- زاد إيران - المحرر
- 58 Views
كتبت: يسرا شمندي
تقدمت تركيا بطلب رسمي للانضمام إلى مجموعة بريكس، التي تشمل اقتصاديات ناشئة مثل الصين وروسيا، ورغم أن دول بريكس لم تقيِّم الطلب بعد، فقد رحب الرئيس الروسي بوتين بالخطوة، ويأتي هذا التحرك في إطار سعي تركيا لتعزيز مكانتها الجيوسياسية وتوسيع تعاونها الاقتصادي، خاصةً في ظل تعثر مفاوضات انضمامها إلى الاتحاد الأوروبي. ويرى الخبراء أن انضمام تركيا إلى بريكس قد يعزز دورها كمركز تجاري بين الشرق والغرب.
ويُعتبر اسم بريكس مشتقا من الأحرف الأولى من الأعضاء الرئيسيين في هذه المجموعة، وضمن ذلك البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب إفريقيا.
ووفقا لتقرير نشرته وكالة أنباء إيسنا، بتاريخ 16 سبتمبر/أيلول 2024، فقد تقدمت تركيا رسميا بطلب للحصول على عضوية في مجموعة بريكس، التي تتكون من اقتصادات ناشئة. وقال المتحدث باسم حزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا عمر جليك، في جلسة أسئلة وأجوبة في أنقرة: “لقد أعلن رئيسنا بالفعل عدة مرات، رغبتنا في الانضمام إلى بريكس، طلبنا في هذا الصدد واضح تماما، ويتم تنفيذ خطواته في الإطار المناسب..
والجدير بالذكر أن دول بريكس لم تقدم بعدُ تقييمها لهذا الطلب، ومع ذلك، لم يقدم عمر جليك مزيدا من التفاصيل حول موعد تقديم طلب تركيا بالضبط، وفي أعقاب الحادث، ذكرت وسائل الإعلام التركية أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين رحب بطلب تركيا، وأوضح أنه يدعم عضوية أنقرة في المنظمة الاقتصادية.
وفي هذا الصدد، يحلل موقع “دويتشه فيله” الألماني أنه إذا تم الانتهاء من عضوية تركيا في مجموعة البريكس، وهي مجموعة تعرف بأنها ثقل موازن للنظام العالمي الغربي، فقد توسع أنقرة المسافة بينها وبين الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي.
وصرَّح المتحدث باسم الدائرة الأوروبية للشؤون الخارجية بيتر ستانو، لوسائل الإعلام الألمانية: “لتركيا الحق في اتخاذ قرار بشأن شراكاتها الدولية بشكل مستقل، لكن الاتحاد الأوروبي يتوقع من تركيا أن تدعم قيم الاتحاد الأوروبي”.
وأوضح الخبير في الشأن التركي بصندوق مارشال الألماني أوزغولو هيسارجيكلي، أن رغبة تركيا في أن تصبح عضوا في بريكس تنبع من عدم رضاها عن عملية عضويتها بالاتحاد الأوروبي.
وفي هذا الشأن كتب الموقع الألماني “دويتشه فيله” أن “تركيا ليست غاضبة فقط من الاتحاد الأوروبي لخلقه مأزقا في عملية انضمامها، ولكن أيضا لانسحاب الاتحاد الأوروبي من عملية تحديث الاتفاقيات الجمركية والتجارية التي يمكن أن تمهد الطريق لسفر المواطنين الأتراك بدون تأشيرة إلى الدول الأوروبية”.
في ضوء ذلك شهدت مجموعة البريكس، التي تأسست قبل 15 عاما بمشاركة البرازيل وروسيا والهند والصين، ثم انضمت إليها جنوب أفريقيا في عام 2010، انضمام أعضاء جدد في عام 2024، من ضمنهم المملكة العربية السعودية، وإيران، والإمارات العربية المتحدة، وإثيوبيا، ومصر، كانتالأرجنتين من الدول المدعوة للانضمام، لكنها تراجعت عن طلبها بعد تولي خافيير ميلي الرئاسة،حاليا، هناك نحو 20 دولة أخرى، من ضمنها تركيا، تقدمت بطلب للانضمام إلى المجموعة.
والنقطة المهمة أنه في مجموعة البريكس، لم يسعَ الأعضاء إلى تبني سياسة خارجية وأمنية مشتركة،وبدلا من ذلك، سعى أعضاء بريكس إلى توسيع التعاون الاقتصادي والتجاري وتحدثوا عن توفير ثقل سياسي موازن للمؤسسات الدولية التي تهيمن عليها الولايات المتحدة وأوروبا.
وتؤكد مجموعة أخرى من الخبراء أنَّ تحرك أردوغان للانضمام إلى بريكس ربما كان يهدف إلى تعزيز نفوذ أنقرة في عملية دفع ترشيحه للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي.
