- دنيا ياسر
- 9 Views
نشرت صحيفة “فرهيختكان” الإيرانية الأصولية، السبت 26 أبريل/نيسان 2025، تقريرا استعرضت فيه خطط ونوايا باكستان في التصعيد مع الهند وأهدافها من ذلك، كما تناولت السيناريوهات المحتملة للتوتر بين البلدين، وناقشت بالتفصيل التداعيات التي قد تترتب على إيران وسبل التعامل معها.
ذكرت الصحيفة أن الهند وباكستان، رغم علاقاتهما المتوترة، تتجاوران كما لو كانت علاقتهما ودية، وأوضحت الصحيفة أن حالة العداء بين شعبي البلدين وساستهم تشبه إلى حد بعيد الوضع القائم بين الفلسطينيين والاحتلال الإسرائيلي.
وأضافت أن سيطرة حركة طالبان على أفغانستان وتدهور الأوضاع الداخلية في باكستان أسهما في زيادة احتمالات تصاعد التوترات بين الجارتين.
وتابعت أن الأحداث تصاعدت فجأة بعد تنفيذ عملية إرهابية من داخل الأراضي الباكستانية في 22 أبريل/نيسان 2025 اجتاز إرهابيون الحدود من جهة كشمير الهندية وهاجموا مجموعة من السياح في سهل “بهَلكام”، مما أسفر عن مقتل 26 شخصا. ووصفت الصحيفة هذا الهجوم بأنه من أكثر الهجمات دموية في المنطقة خلال العقود الأخيرة.
قالت الصحيفة إن الهجوم الجديد ليس الأول من نوعه، ففي 9 يونيو/حزيران 20، أطلق إرهابيون النار على حافلة تقل زوارا لأحد المعابد في كشمير، ما أسفر عن مقتل 9 أشخاص. وأعادت التذكير بالحادثة الشهيرة بتاريخ 15 فبراير/شباط 2019، حين قُتل 44 جنديا هنديا إثر هجوم انتحاري استهدف حافلتهم، مما قاد البلدين إلى حافة الحرب حينها.
وأكدت أن المشهد يتكرر اليوم في الجغرافيا نفسها تقريبا، لكن مع أوضاع داخلية أكثر تعقيدا في باكستان. ونقلت عن رئيس الوزراء الهندي، ناريندرا مودي، تعهده بملاحقة منفذي الهجوم “حتى نهاية العالم”، مشيرة إلى أن نيودلهي قامت بإغلاق أربعة ممرات مائية من نهر السند نحو باكستان، وهو ما وصفته الأخيرة بأنه “عمل حربي”.
وضع هش في باكستان
أشارت الصحيفة إلى أن باكستان تعيش أوضاعا اقتصادية وأمنية متدهورة، بينما يخيّم على المشهد السياسي استقرار هش. ولفتت إلى أن استمرار سجن رئيس الوزراء السابق عمران خان، وحلّ حزبه، والضغوط المتزايدة على أنصاره رغم شعبيته الكبيرة، كلها مؤشرات على غليان سياسي داخلي.
وأضافت أن المؤسسة العسكرية، التي كانت حتى وقت قريب تمثل صمام الأمان الوحيد، بدأت بدورها تتعرض لهزات. ورغم أن تحركات طالبان باكستان والاضطرابات الحدودية مع طالبان أفغانستان كانت تصنف ضمن التحديات الأمنية التقليدية، إلا أن الاحتكاك المتصاعد مع الهند ينذر بإضطرابات عسكرية أوسع نطاقا.

المقارنة بين القدرات العسكرية للهند وباكستان
1. تعداد السكان والعسكريين
ذكرت الصحيفة أن عدد سكان الهند يبلغ مليارا و438 مليون نسمة، بينما يبلغ عدد سكان باكستان 247 مليون نسمة، أي أن سكان الهند يزيدون بستة أضعاف. كما يبلغ عدد القوات العسكرية الفعالة في الهند مليون 248 ألف جندي مقابل 560 ألفا في باكستان، مما يعني أن الجيش الهندي أكبر بمرتين من نظيره الباكستاني.
وأوضحت أن الهند، بفضل مواردها البشرية واللوجستية، قادرة على زيادة عدد قواتها بوتيرة أسرع أثناء الحرب، مضيفة أن الفارق العددي يبقى عنصرا مؤثرا رغم أهمية التدريب العسكري في تقليص هذا الفارق.
