قانون مكافحة تمويل الإرهاب.. خطوة أساسية لإعادة إيران إلى النظام المالي الدولي

Ad 4nxd3kdzslv0vxgxczw6zr 33zxosyg dyjz0ohwqt5bzowt msnzjxjs41iyiqdcddrea2jewnhmubwxgdtf8x68w0orshc6uh1mmtjqb9jvq78 txqfrezeazsgco8jb0rz9rt88akeyrd97wcuatgivbdyujk8zzq

نشرت صحيفة شرق الإصلاحية، الخميس 15 مايو/أيار 2025، تقريرا أفادت فيه بأنه بعد سنوات من الشد والجذب والنقاشات الواسعة، وافق مجمع تشخيص مصلحة النظام في نهاية المطاف، على مشروع قانون انضمام إيران إلى اتفاقية مكافحة الجريمة المنظمة العابرة للحدود (باليرمو)، وذلك بشكل مشروط. وفي الوقت الذي لا يزال فيه مشروع قانون مكافحة تمويل الإرهاب (CFT) عالقا دون حسم، لا يزال مستقبل تعامل إيران مع النظام المالي العالمي غير واضح المعالم.

وأضافت الصحيفة أن مشروع قانون باليرمو، الذي تم إعداده بهدف انضمام إيران إلى اتفاقية مكافحة الجريمة المنظمة العابرة للحدود، يُعدّ من الخطوات الأساسية في إطار إصلاح النظام المالي لإيران ورفع العقبات الاقتصادية الدولية. وتكتسب المصادقة على هذا المشروع أهمية خاصة في مسار خروج إيران من القائمة السوداء لمجموعة العمل المالي (FATF) وتقليل القيود المصرفية والتجارية. 

وتابعت أن هذه الاتفاقية تفرض على الدول الأعضاء التزامات محددة لمكافحة الاتجار بالبشر، والأسلحة، وغسل الأموال، وغيرها من الجرائم المنظمة. ويمكن أن يشكّل قبول إيران لهذه الاتفاقية خطوة نحو خروجها من القائمة السوداء لـمجموعة العمل المالي، وبالتالي تحسين وضعها الاقتصادي والتجاري على الصعيد الدولي.

وأوضحت أنه تمت المصادقة على مشروع قانون باليرمو لأول مرة في عام 2018 من قبل البرلمان، ثم أُرسل إلى مجلس صيانة الدستور الذي أقرّه. إلا أن تحويله إلى مجمع تشخيص مصلحة النظام للمراجعة النهائية أدى إلى تأخير طويل في إقراره، ما تسبب بتداعيات سياسية واقتصادية. 

وأكَّدت أن كثيرا من الخبراء يعتقدون أن هذا التأخير لم يُهدر وقت إيران فقط، بل أوجد تعقيدات إضافية في عملية اتخاذ القرار وعمّق الضغوط السياسية والاقتصادية. وفي الواقع، فإن الوقت الضائع في مسار المصادقة على هذا المشروع لم يصعّب فقط تفاعلات إيران الدولية، بل زاد أيضا من حدّة العقوبات والضغوط الاقتصادية. 

لذلك، وعلى الرغم من أن المصادقة النهائية على باليرمو تُعدّ خطوة إيجابية، فإنها، من دون المصادقة على مشروع قانون مكافحة الإرهاب، لن تكون كافية لإزالة العراقيل الاقتصادية والتجارية بشكل كامل أو إخراج إيران من القائمة السوداء لمجموعة العمل المالي.

المصادقة المشروطة على “باليرمو” خطوة غير مكتملة في مسار الإصلاحات المالية

قال رئيس مركز المعلومات المالية في وزارة الاقتصاد هادي خاني، إنه بعد الدراسات الفنية وتشكيل لجنة خاصة في مجمع تشخيص مصلحة النظام منذ ديسمبر/كانون الأول 2024، وافق المجمع أخيرا على انضمام مشروط لإيران إلى اتفاقية باليرمو. لكن هذا القرار المشروط يعكس صورة غير مكتملة لمسار تعامل إيران مع النظام المالي الدولي. 

وصرَّح خاني بأنه في الوقت الذي لا يزال فيه مشروع قانون مكافحة تمويل الإرهاب قيد البحث ومصيره غير واضح، فإن المصادقة المشروطة على باليرمو لن تكون كافية لحل العديد من المشاكل الاقتصادية والمالية لإيران.

