- زاد إيران - المحرر
- 46 Views
ترجمة دنيا ياسر نورالدين
نشرت صحيفة “هم ميهن” الإيرانية الأحد 13أبريل /نيسان 2025 تقريرا استعرضت فيه تأثيرات تصعيد التوترات العسكرية في مضيق هرمز على أسواق النفط العالمية، وناقشت استراتيجيات إيران ودول الخليج لمواجهة التحديات الاقتصادية والأمنية الناتجة عن هذه التوترات.
قالت الصحيفة أن يعد مضيق هرمز ممرا مائيا حيويا يربط الخليج العربي ببحر عمان، ويبلغ عرضه حوالي 55 إلى 95 كيلومترا. وبسبب الأهمية الإستراتيجية لهذا المضيق في التجارة العالمية وعبور الطاقة، كان دائما نقطة حساسة في العلاقات بين الولايات المتحدة وإيران من الناحية الجيوسياسية.
وأضاف أنه في حال عدم التوصل إلى نتيجة في المفاوضات بين إيران والولايات المتحدة، ستزداد التوترات بين إسرائيل والولايات المتحدة وإيران، وفي مثل هذه الظروف، قد يحدث هجوم عسكري على المنشآت العسكرية الإيرانية.
وتابعت أنه من المؤكد أن هذا الهجوم سيواجه ردا من إيران، وفي الخطوة الأولى، ستتأثر الملاحة في مضيق هرمز، مما سيؤدي إلى زيادة كبيرة في الأسعار وخلل في التجارة. إذا استمرت هذه الظروف، ستضطر دول الخليج تدريجيا إلى إيجاد مسارات بديلة لتصدير نفطها.
أهمية مضيق هرمز
ذكرت الصفحة أن مضيق هرمز يعد أحد أضيق الممرات المائية في العالم للملاحة البحرية. وفقا لبيانات صندوق النقد الدولي، يعبر هذا المضيق سنويا أكثر من 30 ألف سفينة. حسب تقرير إدارة معلومات الطاقة الأمريكية، في عام 2022، عبر يوميا حوالي 21 مليون برميل من النفط من مضيق هرمز، مما يشكل 21% من إجمالي استهلاك النفط اليومي في العالم.
وتابعت أنه وفقا لبيانات بلومبرغ، في عام 2024، نقلت ناقلات النفط حوالي 16.5 مليون برميل يوميًا من النفط الخام والمكثفات الغازية من السعودية والعراق والكويت والإمارات العربية المتحدة وإيران عبر هذا المضيق.
وأشارت الصحيفة إلى أن تهديد إيران طويل الأمد بمحاصرة أو استخدام أدوات أخرى لشن هجمات أو التدخل في عبور السفن عبر مضيق هرمز يأتي في إطار الردع ضد إسرائيل والولايات المتحدة من الهجوم المباشر على إيران، إلا أن التغيرات الإقليمية الأخيرة التي أثرت في توازن القوى الإقليمي قد دفعت إيران إلى تكرار هذا التهديد في الآونة الأخيرة.
وتابعت أنه لطالما كانت إيران تتمتع بحضور بحري ملحوظ في مضيق هرمز، وقد استخدمت هذا الوجود كأداة تهديد في مواجهة حصار هذا المضيق، وإذا لزم الأمر، شن هجمات على السفن التجارية والعسكرية الغربية والعربية أو تعطيل الرحلات البحرية للضغط على واشنطن وتل أبيب في فترات التوترات المتزايدة. إغلاق أو تعطيل حركة المرور في هذا المضيق يشكل جزءًا أساسيا من استراتيجية إيران في الردع ضد أي عمل عسكري أمريكي أو إسرائيلي.
وذكرت الصحيفة أنه نظرا لتدهور وضع الجماعات المدعومة من إيران في المنطقة وسقوط بشار الأسد في سوريا، فإن النفوذ الإقليمي لإيران واستراتيجيتها الدفاعية التقدُمية قد تضررت بشكل كبير في العام الماضي. من جهة أخرى، تشير التقارير الأخيرة إلى أن إسرائيل، بفضل النجاحات الجزئية التي حققتها في إضعاف حماس وحزب الله، قد أصبحت أكثر جرأة، ومع دعم ترامب لتل أبيب، فإن القادة العسكريين الإسرائيليين يستعدون للهجوم على المنشآت النووية الإيرانية في عام 2025.
