- يسرا شمندي
- 31 Views
نشرت صحيفة فرهيختكان الأصولية، السبت 24 مايو/أيار 2025، تصريحات للخبير في الشؤون الدولية سجاد طباطبائي، في حوار أجرته معه، تناول فيه التحديات التي تواجه المفاوضات النووية بين إيران والولايات المتحدة.
وركّز طباطبائي على ما وصفه بالسلوك غير الشفّاف والطموحات المبالغ فيها من الجانب الأميركي، إضافة إلى الاضطراب في السياسات الأميركية، خاصة خلال إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب، والتي أثّرت سلبا ليس فقط على الملف الإيراني، بل أيضا على قضايا دولية أخرى. كما تطرّق إلى دوافع إيران في الحفاظ على برنامجها للتخصيب النووي.
سلوك الولايات المتحدة في جميع الملفات غير شفاف ويقوم على الطمع الزائد
أشار سجاد طباطبائي إلى احتمال فشل المفاوضات أو استمرار التوترات التي أدت أحيانا إلى توقفها، مبينا أن المفاوضين حاليا يخوضون حوارا في وضع غير حاسم.
وتابع: “وللفهم الدقيق لأي نشاط أو موقف يصدر عن أي طرف في المفاوضات، من الضروري توضيح شخصية ترامب وفريقه في السياسة الخارجية، بالإضافة إلى صناع القرار المرتبطين به، أمام الجمهور”.
وأوضح أن ترامب وفريق السياسة الخارجية الأميركي لا يجرون المفاوضات مع إيران فقط، بل يتعاملون في الوقت ذاته مع قضايا أخرى مثل العلاقات مع الصين، والنزاع بين أوكرانيا وروسيا، والتوترات مع دول أوروبية مختلفة. وفي جميع هذه الملفات، يظهر أن الجانب الأميركي هو من يدفع الأمور نحو الفشل أو يعيق حل القضايا، إما بسبب طموحات مفرطة أو سياسات متقلبة ومتغيرة باستمرار.
وأضاف أنه لو كان الأمر مقتصرا سابقا على العلاقة بين إيران والولايات المتحدة فقط، لكان من الصعب تحديد المسؤول عن تعكير الأجواء أو تدهور المناخ الإيجابي في المفاوضات.
لكن بالنظر إلى أداء ترامب وفريقه في مفاوضاتهم مع روسيا بشأن أوكرانيا، وكذلك في تعامله مع كندا والدول الأوروبية والصين، يتضح جليّا أن استمرار الأجواء المتوترة في مفاوضاتنا النووية وعدم وضوح مستقبلها يعود إلى السياسات الأميركية وطموحاتها الزائدة.
عندما يكون موقف الطرف المقابل غير مستقر، لا يمكن الوصول إلى نتيجة
أكد طباطبائي أن أي عملية تفاوض ناجحة تتطلب من الطرفين امتلاك مواقف واضحة ورغبات ثابتة. واعتبر أن هذا المبدأ لا ينطبق على نمط التفاوض الذي تتبعه الإدارة الأميركية، وأضاف أنه في حالة ترامب لا نرى أي وضوح أو استقرار في المواقف.
فبينما يُعلن في يوم عن إحراز تقدم في المفاوضات مع طهران، يُطرح في اليوم التالي شرط تعجيزي مثل “التخصيب الصفري”، ويُقال إنه دون قبوله لن تُستأنف المفاوضات.
وأوضح أن حكومة ترامب تتسم بعدم الاستقرار والحسم إلى درجة أن الدول لم تعد قادرة على صياغة علاقاتها معها بشكل واضح، نظرا لتبدل المواقف السريع والتناقض في التصريحات.
وتابع أنه حتى في علاقات الولايات المتحدة مع النظام الإسرائيلي ظهرت مشكلات نتيجة هذا التذبذب، ومنها ما حصل في ملف اليمن؛ حيث تبنّت واشنطن في البداية موقفا يدعو إلى فرض السلام بالقوة، لكنها لم تلبث أن غيّرت موقفها خلال 24 ساعة، لتُعلن تراجعها عن أي مواجهة عسكرية، بل صرّحت بنيّتها الانسحاب من المنطقة، في خطوة أذهلت حتى الإسرائيليين أنفسهم.
