عضو لجنة الأمن القومي بالبرلمان الإيراني وحيد أحمدي: المفاوضات بين طهران  وواشنطن تناولت حتى الآن ملف العقوبات والتخصيب

C2aaf50f 1ef3 49e1 b9e4 a50923955964

أجرى موقع فرارو المعتدل، الأحد 18 مايو/أيار 2025، حوارا مع عضو لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية بالبرلمان الإيراني وحيد أحمدي، حول مستجدات المفاوضات غير المباشرة بين إيران والولايات المتحدة المتعلقة بالبرنامج النووي والعقوبات، وتناول الحوار مؤشرات التوافق وعدم التوافق، والتحديات التي تواجه الجولات القادمة، وأهمية احترام حق إيران في تخصيب اليورانيوم كخط أحمر لضمان تحقيق اتفاق فعّال ومستدام.

أهم موضوع هو تقبُّل الأمريكيين لحق إيران في التخصيب

قال وحيد أحمدي إن ما تحقق حتى الآن في إطار المفاوضات غير المباشرة بين إيران والولايات المتحدة يتركز على ملفي البرنامج النووي والعقوبات، وهو ما أُعلن مرارا من قبل المسؤولين الإيرانيين، ولا سيما وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي وأوضح أنه خلال الجلسات الثلاث الأولى، جرى التركيز على القضايا العامة وتم التوصل إلى تفاهمات ضمنية حولها. 

لكنه أكد أن هذه التفاهمات لا ترقى إلى مستوى يُمكن الاعتماد عليه كأساس ثابت، مشيرا إلى أن المرحلة المقبلة من المفاوضات ستركز على معالجة التفاصيل الفنية بدقة أكبر.

وصرَّح بأنه يجب أن نفرق بين موضوعين: الأول، القضايا التي تُطرح خلال الجلسات وعلى طاولة المفاوضات، والثاني، التصريحات التي يصدرها الغربيون والأمريكيون خارج الجلسات، وهذه التصريحات المثيرة عادة ما تكون لأغراض إعلامية أو لاستهلاك الأحزاب المتشددة، ولا تؤثر على قرارات المفاوضات، وقد نفت إيران العديد من هذه التصريحات الحادة.

وأضاف: أعتقد أنه من المبكر الحكم على ما إذا كانت المفاوضات ستفضي إلى نتيجة نهائية أم لا، إذ إن الطريق لا يزال طويلا ومعقدا، والحُكم على نجاح الاتفاق أو فشله يتطلب المزيد من الوقت، لكن إذا تم التوصل خلال الجلسات إلى تفاهم بشأن مستوى التخصيب، وأدركت الولايات المتحدة أن إيران لن تتخلى بأي شكل عن حقها في التخصيب، فمن المؤكد أن إيران ستسير نحو اتفاق جدي. 

والحقيقة أن إيران بذلت جهودا كبيرة لتحصل على التكنولوجيا النووية ومن الطبيعي أن لا ترغب بالتخلي عن هذا الحق الطبيعي. لذلك، يمكن القول إن أهم موضوع هو ما إذا كان الأمريكيون سيتقبلون هذا الحق أم لا، وهذا الموضوع قد يلعب دورا أساسيا في نجاح أو فشل الاتفاق.

إذا لم يكن الجانب الغربي يبحث عن ذرائع، فعليه أن يقبل بالكونسورسيوم

أفاد أحمدي بأن مسألة العقوبات تعد من المحاور الأساسية التي تؤثر بشكل كبير على نجاح المفاوضات. فإيران لم تعد تكتفي بالتصريحات أو الوعود الضمنية بشأن رفع العقوبات أو بقبول الشروط الأمريكية، بل تؤكد هذه المرة على ضرورة توفير آليات تنفيذية واضحة وقابلة للتطبيق تضمن رفعا فعليا ومباشرا للعقوبات.

وفي الواقع، إيران ستوافق على رفع العقوبات فقط إذا كانت هناك قدرة على التنفيذ الفوري. فإيران لا ترغب في تكرار تجربة الاتفاق النووي السابق (برجام)، حيث نُصّ على رفع العقوبات نظريا، لكن عمليا لم تتمكّن من جني الفوائد المتوقعة منه على أرض الواقع.

ولذلك، فإن الاختلاف الأهم في هذه المفاوضات الحالية هو أن إيران تطالب بخطة تنفيذية وعملية لكل رفع للعقوبات، وهذه الخطط يجب أن تكون قابلة للتحقق حتى تتمكن إيران من الاستفادة منها بسهولة.

وتابع: “بطبيعة الحال، فإن التوصل إلى هذه الحلول والتوافقات يتطلب آليات معقدة ولن يكون مسارها سهلا. ومن النقاط الجوهرية في هذا السياق أن جزءا كبيرا من العقوبات المفروضة على إيران قد تم إقرارها من قبل الكونغرس الأمريكي، ما يجعل رفعها خارج نطاق صلاحيات الرئيس وحده”. 

ولذلك، فإن مدى امتلاك رئيس الولايات المتحدة دونالد ترامب للإرادة والقدرة الكافية لإلغاء تلك العقوبات يشكل عاملا حاسما في مصداقية أي تعهد أمريكي. ولهذا السبب تحديدا، لا يمكن لإيران أن تكتفي بالوعود الأمريكية أو تقبل بها على أساس التصريحات فقط.

وبناءً على هذه التعقيدات، ” لا يمكننا التأكيد أو التكهن بشكل قاطع حول نجاح أو فشل الاتفاق، ولا يمكن للعلامات أن توضح الموقف بدقة. فالموقف الإيراني واضح تماما، وكل شيء الآن يعتمد على مدى صدق الأمريكيين واستعدادهم للابتعاد عن سلوكياتهم السابقة والاقتراب من اتفاق حقيقي”.

أما بالنسبة للكونسورسيوم النووي، فهو يمكن أن يكون أحد الحلول المهمة لنا، وإذا كان لدى الغرب قلق من أنشطتنا النووية، فيمكنهم، كما أعلنّا، الإشراف عليها وفق القوانين الدولية. فإيران، كعضو في معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية (NPT)، لها الحق في استخدام الطاقة النووية لأغراض سلمية. كما أن الأمريكيون ودول المنطقة يمكنهم المشاركة أيضا في هذا الكونسورسيوم ليطمئنوا. 

في الختام، أقرَّ أحمدي بأنه إذا لم يكن الجانب الغربي يبحث عن ذرائع، فعليه قبول هذا الاقتراح، أما إذا كان الطرف الغربي يتوقع من إيران إيقاف تخصيب اليورانيوم تماما، فهذا شرط واضح منذ الآن أن إيران لن تقبله.