وتابعت أنه بالطبع، في هذا المسار، يعوّل الإسرائيليون على دعم ترامب. ونظرًا لأن الجهود الدبلوماسية لتقليص التوترات بين واشنطن وطهران لم تثمر عن نتائج حتى الآن، فقد كررت إيران تهديداتها بإغلاق مضيق هرمز مجددا، مبرزا استراتيجيتها القديمة، خصوصًا وأن إيران تشعر بأنها أكثر ضعفًا من أي وقت مضى مقارنة بعقد مضى.
وأضافت الصحيفة أنه في السنوات الأخيرة، عززت إيران من وجودها البحري والعسكري حول مضيق هرمز، حيث تخصصت البحرية التابعة للحرس الثوري الإيراني في الحروب غير المتكافئة، مثل استخدام القوارب السريعة للهجوم المباشر، والطائرات المسيرة، وزراعة الألغام، والحرب الإلكترونية، والهجمات الصاروخية ضد السفن. في الوقت نفسه، تستخدم البحرية الإيرانية السفن الحربية والغواصات والقوات البحرية الأكبر لتعزيز نفوذها في الخليج العربي. وتدعم هذه القوات جميعها بواسطة بطاريات صواريخ ساحلية وقواعد بحرية في بندر عباس، وقشم، وأبوموسي، وجاسك، وتشابهار.
وتابعت أنه على الجانب الآخر، تحافظ الولايات المتحدة على وجودها في الخليج العربي من خلال الأسطول الخامس المتمركز في البحرين، وحاملات الطائرات، والمدمرات المسلحة بالصواريخ الموجهة، والسفن الحربية الساحلية والطائرات الاستطلاعية من طراز P-8 بوسايدون. كما يساعد حلفاء الولايات المتحدة الغربيون مثل بريطانيا وفرنسا وغيرها من الدول من خلال السفن الحربية والطائرات المقاتلة، بالإضافة إلى تبادل المعلومات.
كما قالت أيضا أن الدول العربية في المنطقة مثل السعودية والإمارات العربية المتحدة والبحرين تمتلك دفاعات ساحلية وقوارب دورية وأنظمة دفاع جوي متقدمة. لكن إيران لديها سجل في اعتراض السفن التجارية في مضيق هرمز، وآخر حادث من هذا النوع وقع قبل أقل من أسبوعين، حيث قامت القوات الإيرانية باحتجاز ناقلتي نفط أجنبية اتضح أنها كانت تهرب الديزل.

حرب ناقلات النفط: تاريخ المواجهات الإيرانية في الخليج العربي
أردفت الصحيفة أنه خلال حرب إيران والعراق في ثمانينات القرن الماضي، دخل الطرفان في صراع أصبح يعرف بحرب ناقلات النفط. في هذه الحرب، تم استهداف ناقلات النفط والسفن التجارية للطرفين في الخليج الفارسي. كان الهدف من هذه المواجهات هو تعطيل صادرات النفط للطرفين وتقليص الإيرادات النفطية التي تدعم الجهود الحربية. في هذه المعركة، تم شن أكثر من 400 هجوم على السفن التجارية، مما أسفر عن تقلبات كبيرة في أسواق النفط العالمية. هذه الفوضى الأمنية تسببت في زيادة كبيرة في أسعار التأمين على طرق الشحن في الخليج العربي.
وتابعت أن هذه الاضطرابات أجبرت الدول الكبرى المستوردة للنفط على البحث عن مصادر ومسارات بديلة لتقليل تأثير الاضطرابات في سلسلة إمدادات النفط. في يوليو/تموز 1987، تدخلت الولايات المتحدة عن طريق إعادة تسيير ناقلات النفط الكويتية تحت علمها وتقديم خدمات الحراسة البحرية لضمان مرور الشحنات النفطية بأمان.
