صحيفة إيرانية تدعو رئيس البرلمان الإيراني لحسم المواجهة مع المتشددين

تناولت صحيفة “هم ميهن” الإيرانية الإصلاحية، في تقرير لها الأربعاء 28 مايو/أيار 2025، التحديات التي يواجهها رئيس البرلمان الإيراني محمد باقر قاليباف، في ظل تصاعد نفوذ التيار المتشدد، وتحثه على اغتنام الفرصة الحالية لإحداث إصلاح داخلي حقيقي. كما سلط الضوء على تراجع ثقة الشعب بالبرلمان، محذرا من تداعيات الاستمرار في النهج الشعبوي والصدامي على مستقبل البلاد ومكانة البرلمان ذاته.

ذكرت الصحيفة أن الواقع يفرض ضرورة حسم الموقف من بعض النواب، خاصة المتشددين منهم. وأضافت الصحيفة أنه لا شك في أن هناك عددا من النواب المؤهلين مهنيا داخل البرلمان، لكن لا بد من الإشارة إلى أن اتباع توجهات هذه الفئة لا يحمل أي خير شخصي لقاليباف، والأهم من ذلك أنه لا يحمل أي خير للبلاد، بل حتى إنه لا يعود بالنفع على المستقبل السياسي لهؤلاء النواب أنفسهم.

نتائج انتخابات هيئة رئاسة البرلمان

أضافت الصحيفة أن انتخابات هيئة رئاسة البرلمان في عامه الثاني أُجريت أيضا، وتم انتخاب قاليباف رئيسا للبرلمان بـ219 صوتا، أي بزيادة 21 صوتا مقارنة بالعام الماضي. 

ورأت أنه من الطبيعي أن يُستقبل هذا الانتخاب بترحيب، لأنه يدل على تراجع قوة المتشددين داخل البرلمان، وهو تراجع جذوره تعود إلى انتخابات عام 2024

وأشارت إلى أنه على قاليباف وحلفائه أن يتخيلوا لحظة غياب الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان أو فشله في الانتخابات؛ حينها فقط يمكنهم إدراك حجم الفرصة المتاحة لهم حاليا ، ففي ذلك السيناريو، لربما كان مصيرهم الجلوس في زوايا البرلمان منتظرين نهاية دورته بفارغ الصبر.

أوضحت أنه لذلك، يجب إدراك أهمية هذه اللحظة وعدم الدخول في الساحة بخطابات دعائية وشعاراتية. وينبغي الاستفادة من دروس السلوك الذي مُورس في البرلمان السابق ضد الرئيس الايراني السابق روحاني، لأن آثاره السلبية لم تقتصر على طرف دون الآخر، بل طالت الجميع، وتضرر من تسببوا في التوترات بأنفسهم.

إدراك قاليباف لواقع البرلمان

ذكرت الصحيفة أن قاليباف يدرك تماما، كما يرى باطن كف يده، مستوى النفوذ الشعبي، والاستقلال الفكري، ومستوى المعرفة والخبرة، وأيضا الأهلية الأخلاقية للعديد من نواب البرلمان الحالي. وأضافت أن أداء هؤلاء النواب في ممارسة مهامهم الرقابية، وفي مجال التشريع، بات واضحا أمام الجميع.

وتابعت أن تدخلهم غير المبرر في التعيينات والعزل داخل الحكومة، خاصة في الشركات، وكذلك استخدام أدوات مثل الاستجواب والسؤال والتنبيه كوسائل لتحقيق أهدافهم الشخصية، كل ذلك أصبح معروفا لدى رئيس البرلمان.

وأشارت إلى أن  قاليباف يدرك أيضا مستوى الثقة الشعبية تجاه البرلمان ونوابه. وأضافت رغم أنه لا يُتوقع منه الإفصاح الكامل والشفاف عن هذه الأمور، إلا أن تحريف الحقيقة أيضا أمر غير مقبول.

وتابعت أن السياسيين تُتاح لهم أحيانا فرص لاتخاذ قرارات مصيرية يمكن أن تخلّد أسماءهم في ذاكرة الوطن. وبالاعتماد على دعم الشعب وثقته، يمكن لهم فتح آفاق جديدة وصناعة اسم خالد في التاريخ السياسي. وحذّرت الصحيفة من أن الركض وراء أحداث ثانوية لن يحلّ أي مشكلة.

مواجهة المتشددين داخل البرلمان

أضافت الصحيفة أن حسم الموقف تجاه بعض النواب، خاصةً المتشددين، أصبح ضرورة، ورغم وجود نواب يتمتعون بالمؤهلات، فإن السير خلف أجندات التيار المتشدد لا يخدم أحدا. لا  قاليباف، ولا البلد، ولا حتى هؤلاء النواب أنفسهم.

وتابعت أن هذه المجموعة المتشددة أصبحت اليوم أضعف وأقل تأثيرا مما كانت عليه في السابق، وهذا الأمر انعكس في نتائج انتخابات رئاسة البرلمان، إلا أن هذا الوضع هشّ ولا يُعوّل عليه، ويجب الحيلولة دون عودة الأمور إلى الوراء أو الأسوأ.

وأوصت بالرجوع إلى التوجهات التي يرغب بها الشعب ويحتاجها، واحترام تلك التوجهات، لأن الانشغال بالقضايا الجانبية سيكون مضرا للبلاد. ولا يوجد طريق للنجاة سوى تعزيز التوافق الداخلي، وترسيخه من خلال الانسجام مع الشعب والعالم.

أزمة المشاركة الشعبية

أشارت الصحيفة إلى أن الفجوة بين النواب والشعب أعمق بكثير مما يتصوره البعض، والخطر لا يكمن فقط في وجود هذه الفجوة، بل في صعوبة ترميمها. وأضافت أن من المؤكد أنه في حال أجريت انتخابات اليوم، ستكون نسبة المشاركة أقل من المرة السابقة، رغم أن انتخابات طهران في البرلمان الحالي بلغت حدّها الأدنى، حيث أن أغلب النواب تم انتخابهم بأقل من 3% من أصوات الناخبين، ومع هذه الشرعية الضعيفة لا يمكن اتخاذ أي خطوة فعالة.

قانون الحجاب وضرورة الإنقاذ السياسي

ذكرت الصحيفة أن أبرز ما أنتجه هذا البرلمان هو تأييده لقانون الحجاب، وهو قانون تسبب في دخول البلاد في أزمة أمنية كبيرة. وختمت الصحيفة بأن الفرصة متاحة الآن، عبر المشاورات العلمية الدقيقة، والتنسيق مع رؤساء السلطتين الأخريين، لتحقيق تقدم وإنقاذ البلاد من هذا الوضع، شريطة ألا يعرقل النواب هذه المساعي. ومع ذلك، إن كانت هناك إرادة حقيقية من السيد قاليباف، فبإمكانه تجاوز هذه العقبة الكبرى.