محلل سياسي: لا نثق بالولايات المتحدة والمفاوضات لن تُعلّق عمل البلاد

ترجمة: دنيا ياسر نور الدين 

أجرى موقع “عصر إيران” الإيراني الإخباري، الثلاثاء 29 أبريل/نيسان 2025، حوارا مع المحلل في الشؤون السياسية والدولية، الدكتور محمد جواد لاريجاني، حول مستقبل المفاوضات بين إيران والولايات المتحدة، والتحديات الداخلية والخارجية التي تواجه البلدين، وأهمية الحفاظ على المصالح الوطنية، ودروس الاتفاق النووي السابق، وموقف إيران من التهديدات العسكرية.

ذكر لاريجاني  أنه “حتى لو تجاوز خطر الهجوم العسكري على إيران نسبة ثلاثة أو أربعة في المئة، فإننا مستعدون تماما من الناحية الدفاعية حتى لمثل هذه النسبة الضئيلة”. 

وتابع أنه “على إدارة ترامب أن تحلّ مشكلاتها الداخلية، وإذا استطاعت فعل ذلك، فعليها أن تحمد الله بدلا من أن تسعى لبدء حرب جديدة”.

وفي ما يلي نص الحوار:

انطلاقا من توصيفكم السابق لسياسة الولايات المتحدة وضعف هذا البلد، ما هي الإخفاقات التي يمكن ملاحظتها في السياسة الخارجية لإدارة ترامب؟

المفاوضات بين إيران والولايات المتحدة تُعدّ مسألة دبلوماسية جديرة بالاهتمام، وهي تُظهر وجود نشاط دبلوماسي جيّد من جانب بلدنا. ومع ذلك، هناك نقاط يجب أن تكون واضحة من الآن. أولها أننا نرى الدبلوماسية من زاوية المظهر الخارجي، لكن ما يهم فعلا هو ألّا نغفل أبدا عن فهمنا لدور أمريكا، وطبيعة هذا البلد، وسياساته العدائية تجاهنا وتجاه المنطقة.

أما في ما يخص الدفاع عن مصالحنا، فإننا لا نغفل لحظة واحدة. الحقيقة أن إدارة ترامب، وخلال قرابة مئة يوم من عمرها، واجهت العديد من الإخفاقات. ولهذا السبب، نجد في مواقفها تناقضات غريبة حول كل القضايا تقريبا، ليس فقط بشأن إيران، بل أيضا أوكرانيا، وغرينلاند، وبنما، وكندا، والصين، ومسألة الرسوم الجمركية، إلى جانب عدد كبير من القضايا الأخرى التي انخرطوا فيها.

في المقابل، حافظت حكومة إيران  على نهجها الثابت والواضح، وشاركت في المفاوضات غير المباشرة من هذا المنطلق. ويمكنني القول بوضوح إن حكومة ترامب في وضع ضعيف جدا في ما يتعلق بتحقيق أهدافها الدولية، بينما إيران  تدير شؤونها بتركيز وثبات، وتواصل إدارة البلاد بطريقة عقلانية.

من الأمور التي يروّج لها الإعلام وبعض المحللين مسألة التهديد بالحرب والمخاطر المتعلقة بها. مع أنني لا أعتقد أن احتمال وقوع هجوم عسكري على إيران يتجاوز ثلاثة أو أربعة بالمئة، إلا أننا مستعدون تماما حتى لهذه النسبة الضئيلة. 

برأيي، على إدارة ترامب أن تسعى لحل مشكلاتها الداخلية، وإذا نجحت في ذلك، فعليها أن تحمد الله بدلا من التفكير في إشعال حرب جديدة. على أي حال، الوضع العالمي لا يحتمل مزيدا من التوتر، ومن الأجدر أن تركز الحكومة الأمريكية على قضاياها الداخلية.

قال قائد الثورة الإسلامية في تصريحاته الأخيرة، إنه يجب أن نستفيد من أخطاء الماضي، خاصة في الاتفاق النووي. برأيكم، ما الدروس التي يجب أخذها بعين الاعتبار في المفاوضات الحالية؟

تصريح قائد الثورة في هذا الشأن بالغ الأهمية، ومن المؤكد أنه لا يجب تكرار تلك الأخطاء في المفاوضات الجارية. برأيي، يجب على أمين المجلس الأعلى للأمن القومي أن يعقد جلسات مكثفة مع من شاركوا في المفاوضات ومع من قاموا بتحليلها، كي نتمكن بدقة من تحديد أين أخطأنا، وأين كان بالإمكان أن نتصرف بشكل أفضل. 

