- ربيع السعدني
- متميز
- 34 Views
وصلت المحادثات الإيرانية الأمريكية، التي عقدت بشكل غير مباشر خلال الأسابيع الثلاثة الماضية بوساطة وزير الخارجية العماني، إلى جولة رابعة على مستوى الخبراء.
وكان من المقرر أن تعقد المحادثات على مستوى الخبراء بشكل منفصل، لكن تقرر في نهاية المطاف أن تعقد بالتزامن مع المحادثات غير المباشرة بين الفريقين في عُمان، واستمرت الجولة الأخيرة من المفاوضات بين إيران والولايات المتحدة في سلطنة عمان لمدة 6 ساعات.
في الأسبوع الماضي أُعلن عن تأجيل الجولة الرابعة من المفاوضات ولم يتم الكشف رسميا عن سبب التأجيل، ولا يزال من غير الواضح ما إذا كانت المحادثات قد ألغيت تماما أم ستستمر بعد انقطاع، وكان من المقرر عقد اجتماع بين دبلوماسيين إيرانيين وأوروبيين في روما يوم الجمعة 12 مايو/أيار، لكنه ألغي أيضا.
وبطبيعة الحال، من المهم أيضا أن نلاحظ أنه في الأسبوع قبل الماضي، بعد انتهاء المحادثات في مسقط، أعلن وزير الخارجية العماني بدر البوسعيدي أن “المحادثات ستستمر الأسبوع المقبل باجتماع آخر رفيع المستوى، ومن المقرر مبدئيا أن يعقد يوم السبت في الثالث من مايو/أيار 2025، وذكر موقع “أكسيوس” الأمريكي أن الجولة الرابعة من المحادثات بين إيران والولايات المتحدة من المقرر أن تعقد في روما السبت المقبل
وفي وقت سابق، زعمت وكالة رويترز للأنباء نقلا عن دبلوماسيين مطلعين، أن إيران عرضت لقاء فرنسا وبريطانيا وألمانيا في روما في الثاني من مايو/أيار لمناقشة برنامجها النووي، وبحسب تقرير رويترز، فإن الأوروبيين لم يردوا بعد على عرض إيران لإجراء محادثات هذا الأسبوع يوم الجمعة.
وفي مقال بعنوان “نظرة على مستقبل محادثات عُمان”، أشارت إلى تأخير عقد الجولة الرابعة من محادثات طهران وواشنطن، وناقشت النتائج الإيجابية لهذه المحادثات لكلا الجانبين، وضمن ذلك إيران، من الناحية الاقتصادية، وكتبت الصحيفة في هذا الصدد: “إن تأخير الجولة الرابعة من المحادثات لأي سبب كان، لن يخل بمبدأ المفاوضات”.
وفي الوقت نفسه، ونظرا إلى انضمام مايكل أنطون، أحد العناصر الموثوق بها لدى ترامب، إلى الوفد الأمريكي والتطورات التي حدثت في الأسبوع الماضي، يمكن تحليل مستقبل المفاوضات ونتائجها في عدة أجزاء:
- أمريكا ترامب في ولايته الثانية كرئيس ليست لديها رغبة في الحرب في أي مكان في العالم، والمشاكل الكبرى مثل الديون غير المسبوقة والمنافسة المذهلة مع الصين لا تسمح لترامب بالدخول في الحرب، إن الإنفاق الذي بلغ 7 تريليونات دولار الذي أنفقه أسلاف ترامب في الشرق الأوسط، والذي اعترف ترامب نفسه بأنه لم يحقق أي شيء للولايات المتحدة، والجمود الذي يواجهه الجيش الأمريكي حاليا في حرب اليمن، هي عوامل تمنع البلاد من الدخول في حروب جديدة. ولذلك فمن الطبيعي أن يحاول ترامب التوصل إلى اتفاق مع إيران، ويكتب اسمه في كتب التاريخ الأميركي باعتباره الرئيس الذي استطاع حل مشكلة بلاده مع إيران.
