سياسات الحكومة الإيرانية الجديدة في استغلال موارد بحر قزوين

بزشكيان- منصات التواصل

كتبت-رضوى أحمد 

بحسب وكالة أنباء الجمهورية الإسلامية الإيرانية إيرنا، في الاجتماع المشترك لوفدي إيران وتركمانستان ظهر الأربعاء 28 أغسطس/ آب 2024، وصف مسعود بزشكيان رئيس إيران، العلاقات التاريخية بين البلدين بأنها أرضية مناسبة لتطوير التعاون.

قال: “نحن ملتزمون بالتفاهمات والاتفاقيات”، ووصف الاتفاقيات المبرمة في قطاع الغاز بأنها إجراء استراتيجي لتحويل إيران إلى مركز للغاز في المنطقة، وقال: “آمل أن نشهد في الاجتماع القادم الذي سيعقد في عشق آباد تحقيق هذه الاتفاقيات وتنفيذها بالكامل.”

وفي استمرار لهذا اللقاء، أشار وزير الخارجية عباس عراقجي، في كلمته، إلى أمان الحدود بين البلدين، وشدد على ضرورة استخدام قوة الحدود لصالح الدولتين، وأكد على ضرورة التعاون بين البلدين في مساعدة أفغانستان على التغلب على مشاكلها.

وقال خامنئي، مرشد الثورة في لقاء محمدوف “نأمل أن تستمر الأمور المتعلقة بتوسيع العلاقات بين البلدين بمزيد من القوة.”

وحول الخطط المشتركة بين البلدين، بما في ذلك خطة الطريق السريع بين الجنوب والشمال وخطة تطوير خط أنابيب الغاز في تركمانستان، قال: “إن تنفيذ هذه الخطط بحضور خبراء ومتخصصين إيرانيين سيقرب العلاقات الوثيقة بين البلدين.”

وشدد قربان قولي بيردي محمدوف، الزعيم الوطني لتركمانستان، في هذا الاجتماع على أهمية تطوير العلاقات بين البلدين بالنسبة لتركمانستان، وقال: “إن تركمانستان مهتمة أيضًا بتطوير العلاقات التجارية والاقتصادية مع إيران، وزيادة التعاون في منطقة بحر قزوين.”

أهمية منطقة بحر قزوين لإيران

يعتبر بحر قزوين ذو أهمية بالغة، من حيث كونه أحد أكبر موارد الطاقة في المنطقة نقلًا عن تقرير نشره الخبير “علي بمان اقبالي زارج” عام 2023 على موقع مركز البحوث السياسية والدولية، أنه بحسب التوقعات، هناك نحو 48 مليار برميل من النفط و292 تريليون متر مكعب من الغاز الطبيعي، بالإضافة إلى وجود أكثر من مائة نوع من الأسماك.

كما أن بحر قزوين يقع بين أوروبا وآسيا اللتي تعدان أكبر سوق لاستهلاك الطاقة في العالم، ولذلك يتم إنفاق مليارات الدولارات لربط بحر قزوين بأوروبا وشرق آسيا والهند.

بشكل عام، يعد بحر قزوين منطقة مليئة بالتحديات، وعلى الرغم من الجولات العديدة من المفاوضات وتوقيع الوثائق، لا يوجد حتى الآن وضع واضح لحصة البلدان الساحلية. 

ووفقا لـايسنا فبعد الخليج الفارسي وسيبيريا، يحتل بحر قزوين المركز الثالث من حيث احتياطيات النفط والغاز في الساحل وباطن الأرض، وهذا يُضاعف قيمته.

تشير الدراسات الاستقصائية إلى أنه منذ الخمسينيات وحتى نهاية عام 2023، تقلب منسوب المياه في بحر قزوين. وبمقارنتها بالعوامل الطبيعية نجد أن تغير المناخ كان عاملا هاما في تراجع مياه بحر قزوين.

فمنسوب الماء فيه في ارتفاع وانخفاض، والآن انخفض منسوب المياه فيه بحوالي -27 مترًا.

لماذا انخفض منسوب المياه في بحر قزوين؟

تسببت عوامل مختلفة في انخفاض منسوب المياه في بحر قزوين. على سبيل المثال، انخفضت كمية المياه الداخلة إلى هذا البحر بسبب إنشاءات على أنهار مثل سفيد رود وأنهار أخرى تنبع من سلسلة جبال البرز وتدخل بحر قزوين، والتي تخزن تدفق مياه الأنهار. ولذلك فهو يقلل من مدخلات المياه في بحر قزوين.

ومن ناحية أخرى، فإن عدد السكان الذين يعيشون على شواطئ بحر قزوين قد زاد بشكل كبير بسبب النمو السكاني، وكذلك الهجرات إلى هذه المنطقة، مما أدى إلى زيادة استهلاك المياه، وخاصة موارد المياه الجوفية – التي ترتبط مباشرة بمياه البحر.