دور اتفاقية باليرمو وقانون مكافحة تمويل الإرهاب في خروج إيران من القائمة السوداء لمجموعة العمل المالي

وأفادت الصحيفة بأن مجموعة العمل المالي طلبت من إيران الانضمام إلى اتفاقية باليرمو واتفاقية مكافحة تمويل الإرهاب. ويمكن أن يساعد إقرار هذين القانونين إيران على الخروج من القائمة السوداء لمجموعة العمل المالي، ورفع العديد من العوائق أمام التبادلات التجارية والمالية.

وأكدت أنه على الرغم من الموافقة المشروطة على اتفاقية باليرمو في المجمع، فإن إيران ستظل في القائمة السوداء لمجموعة العمل المالي ما لم يتم إقرار اتفاقية مكافحة تمويل الإرهاب. وهذا الوضع يؤدي إلى فرض قيود أشد على العلاقات المصرفية والتجارية لإيران مع الدول الأخرى، ويزيد من الضغوط الاقتصادية عليها. 

وأضافت أنه في ظل هذه الظروف، يطالب العديد من الفاعلين الاقتصاديين، بمن فيهم رئيس غرفة تجارة إيران، باتخاذ قرار حاسم ووطني بشأن قبول هذه القوانين للخروج من الأزمة الاقتصادية والعزلة المالية.

تعثر إقرار قوانين مجموعة العمل المالي وعواقبها على الاقتصاد الإيراني

أوضحت الصحيفة أنه بينما يُعتبر إقرار قانون باليرمو المشروط خطوة إيجابية، إلا أن إيران لا تزال تواجه تحديات كبيرة في مسار خروجها من القائمة السوداء لمجموعة العمل المالي طالما لم يُقر قانون مكافحة الإرهاب. فخلال السنوات الماضية، تسبب الغموض في إقرار هذين القانونين ليس فقط في تقييد العلاقات المالية والتجارية لإيران، بل فرض أيضا ضغوطا اقتصادية كبيرة على إيران. 

وأوردت أنه في الوقت الذي تطالب فيه الحكومة والفاعلون الاقتصاديون بتخفيف العقوبات وتسهيل العلاقات التجارية، فإن مجمع تشخيص مصلحة النظام هو الذي يجب عليه الآن أن يتخذ قراره النهائي بشأن قانون مكافحة الإرهاب ليمهد الطريق أمام خروج إيران من العزلة المالية.

قضايا مشروع قانون باليرمو في إيران

وأشارت إلى أن مشروع قانون انضمام إيران إلى اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الجرائم المنظمة العابرة للحدود تم تقديمه في 10 ديسمبر/كانون الأول 2013 من قبل الحكومة إلى البرلمان التاسع. ومع ذلك، وبسبب المخاوف المتعلقة بانضمام إيران إلى هذه الاتفاقية، تم تأجيل مناقشته لفترة طويلة

وأضافت أن مشروع قانون باليرمو قُدم للمرة الثانية في 3 يوليو/تموز 2016 خلال دورة البرلمان العاشر، وأخيرا، في يوم الأربعاء 24 يناير/كانون الثاني 2018، صوّت أعضاء البرلمان بعد جدالات كثيرة بالموافقة على انضمام إيران إلى هذه الاتفاقية.

شروط المجلس للانضمام إلى اتفاقية باليرمو

وأفادت الصحيفة بأنه وفقا لمشروع القانون الحكومي الذي أقره المجلس، تنضم إيران إلى اتفاقية باليرمو مع خمسة شروط. تشمل هذه الشروط تفسير بنود الاتفاقية بناء على القوانين الداخلية لإيران، ورفض إحالة النزاعات إلى التحكيم الدولي، واتخاذ القرار بشأن المواد المتعلقة بالتسليم والمساعدة القضائية، وضمان الحق المشروع للشعوب في مكافحة الاحتلال، وعدم الاعتراف بنظام الاحتلال الإسرائيلي. 

وأقرَّت بأن هذه الشروط تحدد بوضوح قيودا لانضمام إيران إلى الاتفاقية، ومن بينها عدم قبول إحالة النزاعات إلى محكمة العدل الدولية.

في النهاية، وبالنظر إلى المفاوضات النووية والأمل في رفع العقوبات في القريب العاجل، يجب على إيران أن تقرر ما إذا كانت ستلتزم بشكل حاسم بالمعايير الدولية وتخرج من التحديات المالية، أم ستظل عالقة في منتصف طريق الخيارات المترددة.

إقرار باليرمو رسالة واضحة من إيران إلى العالم

قال خاني في حديثه مع صحيفة شرق، إن “هذه الاتفاقية  تعد واحدة من اتفاقيتين كان لا بد لنا من إقرارهما والانضمام إليهما لتطبيع وتسهيل مسار حل ملف مجموعة العمل المالي. وبالطبع، كنا قد وقعنا هذه الاتفاقية سابقا، والآن أُقرت في المجمع وسيتم تنفيذ مراحلها”.

