- يسرا شمندي
- 30 Views
نشرت صحيفة آرمان ملي الإصلاحية، السبت 24 مايو/أيار 2025، تقريرا أفادت فيه بأن المفاوضات لا تزال عند المستوى الفني، بينما يتهرّب الجانب الأمريكي من تقديم ضمانات ملموسة، وتُصرّ إيران بحزم على حقها في التخصيب. ويأتي ذلك في ظل تعقيد أبعاد الدبلوماسية النووية بسبب دور سلطنة عُمان كوسيط، والضغوط التي تمارسها تل أبيب بوصفها المعارض الرئيسي للاتفاق.

طهران في مواجهة الغرب
أضافت الصحيفة أنه منذ اليوم الأول للمفاوضات، كان جليّا أن إيران دخلت الحوار بنهج واضح يتمثل في الحفاظ على حق التخصيب، ورفع العقوبات بالكامل، والحصول على ضمانات محددة. واستندت تصريحات وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي قبيل انطلاق الجولة الخامسة من المفاوضات إلى هذه الركائز نفسها، حيث أكد أن تخصيب اليورانيوم ليس فقط حقّا مشروعا لإيران، بل إن إيقافه أو نقله إلى خارج إيران أمر غير قابل للنقاش إطلاقا.
وأكّدت أن مسؤولي منظمة الطاقة الذرية الإيرانية أعلنوا أن إيران لا تزال تواصل التخصيب بنِسَب مختلفة من النقاء، وتواصل استخدام قدراتها التقنية في مواقع مثل نطنز وفردو. ووفقا للمتحدث باسم المنظمة بهروز كمالوندي، فإن البرنامج النووي الإيراني أصبح الآن غير قابل للعودة إلى الوراء.
طهران والرد على التهديدات
قالت الصحيفة إنه في أثناء استمرار المفاوضات في روما، نقلت وسائل إعلام إسرائيلية خبر انعقاد اجتماع سري بين مسؤولين رفيعي المستوى من هذا الكيان وعدد من أعضاء الكونغرس الأمريكي. وخلال هذا الاجتماع، طالب الإسرائيليون بوقف فوري للمفاوضات، بل وبحث خيار شنّ هجوم محدود على البنية التحتية النووية الإيرانية.
في المقابل، شدّد المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية إسماعيل بقائي على أن أي تهديد أو عمل عسكري سيُواجَه بردّ حازم وفوري ومماثل، مشيرا إلى أن القوات المسلحة الإيرانية في حالة تأهب قصوى. وفي السياق ذاته، حذّر قائد القوة الجوفضائية التابعة للحرس الثوري، أمير علي حاجي زاده، من أن الهجوم على المنشآت النووية الإيرانية لن يكون نهاية المطاف، بل سيكون بداية لسلسلة من الردود التي ستجعل المعتدي يندم على فعلته.
محادثات موازية في روما
ذكرت الصحيفة أنه إلى جانب المشاورات المباشرة بين الفريق الإيراني والوسطاء العُمانيين، أفادت مصادر مطلعة بوجود اتصالات غير رسمية بين ممثلين عن إيران وبعض الدول الأوروبية مثل إيطاليا وفرنسا وألمانيا. وأشار أحد الدبلوماسيين الغربيين إلى أن طهران ترسل رسائل واضحة حول خطوطها الحمراء، لكنها لا تدخل في مفاوضات لصفقة جديدة.
وأضافت: “من جهة أخرى، جددت روسيا دعمها لمواقف إيران بشأن ملف التخصيب. ففي مقابلة مع قناة روسيا اليوم، صرّح وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، بأنه لا يمكن للغرب أن يطلب من إيران تقديم تنازلات من دون أن يقدّم شيئا في المقابل. ويجب أن تكون المفاوضات قائمة على الاحترام المتبادل”.
تصريحات عراقجي
أوضحت أنه في الوقت الذي كانت فيه المفاوضات تجري في أجواء من التكتّم الإعلامي، تحدّث عباس عراقجي، في مقابلة مع وسائل إعلام محلية، عن مقترحات قدّمها وزير خارجية سلطنة عُمان، بدر بن حمد البوسعيدي، للطرفين بهدف إزالة العقبات. وقال عراقجي إن هناك الآن فهما أوضح لمواقف إيران لدى الجانب الأمريكي، ويأمل أن يتم التوصل إلى حلول للخروج من الجمود الحالي خلال الجلسة أو الجلستين القادمتين.
وأضاف عراقجي أن إيران والولايات المتحدة أعربتا عن استعدادهما لمواصلة المفاوضات للجانب العُماني، ومن المقرر أن يحدد حمد البوسعيدي الموعد المقبل.
