علاء الدين.. القصة الكاملة لبرج التجاوزات في قلب طهران

في قلب العاصمة الإيرانية، وعلى مرمى حجر من شوارع طهران المزدحمة بالتكنولوجيا والبضائع، يعلو مجمع علاء الدين التجاري بطوابقه المتهالكة، شاهقا حتى على حدود القانون والمنطق، ومثيرا تساؤلات وشبهات حول من يحمي هذا الصرح المحفوف بالمخاطر، ومن يقف وراء تجاهل القرارات المتتالية بإعادة النظر في موقعه وهيكله.
الحديث عن علاء الدين لا يقتصر على أنه مجمع تجاري مخالف، بل هو نموذج حيّ لتقاطع المصالح، وغض الطرف المؤسسي، والخوف الذي يسكن ذاكرة المدينة منذ حادثة بلاسكو التي حدثت في ظروف مشابهة، فهل تكون طهران على موعد مع كارثة جديدة؟

تصريحات متأخرة من أعضاء البلدية

بعد انتشار الأخبار عن نقل مكان مجمع علاء الدين التجاري، والذي يرتاده 10 آلاف شخصا يوميا، صرح مهدي جمران، نائب رئيس بلدية طهران، على هامش الجلسة رقم 323 لمجلس بلدية طهران السبت 24 مايو/أيار 2025، قائلا: “إن مجمع علاء الدين التجاري يُعد نموذجا لغياب الأمان والراحة في بيئة الأعمال”، مؤكدا أن “أهم المشكلات تكمن في الازدحام وكثرة المتاجر والأكشاك الصغيرة المتجاورة، ما يخلق فوضى، وإذا حدث طارئ فسيكون من الصعب إخلاء المكان، والبلدية تبذل جهودها لتحسين السلامة، لكننا نأمل أن تُستكمل جهود العمدة السابق بالجدية نفسها”.

سفر خارجی مهدی چمران

من جانبه، صرح حميد رضا صارمي، معاون شؤون التخطيط العمراني والمعماري في بلدية طهران، حول الأمر نفسه قوله: “إن الإدارة الحضرية عازمة على حل مشكلة هذا المجمع، لكننا نسعى لحل بأقل التكاليف الممكنة. هذا المجمع لم يحصل على شهادة إنهاء العمل منذ 15 عاما، وخلال هذه الفترة، قام بتقسيم وحداته بشكل غير قانوني. نحن نسعى لنقله إلى منطقة أخرى في المدينة بطريقة قانونية، وسيتم حسم هذا الأمر قريبا”.

ماموریت «حمیدرضا صارمی» در معاونت شهرسازی و معماری شهرداری تهران تمدید شد

وفي الشأن نفسه، قال مهدي قمي، رئيس بلدية المنطقة 11: “إن المجمع لم يحصل على شهادة إنهاء العمل منذ سنوات، ووفقا لسجلات البلدية، يزور الآلاف هذا المبنى يوميا، رغم أنه لا يمتلك حتى موقف سيارات. الخط الأحمر لبلدية طهران في هذه القضية هو السلامة، وقد تم إبلاغ المواطنين أكثر من مرة بخطورة هذا المبنى عبر لافتات وملصقات أمامه. ويؤكد الخبراء أنه إذا اندلع حريق في المبنى، فقد يحترق بالكامل في وقت قصير جدا، وقد ينهار في لحظة، ما يشكل تهديدا خطيرا على السلامة العامة”.

مهدی قمی» به عنوان مدیرعامل شرکت پیام رسا منصوب شد

مجمع علاء الدين.. سنوات من الإهمال

منذ أواخر تسعينيات القرن الماضي، اتخذ مجمع علاء الدين موقعه عند تقاطع شارعي حافظ والجمهورية الإسلامية في طهران. ومن البداية، واجه المبنى انتقادات حادة من الخبراء بسبب تجاهله لمعايير السلامة في البناء، خاصة بعد بناء الطابق السابع وتوزيع وحداته دون ترخيص، مما زاد من حدة الاعتراضات، وفي 12 يناير/كانون الثاني 2015، نفذت لجنة المادة 100 التابعة لبلدية طهران قرارها بهدم الطابق السابع وتحويل الطابق الثالث إلى موقف سيارات.

بمب ساعتی علاءالدین خنثی می‌شود

رغم ذلك، استمر الوضع غير الآمن في المجمع لأسباب عدة، فخلال العقد الماضي، شهد المجمع عدة حرائق، كما يعاني من غياب البنية التحتية الأساسية، على الرغم من زيارة آلاف الزبائن يوميا، وتتضمن المشكلات سلالم كهربائية ومصاعد غير آمنة، نظام تهوية ضعيف، تمديدات كهربائية خطيرة ومتهالكة، أسلاك مكشوفة، ممرات مغلقة، مخارج طوارئ غير قياسية، وواجهة خارجية شديدة الخطورة. وأصدرت منظمة الإطفاء وأعضاء مجلس المدينة العديد من التحذيرات بهذا الشأن، لكن دون استجابة من المالك.

