- شروق حسن
- 36 Views
ترجمة: شروق حسن
في حوار خاص مع موقع “عصر إيران” الإيراني الأصولي، يوم الاثنين 12 مايو/أيار 2025، قدّم حشمت الله فلاحتپيشه، العضو السابق في لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية بالبرلمان الإيراني، تقييمًا مفصلاً لمسار المفاوضات الجارية بين إيران والولايات المتحدة.

أجرى الموقع الإيراني “عصر إيران” حوارا مع حشمت الله فلاحت پیشه، العضو السابق في لجنة الأمن القومي بالبرلمان.. فإلى نص الحوار:

عُقدت الجولة الرابعة من المفاوضات بين إيران وأمريكا في عمان،كيف تقيّمون مسار هذه المفاوضات؟ هل هناك مؤشرات على تقدم ملموس؟
بعد أن طرح ستيف ويتكوف، المبعوث الخاص للولايات المتحدة إلى الشرق الأوسط، مواقف شديدة جدا، من بينها ضرورة الإغلاق الكامل للمنشآت النووية الإيرانية، وأدرج قضايا أخرى على طاولة المفاوضات، نشرتُ تغريدة بهذا المضمون: إذا كانت هذه المواقف تمثل الموقف الأمريكي الحاسم، فإن اللقاء الخامس بين عراقجي وويتكوف سيقع في يوم القيامة، أي أن المفاوضات ستفشل.
لكننا رأينا أن الأمر لم يكن كذلك، وسارت المفاوضات في مسار عبّر فيه الطرفان عن رضاهما، هذا يعني أن لأمريكا سياستين متوازيتين: الأولى هي الدبلوماسية الرسمية على طاولة المفاوضات، والثانية هي الدبلوماسية العامة لإدارة الرأي العام الداخلي وحلفائها مثل إسرائيل والوكالة اليهودية.
هذا السلوك قد تكون له دوافع تكتيكية؛ فمثلاً، لم يكن ترامب يرغب في أن تصل المفاوضات إلى طريق مسدود قبل سفره إلى المنطقة.
وإذا كانت هذه الفرضية صحيحة، فإن احتمال العودة إلى المواقف المتشددة بعد سفر ترامب يبقى قائماً.
ولكن إذا استمرت أمريكا في التمسك بالمواقف المتشددة مع إبقاء طاولة المفاوضات مفتوحة، يمكن حينها أن نأمل في أن يكون الطرفان قد تجاوزا المنعطف الخطير.
مؤخرا، زار وزير خارجية سلطنة عمان الرئيسَ الإيراني، حاملاً رسالة مهمة، ما هو تأثير هذه الرسالة على قرارات إيران في مسار المفاوضات؟
بسبب خلفيتها التاريخية وعلاقاتها غير المتوترة مع إيران، لطالما كانت عمان خيارًا مناسبًا للوساطة، قبل ست سنوات، كنت قد اقترحت أيضًا خيار طاولة عمان.
خلاف سائر أعضاء الاتفاق النووي السابقين الذين كانت لديهم مصالح خاصة مُعرفة، وبعضهم أعاق المفاوضات أحيانا، فإن عمان تسعى فقط للقيام بدور الوسيط.
في كل مرة يزور فيها مسؤول عماني إيران، يمكنكم التأكد من أنه يحمل رسالة وساطة، وقد كان الأمر كذلك هذه المرة أيضًا، ويبدو أن الرسالة كانت مثمرة، وأخرجت المفاوضات من مسار الجمود.
نظرا إلى تأكيد حكومة الدكتور بزشکیان على السلام والأمن الإقليمي، كيف يمكن مواءمة هذا التوجّه مع استمرار المفاوضات مع أمريكا؟
أعتقد أن تقارب إيران مع الدول العربية في المنطقة ليس مجرد تكتيك، بل هو استراتيجية طويلة الأمد، التيارات التي كانت تسعى لإشعال الحرب بين الشيعة والسنة لم تعد في موقع القيادة، وحتى النظام ككل توصّل إلى قناعة بأن هذه النزعات المتطرفة كانت مكلفة.
إذا تأكدت الدول العربية من أن سلوك إيران لن يكون متطرفًا بعد الآن، فإن الابتسامات الشكلية ستتحول إلى تعاون أمني، واقتصادي، وسياسي.
في الظروف الحالية، تمر العلاقة مع أمريكا عبر الدول العربية، حتى بالنسبة لترامب، فإن الدول العربية أهم من إسرائيل، لأنها مربحة، أما إسرائيل، فهي تُكلّف أمريكا، وترامب لم يوافق على سياسة نتنياهو الأمنية، بل تجاهلها عمليًا.