وأفادت الصحيفة بأن هذه التصريحات اعتُبرت دليلا على بقاء المسار الدبلوماسي حيّا، وعلى تعزيز دور عُمان كوسيط موثوق به. ويرى محللون أن خبرة سلطنة عُمان في اتفاق عام 2015، وعلاقاتها الطيبة مع كلا الطرفين، تعزز من فرص وساطتها الفاعلة.
نقطة الخلاف
أكّدت الصحيفة أن في صلب هذه المفاوضات نقطتين رئيسيتين للخلاف: الأولى تتعلق بكيفية الحصول على ضمانات من الولايات المتحدة لاستمرارية الاتفاق، والثانية تتعلق بطريقة رفع العقوبات بشكل ملموس وقابل للتحقق.
وأضافت أن إيران تطالب بأن تلتزم الولايات المتحدة بعدم إلغاء الاتفاق في حال تغيير الإدارة، كما تؤكد طهران على ضرورة رفع العقوبات بشكل فعلي وليس فقط على الورق، لا سيّما في المجالات المصرفية وبيع النفط.
وتابعت أن مواقف الجانب الأمريكي متضاربة ومعقدة، لكن يبدو أن الاقتراحات التي تقدمها عُمان ستفتح في المستقبل مسارات جديدة لتقدّم المفاوضات.
المفاوضات عند مفترق الطرق
أفادت الصحيفة بأنه في الجولة الخامسة من المفاوضات في روما، لم تقترب الأطراف من اتفاق بقدر ما توضّحت ملامح الخلافات، بناء على تصريحات حمد البوسعيدي والمواقف المطروحة.
وأوردت أنه على الرغم مما يُقال عن تحديد الجانب الأمريكي موقف إيران بدقة أكبر، فإن تخطي ثلاثة عوائق رئيسية ضروري للوصول إلى اتفاق مستدام، وهي: وضع خطة تدريجية لرفع العقوبات، وتقديم آليات قانونية لضمان التزام الطرف الآخر، وتوضيح فني حول القدرات النووية الإيرانية.
وبرغم أن الظروف الداخلية في الولايات المتحدة، إلى جانب معارضة إسرائيل، جعلت المفاوضات صعبة، فإن استمرار الحوار، والدور الفعّال لعُمان، ودعم بعض الفاعلين الإقليميين والدوليين، لا تزال تحافظ على فرصة التوصل إلى اتفاق.
وأشارت الصحيفة إلى أن إيران، المدعومة بقدرات نووية محلية ودعم داخلي، مستعدة لخوض المفاوضات بكل عزة. أما الطرف الآخر، فإذا كان يسعى لتفادي أزمة إقليمية، وضبط أسعار النفط، والتحكم في ملف إيران لدى الوكالة الدولية للطاقة الذرية، فعليه اتخاذ قرارات أكثر جرأة.
كما أن الكرة الآن في ملعب الولايات المتحدة؛ فكما قال عراقجي: “إذا كان هناك وضوح أكبر في فهم مواقف إيران، فقد حان وقت الخطوة العملية.”
الردود
أوضحت الصحيفة أنه بعد انتهاء الجولة الخامسة من المفاوضات في روما، شهدنا ردود فعل متنوعة، حيث كتب إسماعيل بقائي على شبكة التواصل الاجتماعي “إكس” أن الجولة الخامسة من المفاوضات غير المباشرة بين إيران والولايات المتحدة في روما قد انتهت، وأكد أن مواقف إيران الأساسية قد تم توضيحها بصراحة ووضوح خلال هذه الجولة، التي جرت في أجواء هادئة ومهنية.
وأضاف بقائي أن حمد البوسعيدي قدّم اقتراحات وأفكارا لتجاوز العقبات، وتمت مناقشة محاورها الرئيسية خلال الجولة، مشيرا إلى أنه تم الاتفاق على أن يستمر وزير خارجية عُمان في العمل على تفاصيل هذه الأفكار ليتم عرضها لاحقا على الطرفين لمزيد من الدراسة. وأوضح أن موعد ومكان الجولة القادمة من المفاوضات سيتم تحديدهما والإعلان عنهما لاحقا.
ومن جهته، كتب البوسعيدي يوم الجمعة على “إكس”، أن الجولة الخامسة من مفاوضات إيران والولايات المتحدة في روما اختُتمت اليوم بتحقيق تقدم، وإن كان غير نهائي. وأضاف بدر البوسعيدي: “نأمل في الأيام القادمة أن تتضح القضايا العالقة، لنتمكن من التقدم نحو الهدف المشترك، وهو التوصل إلى اتفاق دائم وشريف”.