- زاد إيران - المحرر
- 36 Views
ترجمة: يارا حلمي
نشرت صحيفة “خراسان” الإيرانية الأصولية، الأربعاء 9 أبريل/نيسان 2025، تقريرا تناولت فيه استراتيجيات الإعلام الإيراني في مواجهة الحرب النفسية الغربية، داعية إلى دعم الفريق المفاوض وتعزيز الوحدة الوطنية لمواجهة الضغوط الاقتصادية والإعلامية.
تغيير السلوك شرط المفاوضات
ذكرت الصحيفة أنَّ إيران أكدت أنها لن تدخل في أي مفاوضات مباشرة أو غير مباشرة مع الولايات المتحدة ما لم تُظهر واشنطن تغييرا حقيقيا في سلوكها، حيث إن الولايات المتحدة لا تزال تمارس التهديدات، والعقوبات، والعمليات النفسية بهدف تغيير حسابات الطرف الآخر، ومن ثم لا يمكن لأي مفاوضات أن تكون أساسا لحل حقيقي للمسائل المطروحة.
وتابعت أنه مع اقتراب موعد المفاوضات غير المباشرة بين إيران والولايات المتحدة في عمان، فإن التحركات الإعلامية والعمليات النفسية من قبل واشنطن قد بلغت ذروتها.
وفي هذا السياق، قالت الصحيفة إن دونالد ترامب، رئيس الولايات المتحدة، ادعى خلال مؤتمر صحفي مشترك مع بنيامين نتنياهو، رئيس وزراء إسرائيل، أنه سيتم عقد مفاوضات مباشرة بين إيران وأمريكا يوم السبت، إلا أن طهران نفت هذا الادعاء الخاص بكون المفاوضات ستكون مباشرة، وأكدت أن المفاوضات ستتم فقط عبر وساطة عمان وبطريقة غير مباشرة.
مسار المفاوضات
أشارت الصحيفة إلى أن إيران قد قامت بتوجيه عملية المفاوضات بشكل يتناقض مع محاولات واشنطن لإظهار تفوقها الدبلوماسي، حيث تبين أن إيران قد اختارت المسار، والوقت، وطريقة المفاوضات على نحو يتماشى مع مصالحها، وتجنب تأثير محاولات واشنطن للهيمنة على عملية التفاوض.
وتابعت أن ترامب، من خلال الإعلان عن مفاوضات مباشرة بين إيران وأمريكا يوم السبت، كان يهدف إلى تحقيق هدفين استراتيجيين رئيسيين.
أولا، محاولة الضغط على الرأي العام الإيراني الداخلي عبر خلق انقسام في السياسة الخارجية الإيرانية، من خلال ترويج الفكرة بأن الولايات المتحدة هي “الرائدة” في حل الأزمات، سعيا إلى تقديم إيران كطرف يرفض التفاعل.
وأضافت أن الهدف الثاني، فقد كان محاولة لتقديم الولايات المتحدة كداعم للسلام في الساحة الدولية، بحيث تظهر كدولة تسعى إلى إيجاد حلول دبلوماسية، بينما تُظهر إيران على أنها ترفض التفاوض.

اليد العليا في المفاوضات
قالت الصحيفة إنَّ إيران تمتلك اليد العليا في المفاوضات مع الولايات المتحدة، حيث أظهرت عدة عوامل استراتيجية تعزز من موقفها، وأول هذه العوامل هو اختيار الوسيط الدبلوماسي بعناية، حيث كانت الولايات المتحدة تسعى لتقديم الإمارات العربية المتحدة كوسيط، إلا أن إيران رفضت هذا الاقتراح واختارت عمان كوسيط بدلا منها.
وتابعت أن هذا القرار الاستراتيجي أظهر بوضوحٍ أن إيران تملك القدرة على تحديد إطار المفاوضات بما يتماشى مع مصالحها، مما يعكس موقفها القوي في مواجهة الضغوط الدولية.
وأضافت أن العامل الثاني هو أسلوب المفاوضات، فإيران، من خلال تمسكها بفكرة المفاوضات غير المباشرة، أظهرت أنها تحدد القنوات التي يجب أن تمر من خلالها أي مفاوضات دبلوماسية، وهذا التصرف لا يقتصر فقط على بعده السياسي، بل له تأثير نفسي هام في إدارة العلاقة مع الولايات المتحدة.