2. الجبهات الفعالة
لفتت الصحيفة إلى أن الهند تخوض منافسة مع الصين، إلا أن الصراع بينهما لا يتعدى المناوشات الحدودية التي تقتصر على الاشتباكات بالعصي والهراوات. وأشارت إلى أن الصين، المنشغلة بتوترات في جنوبها وشرقها، لا تبدو متحمسة لتصعيد مباشر ضد الهند.
في المقابل، أوضحت الصحيفة أن باكستان تعاني من وضع متأزم على حدودها مع أفغانستان، مما يجعلها عرضة لضغوط مضاعفة، حتى لو خففت طالبان من أنشطتها خلال حرب محتملة مع الهند.
3. القدرات التسليحية
أفادت الصحيفة بأن جميع أفرع القوات المسلحة الهندية تتفوق على نظيرتها الباكستانية من حيث الكم والنوع. وأضافت أن الهند تمتلك حرية استخدام أسلحتها في أي عملية تراها مناسبة، في حين أن بعض الأسلحة الباكستانية، خاصةً الأمريكية منها، تخضع لقيود على الاستخدام.
4. العمق الاستراتيجي
ذكرت الصحيفة أن معظم سكان الهند يتركزون قرب حدودها مع الصين وباكستان، بينما تتوزع الهند على مساحات واسعة تمنحها عمقا استراتيجيا كبيرا، في حين أن سكان باكستان يتركزون قرب الحدود مع الهند، مما يجعلها أكثر عرضة للخطر.
كما أوضحت أن شمال باكستان يفتقر إلى العمق الكافي، وأن المناطق الحدودية مع أفغانستان تستخدم كعمق استراتيجي، لكنها مناطق ذات نسيج سكاني غير متجانس، مثل سكان وزيرستان ذوي الأصول البشتونية الذين تربطهم مطالبات قومية مع أفغانستان.
5. الدعم الخارجي
تابعت الصحيفة أن الهند تحظى اليوم بدعم دولي أكبر مقارنة بباكستان. وأوضحت أن القوى الكبرى، باستثناء الصين، لا تملك الإرادة أو القدرة على ممارسة ضغوط فعلية على نيودلهي. كما أشارت إلى أن روسيا أصبحت تعتمد اقتصاديا على الهند بفعل الحرب في أوكرانيا، بينما تنظر الولايات المتحدة إلى الهند كقوة موازنة للصين.
وأشارت إلى أنه حتى لو قدمت الصين دعما كبيرا لباكستان، فإن هذا سيفتح الباب أمام دعم أمريكي واسع للهند.
6. خطوط الإمداد
أفادت الصحيفة بأن الهند قادرة على الاستمرار في تجارتها البحرية في أثناء الحرب، بينما ستتعرض باكستان لحصار بحري شبه كامل. وأوضحت أن باكستان ستبقى تعتمد فقط على طرق برية عبر أفغانستان وإيران، مع الإشارة إلى أن المسار الأفغاني غير كافٍ للوصول إلى الأسواق العالمية، بينما يمكن أن تمنع إيران مرور السلاح؛ حفاظا على علاقاتها مع الهند.
7. إنتاج السلاح
ذكرت الصحيفة أن الهند تقوم بتجميع مقاتلات سوخوي-30 محليا وتنتج طائرات “تجاس” وتطور غواصات نووية. وأشارت إلى أن الصناعات الدفاعية الباكستانية أقل تطورا، مما يجعلها أكثر عرضة للأضرار إذا ما فُرض حظر تسليحي أثناء الحرب.
8. القوة المالية
اشارت الصحيفة إلى أن الهند تتمتع بقدرة مالية تمكنها من إدارة الحرب واستيراد الأسلحة، بينما تعاني باكستان من شح الموارد الاقتصادية اللازمة للصمود في حرب طويلة الأمد.

نقل ساحة المواجهة إلى أراضي العدو
ذكرت الصحيفة أنّ باكستان تسعى منذ بداية التطورات الحالية إلى نقل ساحة الصراع إلى أراضي العدو. وأوضحت أن إسلام آباد ترى أن الهند من خلال استثمارها في أفغانستان، وتحسين علاقاتها مع حركة طالبان الأفغانية، ودعمها لطالبان باكستان، تحاول توجيه ضربات إلى باكستان عبر حدودها الشمالية، من دون أن تتعرض هي نفسها لخطر مباشر من المواجهة مع باكستان.
