قانون الوظائف الحساسة.. أداة لتصفية المنافسين السياسيين أم حماية للأمن الوطني؟

نشرت وكالة أنباء “خبر أونلاين“، الأربعاء 11 يونيو/حزيران 2025، تقريرا أفادت فيه بأن الهجمات تستمر على مدني ‌زادة باستخدام سلاح قديم للأصوليين، وهو قانون تعيين الأشخاص في المناصب الحساسة، وذلك بعد استهداف وزير الخارجية الأسبق محمد جواد ظريف.

وذكرت الوكالة أن وزير الاقتصاد المقترح هو الهدف التالي، إذ تحول هذا القانون مرة أخرى إلى أداة يستخدمها التيار المتشدد لمواجهة حكومة بزشكيان ومحاولة إيقاف مسيرتها.

وأشارت إلى أن هذا القانون، الذي أُقر في البرلمان السابق لضمان أهلية الأشخاص لتولي المناصب التنفيذية، يتضمن مادة مثيرة للجدل في مادته الثانية، حيث تحظر تعيين الأشخاص الذين يحملون، أو أبناءهم أو أزواجهم يحملون، جنسية مزدوجة في الوظائف والمناصب الحساسة.

هل قانون الوظائف الحساسة أداة لإقصاء المنافسين؟

ذكرت الوكالة أن المادة الرابعة من قانون الوظائف الحساسة تنص على تعريف نواب رئيس الجمهورية كوظائف حساسة. أبناء ظريف، الذين وُلدوا في الولايات المتحدة أثناء فترة مهمته الدبلوماسية هناك، يحملون الجنسية الأمريكية، مما تسبب في تحدٍ قانوني لتعيينه.

وأضافت أن حكومة بزشكیان قد دافعت عن ظريف مشيرة إلى أن جنسية أبنائه كانت غير إرادية، وأنهم يعيشون في إيران. كما تم الاستشهاد بخبرة ظريف في المفاوضات الدولية كسبب ضروري لوجوده في المنصب. مع ذلك، لم تُقنع هذه الحجج المعارضين.

وأردفت أن الاعتراضات على تعيين محمد جواد ظريف دفعت الحكومة إلى تقديم مشروع قانون مستعجل لتعديل المادة الثانية من القانون. وُضع التعديل بحيث يشمل فقط الأشخاص الذين يحملون الجنسية المزدوجة، ما استبعد الزوجة والأبناء الذين يحملون الجنسية المزدوجة، والذين كانوا سببا غير مقصود لإقصاء بعض الأفراد.

موافقة المرشد الإيراني على تعديل قانون الوظائف الحساسة

نقلت الوكالة قول نائب الحكومة للشؤون القانونية مجيد أنصاري: “لقد عاش عدد من مدرائنا الملتزمين والثوريين في دول مختلفة للدراسة أو بسبب مهام عمل، وبعض أبنائهم وُلدوا في تلك البلدان، لكنهم الآن عادوا إلى البلاد ويعملون في الخدمة”.

كما أعلن عن موافقة المرشد الأعلى الإيراني على تعديل هذا القانون قائلا المرشد الأعلى قال شخصيا للرئيس بزشکیان إنه يوافق على تعديل قانون الجنسية القسرية، وطلب أن يتم إبلاغ رأيه في البرلمان حتى لا يمنع هذا القانون استخدام الكفاءات في الوظائف المختلفة.

وتابعت أن عضو لجنة الشؤون الاجتماعية في البرلمان مهدی إسماعيلي قال إن رسالة المرشد كانت تدعو إلى التدبير وليس الموافقة الصريحة، حيث قال بعض الزملاء رأوا أن المرشد يوافق، وآخرون اعتبروا أن المعنى هو دراسة الأمر لمعرفة ما هو الأفضل للبلد. الرسالة لم تكن واضحة تماما، وكان هناك جدل بين النواب حول هذا الموضوع، ويبدو أن القضية ما زالت مفتوحة وتحتاج إلى إعادة النظر.

وأضافت أنه على الرغم من ذلك، لم يصوت أعضاء البرلمان بسرعة على مشروع القانون، وتم الاتفاق على إدراجه في جدول الأعمال كقانون عادي. لكن قبل مناقشة المشروع والمصادقة عليه، اضطر ظريف إلى الاستقالة، مما أدى إلى حذف اسمه من الحكومة.

هل سيُقصى مدني‌ زادة أيضا؟

ذكرت الوكالة أنه في الوقت الذي لا يزال فيه مشروع القانون قيد الانتظار دون مناقشة، يسعى نواب قريبون من جبهة الثبات لاستخدام قانون الوظائف الحساسة لمنع تولي وزير الاقتصاد المقترح من حكومة بزشکیان منصبه.

