- يسرا شمندي
- 13 Views
نشر موقع خبر أونلاين، بتاريخ 3 مايو/أيار 2025، تقريرا أشار فيه إلى أن الدورة السادسة للمجالس المحلية قد تكون على وشك الانتهاء، ما لم يصوّت البرلمان لصالح تمديدها لعشرة أشهر إضافية، وتناول التقرير تقييم أداء مجلس مدينة طهران السادس في مجال الرقابة خلال السنوات الأربع الماضية، حيث وجّه الأعضاء علي أصغر قائمي، وجعفر تشكري هاشمي، وناصر أماني انتقادات لاذعة، مؤكدين تجاهل بلدية طهران قرارات المجلس، ووجود انحرافات مالية في ميزانية النقل، إلى جانب ضعف الشفافية في الإدارة.
من جهته، أشار مهدي عباسي إلى فشل المجلس في معالجة العديد من الإشكالات في مجال التخطيط العمراني رغم التعقيدات التي شهدتها الدورة.

في هذا السياق، يشكّل الوعد بتقديم تقارير رسمية حول تنفيذ البرامج خلال السنوات الأربع الماضية فرصة لتقييم أكثر شفافية لأداء المجلس في المجال الرقابي. ومع ذلك، فإن ما يبدو مؤكدا هو أن الأشهر الأخيرة من عمر هذه الدورة لم تعد تحتمل التجربة والخطأ، ويجب أن يأتي التقرير الختامي للمجلس السادس واضحا وموثقا.
العمدة غير قابل للمراقبة
الجدير بالذكر أن علي أصغر قائمي، أحد أبرز منتقدي أداء مجلس مدينة طهران، قد يكون من بين الأعضاء الذين وجهوا أقل عدد من التحذيرات الرسمية لرئيس البلدية، لكنه عُرف بمواقفه الحادة، خاصة في ما يتعلق بملفات الذكاء الاصطناعي وتكنولوجيا المعلومات، وانتقد مرارا تدخل جهات غير رسمية في عملية اتخاذ القرار.
وفي مقابلة إعلامية، صرّح بوضوح أن “صهر زاكاني”- الذي لا يتولى أي منصب رسمي في البلدية- يلعب دورا مؤثرا في بعض القرارات المصيرية.
ومع ذلك، يبقى السؤال المطروح: إلى أي مدى أثمرت تحذيرات قائمي خلال السنوات الأربع الماضية، تعديل مسار البلدية؟ قال قائمي في رده على هذا التساؤل، لصحيفة “خبر أونلاين”: “للأسف، نلاحظ في البلدية أن بعض المديرين يتصرفون كأنهم فوق القانون، بل فوق مجلس المدينة نفسه، يوافقون على قرارات المجلس ظاهريا، لكنهم، في الخفاء، يتخذون القرارات التي يرونها مناسبة، وللأسف، هذا الأسلوب تسرب أيضا إلى مديري الدرجات الأدنى”.
وأضاف قائمي: “لدينا أمثلة واضحة على ذلك؛ فقد أقدم أحد مديري الإدارات الوسطى على إهانة عضو في مجلس المدينة بشكل علني، ومع ذلك لم يتعرض لأي مساءلة، بل العكس، كافأه عمدة طهران ومنحه ترقية إلى منصب أعلى. هذه الحادثة وغيرها تؤكد بوضوح أن العمدة لا يخضع للرقابة، ولا يتقبلها أصلا، رغم شعاراته التي توحي بعكس ذلك”.
يعتقد أن “المجلس ليس لديه أدوات فعالة لفرض الرقابة على مثل هذا العمدة الذي يمتلك هذه الروح، فالأدوات المتاحة للمجلس هي الاستفسارات، التحذيرات، وفي حال الضرورة، الاستجواب، ولكن كل هذه الإجراءات مشروطة بالحصول على نصاب كاف من الأصوات، وهو ما لم يتحقق للأسف حتى الآن في المجلس البلدي السادس في طهران.
