- زاد إيران - المحرر
- 10 Views
ترجمة: يسرا شمندي
نشرت صحيفة قدس ديلي، بتاريخ 1 مايو/أيار 2025، تحليلا لمواقف وتصريحات المسؤولين الفرنسيين ضد إيران في خضم المفاوضات النووية مع الولايات المتحدة.
باريس.. شرطي سيئ أم عميل سئ يسعى للانتقام من ترامب؟
ذكرت الصحيفة أنه قبيل الجولة الرابعة من المفاوضات النووية بين إيران والولايات المتحدة، نلاحظ تصعيدا في المواقف الانتقادية ضد بلادنا من قبل بعض الدول الأوروبية، خاصةً فرنسا.
وفي هذا السياق فإن تصريحات وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو الأخيرة التي تفيد بأن إيران تسعى للحصول على سلاح نووي وقد تجاوزت التزاماتها بشأن تخصيب اليورانيوم، تشير إلى نوع من اللعب السلبي في المفاوضات.

وأضافت الصحيفة أن تصريحات فرنسا المثيرة للجدل تأتي في وقت حرج، حيث تُجرى مفاوضات حساسة ومعقدة بين إيران والولايات المتحدة.
ومن الممكن اعتبار مواقف كهذه من دولة أوروبية جزءا من استراتيجية الضغط الأقصى على إيران للحصول على مزيد من التنازلات، ومن خلال تسليط الضوء على المخاوف الأمنية والتهديد بإعادة فرض العقوبات، يسعى الأوروبيون إلى تشكيل نوع من الإجماع الدولي ضد إيران بهدف إضعاف موقف طهران في المفاوضات.
وفي هذا الصدد أكد نويل بارو بشكل واضح، أن العقوبات ستعود إذا لم يتم ضمان المصالح الأمنية الأوروبية، وتكشف هذه التصريحات أن الأوروبيين- خاصةً فرنسا- لا يُظهرون قلقا حقيقيا بشأن البرنامج النووي الإيراني بقدر ما يكرّسون جهودهم على تعزيز مواقعهم الجيوسياسية والاستراتيجية في المنطقة، وضمان استمرار نفوذهم في التفاعلات المستقبلية مع إيران والشرق الأوسط.
يُستخدم مصطلح “الاتهام” كوسيلة لتحريض الرأي العام
كما أكدت الصحيفة أن أوروبا تسعى إلى ترسيخ صورة سلبية عن إيران في الوعي العالمي من خلال ترويج مزاعم بشأن سعيها لامتلاك السلاح النووي، وهو ما يندرج في إطار محاولات التأثير على الأجواء النفسية المصاحبة للمفاوضات ودفعها باتجاه ضاغط على طهران. وتفتح هذه المقاربة الباب أمام ممارسات ضغط جديدة قد تتخذ طابعا دبلوماسيا أو اقتصاديا، وربما أمنيا أيضا.
وأفادت بأن تصريحات فرنسا في الوقت ذاته قد تعكس مساعي باريس للعب دور مستقل ومؤثر في السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي، فقد حاولت فرنسا في السنوات الأخيرة أن تضطلع بدور نشط في الملفات الدولية، ومن خلال مثل هذه التصريحات.
تسعى إلى تقديم نفسها كطرف فاعل ومؤثر في مسار المفاوضات النووية، ومن البديهي أن توجيه مثل هذه الاتهامات من قبل الجانب الأوروبي لا يسهم في تقدم المفاوضات، بل من شأنه أن يؤدي إلى تآكل الثقة المتبادلة، وإضعاف الأجواء الإيجابية، بل وربما التسبب في تعليق المحادثات أو فشلها المحتمل.
وبناءً عليه أوضحت أنه يمكن تحليل الموقف الأخير لنويل بارو كجزء من استراتيجية متعددة الأبعاد، تتضمن أهدافا مثل ممارسة الضغط الدبلوماسي، والحفاظ على المصالح الاستراتيجية لأوروبا، وتشكيل الرأي العام الدولي، وتعزيز موقع أوروبا في ملف إيران النووي.