- الشرق الأوسط أيضا لا يستطيع أن يتحمل صراعات جديدة. رحب زعماء دول الشرق الأوسط بالمحادثات الإيرانية الأميركية، واعتبروا نجاحها في مصلحة المنطقة. إن التصرفات الجديدة لرئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو وخطابه ضد إيران لا يمكن أن يحولا ترامب عن المسار الذي اختاره لحل الخلافات مع إيران. وقال ترامب نفسه بعد الجولة الثالثة من المحادثات في عُمان: “سيتم التوصل إلى اتفاق مع إيران قريبا جدا”. ويعكس هذا الموقف حاجة أميركا بقيادة ترامب إلى اتفاق مع إيران، حتى وإن كان مصحوبا بالغضب والاستياء من قبل قادة النظام الصهيوني.
- الجانب الإيراني سيستفيد أيضا من نجاح المفاوضات مع الولايات المتحدة. تشكل إيران سوقا ضخمة للاستثمار، وتتمتع بإمكانات أكبر من أي دولة أخرى في الشرق الأوسط. إن الاتفاق مع الولايات المتحدة ورفع العقوبات سيفتحان المجال أمام الدول الغربية للاستثمار في إيران، وإضافة إلى المستثمرين فإن إيران ستستفيد أيضا بشكل كبير من هذه الاستثمارات وستعزز اقتصاد البلاد.
ويعتقد أحد كبار المديرين التنفيذيين في أحد البنوك الإيرانية أن التوصل إلى اتفاق أصبح أكثر احتمالا من أي وقت مضى؛ لأن ترامب يتطلع إلى ترك بصمة لنفسه، إنجاز لم يتحقق بعد، لا في قضية أوكرانيا، ولا في غزة، ولا حتى في سياسة التعريفة الجمركية.
توقعات لنتائج المفاوضات الإيرانية الأمريكية
في مقابلة مع وكالة أنباء “خبر أونلاين”، قال الخبير الاقتصادي حاتمي يزد، في إشارة إلى شخصية الرئيس الأمريكي: “أعتقد أنه يجب علينا الانتباه إلى السمات الشخصية لترامب حتى نتمكن من الوصول إلى النتيجة المرجوة في وقت أقرب، إنه يتمتع بصفتين بارزتين وواضحتين:
- الأولى أنه يتطلع إلى القيام بشيء كبير ليصنع لنفسه اسما ويصبح شخصية بارزة في التاريخ.
- والثانية أنه رجل أعمال، مما جعله يركز على جني الأموال أكثر من أي شيء آخر.
وأضاف: “بالنظر إلى هاتين الخاصيتين، والأحداث التي وقعت في الأشهر الأخيرة، يمكن القول إنه يتعين عليه أن يتصالح مع إيران أكثر من أي وقت مضى”، وأكد يزد أن الاتفاق مع إيران يمكن أن يعوّض إلى حد كبيرٍ إخفاقات ترامب، موضحا: “الجانب الثاني من شخصية ترامب هو رجل أعمال مولع بالمال”.
ومن ثم إذا أرادت إيران التوصل إلى اتفاق أكثر استدامة، بحسب “يزد”، فيمكنها استغلال هذا الشعور لصالحها من خلال إشراك ترامب في بعض مشاريع النفط الكبيرة والمربحة ومن بين المشاريع التي سيهتم بها ترامب تطوير حقول النفط، وجمع غاز الشعلات، أو تطوير حقل ألاسويه.
خياران أمام ترامب
فيما قال دينيس سيترونوفيتش، رئيس مكتب إيران السابق في وكالة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية، بحسب تقرير موقع “انتخاب“: إن الولايات المتحدة لديها خياران:
- المفاوضات مع إيران على أساس المبادئ نفسها التي قام عليها الاتفاق النووي السابق؛ وهذا يعني الحد من التخصيب مقابل خفض كبير للعقوبات الاقتصادية، بطريقة تبعد إيران عن تحقيق القنبلة النووية، ولكن في المقابل تعمل على تقوية طهران اقتصاديا وسياسيا.