ومع ذلك، يجب أن يتم تأجيل الحكم النهائي حتى نهاية الدورة. وربما، بتوفيق الله، تحدث أمور إيجابية بنهاية هذه الفترة، ولكن في الوقت الحالي، من المبكر إصدار رأي قاطع بشأن أداء المجلس في مجال الرقابة”.
تقييم البرنامج الرباعي: قريبا
أوضح في رده على السؤال حول مرور أربع سنوات من عمر مجلس المدينة السادس، وأنه يعتبر من المبكر إبداء رأي حول أدائه الرقابي قائلا: “بناء على الظروف الحالية والوقت الإضافي الذي مُنح لهذا المجلس، يجب أن ننتظر لنرى ماذا سيحدث في الأشهر الأخيرة”.
كان قطاع النقل العام أحد القطاعات المثيرة للتحديات في هذه السنوات الأربع، فإذا كان مجلس المدينة قد طرح طلب دراسات لتراموا أو طلب من البلدية ألا تركز جميع استثماراتها في مجال النقل على الأسطول الكهربائي فقط، فإن البلدية قد اتبعت الطريق الذي كانت ترغب فيه، فقد جلبت التراموا إلى طهران لمدة شهر، ووعدت الطهراويين قريبا بتشغيل خطوط التراموا.
يعتبر رئيس لجنة العمران والنقل في مجلس مدينة طهران جعفر تشكري هاشمي، من الأعضاء الذين لم يكونوا ضمن الأكثر أو الأقل تقديما للتنبيهات في المجلس.
وفي مقابلة له مع “خبر أونلاين”، أشار هاشمي إلى أن أحد أبرز الانتقادات لمجلس مدينة طهران كان ضعف دور الرقابة أو غياب الامتثال لها في العديد من القضايا، وأوضح أن التنبيهات المتكررة كانت دليلا على هذه المشكلة. رغم طرح الأسئلة على عمدة المدينة، إلا أن الأعضاء المنتقدين، الذين كانوا في الأغلب في الأقلية، لم يتمكنوا من تشكيل أغلبية لاتخاذ قرارات حاسمة، مما أثر على تنفيذ قرارات المجلس كما كان متوقعا.
وواصل حديثه قائلا: “لتحويل هذا الموضوع من مجرد تعبيرات عامة وغير محددة إلى وضع دقيق وشفاف، سنقوم قريبا بتقديم تقييم شامل للبرنامج الرباعي. كل لجنة ستكون قادرة على إجراء هذا التقييم في مجالها الخاص، ونحن في لجنة العمران والنقل، سنقوم قريبا بتقديم تقييم لتنفيذ القرارات التي تم اتخاذها، وعندها سيتمكن الجميع من معرفة مدى فاعلية قرارات المجلس ومدى التزام البلدية بتنفيذ هذه القرارات ضمن الإطار المحدد”.
ناصر أماني: جزء من مشکلات الرقابة في بلدية طهران لا يزال قائما
في سياق هذه الدورة، كان التعيين في بلدية طهران أحد المجالات التي أثارت تحديات كبيرة، حيث شهدت تغييرات مستمرة في المناصب الإدارية، ما اعتبره البعض محاولة لبناء سير ذاتية سياسية للمقربين من التيار السياسي لعمدة طهران، وقد تمحورت إحدى الانتقادات المتكررة حول عدم الاهتمام الكافي بالقوى البشرية داخل البلدية، وأبدى أعضاء المجلس، سواء من المؤيدين أو المعارضين لعمدة طهران، انتقادات جادة تجاه أداء العمدة في هذا الجانب.
في الواقع، يُعتبر ناصر أماني من أكثر أعضاء مجلس طهران توجيها للتنبيهات. وفي حديثه عن دور المجلس في مراقبة تصرفات بلدية طهران، قال في تصريحاته لـ”خبر أونلاين”: “تم تنفيذ إجراءات جيدة نسبيا في مجالات مثل الصيانة، والنظافة التي تقع تحت مسؤولية المناطق والأحياء. لكن في مجال العقارات المتنازع عليها، لم يُحقق تقدم يذكر، وتم متابعة عدد قليل من الحالات فقط”.
