- زاد إيران - المحرر
- 58 Views
كتبت: آية السيد
في السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، نفذت كتائب عز الدين القسام هجوما مفاجئا على المستوطنات الإسرائيلية، مما أثار توترات كبيرة في الشرق الأوسط، رحبت إيران بالعملية دون أن تكون على علم مسبق بها، وتابعت الأحداث بمراحل من تجنب التصعيد وإدارة الأزمات، وصولا إلى استراتيجية “الصبر الاستراتيجي” لمواجهة التصعيدات اللاحقة.
حسب ما أفادت به صحيفة هم ميهن الإيرانية في تقريرها المنشور 16 سبتمبر/أيلول 2024، والذي جاء فيه:
يوم 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 حين تسللت قوات العمليات الخاصة التابعة لكتائب عز الدين القسام الجناح العسكري لحماس ضمن عملية “طوفان الأقصى” تحت غطاء وابل من الصواريخ من قطاع غزة المحاصر إلى المستوطنات الإسرائيلية، حيث نفذت هجوما مفاجئا غير مسبوق خلال عطلة كبرى للإسرائيليين، اجتاحت موجات هذا الطوفان منطقة الشرق الأوسط بأكملها، وهذا ما دفع دول المنطقة إلى اتباع استراتيجيات محددة لحماية نفسها من تبعات هذا الهجوم، ومن ناحية أخرى للحفاظ على مكانتها في معادلات الشرق الأوسط الجديد.
و ذكرت الصحيفة أن إيران فوجئت كغيرها من دول المنطقة والعالم بما حدث في الأراضي الفلسطينية المحتلة، ورحبت في أول رد فعل لها بعملية المقاومة الفلسطينية، مؤكدةً عدم اطلاعها المسبق على هذه العملية.
وقد صرح ناصر كنعاني، المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية، مساء السبت 14 سبتمبر/أيلول 2024، في أول تعليق لطهران على التطورات في الأراضي المحتلة، بأن عملية “طوفان الأقصى” هي حركة مستقلة قامت بها قوى المقاومة والشعب الفلسطيني المظلوم دفاعا عن حقوقهم الشرعية التي لا يمكن إنكارها، وهي رد فعل طبيعي على السياسات العدوانية والمحرضة والمستفزة للصهاينة، وخاصة بنيامين نتنياهو رئيس الوزراء المتطرف للنظام الصهيوني المحتل.
المرحلة الأولى: تجنب فخ الحرب
كما تقول الصحيفة إن إيران اتهمت بتخطيط ودعم الهجوم الذي شنته حماس على الأراضي الفلسطينية منذ الساعات الأولى من 7أكتوبر/تشرين الأول 2023، وعزز هذا الاتهام بدء حزب الله اللبناني لعملياته العسكرية ضد الكيان الصهيوني 8 أكتوبر/تشرين الأول 2024 لكن حسن نصر الله (الأمين العام لحزب الله) نفى قائلا:”العملية الكبيرة والشاملة التي نفذتها حماس كانت نتيجة تخطيط وتنفيذ فلسطيني بالكامل، وهذا التكتم الكبير أدى إلى نجاح هذه العملية بشكل كبير”
وعرضت الصحيفية أيضا ما ذكرته جريدة “لو فيغارو” الفرنسية في ديسمبر/كانون الأول حول تفاصيل عملية حماس، مبينة أن حزب الله وإيران كانا غير مطلعين على الخطة، كما وضحت أن قادة حماس في الخارج لم يكونوا على علم بالعملية، وأن يحيى السنوار كان يسعى للحفاظ على سرية العملية لتجنب أي تسريب محتمل، وأضافت الصحيفة أن محمد ضيف ويحيى السنوار من كانا على علم فقط بموعد بتنفيذ العملية.
كما عرضت الصحيفة رد قائد الثورة في 10 أكتوبر/تشرين الأول 2023 على هذه الاتهامات، مبينا أن إيران لم تكن مشتركة في هذا الهجوم، وموضحا أن دعمها للفلسطينيين لا يعني أنها كانت وراء الهجوم، بینما صرح حسن لاسجردي (محلل قضايا الشرق الأوسط) بأن العملية كانت غير مسبوقة من حيث تأثيرها العسكري والإقليمي، وأوضح أن إيران حاولت الحفاظ على مسافة من الصراع لتجنب تحميلها المسؤولية، وأن القوى المقاومة في المنطقة أصبحت أكثر نضجا واستقلالية، مما يعني أن العملية كانت نتيجة تخطيط فلسطيني مستقل.