وقد تسببت هذه العوامل، إلى جانب تغير المناخ وانخفاض هطول الأمطار وارتفاع درجات الحرارة، في انخفاض منسوب المياه في بحر قزوين. ووفقا للدراسات، فإن ارتفاع درجة الحرارة وانخفاض هطول الأمطار هما أهم العوامل في هذا المجال.

عواقب انخفاض منسوب المياه في بحر قزوين:

له تأثير سلبي على موانئ الدول المطلة على هذه البحيرة. فبالنسبة لإيران يمكن أن يجعل الموانئ الشمالية عديمة الفائدة، ويجب نقلها إلى عمق بحر قزوين، بالإضافة إلى أن مصدر الرطوبة للمنطقة سينخفض ويزيد من شدة تغير المناخ،

استمرار تراجع بحر قزوين في بعض المناطق مثل الأجزاء الشرقية من البحر مثل خليج جرجان يمكن أن يحول هذه المنطقة إلى مركز للغبار.

الإجراءات المتخذة لإنقاذ بحر قزوين:

في عام 2003، وقعت البلدان الخمسة المطلة على بحر قزوين على الاتفاقية الإقليمية بشأن حماية البيئة. دخلت هذه الاتفاقية حيز التنفيذ في 2006. الغرض من  هذه الاتفاقية هو حماية بيئة بحر قزوين من جميع المصادر الملوثة، والاستخدام الرشيد والمستدام للموارد البيولوجية لبحر قزوين.

 والمبادئ المهمة لهذا القانون: -مبدأ الاحتراز: (ينص على أنه في غياب الإجماع على أن إجراء ما ليس ضارًا، فيقع العبء القانوني لإثبات أن ذلك غير ضار على عاتق الشخص الذي يفعل ذلك)،

-ومبدأ الدفع من قبل الملوث،

-ومبدأ الوصول إلى المعلومات المتعلقة بالتلوث.

وتعتبر إيران الوصي على هذه الاتفاقية.

وعلى الرغم من أن موارد النفط والغاز الرئيسية لإيران تتركز في الخليج العربي، إلا أن بحر قزوين أيضًا ذا أهمية استراتيجية.

-مخاوف إيران الجيوسياسية:

مع وجود جيران في الشمال لا يتمتعون بإرادة سياسية مستقلة، فإن الخوف من وجود النشاط الأمريكي وحلفائه الغربيين في الحدود الشمالية لإيران يجبر طهران على أخذ الحيطة. وفي هذا الصدد، تقوم سياسة إيران في بحر قزوين على ثلاثة أسس: – ضمان أمن الحدود الشمالية من خلال مساعدة المدن الساحلية لبحر قزوين في الحفاظ على استقرارها وأمنها.

-تطوير العلاقات مع دول المنطقة في إطار منع نفوذ القوى الأجنبية في هذه المنطقة.

-تعزيز العلاقات الثنائية مع روسيا وتركيا من أجل اكتساب المزيد من النفوذ في آسيا الوسطى والقوقاز ووجود تعاون إقليمي أكبر، حيث تعتقد إيران أن إقامة علاقات قوية مع روسيا سيشكل عقبة أمام نفوذ الدول الغربية في هذه المنطقة.

سياسة إيران الاقتصادية في بحر قزوين:

1. استغلال موارد الطاقة.

2. موقع إيران الجيوسياسي: فلا يمكن للدول الساحلية في بحر قزوين أن تحقق تجارة ناجحة مع العالم دون استخدام طرق النقل الإيرانية، بسبب موقع إيران الفريد بين بحر قزوين والخليج العربي، وبذلك تلعب إيران  دورًا في نقل وتبادل السلع ونقل الطاقة، من خلال الطرق والسكك الحديدية والبحر وحتى الجو، بين منطقتي الشمال والجنوب، وحتى الشرق والغرب. وقد أدى ذلك إلى اعتماد تركمانستان وأذربيجان على إيران.

فعلى الرغم من دور بحر قزوين في التطورات السياسية والاقتصادية في إيران، إلا أنه لم يحظ باهتمام جدي من إيران ولم يكن على جدول الأعمال كقضية مهمة في السياسة الخارجية، ولا في الاقتصاد، وذلك بسبب المتطلبات السياسية والظروف الداخلية لإيران، التي خلقت قيودًا على تمتع إيران بحقوقها في بحر قزوين.

كذلك عدم الاستقرار السياسي والاقتصادي واستقلال الدول الغنية بالطاقة في المنطقة، والاستراتيجيات الأمريكية وإسرائيلية المناهضة لإيران، والمنافسة الخطيرة بين تركيا وروسيا مع إيران في السيطرة على طرق تصدير الطاقة، وأخيرًا ضعف السياسة الخارجية لإيران في مواجهة تلك التحديات، وتلك العقبات إذا أزيلت ستعزز الاقتصاد السياسي الإيراني بزيادة الدخل وبروز أهمية إيران الجيوسياسية.