ويعتقد أن إقرار هذا المشروع سيكون رسالة إيجابية للدول الصديقة والحليفة لإيران، مفادها أننا ملتزمون بتنفيذ التزاماتنا الدولية. وأضاف: “إن شاء الله ستُستكمل عملية إقرار قانون مكافحة الإرهاب في الجلسات القادمة للمجمع، ونتمنى أن يُقرّ أيضا مثل باليرمو”. 

وأكد أن كلا من باليرمو وقانون مكافحة الإرهاب تم فحصهما في مجمع تشخيص مصلحة النظام بشكل كامل من الناحية الفنية والقانونية، وقد تم استكمال مراحل الدراسة المتخصصة لهما. وبالنظر إلى أن الدراسة التفصيلية لقانون مكافحة الإرهاب قد أُنجزت أيضا في المجمع، نتوقع أن يُتخذ قرار مناسب بشأنه في الجلسات القادمة. 

وأوضح خاني أنه لا يمكنه التأكيد بشكل قاطع، ما إذا كان سيُقر أم لا، لكنه يرى أن مسار المراجعة يسير بشكل تخصصي ومنطقي، وحتى الآن لم تُطرح أية مشكلة أو غموض جديد يعوق اتخاذ القرار بشأن قانون مكافحة الإرهاب.

وصرَّح بأنه تم طرح بعض الغموض وتحديد مشكلات متعلقة بكلتا الاتفاقيتين، ونوقشت هذه القضايا في مجمع تشخيص مصلحة النظام، حيث وُضعت آليات خاصة لكل منها. ومن بين هذه الآليات، عندما تتعارض بعض البنود مع مصالح إيران الوطنية، اعتمد المجمع بناء على اقتراح البرلمان حقّ شرط خاصا.

وأفاد بأن هذه الحقوق ليست أمرا جديدا وليست خاصة بإيران فقط، بل هي إجراء مشابه لما تتبعه معظم الدول الأخرى. وأضاف: تقريبا جميع الدول التي انضمت إلى مثل هذه الاتفاقيات وضعت شروطا في إطار دستورها أو قوانينها الداخلية. لذلك، استخدمت إيران هذا الحق مثل باقي الدول واتخذت إجراءات مماثلة. 

وذكر أنه لا يتذكر التفاصيل الدقيقة بسبب عدم توافر الوثائق حاليا، لكنه أوضح أن اتفاقيتي باليرمو، وقانون مكافحة الإرهاب تحتويان على بنود كثيرة تقدم عند الانضمام لهما العديد من الدول بيانات تفسيرية، أو شروطا إلى الأمم المتحدة. وفعليا، تُعلن هذه الدول التزامها بتنفيذ الاتفاقية ضمن إطار هذه الشروط والاعتبارات الخاصة به.

وأضاف خاني أن جميع الاتفاقيات، ومن ضمنها هاتان الاتفاقيتان، تحتوي على بنود قد تفرض الدول بناء عليها شروطا وفقا لمصالحها الوطنية، وتستمر في تنفيذ التزاماتها ضمن هذا الإطار. وتابع: من المهم جدا ألا تتجه الرؤية العامة إلى الاعتقاد بأن إيران فقط هي التي استخدمت حق الشرط أو تعتزم استخدامه. 

شدّد على أن معظم الدول الأعضاء في الأمم المتحدة التي انضمت إلى هذه الاتفاقيات قد سجّلت مثل هذه الشروط، وهو أمر شائع ومقبول تماما، وبالتالي فإن استخدام الشروط ليس خاصا بإيران ولا مقتصرا عليها.

وأشار أيضا إلى أنه في حال تمّت المصادقة على اتفاقية مكافحة تمويل الإرهاب ، فإنه، وبحسب بيانات مجموعة العمل المالي، ستتمكن إيران من الدخول في مرحلة التفاوض والمتابعة لطلب تعليق الإجراءات المضادة المفروضة من قبل المجموعة. وأكد خاني: هدفنا هو تقليص الضغوط الناتجة عن هذه الإجراءات.

وفي النهاية أفاد بأن إقرار قانون مكافحة الإرهاب شرط لازم للخروج من القائمة السوداء لمجموعة العمل المالي، لكنه ليس شرطا كافيا. مع ذلك، فإن قبول هاتين الاتفاقيتين يسهّل مسار تعاملات إيران مع العالم ويساعد بشكل كبير في تخفيف الضغوط على المواطنين الإيرانيين في الخارج.