- الإصرار على تفكيك البرنامج النووي الإيراني بشكل كامل والدعوة إلى فرض قيود على برنامجها الصاروخي ودعمها الإقليمي، بشكل من شأنه، في ضوء الرفض الإيراني المحتمل، أن يزيد من احتمالات تصعيد التوترات وحتى المواجهة الخطيرة.
ولكن في الوقت الحالي، بحسب سيترونوفيتش، يبدو أن الإدارة الأمريكية اختارت الخيار الأول، وإذا تم التوصل إلى اتفاق، فستؤكد الإدارة “اختلافاتها الجوهرية” عن الاتفاق النووي السابق (مع أنه من الصعب، باستثناء مسألة “بنود الغروب”- أي الحدود الزمنية للبرنامج النووي الإيراني- إيجاد أي اختلافات حقيقية).
ولكن على حد قوله؛ إذا أرادت الحكومة الأمريكية طرح مطالب تتجاوز إطار اتفاق عام 2015 النووي فسنواجه تحديات خطيرة.
لماذا واشنطن بحاجة أكثر للاتفاق؟
وفي سياق متصل، قال رئيس مركز أبحاث الحوكمة الذكية طه حسين مدني: “إن الولايات المتحدة بحاجة إلى اتفاق أكثر من إيران بسبب الظروف الاقتصادية، وضمن ذلك ضعف الدولار مقابل الذهب، والاتجاه العالمي نحو تقليل الاعتماد على الدولار، وانتعاش الروبل الروسي، وسياسات الصين للحفاظ على قيمة اليوان، وتقليل الاعتماد على السندات الأمريكية”.
أما في ما يتعلق بأسباب الحاجة الأكبر للولايات المتحدة للتوصل إلى اتفاق مع إيران، أضاف مدني في مقابلة مع وكالة تسنيم للأنباء: “إن دراسة الوضع الاقتصادي للولايات المتحدة والنظر في مؤشرات مثل وضع الدولار مقابل الذهب، والدولار مقابل الروبل واليوان، والوضع في المنطقة، ونهج مجموعة البريكس الناشئة، يمكن أن تقودنا إلى هذا الفهم”.
ولذلك فإن الفهم الصحيح لهذا الوضع- على حد قوله- سيكون له تأثير كبير على القوة التفاوضية لفريق التفاوض.
النفط مقابل الاتفاق
وأكد الخبير الاقتصادي حاتمي يزد لوكالة أنباء “خبر أونلاين“: “بناء على هذا، آمل بشدةٍ أن يتم التوصل إلى اتفاق، نحن اليوم نواجه مجتمعا يائسا، وأمريكا ترامب لم تحقق شيئا بعد.
ورغم أن الرئيس الأمريكي يتطلع إلى شيء أكبر من الاتفاق النووي، فإن الحاجة إلى الإنجاز قد تجبره على أن يكون أكثر مرونة من أجل إظهار أنه توصل إلى اتفاق مع إيران، وهو أمر كان من غير الممكن تصوره من قبله، أعتقد أن طهران مستعدة اليوم لتسليم بعض مشاريعها النفطية للولايات المتحدة، وهذا يجعلني أكثر ثقة بالتوصل إلى اتفاق”.
قوة فريق التفاوض الإيراني
وفي هذا الإطار قال رئيس مركز أبحاث الحوكمة الذكية طه حسين مدني، إن فهم هذه القضية والحاجة الأمريكية المتزايدة للتفاوض والتوصل إلى اتفاق مع إيران يمكن أن يزيد من القوة التفاوضية لفريق طهران التفاوضي.
وبطبيعة الحال، لا بد من قبول مبدأ، مفاده أن الاتفاق الطويل الأمد على نطاق دولي لا معنى له في عالم اليوم، ولا يمكن أن يكون مستداما.
وفي النهاية أكد الاستعداد لأي سيناريو وقال: “فضلا عن ذلك، حتى لو تم التوصل إلى اتفاق، فإن هذا الاتفاق، خاصة مع دولة مثل أمريكا، لا يمكن أن يكون طويل الأمد ومستداما، ويجب علينا أيضا أن نكون مستعدين لسيناريو تنتهي فيه المفاوضات دون التوصل إلى اتفاق”.