وأضافت أنه في حماية السفن التجارية، لكنها لم تتمكن من ردع إيران بشكل كامل. ففي 24 يوليو 1978، فجرت القوات الإيرانية ناقلة النفط SS Bridgeton باستخدام الألغام البحرية. وقد أبرزت هذه الأحداث الأهمية الاستراتيجية للخليج العربي في سلسلة إمدادات الطاقة العالمية، وأظهرت مدى هشاشة تجارة النفط في مواجهة الصراعات الإقليمية.
وتابعت أنه من المرجح أن تدفع العقوبات الأمريكية المشددة على إيران طهران إلى اتخاذ إجراءات أكثر عدوانية في المجال النووي، مما يزيد من خطر الهجوم الإسرائيلي على المنشآت النووية الإيرانية، وهو هجوم قد تسانده الولايات المتحدة. وفي حال وقوع مثل هذا الهجوم، فمن المؤكد أن إيران ستنفذ تهديداتها في مضيق هرمز، ولكن ليس بالضرورة ضد دول الخليج العربي.
وذكرت أنه إذا فشلت المفاوضات في التوصل إلى نتائج ملموسة، فإن سياسة الضغط الأقصى التي تتبعها الولايات المتحدة ستزداد في الأسابيع والشهور المقبلة. وفي ظل تصاعد هذا الضغط، ستظل التقدمات الدبلوماسية في الظل، ولن تعود إيران إلى طاولة المفاوضات.
وتابعت كما أن زيادة الضغوط ستعزز من موقف المتشددين المعارضين للمفاوضات في إيران، والذين من المحتمل أن يدعموا تبني سياسات نووية أكثر عدوانية، مثل زيادة تخصيب اليورانيوم إلى مستويات قريبة من إنتاج القنابل، حيث يرون أن هذه السياسات هي الأداة الوحيدة للردع في مواجهة ضغط إسرائيل والولايات المتحدة.
وذكرت الصحيفة أن كل هذه العوامل معا تزيد من خطر الهجوم الوقائي الإسرائيلي على المنشآت النووية الإيرانية. وقد يشمل هذا الهجوم ليس فقط المنشآت النووية الإيرانية، ولكن أيضًا البنية التحتية للنفط والغاز الإيرانية. وإذا حدث ذلك، فسيتعين على إيران أن ترد ليس فقط بهجوم مباشر على إسرائيل، بل أيضًا من خلال تنفيذ تهديداتها ضد حركة السفن في الخليج الفارسي، حيث قد تتضمن استهداف ناقلات النفط والقدرات العسكرية في مضيق هرمز لتعطيل تجارة النفط العالمية ورفع الأسعار بشكل كبير، مما يجبر الولايات المتحدة على تخفيض التوترات.
وأضافت إلى الانتقام المباشر من إيران، من المرجح أن يستهدف وكلاء إيران في العراق والحوثيون في اليمن، الذين استأنفوا مؤخرًا الحصار البحري في البحر الأحمر، البنية التحتية للنفط والغاز في المنطقة. ومع ذلك، فإن العلاقات الطبيعية لإيران مع المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة تشير إلى أن الهجمات الانتقامية ضد دول الخليج العربي قد لا تكون جزءًا من رد الفعل الأولي لإيران وحلفائها، خاصة إذا ظلت هذه الدول محايدة. ويعزز هذا الاحتمال إذا رفضت دول الخليج العربي استخدام الولايات المتحدة لتجهيزاتها العسكرية في أراضيها لدعم الهجوم ضد إيران.
وتابعت أنه على الرغم من أن إيران لا تملك القدرة على إغلاق مضيق هرمز بشكل كامل لفترة طويلة، إلا أنها من المرجح أن تستخدم تكتيكات غير متكافئة لتعطيل التجارة البحرية والضغط على الولايات المتحدة. وعلى الرغم من امتلاكها قدرات بحرية غير متكافئة ملحوظة، إلا أن إيران تفتقر إلى القدرة على إغلاق المضيق بشكل مستدام، ولم تظهر تاريخيًا رغبة كبيرة في تنفيذ مثل هذه التهديدات. والسبب في ذلك يعود في المقام الأول إلى الوجود العسكري الكبير للولايات المتحدة وحلفائها في المنطقة، الذين تتفوق قدراتهم بشكل كبير على قدرات إيران.
