ما سر الخلاف حول “ظفر قندي” المرشح لوزارة الصحة الإيرانية، وعلاقته ببشار الأسد؟ 

كتبت أميرة فهيم 

نشرت وكالة أنباء الطلبة الإيرانية يوم الأربعاء 14 أغسطس/آب 2024، تقريراً لها حول وزير الصحة المقترح اسمه في الحكومة الجديدة محمد رضا ظفر قندي ووصفته بكونه أحد الشخصيات التي يظهر تركيزه السياسي واعتماده على مسار الإصلاحات أكثر وضوحاً من غيره، رغم انتقاد التقرير له على مواقف أخرى خلال مسيرته المهنية والسياسية.

وجاء في التقرير الذي استعرض سيرته الذاتية وبعض ردود الفعل حول اختياره

من هو ظفر قندي؟

محمد رضا ظفر قندي المعروف في الأوساط الطبية كأحد الناشطين الإصلاحيين، وُلد عام 1958 في طهران، وهو متخصص في الجراحة العامة وجراحة الأوعية الدموية وجراحة الصدمات ويعمل في قسم الجراحة العامة بكلية الطب بجامعة طهران للعلوم الطبية وقسم جراحة الأوعية الدموية في مستشفى سينا في طهران.

ومن بين أنشطته العلمية تنفيذ 17 مشروعًا بحثيا ونشر 110 مقالات في مجلات محلية وأجنبية مرموقة، والإشراف على 50 رسالة في دورات الماجستير والدكتوراه، والتحدث في 93 مؤتمرًا علميًا، فضلاً عن تأليف وترجمة 9 كتب.

والسؤال هنا، هل محمد رضا ظفر قندي بسجلاته العلمية والإدارية في سجله التنفيذي والأكاديمي، يمكن أن يكون مناسباً لوزارة الصحة؟

وجه إصلاحي بالكامل

ويعد أحد المصلحين النشطين في المجتمع الطبي، وهو الأمين العام للجمعية الطبية الإسلامية في إيران، والتي تعتبر حزباً إصلاحياً. 

كما كان يشغل منصب الرئيس الدوري للمجلس التنسيقي لجبهة الإصلاح، ولا ينبغي أن ننسى أن ظفر قندي كان أيضاً عضواً بارزاً في حزب المشاركة المنحل، وهو الحزب الذي انضم عدد كبير من أعضائه بعد حله في حزب “اتحاد ملت” الذي يعتبر من الأحزاب الإصلاحية الراديكالية.

دعم قيادات فتنة 88

لعب دور في فتنة 1988، ومقاطعة انتخابات مجلس النواب الثاني عشر، ونشر تصريحات قاسية ضد بعض سياسات النظام في مواقف حرجة مثل عام 2022، كما رشح الحزب “السيد محمد الصدر” و”محمد رضا ظفر قندي” لجبهة الإصلاح للانتخابات الرئاسية 2024.

استغلال الموقف التنظيمي لدعم الفتنة

وقد استغل ظفر قندي موقعه التنظيمي في الرابطة الإسلامية مرات عديدة لدعم عناصر الفتنة، وحاول استغلال هذا الموقف لخلق مساحة للضغط على أركان النظام، كما يعد دعم الأشخاص الذين حُكم عليهم بالسجن لارتكابهم جرائم معينة جانبًا آخر من دعم ظفر قندي لمثيري الفتنة.

من الرسالة إلى بشار الأسد إلى محو حركة “ززا”.

وليس من السيء أن نلقي نظرة على الخلفية والنشاط السياسي لظفر قندي، وزير الصحة المقترح.

يوم الأحد 30 أكتوبر/ تشرين الأول 2018، في بداية الأزمة السورية والصراع بين حكومة هذا البلد والجماعات المسلحة، أكثر من مائتي عضو في المجتمع الطبي الإيراني، وأغلبهم من الشخصيات الإصلاحية، وفي رسالة موجهة إلى بشار الأسد، أدانوا في رأيهم قتل شعب هذا البلد واستخدام الأسلحة مثل المدافع والدبابات التي زعموا أنها تستخدم لمواجهة الشعب واستجابة لمطالبه المشروعة والمدنية.

واللافت والمثير للدهشة أن اسم “محمد رضا ظفرقندي” يظهر أيضاً بين الموقعين على هذه الرسالة!

ورغم أنه قيل لاحقًا إن بعض الموقعين على هذه الرسالة سحبوا توقيعهم، إلا أن هذا الأمر لم يُعلَن عنه رسميًا أيٌّ منهم.

كما يظهر اسم ظفر قندي في رسالة 143 شخصية سياسية إلى قائد الثورة بشأن رفع الحصار.

دعم أعمال الشغب في الجامعة

خلال أعمال الشغب التي سببها بعض الطلاب، دعمهم ظفرقندي بنشر رسالة، وجاء هذا الدعم بينما كانت أجواء الجامعات ملتهبة في ذلك الوقت وكان العديد من المسؤولين يريدون السلام والاستقرار في البيئة الجامعية.

