- زاد إيران - المحرر
- 53 Views
كتبت- هدير محمود
كان عباس عراقجي، سفير إيران لدى اليابان وروى في مذكراته قصة إجراءات الإمبراطور الياباني في حفل تقديم أوراق اعتماده، والتي كان ينبغي أن تكون مصحوبة بالانحناء له، كيف انحنى عراقجي للإمبراطور؟!
وفقًا لوكالة أنباء خبر أونلاين يوم 15 أغسطس/ آب أنه في منتصف فبراير 2008، سلّم الدكتور محسن طلائي، السفير الإيراني في اليابان آنذاك، مهامه إلى عباس عراقجي بعد انتهاء مدة تكليفه، ليتولى الأخير منصب السفير الثامن لإيران والعشرين في إجمالي فترة العلاقات الدبلوماسية بين إيران واليابان، ويدخل طوكيو.
ماذا عن كتاب عراقجي “إيران تايشي”
بعد حوالي شهر من وصوله إلى طوكيو، تم إبلاغه بأنه يجب أن يكون جاهزًا لتقديم أوراق الاعتماد إلى الإمبراطور آكي هيتو. يصف عراقجي هذه الذكرى في كتابه “إيران تايشي” (صفحات ۳۸-۳۹) الذي نشرته دار النشر “اطلاعات”. يكتب عراقجي: «وفقًا للإجراءات البروتوكولية في اليابان، بعد تسليم نسخة من أوراق الاعتماد إلى الأمين العام لوزارة الخارجية، يمكن للسفير أن يقوم بجميع مهام السفير إلا لقاء الإمبراطور والمشاركة في المناسبات التي يحضرها الإمبراطور.تظهر هذه الإجراءات الدور الهامشي والاحتفالي للإمبراطور وتظهر أيضًا اهتمام اليابانيين بالحفاظ على كرامته ومكانته كرمز للسيادة اليابانية. الإمبراطورية التي سحبها الأمريكيون من مقام شبه الإلهي بعد هزيمة اليابان في الحرب العالمية الثانية، أدى إلى تحقيره في نظر اليابانيين.»
بروتوكول مقابلة و انحناء عراقجي:
بالطريقة التي رواها عراقجي، قبل أسبوع من موعد الاحتفال، جاء مجموعة من موظفي البروتوكول في قصر الإمبراطور إلى سفارة إيران لتوضيح كيفية مقابلة الإمبراطور وتقديم أوراق الاعتماد. شرحوا له تفاصيل الاحتفال بدقة، بما في ذلك من أي باب يدخل وفي أي وقت، وكيفية تقديم أوراق الاعتماد للإمبراطور. كما رسموا له خريطة قاعة البلاط وطريق الحركة وقدموا له هذه التفاصيل في ورقة.
لكن النقطة التي لفتت انتباه عراقجي هي طريقة دخوله ووقوفه أمام الإمبراطور.ينقل عراقجي قائلاً: “قالوا إنه عندما تدخل قاعة حضور الإمبراطور، يجب أولاً أن تنحني قليلاً عند عتبة الباب، ثم عندما تصل أمام جلالته تنحني انحناءً كاملاً!”
دكتور عراقجي رد على مسؤولي البروتوكول اليابانيين قائلاً: “ليس لدي مشكلة في الانحناء قليلاً، ولكنني أعتذر عن الانحناءة الكامل، لأننا نحن المسلمين لا ننحني إلا أمام الله الواحد، ولا نعتبر القيام بهذا الفعل تجاه أي إنسان جائزاً.” عندما سمع اليابانيون هذا التوضيح، وافقوا على طلب سفير إيران دون تقديم مزيد من الشرح أو الإصرار على النقاش.
ومؤكدًا أن “هذه إحدى خصائص اليابانيين الذين يحترمون ثقافة ومعتقدات الآخرين”، يروي عراقجي قصة حواره مع الإمبراطور على النحو التالي: “الإمبراطور منصب تشريفي، لذا لا مكان للحديث الرسمي والجدي. كان يجب أن أقدم حديثًا يخلق انطباعًا إيجابيًا لديه عن العلاقات الجيدة بين إيران واليابان وتاريخهما الطويل، وعن خلفيتي المهنية وخاصة فيما يتعلق باليابان وزياراتي إلى اليابان بصفتي عضوًا في المفاوضات النووية. قلت إنني قمت بزيارة شخصية إلى طوكيو قبل سنوات، في بداية زواجي، بدعوة من أحد أقاربي الذي كان يقيم مؤقتًا في اليابان، وذهبت مع عائلتي في رحلة استمرت أسبوعًا إلى اليابان.عراقجي يقول ” في صباح يوم اللقاء مع الإمبراطور، خطرت له فكرة أن يذكر تلك الزيارة كرحلة شهر العسل ليترك انطباعًا إيجابيًا في ذهن الإمبراطور. وكانت هذه النقطة التي لم تكن وزارة الخارجية اليابانية على علم بها، وأثارت دهشة المسؤولين عن البروتوكول يواصل قائلاً: “في نهاية حديثي مع الإمبراطور، أخبرته أن لدي ذكريات جيدة عن اليابان لأنني قضيت شهر العسل هناك. كان ذلك مثيرًا للإعجاب بالنسبة للإمبراطور، وقال إنني سعيد لأن لديك ذكريات جيدة عن اليابان. ولكن على عكسه، بدت المسؤول عن البروتوكول، سومي سان، مندهشة. ثم أكملنا بقية إجراءات تقديم أوراق الاعتماد وخرجنا من القصر.”
فور خروجنا من القصر، التفت سوومي إليّ مرتبكة و مشتكيا قائلاً: سعادة السفير، لماذا لم تخبرنا مسبقًا عن موضوع رحلة شهر العسل إلى اليابان؟ كان هذا أمرًا مهمًا للغاية وكان ينبغي علينا إبلاغ الإمبراطور به مسبقًا.والآن سيحتج الإمبراطور أمامنا لماذا لم نقل هذه النقطة المهمة”. يشير عراقجي في نهاية المذكرات، التي نُشرت في كتاب “إيران تايش” – دار نشر صحيفة “اطلاعات”، إلى نقطة تستحق التأمل، قائلاً: “هذه مثال على خصائص اليابانيين، حيث يتميزون بالتفصيل والاهتمام بالنقاط الدقيقة، والأهم من ذلك، عدم ارتياحهم لطرح مسائل بدون تنسيق مسبق وتاريخ في المفاوضات. اليابانيون لا يحبون المفاجآت الغير المتوقعة. يجب أن يكون كل شيء مخططًا ومتناغمًا مسبقًا. إذا طرحت موضوعًا جديدًا في لقاء مع المسؤولين ولم يكن لديهم علم به مسبقًا، فلن يجيبوا عليها في أفضل الأحوال ويحيلونها لمزيد من التحقيق. وفي بعض الأحيان، قد لا يقدمون أي رد على الإطلاق ويتجاهلون الموضوع بشكل كامل.”