- دنيا ياسر
- 23 Views
تناولت صحيفة “فرهيختكان” الإيرانية الأصولية، في تقرير لها، السبت 26 أبريل/نيسان 2025، تصريحات حسين آبنیكي، الرئيس السابق لمركز التخطيط في منظمة الطاقة الذرية الإيرانية، حول خطورة الاعتماد على واردات الوقود النووي وأهمية امتلاك دورة وقود نووي كاملة لضمان استقلال البرنامج النووي الإيراني.
ذكر آبنیكي، أن الاعتماد على استيراد الوقود سيؤدي عمليا إلى تعطيل البرنامج النووي الإيراني، موضحا بموجب هذا الطرح، سيتم فعليا تعطيل البرنامج النووي الإيراني. فمفاعل طهران، الذي كان يُستخدم لإنتاج الأدوية المشعة، كان في عام 2009 على وشك الإغلاق بسبب عدم توافر الوقود.
وتابع أنه لم يقتصر الأمر على مفاعل طهران فقط، بل كان سيتم أيضا إغلاق جميع المراكز الطبية النووية في إيران، مما كان سيعرض حياة مئات الآلاف للخطر.
تجربة عام 2009: تهديد حياة 800 ألف مريض
أضاف آبنیكي مشيرا إلى تجربة إيران مع استيراد الوقود النووي قائلا: “إذا تقرر أن نتخلى عن التخصيب، فهذا يعني أننا سنكون معتمدين بشكل كامل على الخارج في تأمين الوقود، سواء لمفاعلات الأبحاث أو مفاعلات إنتاج الطاقة. لقد عايشنا هذه التجربة في عام 2009؛ إذ لم يتوفر لمفاعل طهران وقود مخصب بنسبة 20% وكان يتم استيراده من الغرب، لكنهم امتنعوا عن تزويدنا به”.
وتابع أنه “عندما طلبنا منهم تزويدنا بالأدوية المُشعة مباشرة لتفادي الحاجة إلى وقود بنسبة 20%، رفضوا أيضا، مما عرض حياة نحو 800 ألف مريض للخطر. ولو حدث الأمر اليوم، لكان عدد المرضى المعرضين للخطر يتجاوز المليون”.
وقال آبنیكي مؤكدا: “لهذا السبب، من غير المنطقي أن نتخلى عن تخصيب اليورانيوم أو عن إنتاج الوقود النووي محليا. والأهم أن الوقود الذي ننتجه يخضع لإشراف الوكالة الدولية للطاقة الذرية وكاميراتها الرقابية بشكل كامل. لذلك لا يوجد أي مبرر منطقي لفرض مثل هذا الشرط، كما لا يوجد أي سبب يدعو إيران إلى قبوله”.
أشار إلى أن اعتماد إيران على استيراد الوقود سيضع البرنامج النووي بالكامل تحت رحمة الأطراف الخارجية، موضحا: “لقد أثبتت التجربة أن الغربيين غير موثوقين. ففي حال منعنا من تخصيب اليورانيوم واضطررنا إلى استيراد الوقود، سنكون معرضين للابتزاز السياسي والاقتصادي. قد يقومون يوما بتعقيد الإجراءات، أو رفع الأسعار، أو فرض المزيد من الضغوط”.

وأوضح أنه “علاوة على ذلك، فإننا بحاجة إلى وقود بنسبة 20% لتشغيل مفاعلات الطاقة، مثل مفاعل بوشهر الجاري بناؤه، وكذلك مفاعل طهران للأبحاث الذي ينتج الأدوية المشعة. نحن اليوم بصدد تصميم وصناعة محركات دفع نووية تعتمد على الوقود النووي. ومن المؤكد أن الغرب لن يزودنا بهذه الأنواع من الوقود”.
أهمية الاكتفاء الذاتي في إنتاج الوقود النووي
تابع آبنیكي حديثه قائلا: “إذا كنا نطمح إلى تأسيس جامعة تكنولوجيا نووية حقيقية، فعلينا أن نمتلك القدرة على إنتاج وقودها بأنفسنا. من غير المنطقي أن نعتمد على الاستيراد رغم امتلاكنا التكنولوجيا والقدرات اللازمة، مما يجعلنا عرضة للتلاعب من قبل الأطراف الخارجية”.
وأضاف: “لدينا احتياجات كبيرة في مجال الزراعة، يمكن للطاقة النووية أن تسهم في تلبيتها. كما نعاني حاليا من نقص في الطاقة الكهربائية، ونحتاج إلى بناء العديد من المفاعلات النووية ذات القدرة العالية لإنتاج الكهرباء. فهل سيزودوننا بالوقود اللازم لذلك؟ وهل من المنطقي أن نعتمد عليهم؟ وهل كانت أمريكا يوما جهة يُعتمد عليها؟ طوال تجربة عام 2009، لو لم ننتج الوقود بأنفسنا، لما استطعنا تأمين الأدوية المشعة للمرضى”.
التمسك بحقوق إيران النووية وفق المعاهدات الدولية
شدد آبنیكي على أن إيران لن تتخلى عن حقها المشروع في تخصيب اليورانيوم وإنتاج الوقود النووي، قائلا: “لا يوجد أي انحراف في برنامجنا النووي، ووفقا لمعاهدة حظر الانتشار النووي (NPT)، فإن البند الرابع يضمن لنا حق التخصيب والإنتاج المحلي للوقود بالقدر الذي نحتاجه. على المجتمع الدولي أن يساعدنا في هذا المسار بدلا من عرقلتنا”.
