صحيفة إيرانية: عمال النفط في حقل سلمان يدفعون ثمن حظر استيراد قطع الغيار والمعدات

كتبت: يسرا شمندي

تشهد إيران تحديات كبيرة في قطاع النفط والغاز، حيث يُعاني العاملون في حقل سلمان من ظروف عمل قاسية تزداد تعقيدا بفعل العقوبات وتأخر التكنولوجيا، وتشير التقارير إلى أن العديد من التوربينات قديمة وتحتاج إلى صيانة دورية، ومع أن نظام التحكم من المفترض أن يضمن استقرار التشغيل إلا أنه يعاني من الحظر، وبينما يتناقص عدد التوربينات العاملة، تتزايد المخاطر التي تواجه العاملين، مما يدفعهم إلى استخدام حلول إبداعية لتجاوز العقبات، إن وضعهم الحالي يعكس التحديات الهيكلية التي يواجهها قطاع النفط الإيراني في ظل الظروف الراهنة.

بناءً على تقرير كتبته صحيفة هم ميهن بتاريخ 17سبتمبر/أيلول 2024، فإن العمل داخل مقصورة التوربينات في حقل سلمان في هرمزغان صعب للغاية، حيث يعاني العمال من الحرارة شديدة وضيق المساحة، مما يجعل التنفس صعبًا، فعند إغلاق الباب المعدني، يختفي الضوء تمامًا بحيث لا يمكن رؤية أي شيء، ويزداد الصوت، كما أن المقصورة ضيقة جدا بحيث لا يمكن لأكثر من شخص أن يدخلها، والتواصل مع العالم الخارجي يتم فقط عبر الموجات اللاسلكية، ويخشى العمال من تلف المعدات لأنهم يضطرون إلى إصلاحها بأنفسهم، ورغم أن الغرفة ليست مصممة للعمل البشري، فإنها ضرورية لتوليد الكهرباء وحقن الغاز لاستخراج النفط، ويعاني الحقل من نقص المعدات بسبب العقوبات التي كلفت نحو 1200 مليار دولار بين 2011 و2022، والنقطة المهمة أن عمال النفط يعملون دون رواتب أو مزايا، ومع ذلك يواصلون تشغيل التوربينات ويشيدون بمديري الحقل لجهودهم في الحفاظ على سير العمل.

والجدير بالذكر أن بعض أجهزة التوربينات في إيران قديمة، حيث تم تصنيعها في السبعينيات، وتوصي الشركات المصنعة بإصلاحها كل خمس سنوات واستبدال أجزاء منها كل عشر سنوات، لا يوجد فرق بين الموظفين التعاقديين والرسميين في تشغيل التوربينات، حيث يُجبر العمال على القيام بأعمال خطيرة بينما يتمتع الموظفون الرسميون بحماية قانونية من الضمان الاجتماعي ودعم وزارة العمل، ويوضح أحد الموظفين ويدعى حميد أن الشخص الذي سيشغل التوربين يجب أن يكون وزنه أقل من 70 كيلوغرامًا وطوله أقل من 170 سم، ويجب عليه دخول الآلة وإغلاق الباب، إذا لم يُغلق الباب، قد ينشط نظام الإطفاء ويضخ غاز الهالون، و لكن عند إغلاق الباب، ترتفع درجة الحرارة داخل المقصورة إلى أكثر من 60 درجة مئوية.

كما يؤكد حميد أن ارتفاع الغرفة يبلغ مترين ونصف، وعرضها مترين ونصف، وطولها بين 14 و15 مترًا، وهي ممتلئة بالأجهزة المرتبطة بالضواغط والمولدات، ويعد ارتفاع درجة الحرارة داخل الغرفة ناتجا عن إشعال الغاز في مواقد التوربينات، مما يجعل الحرارة تصل إلى أكثر من 60 أو 70 درجة.

معيار غير محدد

ويتابع التقرير ذاكرا أن أحد الموظفين ويسمى حسين، يبلغ طوله 189 سم، يتناوب مع زملائه داخل الآلة لتشغيل التوربين، معتمدا على التعاون بين الموظفين الأصغر حجما لدخول الغرفة، فلا يوجد توجيه رسمي من الإدارة حول هذا الأمر، فعملية بدء التشغيل تتكرر عدة مرات، ويجب على الموظف البقاء في الوضعية نفسها مع التواصل لا سلكيا بسبب الضوضاء.

والمسألة الجوهرية أنه لا توجد معدات أو ملابس خاصة للسلامة، والكبائن مصممة للجهاز فقط، ويجب أن يصل التوربين إلى 3500-4500 دورة في الدقيقة لحدوث الاشتعال، وتستغرق عملية فتح صمامات الغاز والوقود من نصف ساعة إلى 45 دقيقة وفي واقع الأمر الغرفة تحتوي على مستشعرات للكشف عن الغاز واللهب، واستخدام غاز ثاني أكسيد الكربون قد يقلل من مستوى الأكسجين، مما يشكل خطرا، كما أن التوربين يعمل مثل محرك الطائرة، مما يؤدي لمشاكل سمعية بعد فترة.