وتابع قائلا: “خلال الزيارات الميدانية لأحياء طهران، قمنا مرارا بتسليط الضوء على القلق بشأن وضع العقارات المتنازع عليها، وحتى في مشروعات الميزانية السنوية تم تخصيص بنود مالية لمعالجة هذه المنازعات، ومع ذلك، يبقى السؤال قائما حول كيفية صرف هذه المخصصات، إذ أننا ما زلنا نواجه نفس المشاكل في الزيارات الجديدة”.
وواصل حديثه قائلا: “في ما يتعلق بالصيانة والنظافة الحضرية، تحسنت الأوضاع مؤقتا في بعض الأحيان، ولكن بسبب المشاكل الهيكلية، عادت القضايا ذاتها في مناطق مثل هرندي ورضوية.
كما أن بعض المشاكل كان من الممكن حلها دون الحاجة إلى تمويل، وكان من الممكن معالجتها من خلال إدارة أفضل، ولكن للأسف، لم يتم التركيز على هذه القضايا في عام 2022، ومع ذلك، بعد تحذيرات المجلس واعتماد الميزانية في عام 2023، بدأت إجراءات مثل شراء حافلات جديدة، وفيما يخص قطاع الإسكان، تم الإعلان في البداية عن خطط لإنتاج مئات الآلاف من الوحدات السكنية، لكن تبين في النهاية أن القيادة في هذا المجال كانت مجرد دور تسهيلي وليست مسؤولة عن الإنتاج الفعلي”.
وأشار أماني إلى نقاط الضعف في الرقابة من قبل المجلس في بعض المجالات قائلا: “في مجالات مثل التعيينات والهياكل الإدارية في بلدية طهران، وهي من تخصصاتي، لا يُلاحظ أي تغيير ملحوظ. على الرغم من أن المجلس الحالي بذل جهدا كبيرا لجعل الإدارة الحضرية قابلة للرقابة، فإنه في مجالات مثل الشؤون المالية، والمناقصات، والمزايدات، والرحلات الخارجية، والتوظيفات، لم تتحقق رقابة كاملة وفعالة، كما عبرت لجنة الشفافية في المجلس مرارا عن استيائها من هذا الوضع.
حل المشكلات الحضرية أكثر تأثيرا من أي فعالية ثقافية
وبخلاف زهرا شمس إحسان، التي تعد ثاني أكثر أعضاء مجلس مدينة طهران توجيها للتنبيهات لعمدة المدينة، ينتمي باقي أعضاء لجنة الثقافة والشؤون الاجتماعية إلى قائمة الأقل توجيها للتنبيهات.
وقال علي رضا ناد علي، عضو اللجنة، في حديثه مع “خبر أونلاين”، إن المراجعة في هذا المجال تتم في إطار فئتين: الأولى تتعلق بالمسائل التي هي ثقافية واجتماعية بطبيعتها، والثانية تتعلق بالمسائل التي رغم عدم ظهورها كقضايا ثقافية أو اجتماعية، إلا أن لها تأثيرات مباشرة على هذه الجوانب.
وشرح قائلا: “في السنوات الماضية، كان من بين القضايا المطروحة تجديد أسطول النقل العام وتوسيع شبكة الحافلات”، وأضاف أن لجنة الثقافة والشؤون الاجتماعية عملت على تحويل هذه القضايا إلى أولويات رئيسية للمدينة من خلال نهج تعاوني مع اللجان الأخرى، وأكد أن البلدية أظهرت في بعض الأحيان أداء مقبولا، بل كانت تدخلاتها أحيانا أكثر جدية من تدخلات المجلس، وأفاد أن الأعمال التي تم تنفيذها كانت تؤدي إلى نتائج ملموسة، مثل تقليل وقت الانتظار للحافلات وتحسين خدمات النقل العام، مما ساهم في رفع الأمل وزيادة مشاركة الناس في صنع التغيير”.