وأشارت إلي أن العامل الثالث هو موضوع المفاوضات نفسه، حيث استطاعت إيران حصر المفاوضات في موضوعات الملف النووي فقط، بينما كانت الولايات المتحدة تأمل توسيعها لتشمل قضايا المنطقة.
القوة الدبلوماسية الإيرانية
ذكرت الصحيفة أيضا، أن توقيت رد إيران على رسائل الولايات المتحدة كان متأخرا عن المعتاد، وهو أمر لم يكن عشوائيا، هذا التأخير كان بمثابة رسالة غير مباشرة للولايات المتحدة مفادها أن إيران لا تخضع للضغوط، وأن قراراتها تعتمد على تحليل دقيق، مما يعكس قوة إيران الدبلوماسية ويعزز موقفها في العملية التفاوضية.
وتابعت أنه في إطار حربه النفسية ضد إيران، فإن ترامب كان يستخدم الدبلوماسية كأداة في خدمة مصالح السوق، خاصة في فترة رئاسته، حيث إنه يدرك جيدا أن الخطاب السياسي، لا سيما في المجال الدولي، يمكن أن يتحول إلى أداة اقتصادية.
وأضافت أن ترامب استخدم وسائل الإعلام بشكل بارع للتأثير على سوق العملات الإيرانية من خلال تصريحاته حول المفاوضات أو المواجهة مع إيران، وهذا الأسلوب لم يكن تصرفا عشوائيا، بل جزء من استراتيجية “الضغط الأقصى” التي تهدف إلى إحداث اضطرابات قصيرة الأجل في السوق الإيراني.
الحرب النفسية وأثرها على الاقتصاد
وأشارت الصحيفة إلى أن هذه الاستراتيجية تهدف إلى زرع القلق والارتباك في نفوس الرأي العام والاقتصاديين الإيرانيين، حيث يسعى ترامب من خلال كل تصريح إلى خلق حالة من عدم الاستقرار النفسي في الأسواق.
استراتيجية إعلامية ذكية
وأضافت أن ضعف النظام الاقتصادي الإيراني، وضمن ذلك عدم وجود غرفة تفكير استراتيجية لإدارة الحروب النفسية من قبل العدو، يفاقم من هذه الأزمة.
وأوضحت أنَّ أحد أهم عناصر النجاح في المفاوضات الدولية، خصوصا في مواجهة الحرب النفسية الواسعة التي تنظمها القوى الغربية ضد إيران، هو امتلاك استراتيجية إعلامية منسجمة وذكية.
وفي هذا السياق، يجب على الجهاز الدبلوماسي الإيراني تبني نهج احترافي ومركز ومتناسق، والخطوة الأولى والأكثر ضرورة في هذا الصدد هي تعيين متحدث رسمي للفريق المفاوض، يكون مسؤولا حصريا عن إدارة العلاقات الإعلامية وتوضيح المواقف الرسمية للفريق.
وتابعت أنه يجب أن يكون هذا المتحدث ملما بتفاصيل المفاوضات وقادرا على الرد على الشكوك بشكل قوي ومتقن، فهذا يساهم في تقديم السرد الرسمي بشكل موحد ومنسجم للجمهور ووسائل الإعلام.
التكاتف ودعم الفريق المفاوض
ذكرت الصحيفة أنَّ التجربة قد أظهرت أن أي نوع من التفرقة أو تضعيف الفريق المفاوض في وسائل الإعلام ينعكس سلبا في المجال الدبلوماسي، ومن المؤسف أن بعض الأفراد والجماعات بدأوا في مهاجمة الفريق المفاوض دون مراعاة للمصالح الوطنية، مما يساهم في تقوية الجبهة المقابلة ويؤدي إلى تآكل الوحدة الداخلية.
وأضافت أن الوقت قد حان لكي تدعم جميع الأحزاب والجماعات السياسية، بغض النظر عن الخلافات الداخلية، الفريق المفاوض بقوة، حيث إن السياسة الخارجية ليست ساحة للمنازعات الداخلية، ودخول الخلافات السياسية إلى هذا المجال يهدد الإنجازات الوطنية.