العمل تحت ضغط

ويصرِّح أحد الموظفين والذي يدعى صابر بأن عمال النفط يدخلون المقصورة تحت إكراه غير مباشر، حيث يجبرهم النظام بأكمله على العمل، والاعتراض يعرضهم لتقييم سلبي، أو النقل إلى مكان عمل آخر بوسائل أقل راحة، إن هذا الضغط النفسي يمكن أن يبقي الشخص في الموقف نفسه لسنوات دون ترقية.

التوربينات الغازية في إيران

والجدير بالملاحظة أن التوربينات الغازية في إيران قديمة، فلقد تم استيرادها منذ سنوات، ولا تمتلك البلاد التكنولوجيا اللازمة لإنتاجها حاليا، وبسبب العقوبات، تُستورد الأجزاء عبر وسطاء، وتُرسل التوربينات إلى دبي للصيانة قبل أن تتولى الشركات الإيرانية إصلاحها، مما أدى إلى تدهور فعاليتها، ولا يمكن تشغيل التوربينات باستمرار، مما يسبب مشاكل في المولدات ويؤثر على الإنتاج، خاصة في الخزانات المشتركة، موظفو النفط يضبطون الأجهزة يدويا بسبب نقص التشغيل الآلي والأجزاء المفقودة.

حظر نظام التحكم

ويقرّ الموظفون بأن نظام التحكم، الذي يُعاني من الحظر والعقوبات، هو العنصر الأساسي في المشكلة، فمهمة النظام هي ضبط كمية الوقود عند عدد دورات محدد في الدقيقة وتوفير ظروف متسقة للتوربين، وعند عدم توافره، يعتمد الشخص الذي يدخل التوربين على تجربته وتعليمات المشغل أمام الشاشة لتحديد الدائرة والمعدات التي تحتاج إلى تغيير، إضافة إلى تحديد وقت فتح الجهاز وإجراء عملية الإشعال لتشغيل الشعلات الرئيسية للتوربين.

متى يحل الموظفون محل نظام التحكم؟

أكَّد ناشط في صناعة النفط أن العديد من أجزاء نظام التحكم في صناعة النفط والبتروكيماويات تخضع للعقوبات، مما يدفع الشركات إلى استخدام حلول إبداعية، وقد نفت العلاقات العامة لشركة النفط الوطنية علمها بذلك، مشيرة إلى أن القضية تتعلق بشركة من شركات الأوفشو (تشير إلى شركة مسجلة في بلد آخر غير البلد الذي يتم فيه تشغيل أنشطتها، وغالبا ما تكون هذه الشركات مُنشأة في دول تتمتع بتشريعات ضريبية ملائمة أو مرنة)، كما نفى مدير منطقة عمليات لافان محمود ريزا حقي، أن الموظفين يعملون بدلاً من الأجزاء المفقودة، موضحا أن نظام التحكم جزء من توربينات المولدات ويضبط نسبة الوقود والهواء، وأحيانا يتم التحكم في بعض الأجزاء يدويا بسبب الأعطال، لكن هذا ليس شائعا، كما أبرز حقي أن التوربين يعمل على مدار 24 ساعة ولا يمكن لشخص واحد التحكم فيه يدويا باستمرار، وأشار إلى أن هناك أوقاتا اضطُر فيها الموظفون لاتخاذ إجراءات مؤقتة بسبب العقوبات، لكن لا يمكن الاعتماد على الأشخاص بدلا من الأجزاء بشكل دائم.

آلية عمل التوربين بنظام التحكم

أثبت أحد الخبراء في منصة سلمان صحة تعليقات حقي، ففي الظروف العادية يتحكم النظام في سرعة التوربين عن طريق ضبط الوقود، ويمكن للمشغلين مراقبة المؤشرات باستخدام الأدوات، والشخص الذي يدخل الجهاز يتعاون مع مشغل آخر عبر شاشة التحكم ويستخدم الاتصال اللاسلكي لضبط ضغط الغاز وإجراء عمليات الإشعال.

واستنادا لهذا الأمر فإن التشغيل العادي للتوربين يعني استقراره وقابليته للعمل على مدار 24 ساعة، ومع ذلك، تقلص مجموع فريق منصة سلمان إلى أقل من ثلث العدد مقارنة بـ 14-15 عاما مضت، والجانب الهام هنا أنه من بين خمسة توربينات ضاغطة، يعمل اثنان فقط، وقد يتوقفان بسبب نقص الأجزاء، ومن بين أربعة مولدات توربينية بقدرة 8 ميغاوات، تعمل الأربعة بصعوبة، حيث انخفضت قدرتها التشغيلية إلى أقل من 3 ميغاوات لكل منها.