد
ذكرت الوكالة أن صناديق التقاعد تواجه أزمة عميقة نتيجة تزايد عدد المتقاعدين، وانخفاض الموارد، والركود الاقتصادي، والتضخم. ويؤثر ذلك على قدرتها على دفع المعاشات، ما ينذر بأزمة اجتماعية.
أوضحت أنه إذا لم تُعالج هذه الاختلالات، فإن مستوى معيشة المتقاعدين سيتدهور، وقد يزداد عدد الفقراء، ويضغط ذلك على الحكومة لتوفير الاحتياجات الأساسية، مما يفاقم اختلال الميزانية العامة.
اختلال التوازن في سوق العملات الأجنبية
أشارت الوكالة إلى أن إيران تواجه اختلالات في التوازنات الخارجية عندما لا تستطيع الإيفاء بالتزاماتها بالعملات الأجنبية نتيجة عدم التوازن بين العرض والطلب على النقد الأجنبي. ويعود ذلك لانخفاض الصادرات، وزيادة الواردات، وتقلبات أسعار السلع عالميا، والنمو الاقتصادي غير المتوازن، فضلا عن العقوبات والتقلبات في سعر الصرف.
وأضافت أن هذا النوع من الاختلال يؤدي إلى تراجع قيمة العملة الوطنية، وزيادة التضخم، وارتفاع تكاليف الاستيراد، وانخفاض الاستثمارات الأجنبية.
وتابعت أن هناك اختلالات أخرى أيضا تشمل الصناعة، سوق العمل، والنظام الضريبي، مما يتطلب إصلاحات شاملة، مترابطة، ومتزامنة للحد من هذه الأزمات المتراكمة.