المجتمع الدولي أيضا رفض سياسات ترامب
أشار طباطبائي إلى النظرة المتحفظة نسبيا للمجتمع الدولي تجاه الحكومة الأميركية الجديدة، موضحا أن المشكلة تكمن في أن إيران تتعامل وتفاوض طرفا يتميز أولا بطموحات مفرطة في مناطق مختلفة من العالم، مما تسبب في خلق تحديات وعقبات أمام الحوارات والتفاعلات والمفاوضات.
ثانيا، يعاني هذا الطرف من عدم استقرار وتغيّر مستمر في مواقفه على أعلى المستويات تجاه إيران، وهو الأمر الذي ينطبق على جميع ملفات سياسته الخارجية، وإيران جزء منها.
وأكد أنه من الضروري إعادة توضيح هذا الأمر للجمهور الإيراني، الذي يعرف إلى حدٍّ كبير ظروف وخصائص الحكومة الأميركية، لا سيما لشعبنا داخل البلاد. أما بالنسبة للرأي العام الدولي في دول المنطقة وخارجها، فيبدو الوضع واضحا للغاية، على الأقل من هذه الزاوية التي شرحها.
فهذه الدول تواجه اليوم نفس النهج والتصرفات التي تبنتها حكومة ترامب.
فقد حدث ذلك خلال الولاية الأولى لترامب، عندما انسحب من الاتفاق النووي، وحاول تحميل إيران المسؤولية، وفعّل آلية الزناد، ورفع شكوى إلى مجلس الأمن الدولي. ومن الجدير بالذكر أن غالبية أعضاء مجلس الأمن، بما في ذلك الدول الأوروبية مثل بريطانيا وفرنسا، صوتوا ضد طلب أميركا. وكان هذا الموقف سائدا في تلك الفترة، والجمهور العام يدرك أن هذه التحديات بدأت واستمرت وتوالت أساسا خلال عهد حكومة ترامب.
سر الإصرار على تخصيب اليورانيوم
في ختام الحوار، أشار طباطبائي إلى تغريدة عراقجي الأخيرة المتعلقة بالخطوط الحمراء، وأضاف أنه حتى داخل الأوساط العامة في إيران، كانت تغريدة عراقجي التي نشرها قبل توجهه إلى جولة المفاوضات الخامسة تعكس نقطة مهمة.
فقد أكد في تغريدته، أنه إذا كان الهدف هو الوصول إلى اتفاق يمنع استخدام إيران للسلاح النووي بشكل كامل، فهذا أمر قابل للنقاش والتفاوض، وبالتأكيد يمكن تحقيقه.
وأكمل: “أما إذا كان المقصود هو التوقف التام عن التخصيب وخفضه إلى الصفر، فبالتأكيد لن تُجرى مفاوضات، ولن يتم التوصل إلى أي اتفاق. وهذا يجب أن يكون واضحا لشعبنا، الذي ينبغي أن يدرك سبب رفضنا الأساسي لمطلب التخصيب بنسبة صفر بالمئة.
وفي رأيي، يتعين على شعبنا إعادة النظر في التاريخ المعاصر؛ ففي أوائل التسعينيات، كان وقود مفاعل أبحاث طهران، الذي كان مُخصّبا بنسبة 20%، على وشك النفاد”.
وتابع طباطبائي: “في المقابل، لم يكن الجانب الآخر يزودنا بذلك الوقود، وكنا حينها نفتقر من الناحية العلمية والبنية التحتية إلى القدرة على تصنيعه. ولولا جهودنا المبذولة وبدء تصنيعنا له بأنفسنا، لكان المفاعل قد أُغلق. وكان ذلك المفاعل بحثيّا فقط.
والآن تخيلوا، بعد عشر إلى خمس عشرة سنة، أن يكون لدى إيران عدة مفاعلات لتوليد الكهرباء، وفي الوقت ذاته نعجز عن توفير وقودها”.
وفي الختام، أفاد بأن هذا السيناريو قد يتكرر مجددا، متخيلا أن تمنع أمريكا وصول الوقود إلى إيران. وأضاف أن في مثل هذه الحالة، قد نواجه انقطاعا في التيار الكهربائي عن نصف إيران فجأة، مشددا على “أننا لن نسمح أبدا بأن يكون مصير طاقتنا بيد دولة مثل أمريكا، التي أكد أنها تتميز بسياسات غير مستقرة إطلاقا”.