وأضاف: “حتى لو افترضنا أن الغربيين لن يطالبونا مستقبلا بإغلاق المفاعلات بدعوى عدم الحاجة إليها مع غياب الإنتاج المحلي للوقود، فإن مجرد منعنا من إنتاج الوقود سيؤدي إلى تعطيل كامل لهذه الصناعة الحيوية. وسيتعرض أكثر من مليون مريض للخطر، وستتوقف استفادة الزراعة من هذه التكنولوجيا، وستزداد أزمة الطاقة الكهربائية سوءا، مما سيقوض قدرتنا على الاستفادة من هذه الصناعة في تنمية اقتصاد البلاد”.
البرنامج النووي الإماراتي ليس محليا عكس إيران
أشار حسين آبنیكي إلى مسألة مدى إمكانية تطبيق النموذج الإماراتي على إيران قائلا: “الإماراتيون فقط بنوا مفاعلات نووية ووضعوا الوقود داخلها لتوليد الكهرباء، ولم يمتلكوا التكنولوجيا النووية، كما أنهم لا يستخدمون هذه التكنولوجيا في المجالات والمكونات المختلفة. هذه التكنولوجيا ليست محلية لديهم. هم فقط أنشأوا مفاعلات لتوليد الكهرباء، ويستوردون وقودها ويستخدمون طاقتها الكهربائية”.
وتابع أن “هذا هو أدنى مستوى من استخدام التكنولوجيا النووية، الإمارات بلد صغير جدا بعدد سكان محدود للغاية، ولا يحتاج إلى التكنولوجيا النووية بشكل واسع؛ فلا توجد لديهم زراعة معقدة أو صناعات متطورة تحتاج إلى هذه التكنولوجيا. بلد صغير باحتياجات كهربائية محدودة. أما نحن في إيران، فنواجه احتياجات جادة وكبيرة”.
وذكر آبنیكي قائلا: “فضلا عن ذلك، الإمارات تتمتع بعلاقات جيدة مع إسرائيل ومع الولايات المتحدة والكتلة الغربية، ولم تُفرض عليها أي عقوبات، في حين أن إيران، منذ انتصار الثورة الإسلامية، تواجه تحديات وعقوبات متواصلة. حتى وقود محطة بوشهر النووية لا نحصل عليه إلا من روسيا، ولا مصدر آخر يزودنا به”.
وتابع أنه “يتم جلب الوقود وإعادة المواد المستهلكة من الوقود إلى روسيا. لذلك، إذا أردنا أن نمتلك علم وفن التكنولوجيا النووية بشكل محلي ونستخدمها في مختلف المجالات، فلا خيار أمامنا إلا أن نمتلك الدورة الكاملة لهذا العلم”.
وأضاف آبنیكي موضحا: “إذا كانت دورة الوقود مغلقة أمامنا، فلن نمتلك أي شيء فعليا. هذه الصناعة ستكون تابعة وغير محلية. وحتى الإمارات تواجه هذا التحدي؛ فلو أراد الغرب في يوم ما، يستطيع أن يمتنع عن تزويدهم بالوقود ويضغط عليهم للحصول على امتيازات واسعة مقابل تزويدهم به. وهذا ما يحدث حاليا؛ فقد حصلوا على امتيازات ملحوظة مقابل حصولهم على الوقود”.
وتابع أنه “بالنسبة للسعودية، التي يجري التفاوض معها حاليا، فقد اشترطوا عليها القيام باستثمارات بمليار دولار داخل الولايات المتحدة مقابل منحها التكنولوجيا. بمعنى آخر، هم يبتزون الدول”.
الاعتماد على واردات الوقود يتحول إلى أداة ضغط ضد إيران
أشار حسين آبنیكي إلى أن “الاعتماد على واردات الوقود سيتحول إلى أداة ضغط بيد الغرب قائلا: نحن نمتلك العلم والتكنولوجيا. طالما أننا نمتلكهما، لماذا يجب أن نتخلى عنهما؟ هم يريدون ابتزازنا مقابل التكنولوجيا، لكننا نملكها بالفعل، ولا يستطيعون أخذها منا، ولا يمتلكون القدرة على ذلك”.
وتابع: “نحن نحتاج هذه التكنولوجيا ونمتلك القدرة على استخدامها، فلماذا يجب أن ندمرها بأيدينا ونصبح محتاجين لهم؟ الأمر يشبه أن يمتلك شخص ثروة ثم يدمرها بيده ليضطر لاحقا لمد يده طلبًا للفتات. هذا غير منطقي”.
وأضاف آبنیكي موضحا: “لدينا أكثر من مليون مريض بحاجة إلى المساعدة، وإذا لم نمتلك الوقود النووي، سنصبح مرتهنين لهم ونضطر لطلب المساعدة. وقد حدث هذا سابقا عندما كنا بحاجة لوقود مفاعل طهران، ولم يقدموا لنا شيئا”.
وتابع: “نحن نحتاج إلى الدفع باتجاه امتلاك الدفع النووي، ونحتاج إلى سفن ضخمة تعمل بالوقود النووي، وهذه حاجة وطنية لنا. هل سيمنحوننا هذه التكنولوجيا؟ بالتأكيد لا، بل سيحولونها إلى أداة ضغط ضدنا”.
امتلاك التكنولوجيا النووية حق مشروع يجب الحفاظ عليه
اختتم آبنیكي حديثه مؤكدا أنه “لا يوجد أي مبرر لأن يقوم بلد يمتلك هذه التكنولوجيا، ولطالما أثبت سلميته في استخدامها، حيث أكدت الوكالة الدولية للطاقة الذرية مرارا، وكذلك أجهزة المخابرات الدولية وضمنها مجتمع الاستخبارات الأمريكي، أن برنامج إيران سلمي بالكامل وخال من الانحرافات، أن يدمر هذه التكنولوجيا بيده. لا يوجد أي مبرر منطقي لقبول هذا الابتزاز أو الانصياع له”.