غموض التخصيب الإيراني.. هل يكفي امتلاك اليورانيوم لصناعة قنبلة؟

تخصيب اليورانيوم- صورة تعبيرية

نشر موقع “فرارو” الإيراني الإصلاحي، الجمعة 23 مايو/أيار، تقريرا استعرض فيه الفجوة بين تخصيب اليورانيوم وصناعة السلاح النووي، موضحا أن امتلاك إيران ليورانيوم عالي التخصيب لا يعني امتلاكها القدرة التسليحية. كما ناقش البُعد السياسي للمفاوضات والرقابة الدولية المفروضة على البرنامج النووي الإيراني.

ذكر الموقع أن مجرد امتلاك دولة لمواد نووية صالحة لصناعة قنبلة لا يعني بالضرورة أنها باتت قادرة على استخدامها عسكريا، إذا لم تكن تملك في الوقت ذاته تقنيات متقدمة أخرى. وبالتالي، فإن القدرة على تخصيب اليورانيوم تُعد شرطا ضروريا لتحويل البرنامج النووي إلى عسكري، لكنها وحدها لا تكفي.

التخصيب.. خط أحمر في المفاوضات

أوضح الموقع أن تمسّك إيران بحقها في تخصيب اليورانيوم يشكّل موقفا مبدئيا في مفاوضاتها النووية، لا سيّما في الجولة الخامسة من المحادثات بين طهران وواشنطن، التي تُعقد في العاصمة الإيطالية روما.

واعتبر أن قضية التخصيب تشكّل خطا أحمر، حيث يقف الطرفان على طرفيه: إيران تُصرّ على حقها، بالاستناد إلى معاهدة الحد من انتشار الأسلحة النووية (NPT)، فيما ترفض الولايات المتحدة أي نسبة تخصيب، ولو 1%، انطلاقا من “احتمال” عسكرة البرنامج النووي الإيراني.

اليورانيوم عالي التخصيب لا يكفي وحده

أضاف الموقع أن اليورانيوم المخصّب بنسبة 93% هو المستوى الذي يُستخدم لأغراض عسكرية، وكذلك يمكن استخدام البلوتونيوم. ولكن ما لم تتوفر لدى الدولة تقنيات متقدمة، مثل تصنيع الصواعق النووية، وتحويل اليورانيوم إلى فلز، وتنفيذ تجارب آمنة على الأسلحة، وبناء منشآت لتخزينها، فإن مجرد امتلاك المادة لا يمنحها قدرة تسليحية.

وأكد أنه لا توجد تقارير تشير إلى أن إيران تمتلك أو تحاول امتلاك مثل هذه التقنيات، سواء من قبل مدير عام الوكالة الدولية للطاقة الذرية أو أجهزة الاستخبارات الغربية.

وتابع أن هناك مسارين يمكن من خلالهما الوصول إلى السلاح النووي؛ أحدهما يعتمد على تخصيب اليورانيوم، والآخر على إنتاج البلوتونيوم داخل المفاعلات. وفي كلتا الحالتين، لا بد من المرور بمراحل تقنية معقدة لتحويل المواد إلى سلاح فعّال.

وأشار إلى أن الطريقين يتشاركان في البداية باستخدام الطاقة النووية لأغراض سلمية، لكنهما يتفرعان لاحقا إلى مسارات عسكرية، تتطلب توفر البنية التحتية والفنية اللازمة.

موقف الاستخبارات الأمريكية

نقل الموقع عن وكالة “إرنا”، أن تولسي غابارد، مديرة الاستخبارات الوطنية الأمريكية، أعلنت في أبريل/نيسان الماضي، أن المجتمع الاستخباراتي الأمريكي لا يزال يعتقد أن إيران لا تسعى إلى امتلاك سلاح نووي، وأن المرشد الأعلى لم يمنح الإذن باستئناف برنامج الأسلحة النووية الذي تم تعليقه في عام 2003.

ولفت إلى أن أحدث تقارير الوكالة الدولية للطاقة الذرية تخلو أيضا من أي إشارة إلى نوايا إيرانية لتصنيع سلاح نووي، معتبرا أن نسبة التخصيب البالغة 60% باتت هي محور الجدل الرئيسي في الغرب، وهي تُعد ورقة تفاوضية بيد إيران.

التخصيب واستخداماته المزدوجة

أكد الموقع أن مزاعم بعض المسؤولين الأمريكيين، خلال الأسابيع الأخيرة، بأن الدول التي تمتلك أسلحة نووية فقط هي من تقوم بتخصيب اليورانيوم، غير دقيقة.

وأضاف أن ذلك يعني، بحسب هذا الطرح، أن فقط الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن – إلى جانب باكستان، الهند، إسرائيل، وكوريا الشمالية – يحق لها امتلاك هذه التكنولوجيا. بينما تُظهر مصادر غربية أن هناك دولا مثل بلجيكا، هولندا، ألمانيا، اليابان، البرازيل، الأرجنتين، إسبانيا وغيرها، تقوم بتخصيب اليورانيوم، سواء بشكل مستقل أو من خلال اتحادات، وبعضها بلغ المستوى التجاري في هذه الصناعة.

وأوضح أن الضامن الرئيسي لعدم انزلاق أي برنامج نووي نحو التسليح هو خضوعه لرقابة الوكالة الدولية للطاقة الذرية، إلى جانب رصد أجهزة الاستخبارات ومراكز الرصد الزلزالي المنتشرة حول العالم، التي تتابع أي تجارب نووية.

وأشار إلى أن إيران، بعد توقيع الاتفاق النووي (برجام)، وافقت على واحدة من أشد برامج التفتيش والرقابة في تاريخ الوكالة، بغرض بناء الثقة حول سلمية برنامجها.

التخصيب الإيراني… بين الواقع والسياسة

اختتم الموقع تقريره بتأكيد أن ما تملكه إيران اليوم من يورانيوم مخصّب بنسبة 60%- والذي يمكن نظريا رفعه إلى 90% عبر تعديلات فنية في أجهزة الطرد المركزي- لا يزال خاضعا لرقابة الوكالة. ولهذا، يرى التقرير أن المسألة النووية الإيرانية لم تعد مسألة فنية أو قانونية، بقدر ما تحوّلت إلى قضية سياسية بامتياز.