وعندما طُرح اسم مدني ‌زادة كمرشح محتمل، أثار أحد النواب قضية جنسية ابنه المزدوجة. وأعاد النائب المتشدد في البرلمان حميد رسائي، فتح النقاش حول جنسية ابن مدني‌ زادة المزدوجة وربطها بعملية منح الثقة.

وكتب رسائي شفهيا: “تابعت مع وزارة الاستخبارات حالة استعلام مدني ‌زادة وموضوع جنسية ابنه. قالوا إن الاستعلام إيجابي، وقد تم تقديم طلب لإلغاء جنسية الابن لكنه لم يُلغَ بعد. وأنا بدوري طلبت استعلاما كتابيا أيضا. وبناء على الرد الشفهي، لا يمتلك مدني ‌زادة حاليا الأهلية القانونية بسبب عدم إلغاء جنسية ابنه”.

وأضاف أن “وزارة الاستخبارات يجب أن توضح موقفها لنا وللنظام. هل القانون لا ينطبق عليهم؟ طالما أن ابنه لا يزال يحمل الجنسية، وحسب قوانين الولايات المتحدة لا يمكن إلغاء الجنسية حتى عمر 18 عاما، فما الأساس الذي يجعل الاستعلام إيجابيا؟ هل الاستعلامات الأخرى تُعامل بالمثل؟ ولماذا قبل رئيس البرلمان هذا الأمر؟”.

نائب برلماني: لا يجب تضييق دائرة الثورة على حساب الكفاءات

تابعت الوكالة أنه في وقت يشهد جدلا حول تعيين علي مدني ‌زادة وزيرا مقترحا للاقتصاد، عبّر عضو لجنة الاقتصاد في البرلمان أحمد أناركي محمدي، عن موقف داعم للمرشح، مؤكدا ضرورة الانفتاح على النخب والكفاءات، وعدم تضييق دائرة الثورة على أساس اعتبارات غير موضوعية.

وقال محمدي في حديثه لموقع “اقتصاد 24”: “لتفويض الصلاحيات بنجاح يجب أن نوجه اهتمامنا إلى النخب الحقيقية، وهم الشباب الإيراني الموهوبون الذين درسوا في الخارج أو يعملون فيها. هؤلاء هم الجين النقي الذي يجب أن نعتمد عليه، وليس المسؤولون الذين ظلوا لعقود في مواقعهم وأثبتوا عدم جدارتهم”.

وأفاد الموقع بأن مدني ‌زاده درس في إحدى أرقى الجامعات العالمية، وكان بإمكانه البقاء هناك والاستفادة من فرص عمل مرموقة، لكنه اختار العودة لخدمة وطنه. لذا، فإن مستواه العلمي المتقدم يعد نقطة قوة ومكسبا للبلاد.

وأكد: “رأيي في مدني ‌زاده إيجابي، وأتوقع أن يتغير الجو العام في البرلمان لصالحه خلال الأيام القادمة. إن طرح قضايا غير فنية حول أهليته مثير للاستغراب، خاصة وأن الأجهزة الأمنية في البلاد قد أكدت سلامة موقفه. الدراسة في الخارج ليست دليلا على التجسس أو الخيانة، وهذه الاتهامات غير مقبولة. وعلينا جميعا أن نتعامل مع المسألة بحكمة وموضوعية، وأن لا نضيق دائرة الثورة ونبعد الكفاءات تحت ذريعة الوطنية”.

ظريف ومدني ‌زادة يمكن أن يصبحا رئيسي البرلمان، لكن لا يمكنهما أن يشغلا منصب وزير أو نائب رئيس الجمهورية!

وأشارت الوكالة إلى أن ما يعزز الشكوك حول الاستخدام السياسي لقانون الوظائف الحساسة هو أن القانون يشير إلى جميع الوظائف الحساسة باستثناء نواب البرلمان. فمن الممكن أن يكون بعض النواب أنفسهم مشمولين بهذا القانون.

وأضافت أنه فعليا، إذا كان لدى أبناء علي مدني ‌زادة ومحمد جواد ظريف الجنسية الأمريكية، وفقا لهذا القانون يمكن لهما أن يكونا نائبين أو حتى رئيسي البرلمان، أي من رؤساء السلطات الثلاث، لكن لا يمكن أن يشغلا منصب وزير، على الرغم من أن الوزارة تخضع لرئيس الحكومة، وهو أحد رؤساء السلطات، وتخضع لمراقبة أكبر من النواب وأجهزة الرقابة.

واختتمت بأن كل هذه الأمور تثير الشكوك بأن قانون تعيين الأشخاص في المناصب الحساسة يُستخدم كأداة لمواجهة الخصوم السياسيين والحزبيين، بغض النظر عن الأدوار التي أدّوها. في حين أن خصوم هذا التيار السياسي، رغم شعاراتهم التي تدعو إلى أن إيران للجميع، يستخدمون التيارات الأصولية السياسية مثل جبهة الثبات كل ذريعة لإقصاء منافسيهم.