وفي مايو/أيار من العام 2023، طالب مجلس مدينة طهران، خلال جلسته الـ 148، بمنع الحركة داخل المباني غير الآمنة، مشيرا إلى أن لائحة تم إقرارها منذ عام 2019 للتعامل مع هذه المباني، تشمل الإنذار، التبليغ، طلب قطع الخدمات من الجهات القضائية، والإغلاق بالشمع الأحمر.

وفي الشهر نفسه، وبالتزامن مع الذكرى السنوية الأولى لانهيار مبنى متروبل في آبادان، نشرت وكالة إيرنا أول قائمة رسمية بالمباني غير الآمنة في طهران، بالتعاون مع مكتب الادعاء العام، وقد ضمت القائمة 93 مبنى، بينها سوق ستارخان، ومبنى هرمزان، وبرج نجين رضا، ومجمع علاء الدين الذي جاء في الترتيب الـ35.

A building with many air conditioners

AI-generated content may be incorrect.

وفي أكتوبر/تشرين الأول 2023، صرح المتحدث باسم منظمة الإطفاء بأن المجمع خرج من دائرة الخطر الشديد، كما أعلن رئيس بلدية المنطقة 11 في ديسمبر/كانون الأول من العام نفسه عن استكمال إجراءات الأمان في المجمع بحلول مارس/آذار 2024 والتي تشمل إزالة الواجهة الخارجية خلال 3 أشهر بسبب تجمع الأسلاك الكهربائية والمكيفات ومواد البناء، نقل العدادات الكهربائية إلى الطابق السفلي، تخفيف وزن السطح عبر إزالة المخلفات، فحص السلالم الكهربائية، حل 90% من مخالفات المادة 100 المتعلقة بتغيير الاستعمال، وتركيب أنظمة الإنذار والإطفاء.

وبحسب تصريحات رئيس منظمة الإطفاء في يناير/كانون الأول 2024، فإن المجمع خرج من قائمة المباني ذات الخطر الشديد من حيث الحريق والسلامة، إلا أن المشاكل ظهرت مرة أخرى مما دفع البلدية لاتخاذ خطوات لنقل المجمع.

هل تكرر طهران إخفاقها مرة أخرى؟

يعيد الحديث عن مجمع علاء الدين التجاري الأذهان إلى حادثة مروعة أخرى كان سببها تجاهل تعليمات الأمان والسلامة، ففي 19 يناير/كانون الثاني العام 2017، شهدت طهران واحدة من أكثر الكوارث العمرانية تأثيرا في تاريخها الحديث، عندما اندلع حريق هائل في مبنى بلاسكو التجاري، الواقع في قلب العاصمة، والذي دمر 560 وحدة.

فاجعه پلاسکو به روایت تصویر

 المبنى، ذو الـ17 طابقا، والذي كان يُعتبر رمزا للتجارة والحرف التقليدية في طهران منذ الستينيات، انهار بالكامل بعد ساعات من الحريق، ما أدى إلى سقوط عشرات الضحايا، من بينهم العديد من رجال الإطفاء الذين فقدوا حياتهم أثناء محاولتهم السيطرة على النيران وإنقاذ المحاصرين.

فاجعه پلاسکو به روایت تصویر

هذا وقد كان المبنى يتمتع بأهمية كبيرة، فقد كان شاهدا على التطورات التي شهدتها العاصمة ومكان للتجمعات، حيث جمع بين الاستخدام التجاري والترفيهي والخدمي، وكان أول مبنى شاهق في طهران يستخدم تقنيات حديثة مثل المصاعد والواجهات الزجاجية. الحريق الذي شبّ في المبنى لم يكن مجرد حادث عادي، بل كشف عن هشاشة البنية التحتية وعدم التزام قواعد السلامة، ما أثار موجة واسعة من الغضب والقلق على مستوى الدولة.

فاجعه پلاسکو به روایت تصویر

تبع الحادث حملة وطنية لتكريم ضحايا الحريق، خاصةً رجال الإطفاء الذين ضحوا بحياتهم، وتصدرت قضية إعادة بناء المبنى مشهد النقاشات العامة والسياسية، كما أُطلقت مسابقات معمارية ومحاولات لإعادة بناء بلاسكو بما يحافظ على ذاكرة المكان الاجتماعية والتاريخية، لكن المشروع واجه تحديات عديدة، من بينها التوتر بين المصالح الاقتصادية للملاك السابقين وتطلعات المجتمع لاستعادة رمزية المبنى.