كما أشادت الصحيفة أنه في 12 أبريل /نيسان 2025، التقى المسؤولون الإيرانيون والأمريكيون في عمان على طاولة المفاوضات. ويأتي هذا الاجتماع في وقت يتم فيه نشر قاذفات قنابل B-2 الأمريكية في جزيرة دييغو غارسيا، وهي قاعدة استراتيجية للولايات المتحدة في المحيط الهندي. ويمكن تفسير هذه الخطوة على أنها إشارة إلى أن الولايات المتحدة قد نشرت معداتها العسكرية في المنطقة استعدادًا لضرب إيران دون الحاجة إلى استخدام قدراتها المتمركزة في الخليج العربي.
وتابعت أنه من ناحية أخرى، زادت احتياطيات اليورانيوم المخصب بنسبة 60% في إيران بشكل كبير بين نوفمبر/تشرين الثاني 2024 وفبراير/شباط 2025، وهي الفترة التي تواكب الانتخابات الرئاسية الأمريكية وإعادة انتخاب ترامب. وفي عام 2024، نفذت إسرائيل وإيران سلسلة من الهجمات المباشرة ضد بعضهما البعض. ففي 26 أكتوبر، نفذت إسرائيل هجمات دقيقة على أهداف عسكرية في إيران، بما في ذلك المنشآت البحثية للأسلحة النووية في مجمع بارشين العسكري، انتقاما للهجوم الصاروخي البالستي الإيراني في 1 أكتوبر/تشرين الأول.
الضغط على الولايات المتحدة
قالت الصفحة أن إيران تسعي إلى الضغط على الولايات المتحدة وحلفائها دون الدخول في صراع شامل قد يؤدي إلى تدمير بنيتها التحتية النفطية وبرنامجها النووي. قد تتضمن تكتيكات إيران في مضيق هرمز مضايقة السفن التجارية، ووضع الألغام البحرية، وإطلاق الطائرات بدون طيار، والهجمات الصاروخية على ناقلات النفط، واحتجاز سفن تجارية بشكل انتقائي.
وتابعت أن إيران ستركز على استهداف ناقلات النفط والسفن التابعة للدول التي تعتبرها معادية، والتي ربما تشمل السعودية والإمارات. قد تستخدم إيران أيضًا قوارب سريعة تابعة للحرس الثوري، وهجمات سيبرانية على البنية التحتية للموانئ، والتشويش على نظام تحديد المواقع العالمي (GPS)، واحتجاز ناقلات النفط الاستراتيجية لخلق حالة من عدم الاستقرار.
وتابعت أيضا أنه من المحتمل أن يؤدي تصعيد التوترات العسكرية في مضيق هرمز إلى اضطرابات قصيرة الأجل في تدفق النفط العالمي، وزيادة التقلبات في أسواق الطاقة، وارتفاع أقساط التأمين على الشحن البحري، وربما هجمات عسكرية مباشرة من الولايات المتحدة ضد أهداف إيرانية. قد تؤدي أي محاولة من إيران لإغلاق مضيق هرمز أو تعطيل مرور السفن فيه إلى زيادة مؤقتة في أسعار النفط العالمية، وربما تتجاوز 100 دولار للبرميل.
وذكرت أن هذه الأعمال ستؤدي إلى ردود فعل عسكرية، خاصة من الولايات المتحدة، خاصة إذا تم استهداف ناقلات النفط أو السفن العسكرية الأمريكية بشكل مباشر أو عن طريق الخطأ. من المرجح أن تزيد الولايات المتحدة وحلفاؤها الغربيون من الدوريات البحرية، وحراسة ناقلات النفط، ونشر الطائرات بدون طيار، والسفن المتخصصة في إزالة الألغام استجابة للتهديدات الشديدة.
واختتمت الصحيفة تقريرها أنه في سبتمبر 2019، أدت الهجمات على المنشآت النفطية في السعودية، والتي تبناها الحوثيون لكن الولايات المتحدة ودول أخرى حملت إيران مسؤوليتها، إلى توقف حوالي 5% من إنتاج النفط العالمي وارتفاع أسعار النفط الخام بنسبة 20% تقريبًا.