وأضافت أن باكستان التي كانت تتحمل التوترات الأمنية الناجمة عن التحركات الإرهابية على حدودها الشمالية، وجدت نفسها مضطرة للتعامل مع اشتباكات مع الجيش الهندي أيضا. لذلك، قررت إسلام آباد تنفيذ عمليات إرهابية داخل الأراضي الهندية بهدف نقل ساحة المواجهة من الحدود مع أفغانستان إلى الحدود مع الهند.
عكس مسار التعاون بين الهند وطالبان
تابعت الصحيفة أن من أهداف باكستان عكس مسار التعاون بين الهند وحركة طالبان. ولفتت إلى أن باكستان ترى أن تصعيد التوتر مع الهند قد يضطر حكومة طالبان إلى تغيير موقفها تجاه إسلام آباد. فحين تدخل دولة مسلمة في حرب مع دولة كافرة، يصبح من غير المبرر دينيا أن تقف طالبان ضد باكستان. وأفادت الصحيفة أن طالبان بحاجة إلى دعم الهند للحصول على شرعية دولية ومساعدات مالية، لا سيما لموازنة تأثير باكستان.
وأكدت أن العلاقات بين طالبان والهند ستنمو على الصعيدين السياسي والأمني، لكنها ستتراجع على الصعيدين الديني والعسكري في حال وقوع مواجهة بين الهند وباكستان. وبيّنت الصحيفة أن إسلام آباد ترى نفسها حاليا عدوا سياسيا وأمنيا لأفغانستان، بسبب موقفها من خط ديورند.
أشارت الصحيفة إلى أن باكستان تعاني من أزمات داخلية، وأن تهديدا خارجيا من عدوها الرئيسي، أي الهند، قد يعزز التلاحم الداخلي ويخفف من حدة الأزمات. وأضافت أن التهديد الهندي يزيد من صلابة المجتمع الباكستاني اقتصاديا، ويحد من بروز الخلافات السياسية.
لعب دور مضاد في لعبة القوى الكبرى
أفادت الصحيفة بأن لعبة كبرى تدور بين القوى العالمية لإعادة تشكيل النظام الدولي، وأن باكستان أصبحت جزءا من هذه اللعبة. وأكدت أن هناك احتمالا بأن تحاول باكستان إثبات وزنها الإقليمي والدولي عبر نشر الفوضى على نطاق واسع لمواجهة المخططات المعادية لها.
وتابعت بالقول إن الإرهاب يشكل أحد الموارد الاقتصادية لباكستان، مثلما تعتمد دول الخليج على النفط، وتركيا على السياحة والترانزيت، ومصر على قناة السويس والآثار. وأضافت أن المؤسسات العسكرية والأمنية الباكستانية تنتج الإرهاب وتغذيه، ثم تستدرج انتباه العالم وموارده بحجة محاربة الإرهاب. كما رأت أن التصعيد مع الهند يمكن أن يثير انقسامات دينية عالمية، ويحفز الحركات الجهادية في العالم الإسلامي لدعم باكستان.
السيناريوهات المحتملة
توترات غير عسكرية
ذكرت الصحيفة أن السيناريو الأول القائم حاليا هو التوترات غير العسكرية. وأوضحت أن الجانبين تبادلا التهديدات اللفظية وفرض الحظر على تنفيذ الاتفاقيات التجارية والمائية والدبلوماسية. كما أضافت أن من مظاهر هذا السيناريو تآمر البلدين ضد بعضهما باستخدام الإرهاب.
مواجهات عسكرية محدودة
أشارت الصحيفة إلى أن السيناريو الثاني يتمثل في وقوع اشتباكات عسكرية محدودة، على غرار النزاعات السابقة مثل حرب كارغيل. وبينت أن هذه المواجهات قد تقتصر جغرافيا على مناطق الحدود، خاصة في كشمير، باستخدام المدفعية والطائرات الحربية. ولفتت إلى أن استمرار التوترات غير العسكرية لعدة أشهر قد يرفع احتمالية الانتقال إلى مواجهات عسكرية محدودة.
حرب شاملة
أفادت الصحيفة بأن اندلاع حرب شاملة بين الهند وباكستان يعد احتمالا ضعيفا، لأن الحرب ستُخرج البلدين من معادلة التنافس الإقليمي والدولي. وذكّرت أن الحرب العالمية الأولى أضعفت القوى الأوروبية، والحرب العالمية الثانية دمّرت أوروبا برمتها، مما مهد الطريق لهيمنة الولايات المتحدة.