وبطبيعة الحال، لا ينتهي النشاط السياسي لظفرقندي هنا، واعتبرت الجمعية الإسلامية لجمعية الأطباء الإيرانية، وأمينها العام ظفرقندي، في بيان غريب بشأن أعمال الشغب عام 1401، حركة “المرأة، الحياة، الحرية” حركة خالصة.

ومن المؤكد أن وزارة الصحة والعلاج ستكون أكثر أهمية من الوزارات الأخرى في مختلف الأبعاد؛ لأن قضية حياة الناس وموتهم والصحة الاجتماعية للمجتمع ليست قضية تصبح لعبة سياسية للأحزاب والجماعات.

والآن علينا أن نرى ما إذا كانت الإجراءات والسجلات السياسية للوزير التي اقترحها وزير الصحة ستكون لها تأثير على الأولويات وحل القضايا في هذا المجال.

يُعرف محمد رضا ظفرقندي بمواقفه وسجلاته، باعتباره شخصية مثيرة للجدل على الساحة السياسية والاجتماعية حيث دعم قيادات فتنة 88، والادعاء بهندسة الانتخابات، ومقاومة إعلان تنحية مثيري الفتنة، كلها من الأمور التي خلقت الكثير من الغموض حوله.

وأخيرًا، فإن المراجعة الأكثر تفصيلًا وشمولًا لخلفيته ومواقفه يمكن أن تساعد في توضيح الرأي العام واتخاذ قرارات أفضل بشأن هذا الاختيار.

هل سيكون ظفرقندي جراحًا جيدًا لصحة الناس؟

تعارض فاطمة محمد بيجي، عضو لجنة الصحة والطبية بالبرلمان، مقترح وزير الصحة وتعتبر أن أسبابها ترجع إلى وجهة النظر السياسية لظفرقندي.

وقالت: “إن أحد أكبر التحديات التي يواجهها النظام الصحي في البلاد اليوم هو أننا لا نزال نفتقر إلى نوع من الإدارة الدقيقة في مجال الصحة”.

على سبيل المثال، موقف “بزشکیان” التقليدي والتكميلي غير واضح، وموقف الوقاية والصحة، الذي ينبغي أن يكون أولوية، لم يكن كذلك للأسف، فمعظم نفقاتنا تُنفق على العلاج، بزيادة تزيد عن ضعفي التكلفة، لأن حصة القطاع الصحي من الدخل القومي الإجمالي قد انخفضت إلى النصف تقريبا في العقدين الماضيين.

ومن ناحية أخرى، فإننا نواجه تحديات كبيرة مثل نقص الأدوية، وشبكة إنتاج وتوزيع وتوريد الأدوية تعاني من مشاكل، ولدينا قصور في توفير العملة اللازمة لأدويتنا ومعداتنا الطبية. ولذلك فإن اختيار وزير الصحة من بين هذه التحديات أمر في غاية الأهمية”.

وتابع محمد بيجي: “هل لدى السيد ظفرقندي القدرة على العمل كمنظم وصانع سياسات ووزير في حكومة الجمهورية الإسلامية الإيرانية؟ على سبيل المثال، العملة والتنسيق الاقتصادي، والرعاية الطبية، ومجال التنسيق بين الإدارات، ليس لدي الكثير من الأمل في ذلك”.

وأشار عضو اللجنة الصحية والطبية بالبرلمان، باعتباره معارضا لوزير الصحة المقترح، إلى آراء ظفرقندي السياسية وأضاف: ورد في تصريحات قائد الثورة أنه يجب أن يكون الوزير متديِّنًا وملتزمًا بالنظام والثورة، ولا نرى ذلك في مواقف السيد ظفرقندي خلال العامين الماضيين.

لعل التحدي الأهم الذي يواجه ظفرقندي في توليه منصب وزارة الصحة هو نظرته السياسية التي صرح بها بنفسه بالطبع في اجتماعات الأيام الماضية في المجلس الإسلامي وذكر أنه يعتبر التدخل في الشؤون السياسية في المجال الصحي خيانة للشعب ولن يتخذ مثل هذا النهج والسلوك أبدًا.

وتابع العمراني: معايير حكمنا للتصويت وعدم التصويت لبرنامجه هو حل المشاكل المتخصصة لتلك الوزارة، ونعتقد أنه بفضل وجوده في القطاعين العام والخاص، فقد أتقن الدكتور ظفرقندي كلا المجالين.

الأمر المؤكد هو أن مكانة ظفرقندي العلمية وسجلاته الإدارية في مجال الصحة لا يوجد بها أي غموض، ولم تكن سوى آرائه وأفكاره السياسية هي التي أثارت قلق خصومه، الذين يجب عليهم الانتظار حتى يوم التصويت على الثقة في البرلمان الإسلامي.