وأوضحت الزميلة في معهد بروكينغز والمتخصصة في الشأن التركي أسلي أيدينتاش، أن “عملية انضمام تركيا إلى الاتحاد الأوروبي متوقفة منذ فترة طويلة، وأن صناع السياسة الأتراك يحاولون إحياء العملية”، وأضافت أن “الأوروبيين جمَّدوا عملية انضمام تركيا ويقتربون من إخراجها من أجندة توسيع الاتحاد الأوروبي، بينما يرى الأتراك أن انضمامهم إلى بريكس قد يعزز موقفهم ويجعل الغرب يشعر بالغيرة ويمنح تركيا فرصة جديدة”.
وبرغم ذلك، يعتقد هيسارجيكلي أن استراتيجية تركيا قد يكون لها تأثير معاكس، وأن انضمام أنقرة إلى بريكس قد يدفع دول الاتحاد الأوروبي بعيدا عن تركيا.
وأضاف قائلاً: “إذا أصبحت تركيا عضواً في مجموعة البريكس، فإن مصداقيتها مع حلف شمال الأطلسي (الناتو) ستنخفض أكثر” (الناتو هو تحالف عسكري دولي يهدف إلى الدفاع الجماعي، حيث تتفق الدول الأعضاء على الدفاع المتبادل في حالة وقوع أي هجوم مسلح على أي عضو من الأعضاء، ويقع المقر الرئيسي للناتو في بروكسل)، كما اتخذت تركيا مؤخرا سلسلة من القرارات في مجالات السياسة الخارجية والأمنية، مما تسبب في استياء الغرب.
والجدير بالملاحظة أنه خلال الحرب بين روسيا وأوكرانيا، لم تدعم تركيا العقوبات الغربية ضد روسيا، كما أصبحت مشتريا رئيسيا للنفط الخام الروسي، كما كانت تركيا داعمة لـ”حماس” والفلسطينيين خلال حرب غزة الأخيرة، التي بدأت في 7 تشرين الأول/أكتوبر، في حين اتخذ الاتحاد الأوروبي، إلى جانب الولايات المتحدة وألمانيا وعدة دول أخرى، خطوة غير بناءة لتصنيف «حماس» على أنها “منظمة إرهابية”.
واستنادا إلى ذلك، فإن الولايات المتحدة وحلف الناتو غير راضين عن شراء تركيا أنظمة الدفاع الجوي S-400 من روسيا وعرقلتها عضوية فنلندا والسويد في الناتو في عام 2022، رغم ذلك، لعبت تركيا دورا مهما في برامج الولايات المتحدة والناتو بسبب موقعها الاستراتيجي، ووقعت اتفاقا مع الاتحاد الأوروبي في عام 2016 لإعادة بعض المهاجرين غير الشرعيين، ومع ذلك، انعدام الثقة بين أنقرة وحلفائها لم يهدأ، حيث أظهرت دراسة لصندوق مارشال الألماني أن تركيا تعتبر الحليف الأقل موثوقية بين الدول التي شملتها الدراسة.
ما هو هدف تركيا من الانضمام إلى بريكس؟
وحسبما جاء في تقرير نشرته وكالة أنباء إيسنا بتاريخ 9 سبتمبر/أيلول 2024، فإن تركيا تسعىللانضمام إلى مجموعة بريكس لتعزيز مكانتها الجيوسياسية والاستفادة من التعاون الاقتصادي مع الصين وروسيا والدول النامية الأخرى. هذا الانضمام يمكن أن يعزز دور تركيا كمركز للتجارة والطاقة والخدمات اللوجستية بين الشرق والغرب، ويكون بديلا عن محاولاتها الفاشلة للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي. يعتقد الخبير أن هذا لن يؤثر على علاقات تركيا مع الدول الغربية، بل سيساعدها في تحقيق دبلوماسية أكثر توازنا واستقلالية.
ويؤكد الخبير في الشؤون الروسية ليون روزمارين، أن تركيا تهدف إلى لعب دور فريد لا يمكن لكل دولة تحقيقه، من خلال التعاون مع كل من الغرب والحكومات والهياكل الرئيسية الأخرى.
وفي النهاية، ونظرا إلى تركيز الكتلة في الآونة الأخيرة على إلغاء الدولار واتفاقيات أنقرة مع دول المنطقة لإنشاء آليات تسوية بالعملات المحلية، أعرب مسؤول تركي عن شكوكه بشأن عضوية تركيا في بريكس بسبب تركيز الكتلة على إلغاء الدولار وقلة التجارة مع دول بريكس باستثناء الصين. وأشار إلى أن تركيا تنفذ أكثر من نصف تجارتها مع الاتحاد الأوروبي، وشكك في التأثير السياسي لـ”بريكس”، قائلا إن تأثيرها سيظل محدودا حاليا، لكنه قد يزداد في المستقبل إذا أصبحت أكثر أهمية سياسيا.