تداعيات إرث ترامب السام وتعميق الانقسام بين ضفتي الأطلسي
وأكَّدت أن المواقف السلبية الأخيرة من الاتحاد الأوروبي تجاه إيران في سياق المفاوضات النووية لا تقتصر على القضايا الفنية أو المخاوف الأمنية فقط، بل تعكس تحولات جيوسياسية أعمق. كما أن أحد الجوانب المهمة لهذه القضية هو التحديات المستمرة بين أوروبا والولايات المتحدة، خاصة في ظل رئاسة دونالد ترامب، وما تلاها من خلافات متزايدة بشأن مسائل مثل حرب أوكرانيا، والتعددية، والنظام العالمي.
وصرَّحت بأن رئاسة ترامب تسببت في حدوث انقسام كبير بين أوروبا وأمريكا، ومن ثم يمكن تفسير بعض المواقف القوية الحالية ضد إيران على أنها نوع من الانتقام ومحاولة لاستعادة هيبة أوروبا بعد تجاهل دورها في قضايا مثل مفاوضات السلام بين روسيا وأوكرانيا وحتى أزمة غزة.
وفي هذا السياق، أصبحت إيران، التي تتعاون مع روسيا في بعض الملفات، ضحية غير مباشرة لهذا التباين. ومن جهة أخرى، يمكن لهذا الانقسام بين ضفتي الأطلسي أن يفتح المجال لإيران لتوسيع دورها وتعزيز مصالحها في ظل هذا التنافس بين الاتحاد الأوروبي وأمريكا.
الدور المحسوب: الشرطي الطيب والشرطي السيئ
في الختام، أفادت عند تحليل علاقات القوة والمواقف الدبلوماسية في ملف إيران النووي، بأنه يمكن اعتبار أن الولايات المتحدة وأوروبا، رغم الخلافات الظاهرة بينهما، تعتمدان استراتيجية توزيع أدوار مدروسة، تُجسّد ما يُصطلح عليه في الدبلوماسية بـ”الشرطي الجيد – الشرطي السيئ”.
وأفصحت أنه في ملف إيران، تشير بعض الأدلة إلى أن فرنسا في الوقت الراهن تلعب دور “الشرطي الصارم”، بينما تتخذ الولايات المتحدة دور “الشرطي الطيب”. ويسمح هذا التقسيم للولايات المتحدة بالضغط على إيران دون الإضرار بسمعتها، وفي الوقت نفسه تتخذ موقفا “منقذا” في الدبلوماسية.
في المقابل، تعمل أوروبا على توجيه الأجواء النفسية للمفاوضات من خلال طرح التهديدات والاتهامات بما يتماشى مع مطالب الغرب. لذلك، يعتقد البعض أن هناك تنسيقا تكتيكيا بين أوروبا والولايات المتحدة، خاصة على مستوى المؤسسات الأمنية والدبلوماسية، على الرغم من أنه لا ينبغي تجاهل جميع الخلافات الحقيقية.
كما أشارت إلى تزايد أهمية الدور الإسرائيلي كفاعل خارجي مؤثر في توجيه مواقف أوروبا إزاء إيران، إذ يواصل النظام الإسرائيلي لعب دور محوري في بلورة السياسات الغربية تجاه إيران عبر مسارين رئيسيين: النفوذ الاستخباراتي والإعلامي، والضغط المكثف من خلال جماعات الضغط داخل المؤسسات الأوروبية والأمريكية. وتُعد لوبيات مثل “أيباك” في الولايات المتحدة، إلى جانب شبكات متحالفة داخل البرلمان الأوروبي– لا سيما في ألمانيا وفرنسا– أدوات مركزية تعتمدها إسرائيل للتأثير في مسار السياسات الغربية المرتبطة بالملف الإيراني.