صحيحٌ أن الظروف الحالية تختلف عن الماضي، لكن هناك نقاطا ثابتة يجب مراعاتها في جميع الأحوال.

من أبرز هذه النقاط أنه في مرحلة الاتفاق، وبما أننا لا نثق بالطرف المقابل، يجب أن نتخذ خطوات صغيرة، ومتقابلة، ومتوازنة. بمعنى أنه إذا وقّع الطرف المقابل، فلا نعطيه أكثر من مجرد التوقيع، وإذا قدّم وعدا، لا نعطيه أكثر من وعد، وإذا اتخذ خطوة عملية، نرد بخطوة عملية مماثلة.

 لا ينبغي أن يرتبط أي إجراء عملي نتخذه بقدراتنا النووية. هم يقولون إن لدينا قنبلة، ونحن نقول إنه لا توجد لدينا قنبلة، وإذا كانوا يشكّون في ذلك، فعليهم تقديم أدلة. المبدأ الوحيد الذي نوافق عليه في هذا الإطار هو عمليات التفتيش ضمن اتفاقية حظر الانتشار النووي (NPT).

ما موقف إيران من دعم محور المقاومة، وهل ستُحافظ الدولة على مبادئها الرئيسية إلى جانب المفاوضات؟

قال قائد الثورة إننا لن نعلّق شؤون البلاد على المفاوضات، وهذه عبارة جوهرية. هذا يعني أنه يجب علينا أن نفترض أن المفاوضات تسير في مسارها، بينما نقوم نحن بعملنا داخل البلاد. لا ينبغي أن يرتبط أي نشاط داخلي بنتائج المفاوضات. الله سبحانه وتعالى وهبنا طاقات بشرية عظيمة، وإمكانات واسعة، ويجب استخدام هذه الطاقات بأفضل صورة ممكنة.

ينبغي أن تسود روح الجهاد في الحكومة والشعب من أجل النهوض بالإنتاج، وعلى الناس أن يشاركوا في هذا العمل، كلٌّ حسب قدرته، من الصغير إلى الكبير. هذا هو مفتاح نجاحنا في القضايا الاقتصادية. إن شاء الله تسير المفاوضات قدما، وكما أشار سماحة القائد، يجب ألّا نعلق عليها آمالا كبيرة، ولا نيأس منها.

فالمفاوضات تمرّ بمراحل صعود وهبوط، ونحن سندعم مفاوضينا، مع التزامهم بالأطر التي يحددها النظام وتتم المصادقة عليها في النهاية من قبل قائد الثورة.

في ظل استمرار المفاوضات، برأيكم ما الإجراءات الداخلية التي ينبغي اتخاذها لتحقيق نتيجة مرضية؟

ثمة نقطة مهمة جدا يجب أن تلتفت إليها وسائل الإعلام. في حال طُرحت بعض القضايا بلهجة نقدية أو بشكل حاد نسبيا، فإن ذلك لا يضر بالمفاوضين، بل يخدمهم.

حاليا، ویتكوف المبعوث الخاص للولايات المتحدة يجري مفاوضات غير مباشرة مع أصدقائنا، بينما يطلق وزير الخارجية الأمريكي، والمتحدثون باسم الحكومة الأمريكية، وحتى ترامب نفسه، تصريحات شديدة اللهجة. كذلك يفعل أعضاء الكونغرس المتحالفون مع ترامب، إذ يُطلقون تصريحات عدائية وقاسية.

لكن لا شيء من هذا يزعج مفاوضينا؛ على العكس، هذه الضغوط تصبّ في مصلحتهم أثناء التفاوض. ينبغي أن يعرف المفاوضون أن هناك حساسية كبيرة في بلدنا تجاه أهداف أمريكا، وأنه لا يوجد أي ثقة بالطرف المقابل. النقد البناء والناصح، يُعزز من موقف المفاوضين. 

نسأل الله أن يفتح على بلدنا المزيد من الأبواب، وأن يتمكن مفاوضونا من التوصّل إلى نتائج إيجابية. وستواصل بلادنا التمسك بمصالحها، واستقلالها، وخط المقاومة في المفاوضات وفي سائر المجالات.