بعض المصادر أفادت برغبة الحكومة في التفاوض المباشر مع الولايات المتحدة. ما العوامل التي قد تُمهّد لهذا التغيير في النهج؟
إذا تمكنت إيران والولايات المتحدة من اجتياز مرحلة “منع تصاعد الأزمة” بنجاح، يمكن حينها الانتقال إلى مرحلة خفض التوتر، المفاوضات لم تصل بعد إلى هذه المرحلة.
ولكن إذا تم تشكيل فرق فنية وطرحت نصوص قابلة للتوقيع على الطاولة، يمكن القول إننا دخلنا مرحلة خفض التوتر، التفاوض المباشر هو مرحلة أبعد من ذلك، ولا يزال من المبكر الحديث عنه، لكنه ليس مستحيلًا إذا توفرت الظروف الملائمة.
من وجهة نظركم، كيف يمكن استخدام قدرات عمان لدفع الأهداف الدبلوماسية الإيرانية بشكل أكثر فاعلية؟
عمان بلد يؤدي دورًا في المفاوضات دون أن يسعى إلى الحصول على حصص أو مكاسب، وهذه فرصة نادرة لإيران.
عمان، بوصفها دولة محايدة وتتمتع بصورة متوازنة في العلاقات الدولية، يمكن أن تهيئ أرضية لحوارات أكثر جدية، خاصةً في ظل ظروف يكون فيها اللاعبون الآخرون إما يسيرون وفق سياساتهم الخاصة أو لا يُعوّل عليهم.
في حال عدم التوصل إلى اتفاق، ما السيناريوهات المحتملة لمستقبل العلاقات بين إيران وأمريكا؟
عدم التوصل إلى اتفاق سيلحق ضررًا مزدوجًا، بل ومتعدد الأطراف، بكل من إيران والولايات المتحدة ودول المنطقة، الطرفان أدركا أن كلفة عدم الاتفاق تفوق كلفة التوصل إليه.
رغم أن احتمال اندلاع حرب ضعيف، فإنه قائم، وفي حال حدوثه، فلن يقتصر على إيران وأمريكا، بل سيشمل المنطقة بأكملها، حتى خطط حكومة ترامب قد تتعرض للاختلال، لذلك، حتى إن لم يتم التوصل إلى اتفاق، فهذا لا يعني الحرب؛ بل سنتّجه إلى وضع تتكاثر فيه الأزمات الصغيرة يومًا بعد يوم. آمل أن لا تبقى المفاوضات في مرحلة احتواء الأزمة فقط، بل أن تتحرك نحو اتفاق.
بالنظر إلى التطورات الإقليمية، وضمن ذلك في سوريا واليمن، كيف يمكن تحليل المفاوضات مع أمريكا ضمن إطار استراتيجية إقليمية؟
تستفيد إسرائيل من فشل المفاوضات بين إيران وأمريكا، وقد شنت هجومًا على اليمن مباشرة بعد الجولة الرابعة من المفاوضات، بهدف إعادة الضغط على إيران، لكن عندما لم تفشل المفاوضات، لجؤوا إلى الخيار العسكري في اليمن.
في هذه الظروف، ينبغي على إيران أن تؤدي دورها الإقليمي بهدف الحيلولة دون توسع الحرب في اليمن، هذا التحرك سيكون لصالح إيران، ولصالح السلام الإقليمي، وسيزيد من عزلة إسرائيل.
لا تزال التيارات المتشددة في الداخل تفسّر مسار المفاوضات على أنه تراجع، كيف تقيّمون هذه المعارضة؟
في السنوات الأخيرة من حكومة روحاني وبداية حكومة الراحل ابراهيم رئيسي، تمكنت هذه التيارات المتطرفة من الحيلولة دون التوصل إلى اتفاق جيد.
ولكن اليوم، باتت التكاليف التي فرضوها واضحة، وقد أصبحت موضع تساؤل في الرأي العام، يجب محاسبة هذه التيارات، بل وتقديمها إلى المحاكمة، البلاد لم تعد تحتمل الأزمات التي يصنعونها، واليوم، توصلت منظومة النظام نفسها إلى قناعة بضرورة تهميش المتطرفين.
لقد أثبتت التجربة أنi وراء الشعارات المتشددة كانت هناك مصالح شخصية، لا مصالح وطنية، الشعب هو من تضرر، بينما كانت موائدهم عامرة، ولا يمكن إنكار هذه الحقيقة.