ذكر نادعلي أن “هذه الدورة شهدت زيادة ملحوظة في الفعاليات الثقافية والدينية، مع التركيز على تحويل المناسبات مثل نوروز وعيد الغدير إلى فرص لتعزيز الفرح الاجتماعي، كما تم السعي لتحقيق العدالة الثقافية بين شمال وجنوب المدينة، حيث تم التركيز بشكل خاص على تنظيم الفعاليات في المناطق الجنوبية بسبب الفقر التاريخي هناك”.
وفي مجال الخدمات الاجتماعية تم “اتخاذ إجراءات إنسانية لجمع المدمنين المتشردين، مستفيدين من إمكانيات الهيئة الاجتماعية، وأشار إلى نجاح تنظيم حي فرحزاد، الذي كان يُعتبر معضلة، لكنه أصبح الآن مكانا للفعاليات الثقافية، مع ضرورة توسيع هذا النموذج إلى مناطق أخرى مثل المنطقة 15”.
ووفقا لما قاله نادعلي، يجب أن “نقول في النهاية إن الظروف الثقافية والاجتماعية الحالية في البلاد وخاصة في طهران كعاصمة، تحتاج إلى متابعة مستمرة وإيجاد حلول محدثة للتعامل مع الأضرار الاجتماعية، ونأمل أن يكون ما تم إنجازه أساسا لإجراءات أعمق وأكثر فاعلية في المستقبل”.
المجلس حال دون وقوع أحداث كارثية في طهران
ومايستحق الذكر أن مجال التخطيط العمراني والعمارة كان من أكثر المجالات تحديا في فترة إدارة المدينة السادسة، وقد شمل ذلك قرارات لجنة المادة 5 التي اعتبرها بعض الخبراء تهديدا لتدمير طهران، إضافة إلى محاولات بناء منشآت في الحدائق العامة، كما تم إصدار تصاريح لبناء فندق مكون من 30 طابقا في منطقة حساسة على حافة زلزالية.
بيَّن رئيس لجنة التخطيط العمراني والعمارة في مجلس مدينة طهران مهدي عباسي، أن عملهم في هذا المجال كان من أكثر المهام تحديا وصعوبة، حيث كان من مسؤوليتهم التعامل مع قضايا حساسة ومهمة لمدينة طهران، وفي حديثه مع “خبر أونلاين”، أقرَّ بأنهم لم يحققوا نجاحا كاملا في كل الجوانب، لكنه أكد أنهم تمكنوا من تجنب العديد من المخاطر التي كانت قد تهدد مستقبل المدينة، وأشار إلى أن عملية إعداد الخطط كانت تتم بحذر، مع مراعاة احتياجات المدينة المستقبلية، إضافة إلى الجهود المبذولة في التحكم والإشراف على تلك الخطط.
وضَّح مهدی عباسی: “في ما يخص قضايا حدائق طهران، كانت هناك قرارات تهدد النسيج الأخضر للمدينة، ولكن لحسن الحظ تمكنا من السيطرة على هذه المشاريع، وأوضح أنه في الحالات التي لم تتدخل فيها بلدية طهران بالشكل الكافي لحماية حقوق المدينة والمواطنين، قاموا بالتدخل بشكل قوي لمنع اتخاذ قرارات كان من شأنها إلحاق الضرر بتخطيط المدينة”.
وفي الختام، أكد عباسي: “في بعض الحالات، تمكنا من تصحيح المسار عبر اتخاذ إجراءات إيجابية، وفي حالات أخرى، منعنا تنفيذ مشاريع ضارة من خلال إجراءات سلبية، ومع ذلك، لا يعني ذلك أننا حققنا نجاحا كاملا؛ فقد كانت لدينا طموحات كبيرة، لكن بعض القضايا المعقدة والواسعة لم تُحل بعد. ورغم ذلك، تظل أهم إنجازاتنا هي منع الأزمات في النقاط الحساسة وحماية المدينة من الأضرار الكبيرة، وهو ما يجعل هذه الإنجازات قيمة ويمكن الاعتماد عليها بالنسبة لنا كأعضاء في المجلس”.