لمرحلة الثانية: إدارة الأزمة
وأفادت الصحيفة بأنه في فبراير/شباط 2024 نفذت كتائب حزب الله العراقية هجوما بطائرة مسيرة على قاعدة عسكرية أمريكية شمال شرقي الأردن، مما أسفر عن مقتل ثلاثة جنود أمريكيين، وأثار هذا الهجوم رد فعل قويا من الرئيس الأمريكي جو بايدن، حيث قال:” اعتبر إيران مسؤولة نظرا إلى تزويدها المهاجمين بالأسلحة”، ورغم هذه التصريحات اقتصرت الردود الأمريكية على استهداف قواعد كتائب حزب الله في العراق فقط، وفي أعقاب ذلك قال الأمين العام لكتائب حزب الله في بيانه: “نعلق العمليات العسكرية والأمنية ضد القوات المحتلة – لتفادي إحراج الحكومة العراقية – وسنواصل الدفاع عن شعبنا في غزة بطرق أخرى”.
وقالت الصحيفة إنه في 4 يناير/كانون الثاني 2024، استهدف هجوم صاروخي رضا موسوي في سوريا الذي كان مسؤولا عن دعم المقاومة، واعتبرت إيران الهجوم محاولة لجذبها إلى الحرب، كما أكد اللواء إسماعيل قاآني على ذلك قائلا: “أنتم تغتالون رضا موسوي لأنكم لم تتمكنوا من تحقيق شيء في ساحة حرب غزة، وإيران لن تجر إلى خططكم”
و ذكرت الصحيفة أنه في 13 أبريل/نيسان 2024 تعرضت القنصلية الإيرانية في دمشق لهجوم بصواريخ وطائرات مقاتلة، مما أدى إلى مقتل محمد رضا زاهدي (الرجل الثالث في قوة القدس)، وردت إيران بعملية “الوعد الصادق” التي شملت إطلاق صواريخ بالستية في 13 أبريل/نيسان، ورغم محاولة حلفاء إسرائيل التصدي للهجمات تمكنت إيران من تنفيذ هجومها.
أضافت الصحيفة أنه في 19 مايو/أيار 2024، صرح حسين أمير عبد اللهيان وزير الخارجية الإيراني الراحل، بأن إيران أبلغت الولايات المتحدة ودول أخرى أنها ستستهدف إسرائيل فقط، محذرا من أن أي تدخل أمريكي ضد إيران سيؤدي إلى رد سريع وحاسم، على الرغم من ذلك ردت إسرائيل بعملية تخريبية في منشآت الدفاع الجوي في أصفهان، بدلا من التصعيد المباشر.
المرحلة الثالثة: الصبر الاستراتيجي
وذكرت الصحيفة أنه في 31 يوليو/تموز 2024، اغتالت إسرائيل إسماعيل هنية، رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، في طهران، خلال مراسم تنصيب مسعود بزشکیان، ووفقا لما أعلنه الحرس الثوري تم تنفيذ الهجوم باستخدام قذيفة قصيرة المدى بوزن رأسي نحو 7 كيلوغرامات من خارج نطاق إقامة الضيوف.
وأكد اللواء محمد باقري (رئيس هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة الإيرانية) ردا على اغتيال هنية، أن إيران سترد ولكن التوقيت لم يحدد بعد، كما أشار قائد الثورة إلى أن الهجوم زود إيران بفرصة لمعاقبة إسرائيل بشدة.
كما أفادت وكالة رويترز بعد اغتيال هنية بيوم، أن إيران اجتمعت مع حلفائها الإقليميين من لبنان والعراق واليمن لمناقشة ردود الفعل المحتملة ضد إسرائيل، وذكرت مصادر الوكالة أن الاجتماع في طهران شمل ممثلين من حماس، الجهاد الإسلامي، حزب الله، الحوثيين ومجموعات المقاومة العراقية.
وقالت الصحيفة إنه على الرغم من مرور 45 يوما على الاغتيال، فإن إيران استمرت في اتباع استراتيجية “الصبر الاستراتيجي”، حيث أوضح جاويد قربان أوغلي (الدبلوماسي المتقاعد) أن إيران تأخرت في الرد، لأن إسرائيل لم تعترف رسميا بالمسؤولية عن الاغتيال، مما يجعل من الصعب تبرير الرد دوليا، وأشار قربان أوغلي أيضا إلى أن الاغتيال كان في وقت حساس، حيث جاء في وقت الإعلان عن تشكيل حكومة جديدة بإيران، وأن أي تصعيد قد لا يكون في مصلحة إيران، وأضاف أن الصبر الاستراتيجي يتيح لإيران الجمع بين حق الرد وعنصر المفاجأة، ويترك المجال للمشاورات والبحث.