صحيفة إيرانية: إيران بحاجة لاستراتيجية شاملة لتجاوز الأزمات 

ترجمة: علي زين العابدين برهام

نشرت صحيفة “هم ميهن“، السبت 5 أبريل/نيسان 2025، افتتاحيتها تحت عنوان “عام يرتجى خيره” تناولت فيه أبرز التحديات التي تواجهها إيران في هذا العام “الإيراني” الجديد. 

استهلت الصحيفة الافتتاحية بالتنويه إلى أن إيران بحاجة ماسّة إلى مراجعة استراتيجية شاملة تُمكّنها من تجاوز الأزمات التي تواجهها وتواجه المواطنين. 

وذكرت أن الواقع واضح للجميع، وإنكاره لا يُعدّ سوى خداع للنفس، كما أن التهويل واليأس وتصوير كل شيء بلونٍ قاتم لا يقلّ خطرا عن الإنكار، إذ إن كليهما يُضعف الأمل ويُعيق الإصلاح.

وأضافت أنه يجب أن نكون واقعيين ومتفائلين، وهذا ممكن التحقيق.

وتابعت الصحيفة: بدأنا هذا العام في وقت تمر فيه السياسة الخارجية للبلاد بمرحلة من تصاعد التوتر أو شبه الجمود. 

ورغم أن سوق العملات يُشير إلى أن التصعيد يبدو أكثر احتمالا، فإنه من الممكن أيضا أن يكون هذا مؤشرا على وصول الوضع الراهن إلى طريق مسدود، مما قد يعزز الدوافع لتغييره.

وأوضحت أن المشكلة لا تقتصر على إيران فقط؛ فترامب، على ما يبدو، أعلن حربا بلا نهاية على الجميع، من مطالبته بضمّ القطب الشمالي وغرينلاند وكندا إلى الولايات المتحدة، إلى فرض رسوم جمركية مرتفعة تهدد النظام الاقتصادي العالمي برمّته. 

وأضافت أنه ربما تكون الصين وحدها هي القادرة نسبيا وبشكل فعّال على مواجهة هذا الواقع الجديد، بينما ستجد بقية الدول نفسها عاجزة، إلا أن تراهن على أن تداعيات سياسات ترامب السلبية قد تعرقل مسيرته داخليا في الولايات المتحدة.

وأشارت إلى أنه في الداخل الإيراني، تتزايد الأزمات تعقيدا. فقد استُهلّ العام “الإيراني” الجديد بجدل واسع أثارته أنباء عن رحلة ترفيهية لنائب رئيس الجمهورية للشؤون البرلمانية وزوجته إلى القطب الجنوبي. غير أن لبّ الإشكال لم يكن في أصل الرحلة، بل في نفيها الأولي ثم التستر عليها، وهو ما جعل من طريقة التعامل مع الخبر أزمة أكبر من الخبر نفسه، كأنهم أرادوا تجميل الجرح بالكحل، فأصابوه بالعمى.

وذكرت أنه في موازاة هذا، بدأت السَّنة بتحدّيات مزدوجة وخطيرة، أبرزها أزمة المياه والتوترات الإقليمية. فالاضطراب في محطة ضخ المياه إلى “يزد” من منطقة ورزنة في أصفهان، دق ناقوس الخطر حيال إمكانية تصاعد النزاعات الداخلية بسبب شحّ المياه. ويُضاف إلى ذلك اختلال التوازن في ملفات الطاقة، والسياسة الخارجية، والاقتصاد، وكلها مرشحة لأن تشتدّ وطأتها هذا العام أكثر من أي وقت مضى.

وذكرت أن التحدي الأبرز في المرحلة المقبلة يتمثل في قضية الحجاب، والتي نأمل أن تشهد انفراجة هذا العام، خاصة بعد إنهاء اعتصام بعض الأفراد أمام البرلمان. فمثل هذه التحركات لا تُسهم سوى في تأجيج التوترات، في حين لا تزال هناك فرص قائمة لمعالجة هذا الملف بحكمة، كما ظهرت بوادر إيجابية لذلك في مدينة أصفهان.

وأضافت أنه ما زالت بعض الإجراءات المتخذة بحق النساء تتجاوز الأطر القانونية، مما يبقي فتيل الأزمة مشتعلا. لذا، بات من الضروري أن تتعامل الدولة والحكومة مع هذا الملف بحزم وتعقّل لتجنب تفاقم الأوضاع.

وأوضحت أن شعار هذا العام، «الاستثمار في الإنتاج»، فهو حجر الأساس لأي تحسّن مرتقب في أوضاع البلاد. غير أن تحقيقه لا يمكن أن يتم عبر الحلول الإدارية البيروقراطية وحدها، كما نبّه إلى ذلك النائب الأول لرئيس الجمهورية محمد رضا عارف، بل يستلزم إرادة سياسية قوية وإصلاحات جذرية لتهيئة بيئة مشجعة على الاستثمار والإنتاج الحقيقي.

وأضافت أن المسألة الأخرى بالغة الأهمية تتمثّل في فشل الحكومة في تحقيق شعار “الوِفاق البنيوي الداخلي”. فقد أدى استجواب وإقالة وزیر الاقتصاد إلى انهيار ما تبقى من التوافق المؤقت الذي تشكّل في بداية عمل الحكومة، ولم يعد بالإمكان ترميمه عبر محاولات شكلية أو من خلال توزيع المناصب وتقديم التنازلات. ومع ذلك، فإن تحقيق هذا الوِفاق أمر ضروري وأساسي لحل أزمات البلاد.

وأشارت الصحيفة إلى أن معالجة هذه التحديات لا يمكن أن تتم بشكل جزئي أو تقني. فلا السياسة الخارجية، ولا السياسات الداخلية يمكن إصلاحها دون تغيير في النهج والرؤية. والزمن لا يعمل لصالحنا.

وأوضحت أن المشكلة ليست في طبيعة المفاوضات، سواء كانت مباشرة أو غير مباشرة، ولا في تعديل القوانين لجذب الاستثمارات، ولا في تكرار الشعارات حول أهمية الوفاق. جوهر المشكلة يكمن في ضرورة إحداث تحوّل جذري في التوجّه العام.

واختتمت بأنه يجب أن نحدد بوضوح نوع العلاقة التي نرغب في بنائها مع العالم، وفي الداخل، علينا أن نتساءل: ما موقع الشعب وممثليه الحقيقيين في منظومة الحكم وصناعة القرار؟ الإجابة على هذين السؤالين سترسم بوصلة مستقبلنا، وتحدد إلى أين نحن ذاهبون، بل وأين سننتهي.