وأضافت أن حربا مع باكستان ستفرض على الهند تكاليف اقتصادية ضخمة، ستُضعف قدرتها على الاستثمار الداخلي وتجذب استثمارات أجنبية أقل.
التبعات المحتملة لإيران
تدفق اللاجئين
أوضحت الصحيفة أن اندلاع حرب بين باكستان والهند سيجلب مشكلات عديدة لإيران، وأهمها تدفق اللاجئين. وأشارت إلى أن وجود علاقات إيجابية بين شعبي البلدين، وعدد الشيعة الكبير في باكستان، قد يؤدي إلى لجوء ملايين الأشخاص إلى إيران.
كما أضافت أن احتمالية نزوح مئات الآلاف من الشيعة الهزارة قائمة، خاصة أنهم يشكلون قسما من سكان باكستان وأفغانستان.
تنشيط الأنشطة غير القانونية
أفادت الصحيفة بأن تدهور الوضع الأمني سيوفر بيئة خصبة لعصابات تهريب البشر والأسلحة والمخدرات. وأكدت أن تدفق اللاجئين سيمكن شبكات التهريب من تنشيط نشاطاتها على نطاق أوسع.
الضغط على الاقتصاد والسياسة والأمن
أشارت الصحيفة إلى أن تدفق اللاجئين وأنشطة التهريب ستضغط بشدة على الاقتصاد الإيراني، خصوصا مع الحاجة لاستيراد كميات أكبر من الغذاء، مما سيؤثر على سعر الصرف.
كما لفتت إلى أن الأزمة ستؤثر سلبا على قطاعات الكهرباء والإسكان التي تعاني أصلا من أزمات داخلية، وسيؤدي انتشار العشوائيات إلى خلق مناطق خارج السيطرة الحكومية.
انتقال الإرهابيين
تابعت الصحيفة بالقول إن مواجهة دينية كبرى بين الهند وباكستان ستستقطب المجاهدين من مختلف الدول الإسلامية. وذكرت أن العديد منهم سيحاولون عبور الأراضي الإيرانية سرا للوصول إلى ساحة القتال في باكستان، مما يزيد من مخاطر انتقال الإرهاب عبر الحدود.
الحلول المقترحة لإيران
تعزيز التحصينات الحدودية
دعت الصحيفة إلى ضرورة تعزيز التحصينات الحدودية لإدارة الهجرة ومنعها من الخروج عن السيطرة. وأكدت أهمية إغلاق الممرات الطبيعية ومراقبة المعابر غير الرسمية.
انتشار القوات العسكرية على الحدود
أوصت الصحيفة بنشر قوات عسكرية منظمة وذات صلاحيات واضحة على الحدود. ولفتت إلى ضرورة أن تشمل مهام هذه القوات اعتقال المتسللين، والتفتيش عن الأموال والأسلحة والمخدرات، ومنع تهريب البشر بالقوة أو الخداع.
تجهيز آليات إدارة الهجرة الطارئة
أضافت الصحيفة أن وجود خطة طوارئ مسبقة لإدارة الهجرة ضروري. وأشارت إلى ضرورة إقامة مخيمات طارئة على الحدود، بحيث يتم استقبال النساء والأطفال فقط، مع إمكانية إقامة هذه المخيمات داخل الأراضي الباكستانية بإشراف إيراني.
إطلاق حملات توعية دينية وقومية
أوصت الصحيفة بإطلاق حملات دينية وقومية لحث الشيعة وغيرهم من الباكستانيين على البقاء في وطنهم، والعمل على تعزيز شعورهم بالمسؤولية الوطنية والقومية في مواجهة العدو المشترك.
التحرك الدبلوماسي
أكدت الصحيفة أهمية التحرك الدبلوماسي الإيراني تجاه الهند، لتحذيرها من أن أي تصعيد سيؤدي إلى تداعيات خطيرة على إيران، وقد يدفع طهران إلى تغيير سياساتها الإقليمية.
كما أشارت إلى أن من بين أوراق الضغط الإيرانية تحريك الشيعة داخل الهند لزيادة التكلفة السياسية على نيودلهي. واقترحت الصحيفة أن تدرس إيران أيضا إمكانية السماح بمرور مساعدات عسكرية إلى باكستان لدعم استقرارها، إذا اقتضت الضرورة ذلك.