إيران ليست ليبيا
وأشارت إلى أن مقارنة إيران بليبيا من الناحيتين السياسية والجيوسياسية مقارنة غير دقيقة تماما ولا تحمل أي قيمة تحليلة، لأن هذه المقارنة لا تعكس فقط عدم الفهم العميق للواقع التاريخي والثقافي والبنائي للبلدين، بل تعكس أيضا نظرة سطحية وجهلا من المحللين الغربيين للقدرة الإقليمية الإيرانية.
وفي الواقع، كانت ليبيا دولة ذات بنية سياسية هشة ومفككة، وعانت من انهيار سريع بسبب الأزمات الداخلية والخلافات السياسية، إلا أنه في المقابل، تعتبر إيران واحدة من القوى الكبرى في المنطقة، تتمتع بنظام متماسك وجيش قوي وقدرات جيوسياسية كبيرة تجعلها لاعبا رئيسيا في المعادلات الدولية.
وقالت الصحيفة إنَّ إيران، على الرغم من الضغوط والعقوبات غير المسبوقة، لم تنهر بل عملت على تعزيز قدراتها الداخلية، وتطوير بنيتها العسكرية، وتوسيع نفوذها الإقليمي، مما ساعدها على ترسيخ قوتها.
وأضافت أن الحرب النفسية الغربية التي تحاول مقارنة إيران بليبيا تهدف إلى تقويض الروح المعنوية للشعب الإيراني وإثارة الشكوك في كفاءة النظام، وفي الوقت نفسه، أظهرت إيران من خلال قوتها العسكرية وإعلان استعدادها للدفاع الشامل، أنها ستكون مستعدة للرد بقوة على أي تهديد عسكري، لذلك، فإنَّ مثل هذه المقارنات غير الواقعية تكشف عن عجز الاستراتيجيين الغربيين في التحليل الواقعي للأوضاع في إيران.
ردود الفعل
ذكرت الصحيفة أنَّ مفاوضات السبت 12 أبريل/نيسان 2025، أصبحت تحت المراقبة الدقيقة من قبل مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي والمحللين، حيث تناول كل منهم الموضوع من زاويته الخاصة.
وفي هذا السياق، أثارت تصريحات ترامب بشأن إجراء مفاوضات مباشرة مع طهران، بغض النظر عن صحتها، اهتماما أكبر من تصريحات الجانب الإيراني لدى الناس ووسائل الإعلام، وقد أبدى بعض المحللين استياءهم من ذلك، وفي هذا السياق، كتب أحد المستخدمين: “للأسف، ترامب مرة أخرى أخذ بيده زمام الخبر في موضوع إيران، فهو يعلن عن مفاوضات مباشرة بدءا من السبت، مرة أخرى يظهر أنه هو من يصنع الأخبار ويبيعها”.
أثر تصريحات ترامب
قالت الصحيفة إن التأثير على أسواق الذهب والعملات في إيران، الذي ظهر بشكل واضح بعد نشر خبر مفاوضات إيران وأمريكا في عمان، كان موضوع اهتمام وتحليل من قبل بعض المحللين.
وفي هذا السياق، كتب رحمان قهرمان بور، الخبير في الشؤون الدولية، تغريدة على صفحته: “ترامب يستخدم أداتين للتفاوض مع إيران: الدبلوماسية القسرية وشرط الاقتصاد الإيراني، التقلبات في الأسواق بسبب تصريحات ترامب المتفرقة يمكن أن تخلق لدى الرأي العام فكرة أن كل شيء سيحل مع الاتفاق، مما يضاعف الضغط على المفاوض الإيراني”.
كما طالب بعض المحللين بتعزيز الدعم الكامل من جميع الأطراف السياسية لفريق المفاوضات. فكتب مجيد شاكري، الخبير الاقتصادي: “الذين يضغطون من أجل التوصل إلى اتفاق بأي ثمن، والذين يعارضون مفاوضات السبت، سواء عن علم أو جهل، عمدا أو غير عمدا، هم من يمنحون أطرافا خارجية أداة ضغط. الثقة بالفريق المفاوض الإيراني، سواء في النجاح أو في فشل المفاوضات، هي الفعل الوطني الأكثر أهمية”.